عبر سرقة آثار فلسطينية.. هكذا بدأت إسرائيل بضم الضفة الغربية فعليا
شرعت حكومة اليمين الإسرائيلي أخيرا بإجراءات فعلية على الأرض لضم الضفة الغربية عبر عدة خطوات، من بينها السيطرة على الآثار والتراث الفلسطيني.
وذكرت صحيفة "زمن إسرائيل" العبرية أن وزير التراث الجديد عميحاي إلياهو، أصدر تعليماته أخيرا بالعمل على بدء سريان القوانين الخاصة بالتراث والآثار المعمول بها في مناطق الكيان، لتشمل الضفة الغربية أيضا.
وعميحاي ينتمي إلى حزب القوة اليهودية المتطرف، ويعد حفيد الحاخام الأكبر لإسرائيل السابق، مردخاي إلياهو.
ضم فعلي
وبينت أن الحكومة اليمينية الجديدة منحت أعضاء حزب "القوة اليهودية" التابع للمستوطنين الحقائب الوزارية الخاصة بالضفة الغربية سعيا للبدء بالضم الفعلي على شتى المستويات.
فيما يتبع قسم الآثار في الضفة الغربية لضابط الإدارة لشؤون الآثار التابع للإدارة المدنية للاحتلال في ذات المنطقة الفلسطينية.
ويقود حزب "القوة اليهودية" وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ويتخذ إلى جانب حزب الصهيونية الدينية الذي يرأسه وزير المالية بتسيلئيل سموتريتش، خطوات تعد الأكثر تطرفا في إسرائيل.
ويشغل الحزبان المتطرفان 15 مقعدا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، كما أن هذين الشخصان يثيران قلقا داخل المعارضة الإسرائيلية والولايات المتحدة بسبب محاولتهما ضم الضفة الغربية وتشديد القيود على الفلسطينيين.
وبدوره، يعتزم الوزير الجديد "إلياهو" سحب هذه الصلاحية من الإدارة المدنية ومنحها لوزارة التراث والآثار في الحكومة، وهو أمر يؤسس لمرحلة جديدة ينظر فيها لآثار الضفة الغربية على أنها جزء من الكيان.
وجاء على لسان الوزير المذكور أنه سيسعى خلال الفترة القادمة للحفاظ على التراث من جانبي الخط الأخضر، ما يعني تدخله في صلاحيات تتبع الإدارة المدنية.
إذ تسعى حكومة اليمين إلى إلغاء دور الإدارة المدنية وإلحاق المهام الإدارية والأمنية وغيرها في الضفة بوزارات رسمية إسرائيلية بشكل مباشر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوزير "إلياهو" يسير نحو سياسة تهدف إلى تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل دائم، خلافا للأنظمة العسكرية المؤقتة التي يجرى تمديدها كل مرة لخمس سنوات.
ونوهت إلى أن المعاهدات الدولية الخاصة بالتراث تنص على أن الآثار من حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، إذ تخضع سلطة الآثار في الضفة للإدارة المدنية، وهي تابعة لقائد الأركان ووزير الجيش.
إلا أن الصراع على الصلاحيات بين وزير الجيش يوآف غالانت، والوزير في وزارة الجيش والذي جرى استحداث منصبه "بتسليئيل سموتريتش"، قد يفضي إلى إلغاء الإدارة المدنية برمتها.
قلق أميركي
أما على صعيد ردود الفعل الأميركية، فقد حذرت الولايات المتحدة من نقل صلاحيات وزير الجيش في الضفة لـ "سموتريتش"، قائلة إن الخطوة ستشكل البداية الفعلية لعملية الضم.
وتحدثت الصحيفة عن استعادة السلطة الفلسطينية في 5 يناير/كانون الثاني 2023، قطعة أثرية باهظة الثمن ويعود تاريخها الى 2700 عام وتسمى "الملعقة العاجية".
إذ جرت سرقة القطعة من الضفة الغربية وبيعت للملياردير الأميركي اليهودي "مايكل شتاينهوت" في نيويورك، قبل إعادتها من قبل الولايات المتحدة إلى الضفة الغربية وتسليمها للسلطة في خطوة أثارت حفيظة الاحتلال.
ووصفت الصحيفة إعادة القطعة الأثرية بأنها "غير مسبوقة" بالنسبة للفلسطينيين، إذ تعبر الخطوة عن اعتراف أميركي بحق الشعب الفلسطيني في الحفاظ على تراثه، بينما أشعل الحدث الضوء الأحمر لدى الجناح اليميني في الائتلاف الحكومي.
فيما دعا الوزير الإسرائيلي "إلياهو" وزارته إلى دراسة الجوانب القانونية لخطوة تسليم القطعة للسلطة الفلسطينية وليس للاحتلال، وما تنص عليه اتفاقيات أوسلو بهذا الخصوص.
ويسيطر الاحتلال على عشرات المواقع الأثرية التاريخية في الضفة الغربية وعدها جزءا من تراث الشعب اليهودي ومن بنيها الحرم الإبراهيمي في الخليل، وفق زعمهم.
بدورها، وصفت منظمة التراثيين الإسرائيليين "عيمك شافي" خطوة وزير التراث بإلحاق صلاحية الآثار في الضفة للحكومة الإسرائيلية بأنها تمثل دراماتيكية على صعيد تعاطي الاحتلال مع المواقع الأثرية في تلك المنطقة.
وجاء في كتاب نشرته المنظمة أن تحويل الصلاحيات الإدارية على المواقع الأثرية في الضفة إلى سلطة الآثار الإسرائيلية، يعد بمثابة ضم فعلي وبدء رسمي بسريان القانون الإسرائيلي على تلك المنطقة بشكل دائم.
وقالت المنظمة: "تستند الحكومة الإسرائيلية في خطة الطوارئ التي أعدتها إلى اعتبار خطة تهويد الضفة الغربية هدفا ساميا في الفترة الحالية".
وبينت أنه "في حال جرى تطبيق هذه الخطة، فسيتم السيطرة على المواقع الأثرية في الضفة ونسبتها لإسرائيل، وهذه الخطوة ستضر بتل أبيب بشكل أكبر".
وفي هذا السياق، أصدر جيش الاحتلال أمرا يقضي بالإعلان عن سبع مناطق بالضفة الغربية كمحميات طبيعية للمستوطنين.
وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن القرار شمل مناطق "مغارة أرائيل، وادي اوغ، وادي المالحة، نهر الأردن الجنوبي، بترونوت، وادي ترتسيه، عرفوت هيردن، روتم مسخيوت" الموزعة على مناطق في الضفة الغربية.
كما تقرر أيضا توسعة المحميات الطبيعية السابقة ومنها "وادي قانا، سرطبة، فصايل، أم زوقا، خروبة، وغيرها".
ويوصف القرار بأنه "استمرار لقرارات إسرائيلية سابقة ترمي إلى تطبيق خطة الضم الفعلي للضفة الغربية ووأد أي فرصة مستقبلية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة".