زلزال تركيا.. لماذا سخرت مجلة "شارلي إيبدو" من الضحايا تحت الأنقاض؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

انتقدت وكالة الأناضول التركية الرسم الكاريكاتوري "غير الإنساني" الذي نشرته مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية بعد الزلزال الذي ضرب 10 مدن في جنوب تركيا وشمال سوريا.

وبعد ساعات من وقوع الزلزال في 6 فبراير/شباط 2023، والذي قتل وأصيب به عشرات الآلاف، نشرت المجلة رسما كاريكاتوريا يصور المباني المدمرة بالإضافة إلى سيارة مقلوبة وأكوام من الحطام، وقد كُتِب تحته عبارة "لم يعد هناك داعٍ لإرسال دبابة".

وبين الكاتب فريد حافظ أنه "على الرغم من أن المجلّة الفرنسية الساخرة قد تسببت في جدل كبير بسبب إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تسيء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم (خلال السنوات الماضية)، فقد حظيت بتأييد واسع بعد تعرض مقر المجلة لهجوم أدى إلى مقتل 12 شخصا في عام 2015".

سياسة تمييزية

وبعد تعرض مقر المجلة للهجوم، اجتمع العديد من الأشخاص في أوروبا وجميع أنحاء العالم للدفاع عن حرية التعبير وأطلقوا شعار "Je suis Charlie" (أنا تشارلي) تضامنا مع المجلة والأشخاص الذين قُتلوا.

ومع ذلك، لدى شارلي إيبدو تاريخ طويل من المنشورات العنصرية، بما في ذلك التمييز ضد المسلمين. وفي النهاية، تعرضت المجلة لانتقادات ذات سبب وجيه بسبب رسوم كاريكاتورية مما جعلها ضمن الأجندة.

وحسب رأي الكاتب هنا، فإن ما يصفه رسام الكاريكاتير بـ "السخرية" لا علاقة له بالهدف النهائي لكل خبير فكاهة ألا وهو انتقاد مراكز القوة. 

ويضيف أيضا أن الاستهزاء بضحايا أحد أكبر الزلازل في التاريخ الحديث، والتي لا يزال بعضهم تحت الأنقاض، يُظهر أيضا إلى أي مدى وصل موقف فرنسا المتمثل في "عدم إضفاء الطابع الإنساني" على المسلمين.

ويبدو أن نهج "عدم إضفاء الطابع الإنساني" هذا قد جرى قبوله في المجتمع الفرنسي أيضا، في حين فقد آلاف الأشخاص أرواحهم في الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجات في كهرمان مرعش.

وبين أن السخرية من عشرات الآلاف من الأشخاص الذين لقوا حتفهم وضحايا الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات لا يمكن وصفها بأي شيء إلا أن تكون نقدا منفتحا. 

في حين تقدم العديد من الدول الأوروبية الدعم لضحايا الزلزال، وترسل مساعدات مالية وأفرادا عسكريين ومعدات لمساعدة آلاف الأشخاص الذين تركوا بلا مأوى وإنقاذ أولئك الذين ما زالوا تحت الأنقاض، فإن هذا الكاريكاتور يُظهر في الواقع الجانب المظلم لهؤلاء الناس.

كما يظهر كيفية انعدام الشعور الإنساني لديهم عندما يتعلق الأمر بالدول ذات الأغلبية المسلمة حسب قول الكاتب.

وتابع قائلا: إلى جانب أن هذا الكاريكاتور ليس إبداعاً، فإنه يحمل معنى كونه استمرارا لماضي تشارلي إيبدو العنصري وسيئ السمعة. 

كما يكشف هذا المنشور عن مدى مقاربة "عدم إضفاء الطابع الإنساني" على المسلمين التي تطبقها الدولة الفرنسية، والتي ضغطت على المجتمع المدني الإسلامي وأغلقت مؤسساته. 

واستطرد الكاتب: "هنا، يجدر بنا الإشارة إلى أن فرنسا أصبحت دولة عدوانية تستهدف المنظمات غير الحكومية المناهضة للعنصرية والتي تدافع فقط عن الحق في العيش كمواطنين متساوين".

احتجاجات كبيرة

بعد منشور المجلة الساخر تجاه ضحايا الزلزال، تهافتت الاحتجاجات التي تستنكر المقاصد خلف الرسم الكاريكاتوري. وإحداها جاءت على شكل تغيير على الرسم من أبرار صبّاح؛ وهي رسامة كاريكاتير ومصممة جرافيك فلسطينية في الـ 26 من عمرها.

وأعادت صباح تحرير رسم شارلي إيبدو الكاريكاتوري حول كارثة الزلزال في تركيا، في مقطع فيديو نشرته في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت تحت منشورها المعدّل جملة: "يا شارلي إيبدو عديمي الأخلاق! هكذا يكون الرسم! سننهض مرة أخرى. هذه الأمة العظيمة ستنهض مرة أخرى!".

 
 

وحظي عمل صبّاح، التي أرسلت تصميمها إلى حساب المجلة على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، بآلاف الإعجابات في وقت قصير وشاركه مستخدمو الإنترنت بكثرة.

وفي تصريح لها، قالت صبّاح: "رأيت الرسوم الكاريكاتورية التي رسمتها شارلي إيبدو في هذه الأوقات الصعبة. وبالطبع، مثل الملايين من الناس، كنت غاضبةً ولم أستطع الصمت".

وأضافت أيضا: "في رأيي، لا يمكن أن يكون هذا رسم كاريكاتوري. فالكاريكاتير بطبعه عمل ساخر. لكن لا يمكن السخرية من الناس الذين يعانون".

تابع الكاتب قائلا: من ناحية أخرى، فإن أولئك الذين رسموا هذا الكاريكاتور يقِفون أيضا جنبا إلى جنب مع السياسيين اليمينيين المتطرفين الذين ينتقدون دعم حكومتهم (الفرنسية) لضحايا الزلزال".

فعندما عرضت الحكومة الفرنسية المساعدة لضحايا الزلزال، طالب بعض السياسيين اليمينيين حكومتهم بعدم إرسال أي مساعدة مالية على الإطلاق.

وبالنسبة للكاتب، فإن هذا الكاريكاتور هو نتاج تقاليد متأصلة، ويظهر أيضا إلى أي مدى وصلت إنسانية أولئك الذين يتعاملون مع المسلمين على أنهم "الآخر" الدائم للبشر.

حتى إنه لا يمكنهم إظهار التعاطف مع الناجين من الزلزال، الذين فقدوا أحباءهم وأولياء أمورهم وأطفالهم، واليأس الذي عانى منه ضحايا الحرب الأهلية (في سوريا) الذين نزحوا لأكثر من عقد من دون منزل.

وأضاف الكاتب مختتماً مقاله؛ وأهم ما يظهره هذا الكارتون هو أن الفنان فقد إنسانيته ولا يفهم الموقف، وهذه سمة من يسير على الأرض في غطرسة وجهل.