سيناريو الحرب.. مركز تركي: هذه أكبر مخاوف الصين من تعزيز التعاون بين الهند واليابان
سلط مركز تركي الضوء على التدريبات الجوية المشتركة التي تعقد لأول مرة بين الهند واليابان خلال الفترة ما بين 16 و26 يناير/كانون الثاني 2023 والتي "قد تغير بشكل جذري التوازنات في الشرق الأقصى".
وقال مركز "أنقرة للأزمات والبحوث السياسية" (أنكاسام) في مقال للكاتب التركي، جينك تامر: "يمكن للتدريبات التي ستقام بين البلدين (فير غارديان 2023)، والتي تم الإعلان عنها في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن تجعل الصين تشعر بأنها محاصرة أكثر".
ردود متوقعة
وذكر تامر "مما لا شك فيه أن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الهند واليابان بالمعنى العسكري في المنطقة ستجذب غضب الصين وتجعلها أكثر عدوانية، فلا ينبغي أن ننسى أن سباق التصعيد هذا سيؤدي في النهاية إلى صراع في المنطقة".
وأوضح أن "بكين أجرت تدريبات وشاركت في أنشطة عسكرية خلال الأشهر الأخيرة والذي أرادت به استعراض قوتها ضد كل من نيودلهي وطوكيو".
وعلى سبيل المثال، في ديسمبر 2022، نتيجة للشحنات العسكرية الصينية الجديدة إلى الحدود الهندية، وقعت اشتباكات صغيرة بين البلدين وكان هناك جنود فقدوا حياتهم وأصيبوا نتيجة لهذه الأحداث.
وأشار تامر إلى أن "الصين بدأت في إجراء تدريبات بحرية في مناطق قريبة من المياه الإقليمية اليابانية بعد أن نشرت اليابان وثيقة إستراتيجية الأمن القومي في ديسمبر 2022، كما زادت من رحلاتها الجوية حول تايوان وانتهاكاتها للمجال الجوي".
ولفت الكاتب النظر إلى أنه "رغم عدم وجود خطر جدي من الهند واليابان حتى الآن، إلا أن ردود الفعل الصينية تجعل الجميع قلقين بشأن ما يمكن أن تفعله بكين بعد المناورات الهندية اليابانية المشتركة التي تعقد في يناير 2023".
وتابع: "مع ذلك، لا تظهر الصين أي علامة على الخوف من الهند أو اليابان، وبعبارة أخرى، لا تخشى بكين الصدام مع نيودلهي أو طوكيو، وأنشطة الصين على الحدود الهندية هي تحركات تتطلب الشجاعة".
وذكر تامر أنه "على نفس المنوال، نظمت السفن القتالية الصينية بقيادة حاملة الطائرات (لياونينغ) تدريبات قرب المياه الإقليمية اليابانية بعد وصولها إلى غرب المحيط الهادئ، وشارك في هذه المناورات عدد كبير من الطائرات الحربية والمروحيات وكذلك السفن المدمرة".
وأضاف "أقلعت قوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية لمراقبة حالة الطائرات الحربية الصينية، ولحسن الحظ لم يتم الإبلاغ عن أي انتهاكات للمجال الجوي".
وقال تامر إن "الخطوات التي اتخذتها الصين من خلال زيادة التدريبات البحرية والجوية تهدف إلى إظهار أنها لا تخاف من اليابان، فعادة ما يتم تنفيذ هذه المناورات استعدادا لسيناريو الحرب، علاوة على ذلك، لا تشير هذه الأنشطة إلى إعداد دفاعي للصين، بل تشير إلى نية للهجوم".
واستطرد: "حيث تبقي بكين قواتها البحرية والجوية في حالة تأهب دائم لتحقيق هدفها طويل الأجل المتمثل في الوحدة مع تايوان أكثر من حماية حدودها الوطنية".
نهج التطويق
ونبه تامر إلى أن "الولايات المتحدة تتبع بشكل أساسي إستراتيجية تطويق الصين، ولكن لا يوجد دليل على أن الهند واليابان تعملان معا لتطويق بكين، ومع ذلك، يمكن القول إنهما يريدان التنافس مع الصين بشكل فردي ويحاولان زيادة قوتهما العسكرية في هذا الاتجاه".
واستدرك قائلا إن "كلا من الهند واليابان عضوان في الحوار الأمني الرباعي وتم عقد الاجتماع الأخير بين الهند واليابان بتنسيق 2+2 بالعاصمة طوكيو في 8-9 سبتمبر 2022، وخلال الزيارة، قال وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ إننا نسعى مع اليابان إلى شراكة إستراتيجية وعالمية خاصة".
وأشار تامر إلى أنه "في السنوات الأخيرة، ركزت الاجتماعات بين البلدين على تطوير التدريبات المشتركة والتعاون الدفاعي، والتدريبات الجوية المشتركة في يناير 2023 ستعني تحقيق هذه الفكرة".
وأوضح أنه "من المعروف منذ عهد رئيس وزراء اليابان السابق، شينزو آبي أن الأولوية القصوى لليابان كانت تطوير العلاقات الإستراتيجية مع الهند، وبناء على ذلك، سعى البلدان إلى تطوير شراكتهما العسكرية بالإضافة إلى التعاون في إطار رباعية".
في الواقع، غالبا ما يقال إن اليابان كانت الممثل الذي أقنع الهند بالانضمام إلى الرباعي، لأن نيودلهي تتبع عادة خطا منفصلا ومتعدد الأطراف وتتجنب اتخاذ خطوة جديدة لمواجهة الصين.
وأضاف: "رغم ذلك، جذبت مشاركتها في الرباعي مع الولايات المتحدة رد فعل الصين وروسيا".
وذكر تامر أن "التقديرات تشير إلى أن الهند لن تتبع إستراتيجية تطويق الصين، ولكن إذا زاد التهديد على الحدود، فيمكن القول إن الهند ستكون أكثر نشاطا في البحار وستزيد من دعمها للولايات المتحدة".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تحاول تعزيز تحالفها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولهذا ترى ممثلين مثل اليابان والهند وأستراليا، وأخيرا فرنسا، كأكبر داعميها، وإذا تمكنت من جذب هذه الجهات الفاعلة إلى جانبها، فإنها تحسب أنها ستنجح في إستراتيجيتها لتطويق الصين".
وأعقب ذلك قائلا: "لكن هذا التحالف في خطر أيضا، لأن تكثيف محادثات اليابان وأستراليا مع الصين يجعل الولايات المتحدة متوترة، لذلك فإن الدعم الذي ستتلقاه، خاصة من الهند، له أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة".
وبين أنه "في العلاقات اليابانية الأميركية، كل شيء يسير على ما يرام، ففي أحدث وثيقة إستراتيجية للدفاع الوطني نشرت، أشارت اليابان إلى أنها ستدعم تايوان بشكل غير مباشر".
وجاء في الوثيقة أن "اليابان ستزيد من قدرتها على التدخل بشكل مشترك مع الولايات المتحدة، وبعبارة أخرى، كررت طوكيو دعمها لواشنطن، ولهذا استأنفت الصين التدريبات العسكرية حول تايوان لشن رد صارم على هذا التحالف"، بحسب الكاتب التركي.
تهديد مباشر
وأردف تامر: "هناك تحالف آخر يقلق بكين هو توحيد اليابان للهند، ففي نهاية المطاف، تتطور العلاقات الهندية اليابانية نحو شراكة إستراتيجية، وتؤدي خطوات التعاون هذه التي اتخذتها الهند واليابان إلى تطويق الصين".
ولفت الكاتب النظر إلى أن "السبب وراء رد فعل بكين على هذا التعاون هو إمكانية توحيد الجانب الآخر، خاصة في صراع سيندلع في تايوان، حيث تعمل اليابان على زيادة عدد الدول التي وقعت معها (اتفاقية الوصول المتبادل) والتي تسمح لقواتها البحرية البقاء وإعادة الإمداد في موانئ الحلفاء حالة نشوب حرب محتملة في المنطقة".
وأضاف "تم بالفعل توقيع (اتفاقية الوصول المتبادل) مع المملكة المتحدة وأستراليا، بالإضافة إلى ذلك، في وثيقة إستراتيجية الأمن القومي، يعطي رسالة مفادها أنه سيدعم الولايات المتحدة في تايوان".
بالإضافة إلى كل هذا، تخطط الفلبين لتوقيع "اتفاقية الوصول المتبادل" مع تايلاند وفرنسا، وفق الكاتب.
وأوضح أنه "في أوائل عام 2022، نفذت الهند واليابان اتفاقية المشتريات والخدمات المشتركة، والتي تنص على التوفير المتبادل للمواد والخدمات في مجال الدفاع".
وختم الكاتب التركي مقاله قائلا إن "اتفاقية المشتريات والخدمات المشتركة تشبه اتفاقية الوصول المتبادل، وهذا يعني أنه في حالة نشوب حرب محتملة، سيكون توريد منتجات صناعة الدفاع بين الهند واليابان أسهل".
وتابع: "لهذا، فإن أكبر مخاوف الصين هو أن تزيد الهند من تعاونها مع اليابان في البحار وأن هذا سيؤثر سلبا على خططها لتايوان".