ابتزاز وخسائر ميدانية.. هكذا يلقي الحوثيون بالأطفال في الخطوط الأمامية
أكد موقع ذا كولومبيان الأميركي أن تجنيد الحوثيين في اليمن للأطفال في صفوفهم العسكرية للقتال في الحرب الأهلية الطاحنة في البلاد لا يزال مستمرا.
يأتي هذا على الرغم من الاتفاق مع الأمم المتحدة في أبريل/نيسان لوقف هذه الممارسة، حسبما قال مسؤولون حوثيون وعمال إغاثة وسكان لوكالة أسوشيتيد برس.
وقال مسؤولان حوثيان للوكالة إن المتمردين جندوا عدة مئات من الأطفال بمن فيهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات خلال الشهرين الماضيين.
الخطوط الأمامية
وأوضح أحد المسؤولين أنه جرى نشر هؤلاء الأطفال في الخطوط الأمامية في إطار تعزيز القوات خلال الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي صمدت منذ أبريل.
وقال المسؤولان وكلاهما من المتشددين داخل حركة الحوثي إنهم لا يرون أي خطأ في هذه الممارسة بحجة أن الأولاد من 10 إلى 12 يعتبرون رجالا.
وتحدث الاثنان بشرط عدم الكشف عن هويتهما لتجنب أي مشاكل مع قادة الحوثيين الآخرين "هؤلاء ليسوا أطفالا.. إنهم رجال حقيقيون يجب أن يدافعوا عن الأمة الإسلامية ضد العدوان السعودي الأميركي".
واستخدم الحوثيون ما يسمونه "المخيمات الصيفية" لنشر أيديولوجيتهم الدينية وتجنيد الفتيان للقتال.
تقام هذه المعسكرات في المدارس والمساجد حول الجزء الذي يسيطر عليه الحوثيون من اليمن والذي يشمل شمال ووسط البلاد والعاصمة صنعاء، وفق الموقع الأميركي.
واندلع الصراع في اليمن عام 2014 عندما استولى الحوثيون على صنعاء مما أجبر الحكومة المعترف بها دوليا على الفرار إلى الجنوب.
ودخل تحالف تقوده السعودية الحرب في أوائل عام 2015 لمحاولة إعادة الحكومة إلى السلطة وشن حملة جوية مدمرة مع تسليح القوات المناهضة للحوثيين.
وأودت الحرب بحياة أكثر من 150 ألف شخص بينهم أكثر من 14500 مدني، وغرقت البلاد في حالة شبه مجاعة، وخلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وشارك الأطفال الجنود في حرب اليمن منذ سنوات. قتل ما يقرب من 2000 طفل جندهم الحوثي في ساحة المعركة بين يناير/كانون الثاني 2020 ومايو/أيار 2021 وفقا لخبراء الأمم المتحدة.
واستخدمت القوات الموالية للحكومة أيضا المقاتلين الأطفال ولكن بدرجة أقل بكثير واتخذت تدابير أكبر لوقف هذه الممارسة، وفقا لمسؤولي الأمم المتحدة والإغاثة.
وبشكل عام، تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 10200 طفل قتلوا أو شوهوا في الحرب، رغم أنه من غير الواضح عدد الأطفال الذين ربما كانوا من المقاتلين.
وفي أبريل، وقع المتمردون على ما وصفته وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة بأنه "خطة عمل" لإنهاء ومنع هذه الممارسة.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المتمردين التزموا بتحديد هوية الأطفال في صفوفهم والإفراج عنهم في غضون ستة أشهر.
ولم ترد اليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) على طلبات للتعليق على استمرار التجنيد منذ ذلك الحين، ولا المتحدثون باسم إدارة الحوثي. ونفت المليشيا في الماضي رسميا تجنيد الأطفال للقتال، وفق الموقع.
وفي مطلع يونيو/حزيران، نشر القيادي الحوثي رفيع المستوى محمد البخيتي مقطع فيديو من زيارة أجراها إلى أحد المعسكرات بمحافظة ذمار.
ويظهر العشرات من الأطفال في الزي العسكري يقفون في تشكيل يشبه الجيش ويعلنون ولاءهم لقائد حركة التمرد عبد الملك الحوثي، ويصرخون "نحن جنود الله، نحن قادمون".
وقال أربعة عمال إغاثة من ثلاث منظمات دولية تعمل في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون إنهم لاحظوا تكثيف جهود الحوثيين لتجنيد الأطفال في الأسابيع الأخيرة.
خسائر وابتزاز
وتضاءلت صفوف الحوثيين بسبب الخسائر الميدانية خاصة خلال معركة استمرت قرابة عامين للسيطرة على مدينة مأرب المهمة.
وتحدث عمال الإغاثة شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفا على سلامتهم، وبسبب الخشية من منع مجموعاتهم من العمل في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقالوا إن المتمردين ضغطوا على العائلات لإرسال أطفالهم إلى المخيمات حيث يتعلمون كيفية التعامل مع الأسلحة وزرع الألغام، مقابل الحصول على الخدمات، بما في ذلك الحصص الغذائية من المنظمات الدولية.
ووصف أحد عمال الإغاثة في المناطق الشمالية النائية مشاهد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 أعوام يقومون على نقاط تفتيش على طول الطريق، وبنادق AK-47 معلقة على أكتافهم، فيما يجري إرسال الآخرين إلى الخط الأمامي. وقال إن أغلب الأطفال يعودون مصابين من القتال في مأرب.
وقتل آلاف المقاتلين في معركة السيطرة على مأرب التي تسيطر عليها الحكومة.
وتوقفت محاولة الحوثيين الطويلة للسيطرة عليها أخيرا أواخر عام 2021، عندما جرى تعزيز القوات الحكومية بمقاتلين أفضل تجهيزا تدعمهم الإمارات العربية المتحدة.
وقال المعلق اليمني والرئيس السابق لنقابة الصحفيين عبد الباري طاهر، إن الحوثيين يستغلون العادات المحلية على حساب الأطفال والمجتمع، بحسب الموقع الأميركي.
وبين أن امتلاك أو حمل السلاح تقليد متجذر بعمق في اليمن، لا سيما في المجتمعات الريفية والجبلية. وأضاف: "إنه مصدر فخر ورجولة للأولاد".
وأوضح البعض أن الحوثيين يشترطون أيضا المساعدات الغذائية الأساسية للعائلات مقابل إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب.
وقال اثنان من سكان محافظة عمران إن ممثلين عن الحوثيين جاؤوا إلى منازلهم في مايو/أيار وأمروهم بإعداد أطفالهم للمخيمات في نهاية العام الدراسي.
وتحدث السكان وهم مزارعون، شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفا من الانتقام.
وقالوا إن أطفالهم الخمسة الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 سنة، نقلوا في أواخر مايو إلى مركز تدريب في مدرسة قريبة.
ولفت أحد الآباء إلى أنه قيل له إنه إذا لم يرسل أطفاله، فلن تحصل عائلته على حصص غذائية.
وقالت لجنة خبراء الأمم المتحدة في وقت سابق من العام 2022 إن الحوثيين لديهم نظام لتلقين الأطفال الجنود، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية للضغط على الأسر.
ويجري أخذ الأطفال أولا إلى المراكز لمدة شهر أو أكثر من الدورات الدينية.
وهناك، يقال لهم إنهم "انضموا إلى الجهاد ضد اليهود والمسيحيين والدول العربية التي خضعت للنفوذ الغربي".
ووجد الخبراء أن الأطفال في سن السابعة يتعلمون تنظيف الأسلحة وكيفية تفادي الصواريخ.