حملات عربية تدعو لمقاطعة الإمارات على غرار إسرائيل.. ما القصة؟

شدوى الصلاح | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع كل حدث تتورط فيه الإمارات التي يرأسها فعليا ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، تشهر بعض الشعوب العربية سلاح "مقاطعة المنتجات الإماراتية"، في وجه السلطة الحاكمة، بهدف استهداف اقتصادها الذي تستخدمه في مؤامراتها عليهم.

ويكتب السبق في إشهار سلاح المقاطعة بوجه الإمارات لليمنيين، الذين أطلقوا حملة لمقاطعة المنتجات وشركات الطيران الإماراتية، في سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية التدخلات الإماراتية في اليمن وقصف الإمارات لجيش بلادهم وقتل المئات منهم.

ومن المعروف أن "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في "الشرق الأوسط" التي تتعرض لحملات عربية ودولية لمقاطعة بضائعها. وتعتبر الدعوة لمقاطعة الإمارات سابقة نادرة، تشير إلى أن بعض الشعوب العربية تتعامل مع تدخلات أبوظبي كقوة احتلال في المنطقة.

وتوسعت حملات المقاطعة التي بدأت كضغط شعبي سياسي، لتصل مؤخرا إلى الشعب السعودي الذي تعد سلطته الحاكمة حليفا قويا لأبوظبي، وامتدت لدول خليجية أخرى، لكنها ليست لسبب سياسي وإنما احتجاجا على خداع الإمارات في تسويق منتجاتها وضخها لأدوية وأغذية منتهية الصلاحية ومغشوشة تشكل خطرا على صحة الإنسان وممنوع بيعها في الإمارات.

وكانت تقارير يمنية قد أفادت بأن المنتجات الإماراتية غزت الأسواق اليمنية بشكل غير مسبوق عقب اندلاع الحرب في اليمن في مارس/آذار 2015، وأغلبها مواد غذائية كالمشروبات المختلفة والشاي والأدوية.

وأشارت التقارير إلى استهداف عشرات المصانع اليمنية من قبل طرفي الحرب، ما كان سببا في انتشار البضائع الإماراتية، مؤكدة أن حملات المقاطعة لها أثر سلبي على السوق الإماراتية، وذلك في حال كانت شاملة للتعاملات التجارية والاستيراد من وعبر الإمارات، إضافة إلى أن تشمل كافة التعاملات الاستثمارية، وكذلك سحب تراخيص الأنشطة الاستثمارية لأبوظبي في اليمن.

ودفع اتساع حملات المقاطعة الإمارات للرد عبر بيان مطول اعتبرت خلاله الحملة بأنها "افتراءات عـلى اقـتصادها وصادراتها مـن خـلال الـترویـج لـشائـعات واتـهامـات بـاطـلة وهوجـاء تـصدر مـن أشـخاص ذوي نفسـیة ضـعیفة وبـغرض تـنفیذ أجـندة خـبیثة".

وأضافت أنه "من خلال تحليل البيانات يتضح أن من تصدر هذه الحملة لمقاطعة المنتجات الإماراتية فعليا هم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي من خارج السعودية ومن دول معروفة بتوجهاتها المعادية للإمارات والسعودية".

آلية سلمية

الباحث والإعلامي اليمني هشام الزيادي، أوضح أن اليمن يعد سوقا أساسية للسلع الإماراتية، خاصة بعد انخراط أبوظبي في حرب اليمن، وسيطرتها إلى جانب السعودية على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وهذا ما مكنها من إغراق السوق اليمنية بسلعها بشكل أكبر.

وأشار في حديثه مع "الاستقلال" إلى أن الإمارات استغلت غياب أجهزة الحكومة اليمنية، المختصة بمراقبة الالتزام بمعايير الاستهلاك، وطبيعة ونوعية البضائع التي يتم استيرادها في الداخل اليمني، وهذا ما يشكل خطورة على المستهلك اليمني جراء استخدام سلع ليست آمنة، لافتا إلى أن السعوديين أدركوا ذلك مؤخرا، وبدأوا بمقاطعتها.

وأضاف "الزيادي" أن الإمارات حاربت من خلال وجودها باليمن المنتجات الوطنية التي تقاوم من أجل البقاء، على الرغم من فارق القدرة على منافسة البضائع الإماراتية.

وأردف: "من خلال متابعتي لتوسع نطاق المقاطعة السعودية اليمنية لهذه السلع القادمة من الإمارات، وجدت أن هذه هي الفرصة المناسبة ليشترك فيها الجميع".

ورأى أن أسلوب المقاطعة هي طريقة تعبيرية لرفض السياسات الإماراتية العدائية تجاه اليمن، من خلال محاولة تقسيمه، ودعم المليشيات المسلحة، وتورطها في جرائم الاغتيالات والسجون السرية والانتهاكات ضد المدنيين.

وأكد "الزيادي" أن المواطن اليمني البسيط يستطيع من خلال المقاطعة الرد بطريقته على "العنجهية الإماراتية"، خاصة وأن الاقتصاد يعتبر أحد عوامل نقاط القوة الإماراتية، واستهدافها اقتصاديا يعني إضعافها.

انهيار اقتصادي

وعن مدى النجاح الذي تحققه الحملة اقتصاديا على الأرض، قال "الزيادي": "يكفي أن الجميع أدرك أن الإمارات من خلال قادتها مصدر للشر والاضطراب في المنطقة، وهذا بالتأكيد له انعكاسات كبيرة على الإمارات سياسيا واقتصاديا، لاسيما وأنها تعمل باستمرار على تحسين صورتها أمام العالم لجذب الاستثمارات، ومثل هذه الحملات سيفقدها هذا البريق، علاوة على الخسائر الاقتصادية التي تتلقاها".

وعلى ذكر الخسائر الاقتصادية، يشهد الاقتصاد الإماراتي حالة من التدهور منذ سنوات، لكن حملات مقاطعة المنتجات تهدده بمزيد من المعاناة ويمثل تحديا كبيرا له، إذ تشهد الإمارات تفاقما غير مسبوق للأزمة الاقتصادية بمؤشرات تظهر تعمق حدة التدهور الحاصل وسط عجز حكومي عن إيجاد حلول.

وجاءت تلك الحملات في الوقت الذي أعلنت فيه الإمارات استهداف رفع صادراتها غير النفطية من 22% إلى 30% خلال ثلاث سنوات.

وفي تحليل لصحيفة دويتشه فيله الألمانية، قالت: إن الاقتصاد الإماراتي يعاني اليوم من تراجع وركود دفعا الحكومة إلى تقديم حوافز لا سابق لها، مشيرا إلى أنه يحدث على أكثر من صعيد خاصة في مجال العقارات بدبي التي تشكل إلى جانب النفط والتجارة والسياحة أهم أعمدة الاقتصاد الإماراتي.

وأشار التحليل الذي نشرته الصحيفة في أغسطس/آب الماضي، إلى أن الوضع المالي في أبو ظبي التي تعتمد على صادراتها النفطية ليس ورديا بسبب استمرار انخفاض أسعار الذهب الأسود، التي تعتمد عليه هذه الإمارة الغنية.

وأكد التحليل أن الإمارات الأخرى التي تعد فقيرة مقارنة مع أبوظبي ودبي، تعاني بدورها من الركود بسبب اعتمادها على دعم الإمارتين الغنيتين. 

حملات دولية

وتتعرض الإمارات منذ عامين، إلى حملات دولية لمقاطعة منتجاتها، أبرزها الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات التي تأسست في باريس في سبتمبر/أيلول 2017، عبر مبادرة أطلقها ناشطون ومؤسسات لحقوق الإنسان.

وتسعى الحملة إلى عزل الإمارات ومقاطعتها عالميا في خطوة تهدف إلى وقف الانتهاكات التي ينفذها النظام في أبوظبي، حيث "لا تحترم الإمارات قيمة الإنسان أو حقوقه الأساسية، كما تقمع الحريات وتصادر الحقوق الأساسية"، بحسب الحملة.

وقال المتحدث باسم الحملة الدولية هنري جرين، في بيان صحافي سابق إن "الإمارات متهمة بارتكاب جرائم حرب في حربها على اليمن، وأن بيع الأسلحة لها يساهم في ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان".

هذه الحملة طالبت في مايو/آيار الماضي، المستثمرين والشركات الدولية والإقليمية، لمقاطعة اقتصاد الإمارات وسحب جميع الاستثمارات منها إلى الخارج، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها في اليمن وسوريا وإفريقيا.

وأكدت الحملة التي تتخذ من باريس مقرا لها، أن استمرار وجود الشركات والمستثمرين في الإمارات يعد مشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الإمارات بشكل يومي ويثبت تورط الشركات في عمليات غسيل الأموال، داعية الدول التي تحترم حقوق الإنسان لمقاطعتها.

وتوقع خبراء عقاريون على خلفية تلك الحملة استمرار حركة تراجع أسعار سوق العقارات السكنية في دبي خلال 2019 بنسبة تتراوح بين %5 و بسبب ارتفاع حجم المعروض الجديد وقوة الدولار وانخفاض أسعار النفط.

ومؤخرا، رحبت بالمقاطعة المتنامية للمنتجات الإماراتية، ودعت إلى المقاطعة الشاملة لكافة منتجات أبوظبي في ظل ما تسببه من أضرار وتنطوي على خداع مفضوح، معلنة دعمها لحملات المغردين الخليجيين للكشف عن "الباركود 629" الذي يرمز إلى المنتجات ذات المنشأ الإماراتي.

وأكدت الحملة في بيان لها في 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن مقاطعة المنتجات الإماراتية وما يتم توريده عبر ميناء “جبل علي” أصبح ضرورة ملحة في ظل تضمنها بضائع مغشوشة وفاسدة وغير صالحة إلى أسواق السعودية وباقي دول الخليج.

الحملة شددت أيضا أن السجل الحقوقي الأسود للإمارات وما ترتكبه من جرائم  داخليا وخارجيا، يتطلب اتخاذ خطوات شعبية على أوسع نطاق لمقاطعة أبو ظبي وما تصدره من منتجات كعقاب طبيعي لها.