ضرورة أم رفاهية.. لماذا بدأت نساء عربيات بتجميد بويضاتهن؟

12

طباعة

مشاركة

أثارت شركتا "فيسبوك" و"آبل" جدلا واسعا قبل سنوات، عندما طلبتا من الموظفات "تجميد البويضات"، وأن تتحمل الشركة تكاليف العملية، بهدف تحديد فترة الحمل والولادة باتفاق مع الشركة حتى لا يؤثر ذلك على سير العمل، واعتبر الخبر حينها "فضيحة أخلاقية" تفاعلت معها صحف شهيرة. 

لم يكن هذا النوع من العمليات غريبا في أوروبا وأمريكا، إذ أنها تُجرى منذ الثمانينات، لكن الغريب كان استخدامها دون ضرورة طبية. إذ تلجأ للعملية حالات عديدة منها من تواجه خطر التوقف عن الإباضة إثر عملية جراحية أو علاج بالأشعة أوعلاج كيميائي.

لكن أسباب إجراء العملية اختلفت في السنوات الأخيرة، وأصبحت اجتماعية بالدرجة الأولى. وتزايد عدد النساء في الغرب اللائي يخترن إنجاب أطفال في وقت متقدم من حياتهن.

وقد سجلت هيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة في بريطانيا، ارتفاعا في عدد النساء اللائي جمدن بويضاتهن في السنوات الأخيرة وخاصة في صفوف الفتيات الباحثات عن سبل لإبطاء ساعتهن البيولوجية للتركيز على الحياة المهنية.

انتقلت العدوى إلى العالم العربي، لكن القوانين في بعض الدول كتونس والمغرب والإمارات تمنع على غير المتزوجات إجراء العملية، إلا لداع طبي، فهل سبب المنع شرعي؟

شرحت الشابة أن العملية لا تأخذ أكثر من ساعة وأنها تجري عبر ثقوب صغيرة في البطن تسحب عبرها البويضات ويتم تجميدها إلى مدة قد تصل إلى 30 سنة، وأنه يمكنها استخدامها في حال تعذر عليها إنجاب أطفال بسبب التقدم في السن. 

لكن الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي لم يتقبلوا تصريح ريم، وشككوا في جوازه من الناحية الشرعية، وحتى مجتمعيا، لم تكن خطوة الشابة المصرية مقبولة.

 

وأكد عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، محمود القلعاوي، في تصريح لصحيفة "الاستقلال": أنه لا وجود لمانع شرعي لإجراء العملية.

وقال الشيخ الأزهري: "لو بدأنا بتعريف مصطلح تجميد البويضات؛ وهو كما أفهم أن تؤخذ أنسجة من مبيض المرأة ويتم وضعها أو تخزينها في أماكن معدة لذلك لمدة معينة دون أن تتلف، ليتم إعادة استخدامها فيما بعد، هنا أحسب أننا لا نستطيع أن نقول بحل هذه العملية إلا بضوابط، إن تمسكنا بها كان الأمر مباحا مقبولا".

وحدد القلعاوي الضوابط في أن: "نأمن وقوع الخلط بين هذه البيوضات المحفوظة وغيرها حتى لا يقع خلط بين الأنساب وهذا أمر محرم شرعا، وكذلك إذا ما كان هناك تخصيب فلزاما أن يكون بين الزوجين وإلا كان زنا محرما شرعا، ومن المهم بمكان أن لا يكون لهذه العملية آثار جانبية على الجنين كتشوه مثلا".

واستطرد الشيخ الأزهري، مفيدا بأن البعض حرم ذلك: "خوفا من حدوث مخاطر توقع في الحرام، مثل حدوث اختلاط بين العينات المحفوظة، مما قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب". وزاد المتحدث قائلا: "لهذا وإن قلنا إن العملية جائزة إلا أننا ننصح بلجوء المرأة لها للضرورة إغلاقا لباب الفتنة".

حالات الضرورة

تختلف عملية تجميد البويضات عن "تجميد الأجنة" (أي تجميد بويضات مخصبة بحيوان منوي)، التي يرفضها البعض لأسباب عقائدية أو أخلاقية.

وتجرى عملية تجميد البويضات بالأساس للمرضى الشباب الذين يواجهون علاجا شديدا يمكن أن يؤثر على خصوبتهم، معظمهم من مرضى السرطان يخضعون للعلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي أو الجراحة أو مزيج من هذه العلاجات. 

ويمكن اللجوء لهذه العملية أيضا في حال المعاناة من أمراض المناعة الذاتية التي تتطلب استخدام أدوية تحوي مواد يمكن أن تسمم الغدد أو المعاناة من مشاكل خطيرة في بطانة الرحم.

ومن الأسباب الأخرى غياب حيوانات منوية للقاح خلال عملية زراعة طفل الأنبوب، فتجمد البويضات في انتظار حيوانات منوية كافية. تجرى العملية أيضا لمن يعانون من أمراض وراثية أو أمراض في الدم من شأنها التأثير على عدد وجودة البويضات أو تسبب العقم.   

وتعتبر أعلى نسبة للنساء اللائي أجرين العملية من المصابات بالسرطان إذ يخضعن للعلاج الكيميائي، ويمكن لهذا النوع من العلاج التسبب في الإصابة بالعقم. فضلا عن النساء اللائي يخشين التقدم في السن وتتراجع فرصهن في حدوث حمل طبيعي.

كيف تتم؟

تخضع الراغبات في إجراء العملية لاختبارات عن الأمراض المنقولة جنسيا وأمراض الدم والكبد الوراثية، ثم تحليل مخزون البويضات، لقياس العدد المتبقي منها بعد العملية، ويرتبط ذلك بهرمون الخصوبة، أو ما يُعرف بهرمون "المضاد لمولر".

توضع البويضات في سائل للتجميد لحمايتها، وتُجمد إما بشكل سريع أو تدريجي، وإن كانت الأبحاث ترجح أن التجميد السريع أكثر أمانا وفعالية. وأخيرا، تُوضع في حافظات، ثم في نيتروجين سائل.

يُذوب السائل في الوقت الذي تقرر فيه صاحبة البويضات أنها تريد استخدامها، تفحص لمعرفة ما يصلح منها، وتُستخدم بنفس طريقة الحقن المجهري، إذ تخصّب البويضة بحيوان منوي، ثم تُزرع في الرحم ليبدأ الحمل. ولا ترتبط عملية التخصيب بسن معين، إذ لا يتأثر الرحم بالسن، وإنما المبيض.

لا ينفي الأطباء وجود مخاطر، وإن كانت نسبتها ضئيلة، إذ يسبب هرمون الخصوبة الذي يحفز إنتاج البويضات انتفاخا في المبيض، وقد يصل الأمر في حالات نادرة إلى تهديد الحياة.

كما قد تسبب الإبرة المستخدمة في جمع البويضات في جرح المثانة أو الحوض أو الأوعية الدموية، وقد تعاني المرأة من نزيف لبعض الوقت في أعقاب العملية. 

تكلفة العملية

أشارت دراسة أجرتها جامعة "ييل" الأمريكية عام 2018 إلى أن: 85 بالمائة من النساء اللائي قمن بتجميد بويضاتهن، فعلن ذلك بسبب عدم وجود الشريك المناسب، وفقط واحد بالمائة ممن أجريت عليهن الدراسة كان دافعهن تحقيق أحلامهن الدراسية والعلمية والوظيفية. 

وذكرت مدونة البيانات للبنك الدولي أن: إنجازات المرأة العلمية تجعل فرص إيجادها للشريك المناسب تتضاءل، ما يدفعها للتفكير بتجميد البويضات. لكن هل العملية في متناول الجميع؟

تتراوح تكلفة العملية بين ألفين و3 آلاف دولار، حسب الحالة، هذا في بعض الدول العربية، أما بريطانيا فقد حددت قيمتها بـ9000 آلاف دولار، إذ تشمل تكلفة الأدوية والهرمونات التي قد تصل إلى 2000 دولار، بالإضافة إلى أكثر من ثلاثة آلاف أخرى تكلفة جمع وتجميد البويضات. أما عملية الحفظ فتبلغ تكلفتها 400 دولار في كل عام، وتُجرى عملية الحقن المجهري مقابل 3000 دولار.

لا تنتشر في الدول العربية مراكز أو بنوك حفظ البويضات، وتُجرى العملية أحيانا في مراكز الحقن المجهري، وينصح الأطباء بإجراء كل الفحوصات والتحليلات المطلوبة، حتى تجري دون التأثير سلبا على صحة المرأة.