الدين العام 117 بالمئة.. ماذا وراء دعم البنك الدولي المالي الجديد للأردن؟

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

أعلن البنك الدولي في 8 أبريل/ نيسان 2025، عن تمويل بقيمة 1.1 مليار دولار لدعم الأردن في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي وتعزيز قدرته على مواجهة الصدمات.

ويعاني الأردن من أزمات اقتصادية مستمرة؛ حيث تجاوزت فيه نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 117 بالمئة.

تمويل جديد للأردن

وتشمل حزمة القرض 4 برامج تهدف إلى تحسين معيشة المواطنين من خلال دعم الإصلاحات الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، ومساندة الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وتوسيع الحماية الاجتماعية، وتعزيز الطاقة المستدامة.

ويقدم البرنامج الأول 400 مليون دولار لتمويل سياسات تحقيق النمو والتنافسية في الأردن عبر إطلاق استثمارات وتعزيز الصادرات وخلق فرص اقتصادية تشمل الشباب والنساء.

أما البرنامج الثاني فيقدم 50 مليون دولار "لتحفيز الاستثمار الخاص في الشركات الناشئة ذات النمو المرتفع في القطاعات الرئيسة، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتكنولوجيا الحلول المالية، وتكنولوجيا الحلول الصحية، والتكنولوجيا الخضراء".

بينما البرنامج الثالث فيقدم 400 مليون دولار للحماية الاجتماعية لـ"تعزيز قدرة الأردن على الاستجابة للصدمات، مع تحسين أوجه الدعم المقدم للفئات الأكثر احتياجا".

ويقدم البرنامج الرابع تمويلا بقيمة 250 مليون دولار لتعزيز "كفاءة قطاع الكهرباء وموثوقية إمداداته"، ولتوسيع نطاق التحول للطاقة النظيفة.

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا"، أكد المدير الإقليمي للبنك الدولي جان كريستوف كاريه، التزام الأردن بالإصلاحات لبناء اقتصاد أكثر تنافسية وشمولية.

وفي مارس/ آذار 2025، أظهرت بيانات للبنك الدولي عن مبادرات لتمويل خمسة مشاريع وبرامج في الأردن خلال العام الحالي، بقيمة إجمالية قد تصل إلى 900 مليون دولار.

وتهدف هذه المبادرات إلى دعم الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتطوير قطاعات حيوية، ومساندة الشركات الريادية، وذلك في إطار الشراكة القُطرية المعلنة بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي والبنك الدولي للأعوام 2024-2029.

ويتم إقرار حزم المساعدات من البنك الدولي عبر عملية مؤسسية متعددة المراحل تتضمن تقييما دقيقا لاحتياجات البلد المستفيد، وأولوياته التنموية، وقدرته على تنفيذ المشاريع وتحقيق النتائج المرجوة.

ويمر إقرار حزم المساعدات بأربع مراحل، هي تحديد الاحتياجات والأولويات، والحوار مع البلد المستفيد، والتحليل الاقتصادي والاجتماعي، وإطار الشراكة القطرية.

وتتبع تلك المراحل بالمراجعات التي تعد جزءًا أساسيًا من دورة حياة أي مشروع أو برنامج ممول من البنك الدولي لضمان التنفيذ الفعال.

ويؤكد جان كريستوف كاريه، أن "الأردن يواصل إثبات التزامه بدفع عجلة الإصلاحات الحيوية لبناء اقتصاد يتسم بقدرة أكبر على المنافسة وشمول الجميع والصمود في مواجهة الصدمات".

وأضاف كاريه أن "البرامج الجديدة تعكس نهجا شاملا وبالغ الأهمية لتحقيق النمو المستدام".

ومطلع عام 2025 تجاوز الدين العام 117 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة التي تضررت بشدة من أزمات المنطقة المتلاحقة، لا سيما تدفق اللاجئين السوريين وجائحة كوفيد وأخيرا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر.

وتجاوز معدل البطالة 22,3 بالمئة عام 2023، بحسب تقارير البنك الدولي، وهي نسبة ترتفع في صفوف الشباب إلى 46 بالمئة.

وبحسب الخبراء فإن ضخ ملايين الدولارات في البنك المركزي الأردني يبقي الكتلة المالية بالقطاع الأجنبي في حالة إيجابية؛ مما يخفف الضغط على الدينار الأردني وعدم تأثره بسعر الصرف الذي يعد ثابتا أمام الدولار منذ عام 1995.

وتقدر الاحتياطات الأجنبية في البنك المركزي الأردني بـ 21 مليار دولار. 

"تعزيز الفرص الاقتصادية"

في الوقت تعمل الحكومة الأردنية على تعزيز إمكانات القطاع الخاص وتقديم التحسينات للمواطنين. إذ تشكل المشاريع المعتمدة حديثا علامة فارقة في تنفيذ إطار الشراكة الإستراتيجية لمجموعة البنك الدولي مع الأردن 2024-2029. 

وضمن هذا السياق رأت زينة طوقان، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، أن هذا التمويل الجديد يعكس "شراكة الأردن المستمرة مع البنك الدولي لتعزيز الفرص الاقتصادية، وتحسين الحماية الاجتماعية، وتعزيز أجندة الابتكار والطاقة النظيفة في الأردن وفقا لأولويات التنمية في إطار رؤية التحديث الاقتصادي".

وكان البنك الدولي قال في أكتوبر 2024 إنه سيقدم تمويلا على شكل قروض بقيمة 700 مليون دولار لبرنامجين جديدين في الأردن يهدفان إلى تعزيز الاستثمار في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

خلال الفترة الأخيرة اتجه الأردن إلى اتباع خطوات تهدف إلى "دعم صمود اقتصاده"، بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033.

وللحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، لجأ الأردن إلى تحصيل دعم مالي خارجي عربي وأوروبي.

فقد قرر مجلس الاتحاد الأوروبي في 14 أبريل 2025 تقديم قروض مالية للأردن بقيمة 500 مليون يورو تصرف على 3 دفعات خلال عامين ونصف العام، حيث يرتبط صرف كل دفعة بمدى تقدم المملكة في تنفيذ الإصلاحات المحددة ضمن المذكرة.

كما وقعت وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، إعلان شراكة إستراتيجية مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في 12 أبريل 2025.

وتتضمن الإستراتيجية تمويلات بقيمة (685,7 مليون دولار)، حيث ستركز الإستراتيجية خلال أعوام (2025–2029) على تطوير البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والتعليم، والتدريب المهني، إلى جانب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة.

وبحسب وكالة "بترا" الأردنية، فإن حزمة التمويل الجديدة من البنك الدولي تهدف إلى حشد استثمارات بقيمة 58.4 مليار دولار، ومضاعفة النمو الاقتصادي. واستحداث مليون وظيفة جديدة، لتعزيز الإنتاجية وزيادة الصادرات وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص.

ومن المفترض أن يستخدم الأردن حزمة التمويل الجديد من البنك الدولي في تحسين البيئة المواتية لأنشطة الأعمال، وتعزيز المنافسة، وتيسير أنشطة التجارة، وتعزيز مرونة سوق العمل.

وتشمل الإجراءات إدخال تعديلات على قانون المنافسة وقانون الجمارك وقانون العمل، ومن المقترح اتخاذ تدابير على مستوى السياسات لتعزيز مشاركة منشآت الأعمال الصغرى والصغيرة والمتوسطة في أنشطة المشتريات العامة وزيادة تمثيل المرأة في مجالس إدارة الشركات.

وكان كشف المنتدى الاقتصادي الأردني، وهو مؤسسة مجتمع مدني، في فبراير 2025 عن وجود 418 ألف متعطل عن العمل في الأردن، فيما بلغ حجم القوى العاملة 1.9 مليون شخص في عام 2023.

وأشار المنتدى إلى أن التحديات التي تواجه العمالة الأردنية تشمل انخفاض الأجور في بعض القطاعات، وغياب الحوافز لتطوير المهارات، وضعف بيئة ريادة الأعمال التي يمكن أن توفر فرصا جديدة لخلق وظائف.

عوامل النمو

ولا شك أن المساعدات الخارجية للأردن المقدمة من البنك الدولي تهدف لدفع الاقتصاد الأردني إلى مسار نمو أعلى.

وقد حافظ الأردن على متوسط معدل نمو ثابت قدره 25 بالمئة على مدار العقد الأخير إضافة إلى إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي عام 2021

وضمن هذا الإطار، يرى رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية رعد التل، أن "الزيادة في الإنتاج مهمة للأردن والتي تسهم في النمو الاقتصادي ما يعني زيادة في الإيرادات وفرص العمل المتاحة للمواطنين".

وأضاف التل في تصريح تلفزيوني أن "البنك الدولي يتوقع نموا اقتصاديا للأردن عام 2025 بـ 2.9 بالمئة بينما الحكومة بنت الموازنة على معدل النمو الاقتصادي 2.5 بالمئة".

وأردف "إذا أراد الأردن زيادة معدل النمو الاقتصادي فإن هذا مشروط بأن تتوقف الحرب المسعورة على غزة، وأن تستقر دول الجوار سوريا ولبنان".

وذهب التل للقول " قدرة الحكومة الأردنية على ضخ مشاريع عملاقة خلال عامي 2025 - 2026 ووضعها على سكة التنفيذ هو من سيحدد مسار الاقتصاد الأردني".

وكان الأردن من بين 14 دولة تراجعت الولايات المتحدة في أبريل 2025 عن خفض مساعدات غذائية طارئة كونها تعاني مشكلات حسبما قال برنامج الغذاء العالمي.

وتلقى الأردن ضربة لاقتصاده إثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على دول العالم مطلع إبريل 2025، ومن بينها الأردن، والتي وصلت نسبتها لـ 20 بالمئة على الصادرات الأردنية للولايات المتحدة الأميركية.

وإذا ما حصل الأردن سريعا على استثناءات أميركية خاصة به، فإنه سيكون مضطرا للعمل على فتح أسواق جديدة له في أوروبا وآسيا.

وتعد الولايات المتحدة سوقا رئيسة للصادرات الأردنية؛ حيث تسهم بحصة كبيرة في قطاعات مثل الملابس والمجوهرات والأسمدة. وتجاوزت قيمة هذا الصادرات ثلاثة مليارات دولار.

ودخلت اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة عام 2000، وفي عام 2010 دخلت حيز التنفيذ بشكل كامل.

وضمن هذا السياق، رأى الخبير الأردني في قطاع الطاقة، عامر الشوبكي، أن الأردن هو الأكثر تضررا عربيا من الرسوم الجمركية الأميركية؛ حيث استطاع الأردن مضاعفة صادراته بمقدار 8 مرات خلال 25 عاما، من اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.

وقال الشوبكي، في بث خاص عبر صفحته على "فيسبوك"، إن الصادرات الأردنية للولايات المتحدة تشكل "ربع مجمل صادرات الأردن"، ورأى أن الأردن قد فقد "ميزة" هذه الاتفاقية.

ودعا الشوبكي الحكومة إلى ضرورة تعزيز العلاقات التجارية مع دول أخرى مثل سوريا والعراق، وتركيا والاتحاد الأوروبي واليابان.

وقد استبقت المملكة الأردنية قرار الرسوم الجمركية الأميركية، بتقديم تسهيلات تجارية كبيرة مع الجارة سوريا، وصلت لحد تسريع العقود الاستثمارية في هذه المرحلة، فور سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.