استبعدت الاختراق.. صحيفة إسبانية ترجح زرع قنابل في أجهزة "بايجر" بلبنان

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

أصبحت التطورات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي العامل الحاسم في الحروب الحالية، وهو ما كشفت عنه تفجيرات أجهزة حزب الله أخيرا. 

وتقول صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن الحروب لم تعد تدور في الخنادق. فضلا عن ذلك، أصبحت الأنفاق والممرات وسيناريوهات المعارك الأخرى، التي يمكن أن يمثل فيها فوز المنتصر نقطة تحول، أشياء من الماضي.

الذكاء والمعلومات

وتوضح أن الصراعات المسلحة تحسم اليوم باستخدام أحد أقوى الأسلحة وأكثرها تدميرا على هذا الكوكب، ألا وهي الذكاء.

وأضافت الصحيفة أن امتلاك معلومات عن المنافس يعدّ عاملا حاسما في تغيير مسار الحرب، بغض النظر عن المرحلة التي بلغها هذا الصراع. 

وتذكر هنا المثال الأخير لتفجير مئات من أجهزة بايجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية التي يحملها أعضاء حزب الله والتي جرى تحويلها إلى عناصر قاتلة.

وقُتل 20 شخصا على الأقل، وأصيب 450 بجروح، بعد انفجار المئات من الأجهزة اللاسلكية، في 18 سبتمبر/أيلول، في مناطق عديدة من لبنان، بعضها تستعملها عناصر من حزب الله.

وقبلها بيوم، انفجرت الآلاف من أجهزة المناداة، التي يبدو أنها من تصنيع شركة "غولد أبولو" في تايوان، فقتلت 12 شخصا، وأصابت أكثر من 2000 آخرين.

وأوردت الصحيفة أن تل أبيب لم تعلن عن مسؤوليتها أو تعلق بأي شكل من الأشكال - وهو أمر شائع في إسرائيل - على الهجمات العديدة.

لكن لبنان وحزب الله والمجتمع الدولي يفترضون أن حكومة بنيامين نتنياهو هي التي تقف وراء الهجوم.

وتقول الصحيفة إن انفجار جهاز إلكتروني ليس حدثا إخباريا على الإطلاق، لكن الطريقة التي جرى بها تفجير المئات من بايجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية تنذر بعاصفة رعدية تؤدي إلى تغيير اتجاه الصراع بين إسرائيل وحزب الله.

وأضافت أن عملية إسرائيل الأخيرة في لبنان والتي استهدفت حزب الله تمت عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية التي تحتوي على مواد شديدة الانفجار. 

وفي هذه العملية، كان من الممكن إدخال ما بين واحد إلى ثلاثة جرامات من المواد شديدة الانفجار يدويا في كل جهاز تحديد مواقع دون الإضرار بوظائفه.

استبعاد الاختراق

وكانت أجهزة الاستدعاء عبارة عن أنظمة حديثة حصل عليها حزب الله أخيرا. وقبل شهرين كان الحزب قد منع أعضائه من استخدام الهواتف المحمولة واستبدل أجهزة بايجر بها.

وأضافت الصحيفة أن القرار الذي اتخذه حزب الله كانت أمنيا بحتا، حيث تتيح هذه الأجهزة لمستخدميها استقبال الرسائل عبر موجات الراديو دون الحاجة إلى استخدام شبكة الهاتف. 

فضلا عن ذلك، يمكن لموجات الراديو الوصول إلى أي نقطة جغرافية، حتى في الأماكن النائية. 

ويكمن الفرق الرئيس بين الهواتف المحمولة في قوة نطاق موجاتها، مما يجعلها تغطي مساحة كبيرة جدا ولها إشارة في الداخل مع إشارات راديو ضعيفة. 

علاوة على ذلك، فإن هذه الأدوات التي كانت شائعة جدا قبل انتشار الهواتف المحمولة غير متصلة بالإنترنت، ومن الصعب تحديد موقعها والوصول إلى شبكة اتصالاتها لاختراقها.

وبحسب وكالة رويترز البريطانية، فإن الوحدة 8200، وهي قسم عسكري ليس جزءا من الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي)، شاركت في مرحلة تطوير العملية ضد حزب الله. 

وتقول الصحيفة إنه جرى التلاعب بالأجهزة قبل تسلمها من قبل حزب الله، ودمج جهاز تفجير ومتفجرات فيها، وانفجرت عند تلقي إشارة محددة.

وبحسب خبير في الاتصالات استشارته الصحيفة، “يجب أن نستبعد احتمال اختراق أجهزة النداء بحيث تسخن البطارية وتنفجر”.

ولا يعد تفعيل جهاز التفجير الجزء الأصعب في العملية، بل وضع كمية المادة المتفجرة دون أن يلاحظ ذلك أحد.

ولا يكمن الجانب الفني في المهمة في إدخال جهاز استقبال إلكتروني متصل بجهاز تفجير بحيث ينفجر عندما يستقبل إشارة.

تلاعب بالأجهزة

إذ "يتمثل الأمر المذهل في القدرة على اختراق دفعة كهذه، واختيارها بدقة عالية وأن تخرج من المصنع بعد التلاعب بها دون أن يتفطن أحد لذلك"، وفق الخبير. 

وتابع أن "الاحتمال الأكثر منطقية هو أن المخابرات الإسرائيلية كانت على علم بمهمة شراء أجهزة البيجر من الشركة التي يقع مقرها في بودابست، والتي صنعت نموذجا مصنوعا في تايوان وكان متوجها إلى لبنان، ليصل إلى حزب الله بصفته المتلقي المقصود". 

وترسم مصادر أخرى سيناريو تكون فيه إسرائيل وراء الشركة الوهمية لتصنيع الأجهزة؛ حيث كان من الممكن التلاعب بالأجهزة قبل مغادرة المصنع.

ويشير المصدر إلى أن “المخابرات الإسرائيلية تلاعبت بأجهزة بايجر على مستوى خط التجميع، وأضافوا المتفجرات ووضعوا جهاز استقبال إلكتروني متصل بجهاز التفجير، وانتهت العملية”. 

فيما يتعلق بهندسة المهمة، فإن العملية سهلة؛ أما الجانب اللوجيستي والاستخباراتي فهو معقد للغاية. 

ويتفق المختصون الذين استشارتهم صحيفة الإندبندينتي على أنها ليست آلية تقوم بالاتصال أو إشعال لهب أو ما شابه ذلك. 

ويرى مصدر آخر أن "الخيار الآخر يتمثل في أن يكونوا قد وضعوا الرمز قبل تسليم الأجهزة بحيث، عندما يتلقون الإشارة المحددة، يحدث التشبع الذي يرفع درجة الحرارة ويؤدي إلى انفجار المتفجرات".

وأضافت الصحيفة أن تزامن عمليات الانفجار يلغي عامل الصدفة من العملية. 

وبحسب المصادر، كانت عملية منسقة للغاية، ولا يكمن الأمر في أنهم تركوا جهاز بايجر تشحن وأصبحت ساخنة وانفجرت. 

عموما، وفيما يتعلق بالمخاطر التي يفرضها الوضع الحالي، من الضروري أن نتذكر أن الجماعة اللبنانية، المدعومة بشكل مباشر من إيران منذ ولادتها قبل أربعة عقود، لديها أكثر من 100 ألف من المقاتلين وترسانة من آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة. 

ومن المسلم به أيضا أن إسرائيل وجيشها وسكانها البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، بعد أكثر من 11 شهرا من العيش في ظل الحرب، ليسوا في أفضل لحظة لمواجهة الأضرار الشخصية والمادية الجسيمة التي سيترتب عليها بلا شك أي اشتباك مباشر مع حزب الله، وفق الصحيفة.