في "الهلالية".. الدعم السريع ينتقم والسودانيون يموتون والجيش غائب

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

يواصل ناشطون سودانيون إطلاق صيحات استغاثة على منصات التواصل الاجتماعي دعوا خلالها لإنقاذ ولاية الجزيرة من المجازر التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع “الجنجويد” هناك.

وصعدت المليشيا المدعومة إماراتيا التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" هجماتها على مدن ولاية الجزيرة، وفي مقدمتها الهلالية، وتمبول، ورفاعة، والجنيد، والحلة، والبويضاء، والعزيبة، والشرفة، وصفيته، وتيراب، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.

وتفرض المليشيا منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024، حصارا قاتلا على مدينة الهلالية التي يقدر عدد سكانها بـ75 ألف نسمة، حولها إلى بؤرة موت، نتيجة الجوع والعطش، كما تفشت الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا.

وجاء تصعيد المليشيا على الهلالية، ردا على انشقاق القيادي بصفوفها أبو عاقلة كيكل وإعلانه الانضمام لقوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان.

و أدان منبر المغردين السودانيين، الانتهاكات الجسيمة والمجازر التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في قرى شرق الجزيرة بوسط السودان، مطالبا المليشيا التي ما فتئت تتحدث عن صون كرامة المواطنين بالابتعاد عن وضع المواطن البسيط طرفا من أطراف حربها.

كما أدان انتهاكات المليشيا في مدينة الهلالية التي مازالت محاصرة من قبلهم باحتجازها المواطنين في الساحات العامة ونهب ممتلكاتهم، ما أدى لارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 450 شهيدا.

وأشار المنبر إلى أن الأعداد ما تزال في تزايد مستمر بالتوازي مع سياسات التهجير قسرا للمواطنين التي تنتهجها مليشيا الدعم السريع تجاه مدن وقرى الجزيرة.

وطالب قيادة الجيش بالقيام بدورها الدستوري والوطني في حماية المدنيين والحرص على حياتهم وصيانة ممتلكاتهم، وعدم منح الفرصة للمليشيات المؤدلجة للتحشيد باسمها أو باسم المكونات الجهوية والقبلية.

الجزيرة والهلالية

والجزيرة، تعد من أهم ولايات السودان الـ18، وتقع وسط البلاد، وعاصمتها مدينة ود مدني، يعيش فيها حوالي 5 ملايين نسمة وهي ثاني ولاية من حيث الكثافة السكانية بعد الخرطوم، وتعتمد في اقتصادها على الزراعة، وتعد سلة غذاء السودان.

وتتميز بموقع إستراتيجي يربطها بجميع أنحاء السودان عبر طرق النقل البرية والسكك الحديدية، كما جعلها وجهة للعديد من الهجرات من داخل البلاد وخارجها.

وتبلغ مساحة ولاية الجزيرة تقريبا 25 ألفا و500 كيلومتر مربع، وهو ما يمثل 2.5 بالمئة من مساحة السودان.

ودخلت الولاية منذ 15 ديسمبر/كانون الأول 2023 دائرة الحرب المشتعلة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ سيطرت عليها الأخيرة بقيادة القيادي في قوات الدعم أبو عاقلة كيكل، ما أدى إلى نزوح آلاف من سكانها والنازحين إليها نحو الولايات المجاورة.

وتسيطر الدعم السريع حاليا على أجزاء واسعة من الولاية عدا مدينة الهلالية والمناقل والمناطق المحيطة بها حتى حدود ولاية سنار جنوبها، وغربا حتى حدود ولاية النيل الأبيض.

أما مدينة الهلالية فتعد واحدة من أبرز حواضر شرق الجزيرة في وسط السودان، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق، وتتميز بموقعها الإستراتيجي على بعد حوالي 120 كيلومترا شرق العاصمة الخرطوم، وبطابعها الصوفي الذي يشكل جزءا مهما من ثقافتها. 

ويربط الهلالية جسر بمدينة الحصاحيصا غرب النيل الأزرق، مما يسهل التنقل بين المدينتين، وتشتهر بالعلم والمعرفة والخلاوي التي تمثل مركزا مهما للدراسات الصوفية والتعليم الديني.

وبالتوازي مع تصعيد الجنجويد لجرائمها، اقترحت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" التي تعد أحد أبرز الكيانات المدنية في السودان، إنشاء مناطق آمنة في البلاد لحماية المدنيين، وأثار المقترح موجة غضب واستياء واسع بين الناشطين وعدوه انحيازا للمليشيا.

وعبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها، #الدعم_السريع_يستبيح_الجزيرة، #أنقذوا الجزيرة، #الهلالية، #الهلالية_تتغيث، #أوقفوا_الحرب، وغيرها نددوا بتعرض ولاية الجزيرة لأكبر عملية إبادة جماعية من قبل الجنجويد.

وصب ناشطون جام غضبهم على دولة الإمارات التي تواصل دعمها اللامحدود لمليشيا الدعم السريع وعدوها شريكا في قتل الشعب السوداني، مطالبين بتقديم قائد الجنجويد لمحكمة العدل الدولية والقصاص منه ومن كل داعميه. 

موت يومي

وتفاعلا مع التطورات، أشار الإعلامي مناضل عبدالله، إلى أن أكثر من 450 شهيدا ارتقوا في الهلالية بولاية الجزيرة، والمدينة لا تزال محاصرة، والسلطات نائمة والصاحي منهم يتشاكس حول السلطة وكيف ينال منها منصب أو كرسي وفق المصالح الضيقة.

ورأى أن صدق من قال "لا جيش يحمي ولا مليشيا ترحم"، مؤكدا أن الضائع في كل الأحوال هو المواطن، وحذر من أن الحرب اللعينة إن لم تتوقف فالقادم أسوأ والسوء يزداد يوما بعد يوم.

من جانبها، أعربت الكاتبة عائشة الماجدي، عن حزنها على ما يحدث في الهلالية، وقالت: “أجد نفسي أمام عجز تام تجاه أهلنا في الهلالية وتمبول والسريحة”.

وأضافت: "كشف حساب موت شبه يومي، حالات جوع ومرض بطريقة مؤسفة، محاولات للنزوح ودفع أموال طائلة للجنجويد للخروج من وسط نيرانهم".

وأشارت إلى أن الحالات التي وصلت للإعلام هي ليست الأرقام الحقيقة، وأن ما وراء الحقيقة هناك الآلاف يموتون في شرق الجزيرة ولم يسلط عليهم الإعلام الضوء.

وعبرت الماجدي، عن خشيتها من أن تصبح مجازر الجزيرة والانتهاكات التي حدثت نسياً منسية كما حدث في مجزرة ود النورة التي كانت مجزرة كفيلة بصحوة ضمير الشعب السوداني كله تجاه الجنجويد، لكنها انتهت بمرور ثلاثة أربعة أيام ولم يتذكر ود النورة أحد بعدها.

بدوره، قال عبدالرحمن عبدالمؤمن، إن في الهلالية؛ حيث يتردد صدى الأرواح في أزقة الصمت، سقط اكثر من 400 شهيد وشهيدة، كنجوم أُطفئت قبل أوانها، تاركة خلفها ظلالا ثقيلة من الحزن والوجع. 

وأشار إلى أن أكثر من 400 روح رحلت، وكل روح منها كانت حياةً وقصة، كانت أمّا تشدُّ على يد ابنها، وأبا يحلم برؤية بنيه يكبرون أمامه، وأختا تروي ضحكتها الدافئة، وأخا يبني غدا مشرقا.

وأكد عبدالمؤمن أن، الهلالية اليوم هي ذاكرة، حكاية رسمت بالدماء والدموع، قلوب تئنّ من الألم، وأفواه ترتفع بالدعاء.

وتساءل أحمد علي عبدالرحيم، عن أسباب صمت المجتمع الدولي وأدعياء النضال عن مجازر الهلالية.

وأكد الكاتب عبدالرحمن عميسيب، أن جريمة الهلالية المروعة تكفي لإرسال زعيم الجنجويد إلى المحكمة الجنائية.

واتفق معه في الرأي أحمد التجاني"، قائلا: "فعلا، جريمة الهلالية مثال واضح على الانتهاكات الخطيرة التي ترتكب ضد المدنيين العُزّل، وبتزيد المطالبات بمحاسبة مرتكبيها". 

وذكر بأن المحكمة الجنائية الدولية هي الجهة المناسبة لمحاكمة الجرائم البشعة دي والتي ترتقي لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مشددا على ضرورة تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، وأن يواجه العدالة في أقرب وقت أي زعيم متورط في الأحداث.

وقال المغرد بيشا إن ما يحدث في الهلالية هو إبادة جماعية وتطهير عرقي لسكانها وهو نهج اتبعته المليشيا في حربها على الشعب، مؤكدا أن السبيل الوحيد لإنقاذ سكان الهلالية والشعب السوداني هو إبادة المليشيا في كل مكان بداية باقتحام الهلالية.

وأكد علي أبو دريس، أن المليشيا صارت تتفنن في القتل، وأن ما يحدث في الهلالية فاجعة وكارثة وجريمة مكتملة الأركان تُضاف لجرائم المليشيا.

شراكة إماراتية

وتنديدا باستمرار الإسناد الإماراتي لمليشيا الدعم السريع، كتب المغرد عثمان: "بعد ما حدث في ولاية الجزيرة من فظائع وانتهاكات وقتل واغتصاب وتشريد من قبل مليشيا دويلة الإمارات، بذلك انتهت كل الحلول مع حميدتي ويبقي حل واحد، وهو إبادتهم جميعا على بكرة أبيهم ولن نرضى بأقل من ذلك".

وأكدت فاطيما أحمد، أن ولاية الجزيرة تعيش إبادة على يد الدعم السريع في ظل تعتيم إعلامي عربي بل دعم لبعض الدول كالإمارات للدعم.

ودعا مكاوي الملك، لمشاهدة مقاطع فيديو تحمل مشاهد مؤلمة تُوثق جزءا من إبادة ومجازر ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بدعم من دويلة الإمارات التي لا تسعى إلا لمصالحها الضيقة، ولو على حساب أرواح الشعب السوداني. وأكد أن أطفال، نساء، شيوخ يُقتلون يومياً بالرصاص والجوع والأوبئة، بينما العالم يقف متفرجا في صمت مُخزٍ، متسائلا: “هل من ضمير يستيقظ؟!”

وأكد هلال نوري، وجوب محاسبة قوات الدعم السريع ومؤيديها الخارجيين على تسميم الأغذية في السودان حيث يعاني الملايين من المجاعة، مطالبا الولايات المتحدة بقطع الأسلحة عن دولة الإمارات حتى تتوقف عن تسليح قوات الدعم السريع.

مناطق آمنة 

ورفضا لمقترح تقدم بإنشاء مناطق آمنة للمدنيين، قال أبازاد حسن، إن بدلا من أن يقترحوا تجميع قوات المليشيا التي تحتل المنازل في معسكرات وحصرها إن كان لمحاسبتها أو حلها أو دمجها حسب رؤيتهم كسياسيين يزعمون تمثيل المواطن!.

وأضاف: يريدون تجميع المدنيين في معسكرات ذلة وانكسار وحسرة على أرواح اقربائهم التي قتلت وممتلكاتهم وقراهم التي أبيدت بفعل المليشيا.

وأعرب الطبيب أسامة إسماعيل عن رفضه للمقترح، قائلا: "عوضا عن السعي لاستحداث مناطق آمنة للمدنيين كان الأولى العمل على إخراج المتمردين لمعسكرات خارج المدن والقرى التي دخلوها فسببوا فيها عدم الأمان بقتلهم للمواطنين وكانوا سببا لاستهداف الطيران لهم والذي أيضا تسبب في قتل مواطنين سواهم، فالمشكلة هي في دخول المتمردين لتلك المناطق المدنية".

وقال امبسادروا مصطفى: "ردا على العملاء والخونة المرتزقة الذين ينادون بتقسيم السودان إلى مناطق آمنة أو تدخل قوات أجنبية نقول لهم إن السودان كله آمن وسوف يظل آمنا وموحدا، بدون مليشيات الجنجويد الإرهابية المرتزقة".

مستشفى شندي

وفي ولاية نهر النيل، عرض طبيب القلب أنس البدوي، مقطع فيديو قال إنه لمستشفي شندي (كما وصله) يكشف حجم مأساة المرضي في السودان وضحايا المليشيا من الجزيرة.

وأكد أن المئات يموتون في الهلالية وشرق النيل بالإسهال وحالات التسمم، والقطاع الصحي يشهد انهيارا كاملا وانعدام لأبسط الأدوية والمحاليل الوريدية، داعيا للتحرك السريع لتدارك هذه الكارثة.

ونشر الإعلامي وليد وحل، صورة من مقطع الفيديو الذي عرضه طبيب القلب من مستشفى شندي، مشيرا إلى أن المرضى يفترشون الأرض، مع نقص حاد في الأدوية.

وقال محمد زيدان، إن انتشار الكوليرا في مدينة شندي وعدة مناطق محيطة مثل حلفا وجنوب الخرطوم والهلالية مع ظهور حالات جديدة في عطبرة يعكس أزمة صحية خطيرة تحتاج لاهتمام عاجل.

وأكد أن مستشفى شندي تجاوز طاقته الاستيعابية ويواجه صعوبة في التعامل مع الأعداد المتزايدة من المصابين مما يضع ضغطا كبيرا على الطاقم الطبي ويظهر مدى تعقيد الوضع الصحي.