السعودية تعلن استعدادها للتوسط بين أميركا وإيران.. هل تنجح؟

السعودية تسعى عبر الوساطة إلى منع إيران من التوجه نحو برنامج نووي
مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، أبدت السعودية انفتاحها للعب دور الوسيط بين الطرفين.
وسردت صحيفة "نيزافيسيمايا جازيتا" الروسية عدة أسباب دفعت الرياض لتقديم هذا العرض، مبينة السيناريو البديل الذي اتفقت عليه إدارة ترامب مع إسرائيل حال فشل المفاوضات.
كما استعرضت الصحيفة فرص نجاح المملكة في التأثير على مواقف ترامب وطهران، وتقريب وجهات النظر بينهما.

خوف سعودي
وذكرت مصادر لشبكة "سي إن إن" الأميركية أن الأسرة الحاكمة في السعودية تريد أن تلعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران؛ إذ "تدرس الرياض بنود مشروع الاتفاق النووي الجديد الذي يروج له ترامب"، كما أفادت الصحيفة الروسية.
وبحسب قولها، فإن السعودية "تسعى من خلال هذا الوساطة، إلى منع إيران من التوجه نحو برنامج نووي ذي طابع عسكري".
ورأت أن "المملكة تؤمن جديا أن التوترات الحالية في الشرق الأوسط، لا يمكن تخفيفها إلا من خلال المرونة والتقدير المتبادل للمصالح".
وأكدت أن الرياض تعتقد "أن الضغط المشترك والسديد من شأنه فقط أن يؤدي إلى تفاقم الوضع، وإجبار طهران على تطوير قنبلة نووية".
ومن اللافت أن "تأتي تلك الأخبار في الوقت الذي توجه فيه فريقان تفاوضيان -أميركي وروسي- إلى السعودية للتفاوض بشأن الملف الأوكراني".
وفي سياق منفصل، ذكرت الصحيفة أن رئيس فريق المفاوضين الأميركيين وزير الخارجية ماركو روبيو، "أطلع العائلة الحاكمة في السعودية على تفاصيل مبادرة ترامب لإعادة توطين سكان قطاع غزة، والتي تهدف إلى تحويل القطاع إلى ريفييرا الشرق الأوسط"، بحسب وصف الرئيس الأميركي.
وأشارت إلى أنه "رغم ثقة ترامب الكاملة في نجاح هذا المشروع التنموي، فإن المقترح يخلق توترا خطيرا في العلاقات الأميركية مع المملكة".
وصرحت الرياض في وقت سابق أنها لن تتسامح مع إعادة توطين الفلسطينيين، وعارضت الخطة علانية.
أبرز الخيارات
أما فيما يتعلق بآفاق الاتفاق المحتمل مع إيران، فقد أوضحه ترامب علنا أكثر من مرة، متحدثا عن أن نيته في توجيه ضربة لها أحاديث مبالغ فيها للغاية، وأنه سيكون من الأفضل للأطراف التوصل إلى اتفاق على شروط مفيدة للطرفين بدلا من تعميق أجندة المواجهة.
وقد سبق أن أكد المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، في حديث مع قناة فوكس نيوز أن ترامب "شدد على ضرورة عدم حصول الإيرانيين على القنبلة النووية".
وتابع ويتكوف: "إذا عملوا على تصنيع قنبلة، فإن ذلك سيؤدي إلى سباق تسلح نووي، وهو أمر لا يمكن السماح بحدوثه".
وأردف: "لكن الرئيس قال أيضا إن القضية يمكن حلها دبلوماسيا، وإذا أبدت إيران اهتمامها، فإن الحكومة الأميركية ستكون منفتحة على المناقشات".
ورأت الصحيفة الروسية أنه “لا يُعرف سوى القليل جدا عن معالم الاتفاق النووي الذي يروج له ترامب”.
وكما قالت مصادر دبلوماسية لصحيفة المونيتور الأميركية، فإن الاتفاق سيكون أكثر صرامة من خطة العمل الشاملة المشتركة التي أبرمت في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
ويشير مصدر إسرائيلي إلى أنه إذا نجح ترامب في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، "فيمكننا أن نفترض أنه سيكون أفضل مما جرى في عهد أوباما".
واستطردت الصحيفة الأميركية: "حتى إن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو يرى أن جزءا كبيرا من مطالب إسرائيل بشأن مثل هذا الاتفاق، سيتم تلبيته بفضل تعاونه مع الولايات المتحدة".
فقد "شددت الولايات المتحدة لإسرائيل أنه في حال فشل المفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، فإن سيناريو استخدام القوة ضد إيران أمر لا مفر منه".
وأضافت الصحيفة الروسية: "أكدت واشنطن أنها ستوفر لحليفتها إسرائيل في ظل هذه الظروف، كل الدعم اللازم لتنفيذ عملية ضد البنية التحتية النووية لإيران الإقليمي".
وقد تشمل هذه التدابير تزويد سلاح الجو الإسرائيلي بالوقود جوا، وتوفير الغطاء للطائرات المقاتلة، وتزويد إسرائيل بقنابل قوية خارقة للتحصينات، وإغلاق الممرات البحرية حول إيران لقطع خطوط إمدادها.

أمر غير حكيم
وفي حين يصر ترامب على التفاوض بشأن اتفاق جديد، أصبحت خطابات المسؤولين الإيرانيين قاسية للغاية".
فقد أكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أخيرا، أن "التفاوض مع الولايات المتحدة أمر غير حكيم على الإطلاق".
بدوره، علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، على فكرة التوصل إلى اتفاق جديد مع واشنطن، مبينا أنه "لا يمكن أن تؤخذ تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن المفاوضات على محمل الجد؛ لأن الأقوال يجب أن تتطابق مع الأفعال".
وأضاف أنه "لا يمكن أن نهدد بالدمار وندعو في نفس الوقت إلى الحوار، إن كلمات البيت الأبيض مليئة بالتناقضات والنفاق".
في الوقت نفسه، تعتقد الصحيفة أن تصريحات إيران "تؤكد أنها لا تخشى القصف، حيث تتعهد بإنشاء منشآت نووية أكبر بمئات المرات على أراضيها، إذا تجرأت الولايات المتحدة وإسرائيل على تنفيذ عملية جوية لإضعاف المنشآت البحثية والصناعية القائمة".
مع هذا، تشير إلى أن "إقناع الولايات المتحدة ليس بالأمر السهل"، حيث ترى واشنطن أن حصول طهران على القنبلة النووية خط أحمر.
واستشهدت بمقابلة مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتر مع قناة فوكس نيوز، على هذا الموقف؛ إذ أوضح أن "حصول إيران على قنبلة نووية تهديد وجودي، ليس فقط لإسرائيل بل للعالم أجمع، لأن هذا من شأنه أن يثير سباق تسلح نووي بالشرق الأوسط".
وأكد أن البيت الأبيض "يدرس جميع الخيارات"، بما يشمل “المفاوضات مع إيران إذا كانت تريد التخلي عن برنامجها وعدم اللجوء للمناورات كالسابق”.
وأضاف والتر: "أستطيع أن أعدكم بهذا: الرئيس ترامب جاد للغاية عندما يقول إن إيران لن تتمكن أبدا من امتلاك قنبلة نووية".
وبحسب قوله: "إذا تمكنت الجمهورية الإسلامية من الحصول على أسلحة نووية عسكرية، فإن ذلك لن يحدث بالتأكيد خلال ولاية ترامب الثانية".

تأثير السعودية
من جانب آخر، ترى الصحيفة الروسية أن التحدي القائم الآن هو "قدرة السعودية على ممارسة تأثير كبير على الموقف الأميركي، لمساعدتها على إيجاد حلول وسط في مواجهة المعارضة من جانب إيران".
وفي هذا السياق، تلفت الانتباه إلى أن "صناديق الدول العربية (المالية) تعد لاعبا رئيسا ليس فقط في قطاع العقارات الأميركي، بل أيضا في شركات رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة".
وبحسب منظمة صناديق الثروة السيادية العالمية، فإن نحو 5 تريليونات دولار في حسابات الحكومة الأميركية، هي نتيجة لمساهمات من صناديق الثروة السيادية في دول الشرق الأوسط.
وأردفت الصحيفة: “أن إمبراطورية ترامب التجارية والعائلات الحاكمة في دول الخليج تتمتعان بعلاقات تجارية طويلة الأمد”.
ففي عام 2024، أعلنت مؤسسة ترامب، المملوكة لعائلة الرئيس الأميركية الحالي، عن نيتها إطلاق مشاريع واسعة النطاق في السعودية.
وأشارت إلى أنه "في مدينة جدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، وعدت مؤسسة ترامب بتنفيذ مبادرة واسعة النطاق تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار".
كما أوضح إريك ترامب نجل الرئيس الأميركي وأحد كبار المديرين في المؤسسة، إلى أن هذا “لن يكون آخر مشروع تطوير عقاري في دول الخليج”.
وذلك "نظرا للإمكانات الهائلة التي يتمتع بها اللاعبون الاقتصاديون في هذه المنطقة"، وفق تعبيره.