تبون يغير مواقفه.. ما الثمن الذي تريده الجزائر مقابل التطبيع مع إسرائيل؟

خالد كريزم | منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

أثارت المواقف الأخيرة للجزائر بشأن القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل تساؤلات عن مدى إمكانية تغيير الدولة المغاربية سياستها الخارجية مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وبدت مواقف الجزائر الأخيرة أقل حدة تجاه إسرائيل وحملت صياغات مخففة عن المعهود عليه، وسط تغيرات لافتة في الشرق الأوسط انطلقت مع عملية طوفان الأقصى.

وأثرت العملية التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية حماس على نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة لتدشن عهدا جديدا من التغيرات في لبنان بعد انكفاء حزب الله ثم سوريا بسقوط نظام بشار الأسد.

وهذه التطورات التي تزامنت مع عودة ترامب وطالت دول مقربة بشكل ما من الجزائر، يبدو أنها دفعت الأخيرة لتليين مواقفها، وهو ما تبين في مواقف عديدة أخيرا، لتدور تساؤلات عن الثمن المقابل الذي تريده الدولة المغاربية.

مواقف متغيرة

وكان أكثرها لفتا للانتباه، تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن الجزائر "ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم ذاته الذي تكون فيه دولة فلسطينية كاملة".

وقال تبون في مقابلة له مع صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، في الثاني من فبراير/شباط 2025 إن هذا الموقف "متسق تماما مع مجرى التاريخ".

وأردف: "فقد كان أسلافي الرئيسان الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة، رحمهما الله، قد أوضحا أن لا مشكلة لدينا مع إسرائيل. همّنا الوحيد (في الجزائر) هو إقامة الدولة الفلسطينية".

ويعد هذا التصريح انقلابا على موقف سابق لتبون عام 2020 حينما طبعت دول عربية من بينها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان مع إسرائيل. 

وقال تبون في سبتمبر/أيلول 2020، إن الجزائر لن تبارك ولن تشارك فيما أسماه "الهرولة نحو التطبيع" وأن "القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب الجزائري مقدسة وهي أم القضايا".

وأكد الرئيس الجزائري وقتها أنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية إلا من خلال قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، دون أن يتطرق إلى التطبيع مع إسرائيل.

ولذلك أثار تصريح تبون بشأن التطبيع المشروط مع إسرائيل ردودا مختلفة، كان أبرزها من حركة مجتمع السلم “حمس”.

وأبدت الحركة المعارضة، وهي أكبر حزب إسلامي في البلاد، قلقا بعد تصريحات تبون، مذكرة بـ "المبادئ الثابتة للجزائر تجاه القضية الفلسطينية المركزية، ورفضها التام لكل مشاريع التسوية، والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي".

ودعا الحزب السلطات الجزائرية إلى "الثبات والاستمرار في الموقف الرافض للتطبيع، والمنحاز إلى الحق الفلسطيني والمنتصر لقضيته العادلة"، دون توجيه انتقاد مباشر إلى تبون.

وازدادت الشكوك بشأن موقف الجزائر بعدها بأيام، عندما أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا يرفض خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لكنه جاء بلغة مخففة عن البيانات السابقة.

وشددت الوزارة في 6 فبراير على "رفضها القاطع لما يتم تداوله من مخططات ترمي إلى تهجير وإفراغ غزة من سكانها الأصليين، ضمن مخطط أوسع يستهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني في الصميم".

وحمل البيان توصيفات مختلفة هذه المرة مثل "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وتحدث عن "حل الدولتين"، فيما غابت كلمات عهد على وزارة الخارجية استخدامها مثل "جيش الاحتلال" و"الكيان الصهيوني".

ونشر الإعلامي الجزائري وليد كبير البيان مع بيانات سابقة أخرى، معلقا على الأمر بالقول: “‏لغة النظام الجزائري قبل وبعد عودة ترامب”.

وأردف عبر حسابه في فيسبوك: “‏الخارجية الجزائرية تتخلى عن استعمال مصطلح الكيان الصهيوني بعد تولي ترامب الحكم”.

ولفت إلى أن الإشارات بدأت مع مندوب الجزائر بالأمم المتحدة (عمار بن جامع) الذي تولى رئاسة مجلس الأمن في يناير/كانون الثاني 2025 واستعمل لفظ إسرائيل عدة مرات، ثم تصريحات تبون بشأن التطبيع.

وواصل القول: “نهجت كل من وكالة الأنباء الجزائرية والتلفزيون العمومي نفس الأسلوب بالتخلي عن استعمال مصطلح الكيان الصهيوني في تناولها لحوار تبون”.

وتابع: “‏واليوم الخارجية الجزائرية تؤكد التوجه الجديد باعتماد لغة دبلوماسية خالية من المصطلحات التي تعودت استعمالها. انقلاب 180 درجة مرده الوحيد التودد والتملق لحاكم أميركا”.

وخلال 15 شهرا من العدوان على غزة، كان من اللافت والغريب غياب أي مظاهرة شعبية تضامنية في الجزائر، الدولة التي لطالما عرفت بدعمها غير المحدود للفلسطينيين.

في المقابل، لم تتوقف المظاهرات الشعبية لدى الجار المغربي، على الرغم من تطبيع الرباط مع تل أبيب، في أمر أعاده كثيرون إلى قبضة السلطات الجزائرية ومنعها المواطنين من التظاهر تضامنا مع غزة.

وازداد الطين بلة مع بدء الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة التبادل مع إسرائيل وإبعاد العشرات منهم إلى خارج البلاد، دون أن تستقبل الجزائر أيا منهم حتى الآن.

ويعلق عشرات المبعدين من المحررين في فندق بالقاهرة انتظارا لاستقبالهم من قبل بعض الدول المقترحة التي كان أبرزها الجزائر وبلدان أخرى، لكن دون حدوث ذلك حتى الآن.

عقد مشبوه

وأكثر من ذلك، كشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية في سبتمبر 2024 عن توقيع الحكومة الجزائرية اتفاقية مع شركة ضغط أميركية مرتبطة بإسرائيل.

وقالت المجلة: إن هذه الممارسة كلاسيكية في الدبلوماسية، إلا أن الشركة المختارة لديها روابط وصلات عديدة مع إسرائيل، وهو ما يثير الاستغراب والدهشة، نظرا للمواقف الجزائرية بشأن الوضع في فلسطين.

ووفق المجلة الفرنسية، وقع العقد السفير الجزائري بواشنطن، صبري بوقادوم، في بداية سبتمبر مع مكتب BGR Group وهي مجموعة تأسست عام 1991.

وتعد الأخيرة واحدة من أكبر شركات الضغط والاتصالات في واشنطن، وتعمل مع نحو 200 زبون في الولايات المتحدة وحول العالم.

وتهدف الاتفاقية إلى تنفيذ عمليات ضغط في الولايات المتحدة لصالح الدولة الجزائرية، بعقد دخل حيز التنفيذ في 10 سبتمبر وتبلغ قيمته 720 ألف دولار سنويًا، ولا يشمل التكاليف الأخرى التي قد ينفقها مكتب لوبيينغ في سياق أنشطتها. 

وبحسب الوثيقة، ستقدم مجموعة BGR خدمات الشؤون الحكومية والعلاقات العامة نيابة عن الزبون فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والجزائر.

وهو ما يمكن أن يشير إلى أسباب التغير المفاجئ في لهجة الدولة المغاربية تجاه إسرائيل مع عودة ترامب إلى الحكم.

وأكدت “جون أفريك” أن مكتب BGR معروف بعلاقاته مع إسرائيل أو مع كيانات إسرائيلية، ومن بين المستشارين الرئيسين له، إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل بين يوليو/تموز 1999 ومارس/آذار 2001.

وفي عام 2020، عملت شركة الضغط الأميركية بنشاط على تطبيع العلاقات بين كل من إسرائيل والبحرين، في إطار اتفاقيات أبراهام. 

ووفقا للوثائق التي اطلعت عليها المجلة الفرنسية، دفعت المنامة 730 ألف دولار في عام 2023 لمكتب BGR مقابل خدماته.

وأكدت المجلة أنه في أعقاب الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن مكتب BGR أيضًا عن “دعمه لشعب إسرائيل”، وقدم تبرعات إلى منظمة “نجمة داود الحمراء” اليهودية، دون الإشارة إلى حجم دعمه المالي.

ووفق المجلة، ففي اليوم التالي لتوقيع العقد بين BGR والسفير الجزائري لدى واشنطن، أعلنت “نجمة داود” تعيين جلعاد أردان في منصب رئيس المجموعة العالمي.

وأردان عضو في حزب الليكود الذي يتولى السلطة حاليا بزعامة بنيامين نتنياهو وشغل عدة حقائب وزارية (الداخلية، الدفاع، الاتصالات، المعلومات، الأمن الداخلي) في ظل الحكومات المختلفة للأخير.

ومن أغسطس/آب 2020 إلى يونيو/حزيران 2024، كان أيضًا سفير إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، حيث أصبح معروفا على وجه الخصوص بمواقفه الهجومية والاستفزازية منذ هجمات 7 أكتوبر، توضح المجلة الفرنسية.

موقف غير مبدئي

وحافظت الجزائر منذ فترة طويلة على موقف متشدد ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في موقف يتوافق مع سرديتها التاريخية المتجذرة في نضالها ضد الاستعمار الفرنسي القديم.

فغالبا ما ترسم الحكومة الجزائرية أوجه تشابه بين نضالها من أجل الاستقلال والنضال الفلسطيني، وتقدم نفسها على أنها طليعة المقاومة ضد الاستكبار الغربي.

وتعكس السياسة الخارجية الجزائرية تجاه إسرائيل أيضًا المشاعر الأوسع لشعبها، فغالبية الجزائريين المتعاطفين بشدة مع القضية الفلسطينية ينظرون إلى التطبيع باعتباره خيانة كبرى.

ونظرا لهذا الشعور العام، فإن رفض الحكومة للتطبيع يعزز شرعيتها المحلية وأوراق اعتمادها المناهضة للإمبريالية.

ولكن على الرغم من خطابه المعتاد، فإن موقف النظام الجزائري ليس مبدئيا كما يبدو، وفق ما رأت صحيفة تايمز أوف إسرائيل في 6 فبراير 2025.

وأردفت: “كثيراً ما تدين الجزائر الدول العربية التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل، مثل المغرب والإمارات والبحرين، وتتهمها ببيع القضية الفلسطينية”.

ومع ذلك، “تحافظ الجزائر على علاقات دبلوماسية واقتصادية مع العديد من البلدان التي تربطها علاقات قوية مع إسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والصين”.

وعلاوة على ذلك، كثيراً ما انخرطت الجزائر مع المؤسسات المرتبطة بإسرائيل بشكل غير مباشر، فهي تظل عضوا نشطا في المنظمات الدولية التي يشارك فيها ممثلون إسرائيليون. 

كما استفادت من التعاون الأمني ​​والاستخباراتي مع الدول التي تعمل بشكل وثيق مع إسرائيل، وفق الصحيفة. 

وقالت الصحيفة: “إذا كانت الجزائر ملتزمة حقاً بموقف لا هوادة فيه من إسرائيل، فستضطر لقطع العلاقات مع كل قوة عالمية تقريباً، وهو ما لا ترغب بفعله”.

وبينت أن العامل الرئيس الذي يؤثر على خطاب الجزائر المناهض لإسرائيل هو التنافس طويل الأمد مع المغرب. 

فقد انخرطت الدولتان الواقعتان في شمال إفريقيا في نزاع مرير، في المقام الأول حول الصحراء الغربية، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، التي تسعى إلى استقلال الصحراء الغربية، بينما يؤكد المغرب أن هذا الإقليم جزء من أراضيه.

وقد أدى هذا الصراع الجيوسياسي إلى تأجيج عقود من الأعمال العدائية، بما في ذلك إغلاق الحدود والتوترات العسكرية.

كما أن قرار المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كجزء من اتفاقيات أبراهام بوساطة أميركية، أدى إلى تعميق الخلاف بين البلدين. 

ففي مقابل التطبيع، اعترفت الولايات المتحدة بالسيادة على الصحراء الغربية، وهو انتصار دبلوماسي كبير للرباط. 

وأدانت الجزائر هذه الخطوة، ووصفتها بأنها خيانة للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، لم يكن غضبها بشأن فلسطين بقدر ما كان بشأن اكتساب المغرب ميزة إستراتيجية في تنافسهما الإقليمي، وفق الصحيفة.

وتؤكد أن “إدانة الجزائر لجهود التطبيع التي تبذلها المغرب منافقة بشكل خاص بالنظر إلى استعدادها للتعامل مع الدول الداعمة لإسرائيل (أو المتحالفة معها)”.

وعلاوة على ذلك، ظهرت تقارير تشير إلى أن الجزائر تعاملت بشكل غير مباشر مع شركات الدفاع والأمن السيبراني الإسرائيلية من خلال وسطاء. 

وهذا يشير إلى أن موقف الجزائر المناهض لإسرائيل تمثيلي أكثر منه موضوعي، وفق الصحيفة.

ما الهدف؟

وعن المقابل من هذه التغيرات، يقول موقع “أخبار المغرب الدولية” الناطق بالإنجليزية إن “انفتاح تبون المفاجئ على التطبيع - الذي كان يُعد مستحيلًا في الجزائر ذات يوم - يشير إلى محاولة يائسة للحفاظ على الأهمية في المشهد الإقليمي المتطور بسرعة”.

وقال خلال تحليل له في 5 فبراير إنه “يبدو أن نظام تبون المحاصر دبلوماسياً يسعى إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة للتعويض عن العزلة الدولية المتزايدة على الجزائر”.

وخلال المقابلة التي أجراها مع لوبينيون، أكد تبون بشكل ملحوظ رغبة الجزائر في إقامة علاقات أقوى مع الولايات المتحدة. 

وقال: "ظلت علاقاتنا جيدة مع جميع رؤساء الولايات المتحدة، بغض النظر عن حزبهم السياسي، سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا".

وفيما بدا وكأنه محاولة شفافة لكسب ود الإدارة الأميركية الحالية، استذكر تبون بشكل واضح تهنئة ترامب السريعة بعد انتخابه عام 2019.

وقال: "لقد أرسل لي رسالة تهنئة بعد ساعات فقط من إعلان النتائج، بينما استغرق الرئيس (الفرنسي إيمانويل) ماكرون أربعة أيام".

وتأتي هذه المناورة الدبلوماسية في وقت حرج حيث تتغير الديناميكيات الإقليمية بشكل كبير، وفق الموقع المغربي.

وأضاف: “لقد عرقل الرئيس التونسي قيس سعيد بالفعل التشريعات المناهضة للتطبيع (في البرلمان) وأشرف على حملات قمع ضد الناشطين المؤيدين لفلسطين”.

 وكما ذكرت وسائل الإعلام الإيطالية أخيرا، فإن الصفقات المحتملة بين تونس وتل أبيب تجري بوساطة واشنطن وروما، وفق الموقع.

ويقال: إن السعودية ودول عربية أخرى تستكشف استئناف محادثات التطبيع مع إسرائيل في أعقاب تقدم اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.

ولفت هنا إلى أن “توقيت تراجع الجزائر له دلالة خاصة، حيث تواصل إسرائيل توسعها الدبلوماسي في منطقة المغرب العربي”.

وبين أن “هذا التوجه المحموم لإعادة بناء الجسور الدولية يُظهِر مخاوف متزايدة بشأن العزلة الدبلوماسية المتزايدة التي تعيشها الجزائر”.

وينظر إلى الجزائر منذ فترة طويلة على أنها الدولة الأكثر عزلة وغموضا في شمال إفريقيا والمنطقة العربية، وذلك فيما يشبه كوريا الشمالية عالميا.

ولا تنفك وسائل إعلام دولية عديدة عن وصف الجزائر بأنها دولة معزولة سياسيا ومهملة اقتصاديا ومغلقة سياحيا، بسبب عدم انحيازها إلى المعسكر الأميركي الغربي مثل أغلب جيرانها العرب.

وفي ظل ذلك، أشار الموقع المغربي إلى ما أسماه “جهود النظام الجزائري المتعثرة لتشكيل تحالفات جديدة في مختلف أنحاء المغرب العربي وخاصة مع ليبيا وتونس، في حين تسعى الجزائر أيضا إلى استمالة لاعبين من الشرق الأوسط وإفريقيا مثل مصر”.

ففي محاولة للخروج من العزلة، يجري تبون مع دول مغاربية أخرى نقاشات تشاورية موسعة بهدف بلورة تكتل مغاربي شمال إفريقي جديد.

وعلى هذا فإن الزيارات السريعة التي أجراها تبون إلى مصر وعمان (نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر 2024)، إلى جانب محاولات تعزيز المشاركة في قمة جامعة الدول العربية، تعكس ما يبدو أنه يأس ملموس إزاء تراجع نفوذ الجزائر وركود إنجازاتها الدبلوماسية، وفق تقدير الموقع.

وبدورها، تقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل إنه “في حين ترفض الجزائر التطبيع علنًا، فإن الحقائق الجيوسياسية قد تجبرها في النهاية على إعادة تقييم موقفها”.

وتابعت: “يشهد العالم العربي تحولًا كبيرًا، مع استكشاف العديد من اللاعبين الرئيسيين، بما في ذلك السعودية، العلاقات مع إسرائيل”.

وزعم أنه “إذا وجدت الجزائر نفسها معزولة بشكل متزايد بسبب موقفها المتصلب، فقد تضطر إلى إعادة النظر في نهجها”.

بالإضافة إلى ذلك، قد تدفع الضغوط الاقتصادية الجزائر نحو سياسة أكثر براغماتية، حيث لا تزال البلاد تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز.

ومع تحول المشهد العالمي للطاقة، قد تسعى الجزائر إلى تنويع شراكاتها الدبلوماسية والاقتصادية، وفق الصحيفة. 

ويمكن هنا الإشارة إلى تنويع الشراكات بما يتجاوز روسيا، الحليف التقليدي للجزائر والذي ينشغل اليوم في حرب أوكرانيا ويتعرض لعقوبات أميركية وغربية شديدة.

ورأت الصحيفة أنه “إذا كانت فوائد التطبيع تفوق التكاليف السياسية، فقد تجد الجزائر طريقة لتبرير التغيير في السياسة مع الحفاظ على دعمها الخطابي لفلسطين”.

ويعتقد أنه في نهاية المطاف، فإن نهج الجزائر تجاه إسرائيل هو إستراتيجية محسوبة بعناية وليس موقفا أخلاقيا ثابتا. 

ومع تطور الديناميكيات الجيوسياسية، يبقى أن نرى ما إذا كانت الجزائر ستحافظ على خطابها المتشدد أو ستتبع في نهاية المطاف مسار نظيراتها الإقليمية، وفق وصفه.