فرنسا أرسلته والجزائر أعادته.. ما قصة المؤثر الجزائري المثير للجدل؟
فرنسا رحلت مؤثرا جزائريا إلى بلاده بعد نشره مقاطع فيديو مثيرة للجدل
تسلط صحيفة "جون أفريك" الضوء على تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا في أعقاب سلسلة من الأحداث والتصريحات المثيرة للجدل.
حيث بدأت الأزمة الأخيرة عندما رحّلت فرنسا مؤثرا جزائريا (المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "دوالمن") إلى الجزائر بعد نشره مقاطع فيديو مثيرة للجدل.
ولكن الجزائر رفضت استقبال هذا الشخص وأعادته إلى فرنسا في نفس اليوم، مما دفع وزير الداخلية الفرنسي إلى اتهام الجزائر بالسعي "لإهانة فرنسا".
وفي ردها على هذه التصريحات، أكدت وزارة الخارجية الجزائرية أن الجزائر لا تتبع نهجا تصعيديا أو استفزازيا في علاقاتها الدولية.
وفي النهاية، توضح الصحيفة الفرنسية أن هذه الأزمة تأتي في سياق تاريخي من التوترات بين البلدين؛ حيث شهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية محاولات متكررة للتهدئة، لكنها غالبا ما تتعثر بسبب قضايا متعلقة بالإرث الاستعماري والنفوذ الإقليمي.
اتهامات بالتضليل
تبدأ الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى رفض الجزائر، يوم السبت 11 يناير/ كانون الثاني 2025، اتهامات "التصعيد" و"الإهانة" التي وجهتها فرنسا، وذلك بعد ترحيل مؤثر جزائري من فرنسا إلى بلاده، منددة بـ "حملة تضليل" تستهدفها.
وبالنظر إلى التفاصيل، تذكر الصحيفة أن سلطات الأمن في مطار الجزائر رفضت استعادة مواطنها المؤثر والناشط على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن جانبها، ردا على اتهامات فرنسا، أكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها أن "الجزائر لا تنخرط بأي شكل من الأشكال في منطق التصعيد أو المزايدات أو الإهانة".
متهمة -بحسب ما ورد عن الصحيفة- اليمين المتطرف في فرنسا بـ "شن حملة تضليل في الجزائر".
حيث أضاف البيان: "أن اليمين المتطرف الانتقامي والحاقد، إلى جانب مناصريه المعروفين داخل الحكومة الفرنسية، يشن حاليا حملة تضليل، بل وتزييف، ضد بلادنا".
المؤثر المُرحل أُعيد إلى فرنسا
وفي إطار هذا التصعيد، صرح وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، في 10 يناير/ كانون الثاني 2025، بأن "الجزائر تسعى إلى إذلال فرنسا" بعد أن رفضت الدولة الواقعة شمال إفريقيا استقبال مواطنها.
حيث قال ريتايو: "أود أن أعبر عن دهشتي، أعتقد أننا وصلنا إلى عتبة مقلقة للغاية مع الجزائر، ومن الواضح أنها تريد إذلال فرنسا".
وأضاف الوزير: "يجب علينا الآن التحلي بالهدوء، ومن ثم تقييم جميع الوسائل المتاحة لنا تجاه الجزائر".
وفي هذا السياق، وتوضيحا للأزمة الأخيرة بين البلدين، تذكر "جون أفريك" أن المواطن الجزائري "دوالمن"، وهو مؤثر يبلغ من العمر 59 عاما، اعتقل في مدينة مونبلييه جنوب فرنسا بعد نشره مقطع فيديو مثيرا للجدل على تطبيق "تيك توك".
وبعد ذلك، بحسب الصحيفة، رحلت فرنسا المواطن الجزائري إلى بلاده على متن طائرة مساء الخميس، 9 يناير/ كانون الثاني 2025.
إلا أنه أُعيد إلى فرنسا في نفس الليلة، حيث "منعته الجزائر من دخول أراضيها"، وفقا لوزارة الداخلية.
وتبريرا لرد فعلها، صرحت الوزارة الجزائرية أنه "في مواجهة "التجاوزات" و"انتهاكات الحقوق المكتسبة" لهذا المواطن على الأراضي الفرنسية، فإن القرار الجزائري في هذه القضية نابع من الحرص على تمكينه من الرد على الاتهامات الموجهة إليه والدفاع عن حقوقه والدفاع عن نفسه في إطار عملية قضائية عادلة ومنصفة على الأراضي الفرنسية".
تاريخ مستمر من التوترات
وفي هذا السياق، تلفت الصحيفة الفرنسية النظر إلى أن هذه الاعتقالات تأتي في ظل تصاعد التوترات السياسية بين باريس ومستعمرتها السابقة في شمال إفريقيا.
وتزايدت التوترات -بحسب الصحيفة- خصوصا بعد تجديد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الدعم الفرنسي لسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها خلال زيارة تاريخية للمملكة عام 2024.
جدير بالذكر هنا أن الصحراء الغربية، التي كانت مستعمرة إسبانية سابقة، يقع معظمها تحت السيطرة الفعلية للمغرب.
لكن جبهة البوليساريو الانفصالية تطالب بالاستفتاء على تقرير المصير وتلقى دعما من الجزائر، كما ورد عن الصحيفة.
وفي الوقت نفسه، تشير "جون أفريك" إلى سجن الروائي الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، وهو شخصية بارزة في الأدب الفرنكوفوني الحديث، من قبل السلطات الجزائرية منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بـ "تهم تتعلق بالأمن الوطني".
ومن جانبه، كان ريتايلو قد انتقد بشدة احتجاز الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر، وهو ناقد صريح للحكومة الجزائرية.
وخلال حديثه، أشار وزير الخارجية إلى أن "صنصال مسن ومريض"، متهما الجزائر بـ "إبقائه في السجن لأسباب خاطئة".
علاوة على ذلك، تختتم الصحيفة تقريرها بالتنويه عن "الموقف المتغير لفرنسا، في يوليو/ تموز 2024، بشأن الصحراء الغربية المتنازع عليها في شمال إفريقيا".
موضحة أن هذا التغيير أدى إلى "إثارة غضب الجزائر ودفعها لسحب سفيرها في باريس".