موقع أميركي يتوقع حدوث مواجهة مسلحة بين تركيا وإسرائيل في سوريا

منذ ٧ أيام

12

طباعة

مشاركة

في ظل موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المناهض لإسرائيل، وتضارب المصالح بين أنقرة وتل أبيب في سوريا، يحذر الخبراء من مواجهة غير مسبوقة محتملة، وسط حالة من عدم الاستقرار الإقليمي.

ويرى موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي أن “سياسات أردوغان في سوريا (بعد سقوط نظام بشار الأسد) تقرب تركيا وإسرائيل من المواجهة المسلحة المباشرة"، وفق وصفه.

وبين أن العلاقات المضطربة بين الطرفين تتجه إلى مزيد من التوتر بسبب ملفي سوريا وغزة؛ حيث تطالب تركيا بتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحاكمة الدولية بسبب العدوان المستمر على القطاع المحاصر.

وفي مطلع العام 2025، تجمع عشرات الآلاف في إسطنبول في تظاهرة حاشدة ضد إسرائيل، معبرين عن تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة بعد ما يقرب من عام ونصف العام من حرب دامية لا تزال مستمرة.

"مشاعر معادية"

وقال الموقع الأميركي إن أردوغان، هو الذي يقود بنفسه ومنذ سنوات "موجة المشاعر المعادية لإسرائيل في تركيا".

وأضاف أن "تركيا كانت على خلاف مع إسرائيل في الماضي خلال مواجهات سابقة مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، لكن هذه المرة كانت مختلفة".

وبحسب هاي إيتان كوهين ياناروكاك الخبير في الشؤون التركية من مركز موشي ديان في جامعة تل أبيب، فإن “أردوغان اعتقد في بداية الحرب أنها مجرد جولة أخرى من التصعيد، ولكن بعد بضعة أسابيع، أدرك أن إسرائيل تخوض حربا شاملة ضد حماس”.

ثم بدأ أردوغان -المتأثر بشدة بأيديولوجية الإخوان المسلمين التي تتبعها حماس- في اتخاذ خطوات تسببت في تدهور العلاقات مع إسرائيل، وفق تعبير “كوهين ياناروكاك”.

وقال الموقع الأميركي: "في واحدة من أحدث التطورات الدراماتيكية، أدى سقوط نظام الأسد إلى وضع استقلالية التنظيمات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة (وإسرائيل) في سوريا موضع شك، مع تهديد الثوار الإسلاميين المدعومين من تركيا لها".

وأفاد بأن إسرائيل حافظت على علاقات سرية مع الأكراد على مر السنين، حيث تراهم حليفا محتملا ضد أعداء مشتركين.

وأضاف أن تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في سوريا، التي تشترك بحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 ولسنوات، كانت تلك الحدود واحدة من أهدأ المناطق لإسرائيل، أما الآن، مع اقتراب تركيا جغرافيا، فقد ينقطع هذا الهدوء.

بدورها، قالت إفرات أفيف خبيرة الشؤون التركية في جامعة بار إيلان ومركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجية، إن "هناك احتمالا لمواجهة عسكرية مستقبلية بين إسرائيل وتركيا، وهذا أمر غير مسبوق، مثله مثل جميع الأحداث التي شهدتها المنطقة أخيرا".

وكانت العلاقات بين إسرائيل وتركيا متوترة لأكثر من عقد من الزمان، على الرغم من أنهما حافظا على التعاون الدبلوماسي والتجاري خلال عدة أزمات.

والآن، أصبحت تركيا على عتبة إسرائيل، ومع وجود علاقات غير ودية، فإن التوترات بشأن سوريا قد تتفاقم.

الطريق لقطع العلاقات

وعلى مدى السنوات الماضية، تبادل أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحات حادة، بعد أن كانت العلاقات المشتركة قوية وودية.

ولطالما كان أردوغان ناقدا صريحا لإسرائيل ومدافعا عن الفلسطينيين، ووصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها في عام 2010 عندما انتهت محاولة أسطول مدني تركي لكسر الحصار عن غزة بمواجهة مع القوات الإسرائيلية واستشهاد 10 مواطنين أتراك.

وقد اتهم أردوغان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، مؤكدا أن معاملتها للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة تجعل منها دولة فصل عنصري.

وبحسب أفيف، فإن أردوغان يتعرض لضغوط داخلية كبيرة فيما يتعلق بسياساته تجاه إسرائيل.

وأضافت: "أردوغان يخشى فقدان السلطة، والمعارضة عموما تنتقد بشدة علاقاته مع إسرائيل، وبعض أفعاله وتصريحاته ضدها أتت نتيجة لهذا الضغط".

ورد نتنياهو متهما الزعيم التركي بدعم حماس ومعاداة السامية، وهي تهمة معلبة وجاهزة تطلقها إسرائيل على كل من يرفض جرائمها بحق الفلسطينيين.

ورغم تحسن العلاقات في 2017، لم يدم الود طويلا، ففي 2018، استدعى الطرفان سفراءهما إثر تصاعد التوترات بشأن غزة والقدس.

وبعد تعمق الخلاف، جرت محاولة جديدة لرأب الصدع تمثلت في زيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إلى أنقرة عام 2022.

ثم دفعت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة أردوغان إلى إعلان قطع كل العلاقات مع إسرائيل بعد أن أعلن الجانبان عن فرض حواجز تجارية متبادلة على بعضهما البعض في أبريل/نيسان 2024.

كما انضمت تركيا إلى العريضة التي قدمتها جنوب إفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية عام 2024، والتي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة. وخلال الحرب، زودت أنقرة الفلسطينيين في القطاع بأطنان من المساعدات الإنسانية.

أما السياحة -التي كانت تمثل جانبا مهما من العلاقة الثنائية- فتكاد تختفي تماما، بعد أن كانت تركيا وجهة رئيسة للإسرائيليين.

وحاليا، لا توجد رحلات مباشرة بين الجانبين، بعد أن كانت هذه الرحلات من بين الأكثر تكرارا من إسرائيل.

وقال "ذا ميديا لاين" إن "التطورات الأخيرة في سوريا، التي جعلت البلاد عرضة للمنافسة، دفعت كلا من تركيا وإسرائيل إلى نشر قوات على الأرض، كل منهما في مناطق مختلفة".

وأوضحت أفيف أن "أردوغان مصمم تماما على تحقيق مصالحه في سوريا وتعزيز نفوذه هناك، لضمان أن تكون الحكومة الجديدة تحت رعايته".

وتابعت: "يشمل ذلك استثمارات ضخمة، بما في ذلك في المناطق التي تتواجد فيها التنظيمات الكردية (شمال شرق سوريا) لجعل المجتمع السوري مواليا لتركيا، التي تسعى للقضاء تماما على طموحات الانفصال الكردية".

وفي حين لا تربط إسرائيل علاقات رسمية بالأكراد في سوريا أو تركيا، فقد حافظت على تواصل معهم كجزء من مصلحتها في موازنة النفوذ الإيراني في المنطقة، الأمر الذي أثار غضب أردوغان، بحسب الموقع الأميركي.

حرب غير مستبعدة

ووفق تقييمه، فإن أردوغان ونتنياهو غير قادرين وغير راغبين في إصلاح العلاقة خلال الفترة الحالية.

وأوضحت أفيف أنه "طالما أن أردوغان في السلطة، فلن يحدث تطور إيجابي في العلاقات، بل ستزداد سوءا، وحتى وإن جرى استبداله بنظام أقل انتقادا لإسرائيل، سيستغرق الأمر وقتا قبل أن يتراجع النقد الموجه" لتل أبيب.

وقالت: "إن المجتمع التركي سيستغرق بعض الوقت لتغيير رأيه المسمّم تجاه إسرائيل، بتقدير أن المشاعر المعادية للصهيونية في تركيا قوية للغاية".

وأفاد الموقع أن أنصار نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة دعوا إلى قطع العلاقات مع تركيا، ولكن من المرجح أن تظل قائمة دبلوماسيا.

ومن جانبه، أشار كوهين ياناروكاك إلى أن “العلاقات مع إسرائيل مهمة بالنسبة لتركيا، لأنها تمكّنها من الوصول إلى الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية”.

أما بالنسبة لإسرائيل -المحاطة بالأعداء- فهي لا تحتاج إلى عدو إضافي، وفق تعبيره.

وبيّن الموقع أن "أي مواجهة عسكرية بين تركيا وإسرائيل ستكون سابقة من نوعها، سواء كانت متعمدة أم لا".

وأكد أن "إسرائيل -التي لا تزال غارقة في الحرب وتعيش صدمة بسبب هجوم حماس المفاجئ (طوفان الأقصى)- أصبحت أقل تسامحا مع احتمال حدوث مفاجآت مماثلة على الجبهات الأخرى".

"ورغم أن مثل هذا التطور من شأنه أن يصدم المنطقة، فإنه لا يمكن استبعاده"، وفق الموقع الأميركي.

وأفاد بأن "خيار عودة وكلاء إيران إلى حدود إسرائيل، سواء في لبنان أو سوريا، أمر يستبعده نتنياهو ومسؤولون آخرون".

وختمت أفيف قائلة: “لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لإيران بالتواجد على حدودها الشمالية، حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة مع تركيا”.

وكما سمحت تركيا لنفسها بالتواجد في سوريا، فلا يمكنها أن تطالب إسرائيل بسحب قواتها من هناك، لأنها بحاجة إلى حماية مصالحها، وفق تعبيرها.