خوفا من سوريا.. هل يطلب العراق من القوات الأميركية البقاء على أراضيه؟

منذ ٥ أيام

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع أميركي أن “الحكام الإسلاميين الجدد” في سوريا يحدون من رغبة العراق في انسحاب القوات الأميركية من أراضيه خلال الفترة الحالية.

وأوضح موقع "المونيتور" أن زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى إيران، في 8 يناير/كانون الثاني 2025، هدفت إلى "مناقشة المخاوف بشأن حكام سوريا الجدد، في الوقت الذي تدرس فيه بغداد تأخير انسحاب القوات الأميركية".

وأشار إلى أن الزعيم السوري الجديد (قائد الإدارة السورية الجديدة)، أحمد الشرع، “بدأ حياته الجهادية مع تنظيم القاعدة في العراق ثم مع تنظيم الدولة في سوريا، ومن المعروف عنه أنه معاد بشدة لإيران وأيديولوجيتها الشيعية”.

وأفاد بأن "المخاوف من التأثير المحتمل على استقرار العراق تسببت في إثارة قلق كبير، حتى إن المؤسسة الأمنية العراقية طرحت فكرة أن تعيد الولايات المتحدة النظر في طبيعة وجدول زمني لسحب قواتها من بغداد".

تأجيل الانسحاب

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على القضية: إن المسؤولين الأميركيين طُلب منهم تأجيل عملية الانسحاب.

ووفقا لأحد المصادر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فقد جرى ذلك في 12 ديسمبر/كانون الأول 2024، بين رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله، وقائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسوريا، كيفن ليهي.

وأشار "يار الله" إلى القلق بشأن الحكومة الجديدة في دمشق، وعودة ظهور تنظيم الدولة.

ففي 11 يناير، ذكرت وكالة “سانا” الرسمية، أن جهاز المخابرات السورية أحبط محاولة من تنظيم الدولة لتفجير مقام السيدة زينب في محيط العاصمة دمشق، فيما أعلنت وزارة الداخلية اعتقال المتورطين.

وأوصى يار الله بأن تبقى القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد الجوية -التي تقع في محافظة الأنبار ذات الغالبية السنية والمجاورة لسوريا- بعد سبتمبر/أيلول 2025، وهو الموعد المحدد لانسحابها، بموجب اتفاق بين واشنطن وبغداد جرى التوصل إليه عام 2024.

وحينها، قال ليهي: إن أي طلب من هذا القبيل يجب أن ينقله "السوداني" رسميا، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وتحتفظ الولايات المتحدة بنحو 4 آلاف جندي في العراق وسوريا، والهدف -وفق ما هو معلن- منع عودة تنظيم الدولة، الذي هزمته قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن عام 2019.

وأجبرت ضغوط المليشيات الموالية لإيران "السوداني" على الدعوة إلى إنهاء التحالف منذ توليه منصبه عام 2022.

وتجرى مناقشة تفاصيل الانسحاب من قِبل لجنة عسكرية عليا شكلتها تلك الأطراف.

وكان من المفترض تقليص هذه القوة وإعادة نشرها في قاعدة أميركية بأربيل في الشمال الذي يسيطر عليه الأكراد والبقاء هناك حتى عام 2026.

لكن يقول المسؤولون الأميركيون والإقليميون إن الحكومة العراقية قد تقدم طلبا رسميا إلى واشنطن يدعو القوات الأميركية للبقاء في محافظات العراق الفيدرالية بعد الموعد المحدد في 25 سبتمبر.

استمرار الاتصالات

وقال مصدر مطلع على المداولات لـ "المونيتور": "إن أي تمديد محتمل يتطلب دراسة أوسع ومواءمة مع الأهداف الإستراتيجية للعراق".

وأضاف مصدر آخر أنه "في الوقت الحالي، يظل التركيز على الوفاء بشروط الاتفاق الحالي، مع الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة".

لكن مصادر إقليمية أكدت للموقع أن الأنشطة المتعلقة بالانسحاب من قاعدة "عين الأسد" تباطأت "فعليا".

وكانت عين الأسد ثاني أكبر قاعدة خلال الاحتلال الأميركي للعراق حتى إغلاقها عام 2011، بعد قرار إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الانسحاب الكامل من بغداد.

لكن أعيد فتحها عام 2014 عندما دعا العراق القوات الأميركية للعودة للمساعدة في الحرب ضد تنظيم الدولة.

وواجهت المنشأة هجمات مستمرة من التنظيم، وأخيرا من المليشيات الشيعية المدعومة من إيران.

وقال الموقع: "على الرغم من الارتفاع المقلق في أنشطة تنظيم الدولة بالعراق وسوريا، فإن مسؤولي التحالف لا يعتقدون أن التنظيم لديه القدرة على العودة إلى الظهور بما يمكنه من استعادة السيطرة في أي من البلدين".

واستدرك: “ومع ذلك، أثارت علاقات الشرع السابقة مع تنظيم الدولة تساؤلات في بغداد حول كيفية تعامله مع حوالي 11 ألف جهادي ذوي خبرة قتالية، إذا تمكنت إدارته من السيطرة عليهم”.

ويُحتجز هؤلاء في مخيمات الاعتقال التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” شمال شرقي البلاد.

وفي 26 ديسمبر 2024، التقى وفد عراقي برئاسة رئيس جهاز المخابرات الوطني، حميد الشاطري، مع حكام سوريا الجدد، بما في ذلك الشرع.

وفي اليوم التالي، صرح "السوداني" في مقابلة مع قناة العربية السعودية أن حكومته “تحترم إرادة الشعب السوري”، لكن في الخفاء، يبدو المسؤولون العراقيون أقل تفاؤلا.

إذ نقل الموقع عن أحدهم قوله: "لدينا تحفظات جدية، لكن نفضل الانتظار قبل إصدار أي حكم، وأن نرى أفعالهم بدلا من الاعتماد على أقوالهم".

خوف مبرر

بدوره، قال الباحث في جامعة شيكاغو، رمزي مارديني، إن "الخوف الحالي مبرر، وكان دائما محركا للسياسة الخارجية العراقية تجاه سوريا منذ بداية الثورة" عام 2011.

وأضاف: "سوريا كانت جزءا من توازن القوى الطائفي في المنطقة، وسقوط نظام (بشار) الأسد سيؤثر على هذا الأمر، ومن غير المحتمل أن يكون إعادة التوازن القادم في صالح العراق".

وتابع: "ليس واضحا كيف ستتطور العلاقات الثنائية مع الحكام الجدد لسوريا على المدى الطويل، في ظل نظام لا يزال غير مستقر".

واستطرد: "لكن إذا أصبحت هذه العلاقات عدائية في المستقبل ودخلت في منافسة إقليمية، فإن الخوف من تجدد التمرد في العراق سيكون له أساس منطقي، مع كون سوريا بوابة لمثل هذا التطور مرة أخرى".

وتزداد هذه المخاوف حدة بالنظر إلى أن أحد المتمردين السابقين في العراق المنتمين للقاعدة أصبح الحاكم الفعلي لسوريا الجديدة، وفق "مارديني".

وقال المونيتور: "الشرع ورجاله كانوا في حرب مع تنظيم الدولة منذ أن نبذوا علاقاتهم مع الجهادية العالمية، وركزوا جهودهم بدلا من ذلك على الإطاحة بنظام الأسد".

"وفي الوقت نفسه، سعت الجماعة (هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع) -التي أدرجتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية- إلى تصوير نفسها على أنها معتدلة وتحتضن الجميع".

وأوضح الموقع أن “التحول في التفكير العراقي بشأن الانسحاب الأميركي أكيد، ليس فقط في المخاوف بشأن تنظيم الدولة”.

ولكن أيضا في الاضطرابات الأوسع في التوازنات الإقليمية الناجمة عن عملية حركة المقاومة الإسلامية حماس ضد إسرائيل، في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويعتقد الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، حميد رضا عزيزي، أن هناك خطرين رئيسين يواجهان حكومة السوداني.

الأول هو إمكانية شن هجوم إسرائيلي على المليشيات الشيعية المدعومة من إيران والتي استهدفت المصالح الإسرائيلية دعما لحماس على مدى العام 2024.

والثاني هو عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي سيكون أكثر صرامة مع إيران.

ومن جهته، قال الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمتخصص في الشؤون العراقية، مايكل نايتس، إن "تمديد الوجود العسكري الأميركي بما يتجاوز ما هو منصوص عليه في اتفاق العام 2024 هو وسيلة لإرسال رسالة صداقة لإدارة ترامب".

وتابع: "طالما استمر وجود الولايات المتحدة في بغداد بشكل قوي، فستظل تردد “العراق مهمتنا”.

ولكن حينما يتوقف العراق عن كونه مسؤوليتها، فإنه سيتحول إلى مسؤولية إسرائيل، وفق تعبير نايتس.