مركز تركي: لهذه الأسباب إيران تمثل التحدي الأكبر أمام إدارة سوريا الجديدة

منذ ٣ أيام

12

طباعة

مشاركة

مازالت تتواصل التحليلات بشأن تغير المعادلة الإقليمية في الشرق الأوسط مع نجاح الثورة السورية والإطاحة بالوجود الإيراني من سوريا.

وفي هذا السياق، نشر مركز الدراسات الإيرانية التركي مقالا للكاتب "تشاغتاي بالجي" سلط فيه الضوء على تهديدات إيران المحتملة للأمن الداخلي للإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

مخاطر حقيقية

وقال الكاتب إن ثورة سوريا عززت النقاشات والتقييمات والمبادرات بشأن إعادة بناء البلاد، حيث تمّ التركيز على إعادة هيكلة النظام المؤسسي وضمان الوحدة السياسية والسلامة الوطنية. 

فتشمل المشاريع المطروحة مجالات واسعة مثل الهيكل الاقتصادي، والتنمية، والأمن الحدودي والنظام العام.

ومع ذلك فإن هذه العملية تواجه تهديدات قد تعيق تنفيذها، وإنّ أحد أبرز هذه التهديدات هي إيران، التي تعد فاعلا رئيسا يمكنه أن يشكل تهديدا شاملا لمستقبل سوريا وأبعاد عملية إعادة بنائها. 

فبعد الخسارة الإستراتيجية التي تعرضت لها إيران في سياق الثورة السورية، ظهر خطر تحول إستراتيجيات إيران المضادة إلى تهديدات قد تؤثر على مختلف أبعاد إعادة الإعمار في سوريا، بما في ذلك الأمن السياسي والاقتصادي.

ومن بين هذه التهديدات التي قد تشكلها إيران لمستقبل سوريا تبرز ثلاثة مجالات أساسية: الاقتصاد والبنية التحتية الحيوية وأمن المعلومات. 

فمنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 استطاعت إيران أن تحصد العديد من المكاسب الاقتصادية في البلاد، وذلك من خلال شركاتها المنتشرة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وقد منح هذا النفوذ الاقتصادي إيران قدرة كبيرة على التأثير في هيكل الاقتصاد السوري، بحيث مكنها من استخدامه كأداة للضغط السياسي والاقتصادي.

حيث تعمل إيران على توسيع دائرة نفوذها في مجالات مثل الطاقة، والصناعة الدفاعية، والإعمار، والمصارف والزراعة، وهو ما يتيح لها استخدام هذا التأثير لتحقيق أهدافها الخاصة. 

وبناءً على ذلك فمن الممكن أن يتحول هذا النفوذ إلى أداة من أدوات الحرب الاقتصادية، التي تهدد أمن سوريا المالي وتعيق عملية إعادة الإعمار التي تتطلب استقرارا ماليا وتعاونا دوليا.

وإلى جانب الاقتصاد هناك تهديدات أخرى تتعلق بالبنية التحتية الحيوية وأمن المعلومات. فمنذ عام 2011 حصلت إيران على نفوذ كبير في قطاع الاتصالات والبنية التحتية في سوريا. 

وهذه الأنشطة تمنح إيران قاعدة بيانات معلوماتية مهمة عن الأنظمة السورية، ما يسمح لها بالتخريب وتسريب المعلومات أو القيام بأنشطة أخرى قد تضر بأمن المعلومات في سوريا. 

ومع وجود الاستثمارات التي قامت بها إيران في مجال الأمن السيبراني، بات من الممكن أن تؤدي هذه الأنشطة إلى تهديدات متزايدة في المستقبل.

أمن الحدود

ويُعد أمن الحدود أحد أبرز التحديات التي تواجه سوريا في سياق تهديدات إيران لمستقبلها. فمنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا كانت الحدود العراقية - السورية نقطة إستراتيجية كان قد تم استغلالها من قبل مجموعات المليشيا المدعومة من إيران. 

وعلى إثر ذلك فقد قامت هذه المجموعات بنقل عناصرها إلى الأراضي السورية، مما أسهم في تدهور الوضع الأمني وفقدان السيطرة على الحدود بين البلدين. 

ونتج عن ذلك أن أصبحت هذه الحدود تحت سيطرة المليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى أن هذه المجموعات باتت تتعاون مع الجماعات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب. 

وكل ذلك قد حوّل الحدود العراقية - السورية إلى نقطة لتهريب السلع والممارسات غير القانونية التي أضرت بالاقتصاد والأمن في المنطقة.

لكن الوضع لم يتوقف عند هذا الحد، فالثورة السورية أدت إلى توجيه بعض من عناصر الميليشيات المدعومة من إيران والتي كانت متمركزةً في سوريا نحو العراق، وهو ما زاد من تعقيد الوضع الأمني على الحدود.

إذ لا تزال هذه المجموعات تمثل تهديدا مستمرا للسلطة السورية الجديدة لا سيما فيما يتعلق بالسيطرة على الحدود وضمان أمنها.

وهذه المليشيات لا تزال مستمرة في أن تكون مصدر تهديد حالي ومستقبلي لأمن الحدود السورية، وفي حال فشلت الحكومة السورية الجديدة في تطهير الحدود العراقية السورية من المجموعات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب والمليشيات المدعومة من إيران.

فمن المحتمل أن يستمر هذا التهديد ويشكل خطرا دائما على الأمن في المنطقة الشرقية من البلاد. 

وبذلك فإن هذا الوضع يعكس تأثير إستراتيجيات إيران المضادة على أمن سوريا واستقرارها، ويؤكد الحاجة الملحة لتنسيق الجهود المشتركة لمواجهة هذه التهديدات على الحدود.

الأمن الداخلي

ومع انتصار الثورة السورية دخلت البلاد في مرحلة انتقالية تطلّبت ضرورة إنشاء هيكل أمني يولي اهتماما بالغا للأمن الداخلي والنظام العام. 

حيث أصبح من الضروري تفكيك الجماعات المسلحة المنتشرة في البلاد، ثمّ إنشاء قوة عسكرية وأمنية وطنية قادرة على استعادة السيطرة، بالإضافة إلى القضاء على المنظمات الإرهابية التي كانت تهيمن على بعض المناطق. 

كل ذلك يجب أن يكون مع الحفاظ على وحدة المجموعات العرقية والدينية المختلفة، ومنع أي محاولات للثورات المضادة التي تهدد استقرار الدولة.

في هذا السياق وبينما كانت الحكومة السورية تسعى لتنفيذ المبادرات اللازمة لبناء مؤسسات الدولة، كان هناك تحديات جادة من قبل إيران التي كانت تسعى لعمل تأثيرات معاكسة على مسار الثورة السورية. 

حيث إن تصريحات إيران المتكررة تُظهر أن هناك تهديدا محتملا للأمن الداخلي والنظام العام في سوريا. 

وفي هذا الإطار فإن التهديد الأساسي الذي قد تطبقه إيران يتعلق بمحاولات دعم الثورات المضادة والتمرد على الحكومة الجديدة. 

وهذا التهديد يظهر في التصريحات التي صدرت عن قيادات رفيعة المستوى في إيران؛ مثل مرشد الثورة علي خامنئي وبعض ممثليه، الذين وصفوا الثورة السورية بأنها "مؤامرة" ضد مصالح إيران.

وأشاروا إلى أن الحكومة السورية الجديدة تمثل "الإرهاب" و"البلطجة"، كما أكدت التصريحات على دور الشباب السوري في التصدي لتلك "المؤامرة" المزعومة. 

وبالنظر إلى الخبرات التي اكتسبتها إيران من خلال شبكة استخباراتها وميليشياتها المنتشرة في سوريا، فإن القدرة على التلاعب في الأمن الداخلي من خلال دعم التمردات والثورات المضادة تظل مسألة ممكنة بحسب تقييم الكاتب التركي. 

حيث أشار في سياق التلاعب الإيراني في الإعلام السوري إلى حملات التضليل الإعلامي التي روجتها إيران في بداية الثورة السورية، مثل شائعة "مجزرة العلويين" التي تم ترويجها عبر منظمات إعلامية تابعة لإيران. وهذا يعكس قدرة إيران على خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في سوريا. 

في هذا السياق، كان الاحتلال الإسرائيلي لسوريا بعد الثورة عاملا آخر ساعد إيران في تعزيز إستراتيجيتها لتصعيد الفوضى، وكان ذلك من خلال تحريك خلاياها لتشكيل "حركة شعبية ضد إسرائيل" تحت مسميات أخرى.

ويشير دعم إيران المستمر للميليشيات مثل حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب إلى تهديد آخر يواجه الأمن الداخلي والنظام العام في سوريا.

وهذه الجماعات تعد من العوامل المساهمة في تهديد استقرار سوريا، حيث إن الدور الكبير الذي تقوم به إيران في دعم هذه المجموعات قدي يؤدي إلى تعقيد جهود الحكومة السورية في استعادة الأمن والنظام في البلاد.