من الدائرة المقربة منه.. شهادات جديدة فاضحة لجرائم بشار الأسد وفساده المالي

مصعب المجبل | منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

تتكشف يوما بعد يوما فضائح جديدة عن شخصية بشار الأسد بعد إطاحة المعارضة السورية بحكمه الذي دام 24 عاما، والتي لا تنحصر بكونه "دمويا" بل "عنيدا" وتحول إلى "جابي أموال" من جيوب السوريين بشكل "علني وتسلطي".

وفر بشار الأسد (59 عاما) فجر 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 إلى روسيا، ليعلن السوريون انتصار ثورتهم التي خلفت أكثر من نصف مليون قتيل، وكتبت نهاية حقبة الاستبداد التي بدأت في سوريا منذ تولي أبيه حافظ السلطة عام 1971 بانقلاب عسكري.

"شخص عنيد"

وبات السوريون يهتمون بمعرفة طبيعة "التركيبة العقلية والنفسية" لبشار الأسد من الدائرة القريبة له والتي جعلته يستبيح دماء السوريين ويحول البلاد إلى معتقلات و"مسالخ بشرية" تنفذ فيها عمليات التعذيب والإعدامات الميدانية للمعارضين.

علاوة على إعطائه أوامر مباشرة لأركان حكمه لتنفيذ حملات التطهير العرقي وتدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها واستخدام المجاعة كسلاح حرب وضرب الأهالي بالسلاح الكيماوي لمنع الثورة حينها من الانتصار.

 ووصف رئيس الوزراء في حكومة الأسد الأخيرة محمد غازي الجلالي، أن "بشار كان شخصا عنيدا بغير وجه حق ويحب دائما أن يختبئ خلف الآخرين، ويحب أن يظهر في صورة الفهمان".

وأضاف الجلالي في مقابلة تلفزيونية بثت في 9 يناير/ كانون الثاني 2025، أن بشار الأسد كان يتبنى أفكارا مسبقة حول أي موضوع، وفي حال أظهرت دراسات الحكومة أن هناك قرارات غير مفيدة للشعب ويجب إلغاؤها يُصر على تطبيقها، بل ويطلب من المسؤولين الظهور الإعلامي للتأكيد على صوابية القرارات.

وضرب الجلالي مثالا بأنه حينما كان وزيرا للاتصالات عام 2014 طرح على الحكومة وقتها إلغاء قرار يلزم السوريين بدفع رسوم لتعريف أجهزة الموبايلات القادمة من الخارج كونه يثقل جيب المواطن.

وأضاف الجلالي الذي عينه الأسد المخلوع رئيسا للحكومة في منتصف سبتمبر 2024، أنه بعد حصوله على الموافقة من مجلس الوزراء تلقى بعد شهرين اتصالا من القصر الجمهوري يخبره بأن بشار يأمره بإعادة فرض الرسوم على الموبايلات، والخروج على التلفاز الرسمي والترويج لأهمية فوائد هذه الخطوة على الاقتصاد.

"جابي أموال"

وعن جشع بشار الأسد، روى حيدرة بهجت سليمان ابن سفير سوريا السابق في الأردن والذي طرد منها إبان اندلاع الثورة عام 2011، أن الأسد تحول في الأشهر الأخيرة من حكمه إلى “جابي أموال”.

وقال حيدرة في مقابلة تلفزيونية نشرت في 10 يناير، أنه سُجن بأمر مباشر من بشار الأسد قبل سقوطه بأشهر بعد عجزه عن دفع مبلغ مالي وقدره خمسون ألف دولار شهريا كإتاوة عن شركة سياحية يملكها.

وخرج حيدرة من سجن عدرا بريف دمشق ليلة سقوط الأسد بعد فتح السجن من قبل الأهالي وفر إلى لبنان مع الفارين من ضباط وجلادين يتبعون للنظام السابق.

وحيدرة تولى عام 2011 إبان اندلاع الثورة بطلب من المخابرات تطوير ما يسمى "الجيش السوري الإلكتروني" الذي كانت مهمته تشويه سمعة المعارضين السوريين ونشر الأكاذيب عنهم بسبب مواقفهم السياسية..

أما بهجت سليمان والد حيدرة، فهو حتى وفاته عام 2021 كان من المقربين لبشار الأسد وهو امتداد لعلاقة وثيقة مع أبيه حافظ.

إذ تقلد بهجت سليمان مناصب أمنية كثيرة منها فرع التجسس (فرع 300) من عام 1985 إلى 2005 وكانت مهمة هذا الفرع مراقبة كل اتصال خارجي لأي مواطن من سوريا لدولة ثانية وتفريغه على الورق.

اللافت أن حيدرة اتهم بشار الأسد بتصفية أبيه داخل مستشفى عسكري بريف دمشق حينما أصيب بكورونا، لأنه يرى أن "بهجت أفهم منه في السياسة".

 أما محافظ حماة أحمد خالد عبد العزيز فقد خرج عن صمته الطويل وقال في لقاء تلفزيوني نشر مطلع يناير: "بشار حاقد بكل معنى الكلمة، على كل من يعارضه حتى الموت، من بشر أو حجر".

وقال عبد العزيز "المعارض لبشار كان يُعتقل ويرمى في السجن ويعذب حتى الموت، أو يترك بزنزانة دون أكل إلا من النزر اليسير ويبقى على حاله حتى يموت جوعا".

وفي 2 يوليو/تموز عام 2011 أعلن التلفزيون السوري أن بشار الأسد أصدر مرسوما يقضي بإعفاء محافظ حماة أحمد خالد عبد العزيز من مهامه عقب مظاهرات حاشدة تطالب بإسقاط الأسد شارك فيها ما يقارب نصف مليون شخص.

كما اعتراف سفير الأسد المخلوع في السعودية، أيمن سوسان، في تصريح لـ “تلفزيون سوريا” في اليوم الثاني للإطاحة بالأسد، بأن بشار الأسد كان يتزعم شبكة تهريب المخدرات من سوريا.

شهادات جديدة

وكسر كثير من أبناء المسؤولين الكبار في نظام بشار الأسد حاجز الصمت وخرج بعضهم للمرة الأولى في حياته على الإعلام ليقدم شهادات ضد بشار الأسد.

ففي أول تصريح إعلامي لجمال خدام، نجل نائب حافظ الأسد، عبد الحليم خدام، رأى أن الشعب السوري أسقط "طاغوتا مجرما".

وكشف جمال خدام في لقاء تلفزيوني في 12 يناير ، تفاصيل دقيقة بأن والده الذي انشق عن نظام الأسد عام 2005 لو لم يوافق على تعديل الدستور عام 2000 لكي يصبح بشار رئيسا لجرى اعتقاله وزجه في “سجن صيدنايا” والذي ارتكبت فيه فظائع وجرائم قتل وتعذيب بحق المعتقلين.

وكان مجلس الشعب السوري عقب وفاة حافظ الأسد في 10 يونيو/حزيران 2000، اجتمع لتعديل المادة رقم (83) من الدستور التي تنص على أن سن الرئيس يجب أن تكون 40 سنة.

وفي تصويت استغرق مدة قصيرة جدا أصبحت المادة (83) تنص على أن سن الرئيس يمكن أن تكون 34 سنة، وهي سن بشار في ذلك الوقت، وبهذا التعديل الدستوري السريع تسلم بشار الحكم وراثة عن أبيه.

وكان ينظر إلى عبد الحليم خدام الذي توفي عام 2020 على أنه خليفة محتمل لحافظ الأسد، وقد شغل منصب وزير الخارجية السورية لمدة 14 عاما قبل أن يصبح نائبا للرئيس عام 1984.

من جانبه خرج، مفلح الزعبي، نجل رئيس الوزراء السوري الأسبق محمود الزعبي في لقاء تلفزيوني في 7 يناير، وكشف أنه يملك وثائق رسمية وقال إنه مستعد لتقديمها إلى الإدارة السورية الجديدة تؤكد أن عائدات سوريا من النفط والغاز لم تكن تدخل خزينة الدولة بل تذهب مباشرة لجيب عائلة الأسد.

 ومحمود الزعبي تولى رئاسة الوزراء لمدة 13 عاما قبل أن يعلن نظام بشار الأسد المخلوع انتحاره في شقته، حيث كان تحت الإقامة الجبرية، في 21 مايو/أيار 2000، حيث رجح كثيرون أنه جرى اغتياله لتحميله عبء الفساد في الدولة.

إن فضح أفعال بشار الأسد على مدى حكمه الذي دام 24 عاما، وتقديم شهادات عن جرائمه بحق السوريين سيساهم في تدعيم المحاكمات داخل سوريا وخارجها له وأركان حكمه المتورطين بقتل السوريين وتعذيبهم. 

إذ ما يزال خبراء حقوق الإنسان متفائلين بإمكانية محاسبة الأسد ومسؤولي النظام يوما ما على جرائمهم في محكمة قانونية، ولا سيما أن الكبار منهم فروا خارج البلاد.

وبحسب بلقيس جراح، المديرة المساعدة للعدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش، فإنه على "السلطات السورية الجديدة النظر في منح الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية والتأكيد على التزامها بالعدالة والمساءلة".

وأضافت في تصريحات صحفية في 19 ديسمبر 2024: "ويتضمن ذلك التصديق على معاهدة روما ومنح المحكمة الجنائية الدولية اختصاصا رجعيا حتى يتمكن المدعي العام من النظر في الجرائم المرتكبة بسوريا".