فرصة معدومة.. لماذا أعلن محمود عباس رغبته بزيارة غزة خلال الحرب؟

3 months ago

12

طباعة

مشاركة

يتطلع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى زيارة قطاع غزة، في وقت يؤكد فيه العديد من المراقبين أن فرصة عودته إلى حكم ذلك الجيب المحاصر إسرائيليا معدومة.

وتأتي هذه الرغبة في ظل الفشل المستمر للمفاوضات غير المباشرة بين "إسرائيل" وحركة المقاومة الإسلامية حماس، لإنهاء الحرب.

وفي تقرير له، أوضح موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي أن "عباس أشار في السابق إلى نيته بأن تحكم السلطة الفلسطينية غزة بعد الحرب، ومع ذلك شكك كثيرون في أن يتمكن من ذلك".

وأفاد موقع "والا" الإسرائيلي الإخباري بأن السلطة الفلسطينية قدمت طلبا لإسرائيل لتنسق زيارة عباس إلى قطاع غزة، دون رد حتى الآن من تل أبيب.

ونقل عن مصدرين مطلعين على التفاصيل أن وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ بعث برسالة في 18 أغسطس/آب إلى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، طلب فيها تنسيق الزيارة إلى القطاع عبر الحدود الشمالية للقطاع وليس عبر معبر رفح مع مصر.

وأوضح أن الشيخ أرسل نسخة أيضا إلى الإدارة الأميركية، وحثها على أن تطلب من إسرائيل السماح بالزيارة التي أعلن عباس اعتزامه تنفيذها مع “القيادة الفلسطينية” خلال كلمة له في البرلمان التركي منتصف أغسطس.

بلا فرصة

وأضاف "والا" أن التقدير في إسرائيل هو أن عباس قدم الطلب على أمل أن يحصل على رد سلبي، وبالتالي يتمكن من مهاجمة تل أبيب لمنعه من دخول قطاع غزة.

وتابع "إذا تلقى عباس ردا إيجابيا وزار غزة، فإن ذلك سيسمح له بالإشارة إلى احتمال عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع".

ونقل موقع "ذا ميديا لاين" عن كوبي مايكل الباحث البارز في "معهد دراسات الأمن القومي" و"معهد مسجاف" الإسرائيليين، قوله إن "هذا أمر مثير للشفقة".

وتابع: "ليس فقط إسرائيل ولكن أيضا الشعب الفلسطيني لا يثق في عباس لحكم غزة؛ لأن حركة (التحرير الوطني) فتح ليست قادرة حتى على إدارة الضفة الغربية الآن".

وأضاف: “قد تحتفظ إسرائيل بوجود عسكري مؤقت في غزة لضمان عدم تشكيل حماس تهديدا بعد الآن، ولمراقبة المساعدات الإنسانية القادمة”.

لكن حكم القطاع يجب أن يكون في أيدي السلطة الفلسطينية المتجددة، مع مشاركة دولية أيضا، بحسب تقديره.

ومع ذلك، وفقا للمحاضر في جامعة بيرزيت، غسان الخطيب، فإن السلطة الفلسطينية "ليس لديها أي فرصة" لحكم قطاع غزة.

وأضاف الخطيب: "لقد عملت إسرائيل، بحكومتها الحالية، على نزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية وحماس بكل الطرق الممكنة".

وأردف: "تميل إسرائيل إلى احتلال الأراضي الفلسطينية، وبالتالي ستكون لها سيطرة عسكرية دائمة في كل من الضفة الغربية وغزة".

وعلى هذا، لن يكون هناك ما يسمى "اليوم التالي للحرب"، بل المزيد من المعاناة التي ستلحق بالفلسطينيين"، وفق الخطيب.

تصعيد العمليات

وتأتي الشكوك حول قدرة السلطة الفلسطينية على حكم غزة بعد الحرب وسط تجدد العنف وعدم اليقين السياسي.

ويشمل ذلك ارتفاعا في عنف المستوطنين بالضفة الغربية، وتجاوز عدد الشهداء في غزة 40 ألف شخص، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.

وفي غضون ذلك، أكدت حماس والجهاد الإسلامي أن هجوم 18 أغسطس 2024 الذي نفذه استشهادي فلسطيني في تل أبيب، كان واحدا فقط من عدة هجمات مخطط لها.

وجاء في البيان أن "العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل ستعود للواجهة طالما تواصلت المجازر وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات".

وكانت المفاوضات الأخيرة بالدوحة في 16 أغسطس تهدف لسد الفجوة بين حماس وإسرائيل من خلال خطة قدمتها الولايات المتحدة وقطر ومصر.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في حماس أن الحركة "ستراقب وتتابع سير جولة التفاوض وهل مسار المفاوضات جدّي من جانب الاحتلال ومجدٍ لتنفيذ الاقتراح الأخير، أم أنه استمرار للمماطلة التي يتبعها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو".

كما نقلت وكالة رويترز البريطانية عن القيادي بحماس، سامي أبو زهري، قوله إن الحركة "متمسكة بورقة الوسطاء التي قدمت إليها في 2 يوليو/تموز 2024، والتي تستند إلى قرار مجلس الأمن وخطاب الرئيس الأميركي جو بايدن، وهي جاهزة للبدء فورا بالبحث في آليات تنفيذها".

وأردف أبو زهري: "أما الذهاب إلى مفاوضات جديدة فسيسمح للاحتلال بفرض شروط جديدة وتوظيف هذه المتاهة لارتكاب مزيد من المجازر".

وأخيرا، أعرب نتنياهو، عن امتنانه للولايات المتحدة لدعمها في الدفاع الإقليمي، وجهودها لتأمين إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.

وقال: "عقدت اجتماعا جيدا ومهما مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن"، مقدرا تفهم واشنطن احتياجات إسرائيل الأمنية في الحرب المستمرة.

وأكد على أهمية إطلاق سراح "أقصى عدد من الرهائن الأحياء بالفعل، في المرحلة الأولى من الصفقة".

كما استضاف وزير الجيش يوآف غالانت، الوزير بلينكن في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب، لمناقشة التحديات الأمنية المستمرة بالشرق الأوسط.

وأكد غالانت التزام إسرائيل بمواصلة العمليات في غزة حتى تحقيق الهدفين المتمثلين في إعادة المحتجزين وتفكيك حماس.

انسداد التفاوض

بدوره، قال مايكل لموقع "ذا ميديا لاين" إن المعابر كانت "القضية الرئيسة" التي أدت إلى فشل المفاوضات.

وأشار هنا أن محور فيلادلفيا (صلاح الدين) ومعبر رفح على الحدود مع مصر "كانا قناتين رئيستين لحماس لتهريب الأسلحة عبر الأنفاق".

وأضاف الباحث الإسرائيلي أن "حماس تريد استعادة السيطرة على هذه المواقع الإستراتيجية، لكن يجب على إسرائيل ألا تسمح بذلك".

وتابع: "هناك عقبة أخرى تتعلق بعدد الرهائن، إذ إن إسرائيل تريد استعادة أكبر عدد ممكن، لكن بالطبع حماس لا تريد ذلك لأن الأسرى هم ورقة الضغط الوحيدة المتبقية لديها".

وأضاف أنه "في الوقت نفسه، تريد إسرائيل أن يكون لها حق النقض على (أسماء) سجناء فلسطينيين لإطلاق سراحهم؛ وذلك من أجل عدم السماح لهم بالعودة إلى النشاط بعد الآن، وخاصة في الضفة الغربية".

ومن جانبه، علق "الخطيب" على المآلات الأوسع للجمود المستمر في المفاوضات، قائلا: "أعتقد أن المحادثات ستظل في طريق مسدود إذا دخل القتال على الأرض نوعا من الجمود".

وواصل: "أظهرت حماس بوضوح ومنذ البداية أنه على الرغم من ارتفاع عدد القتلى، فإن هذا لن يكون عاملا حاسما لوقف أي شيء (طالما لم تلتزم إسرائيل بوقف كامل لإطلاق النار)، وبالتالي فإن هذه الهدنة (المؤقتة) لن تغير أي شيء".

وختم بالقول: “على الرغم من الدمار والقتل، فإن إسرائيل لم تحقق أهدافها الرئيسة على الأرض، والتي تتمثل في إعادة الرهائن والقضاء على حماس”.

ويعتقد أنه "حتى تُحقَّق إسرائيل هذه الأهداف المعلنة، لن يكون هناك اتفاق على الإطلاق".