وزير تونسي سابق: الحياة السياسية انعدمت في ظل حكم قيس سعيد (خاص)

السمة الأساسية لإدارة الدولة تحت قيادة قيس سعيد هي العبث والاعتباط
قال السياسي والمحامي، وزير التجارة والصناعة التونسي السابق الدكتور عبد الوهاب معطر: “إن الحياة السياسية التونسية قد انعدمت في ظل حكم قيس سعيد”. وقال بإنه يرى أن "سحابة الانهيار الاقتصادي والتراجع السياسي والانهيار الاجتماعي في تونس لا يمكن أن تزول عن البلاد إلا بزوال حكم قيس سعيد".
وتفصيليا قال السياسي التونسي: إن المحاكمات التي توجَّه ضد المعارضين في تونس كلها اتهامات ملفقة شارك في فبركتها قضاة باعوا أنفسهم للنظام المستبد.
كما عرَّج معطر على واقع الإعلام التونسي الذي يراه واقعا مضحكا قرر فيه مجموعة من المرتزقة أن ينفذوا أوامر النظام بهدف المكاسب المادية وغيرها.
كما عبر الوزير التونسي السابق عن رأيه فيما يخص بعض أخطاء المعارضة والنخب الثورية في العشرية الماضية التي تمتعت فيها تونس بشيء من الديمقراطية.
والدكتور عبد الوهاب معطر (72 عاما) هو أستاذ القانون الدستوري والعلاقات الدولية وسياسي تونسي ووزير التكوين المهني والتشغيل ثم وزير التجارة والصناعة في تونس منذ 2011 حتى 2014.

تمديد حالة الطوارئ
كيف تقرؤون دلالات الإفراج عن معتقلين سياسيين في تونس منذ أيام وهل هناك علاقة بينها وبين مطالبات أممية سبقتها بأيام بإطلاق سراح صحفيين وسياسيين؟
الإفراجات التي جرت هي إفراجات محدودة ولا تهمّ السياسيين في الواقع، تهم ذوي الحالات الخاصة لا أكثر ولا أقل، من جهة ثانية فالهدف من ورائها التنفيس عن هذا الوضع المحتقن المفضوح، ولا تدل بتاتا على إمكانية حدوث انفراجة حقيقية؛ لأن أي انفراج حقيقي يتعارض مع فلسفة أو مع عبث قيس سعيد في تعامله مع السلطة السياسية.
قيس سعيد رجل يؤمن بأن لا أحد غيره في هذه البلاد، لا يؤمن بما يسمى الهياكل الوسطية، لا يؤمن بالنخبة، لا يؤمن بالمعارضة، وبالتالي فهو عمل ويعمل على تجريف الحياة السياسية في تونس والحياة المدنية؛ ليخلو له جو التسلّط ويحكم كما يشاء، وبالتالي يجب ألا نقع في وهْم أن هذه الإفراجات الأخيرة تدل على إمكانية الانفراج السياسي، فهي فقط مناورة تنفيسية.
الحقيقة أن الاعتقالات بلغت حدودا مضحكة مبكية؛ أناس يساقون إلى المحاكمة ويُتركون في السجون دون أي ضمانات ودون محاكمات ودون احترام الإجراءات التي تكفل الحقوق الدنيا للمعتقل!
مع بداية العام الحالي قرر الرئيس قيس سعيد تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى نهاية العام لتتم بذلك عشرة أعوام.. هل ترون أن تونس كانت بحاجة إلى قرار مثل هذا؟
حالة الطوارئ مستمرة في الحقيقة منذ عام 2011، ويجرى تجديدها وبالتالي ما فعله قيس سعيد هو في الحقيقة استمرار لوضع البلاد تحت حالة الطوارئ ليستمر في عمليات القمع لكل معارض، وهذا دليل على خوفه وهلعه وبالتالي هذا إجراء يندرج في إطار عقلية القمع، عقلية الاستبداد التي يريد أن يحكم بها تونس.
قيس سعيد نفسه قبل أن يصبح رئيسا كان يقول: إن هذا القانون غير دستوري. لكن طبعا الآن هو نسخة من الطغاة والمستبدين الذين مروا على التاريخ، مستعد أن يخالف القيم من أجل بقائه في السلطة.

كيف ترون المشهد السياسي في تونس حاليا؟ وإن كان المشهد سلبيا برمّته فمن يتحمل المسؤولية؟
في تونس لا توجد سياسة، في تونس كل الحياة السياسية كانت فيما يسمى العشرية السابقة، كانت توجد أحزاب ومجتمع مدني ورأي عام وكانت هناك نقاشات وحوارات إلى غير ذلك.
اليوم نحن نعيش حالة ارتداد في المسألة الحقوقية، أصبح همّنا الأكبر- للأسف- الدفاع ومحاولة إصدار بيانات وبعض التنظيرات لمنع الظلم المسلَّط على المعتقلين السياسيين، وبالتالي في تونس يوجد تلاشٍ للمشهد السياسي فلا مجال لأن نقيّمه أصلا.
المنظومة القانونية
هل ترون المنظومة القانونية التي تنظم عمل الأحزاب في تونس تعاني أي قصور؟ ما نظرتكم لهذه المنظومة؟
الأحزاب ضرورية لكل حياة ديمقراطية ولكل حياة سياسية، للأسف الآن أحزابنا غير ناشطة وغير مؤثرة وهي مُكَمَّمة بالاستبداد وبالمرسوم 54 وبغلق المقرات وإلى غير ذلك، الأحزاب السياسية بالنسبة إلى قيس سعيد هي أجسام وسيطة بين السلطة والشعب وهو يرفض هذه الفكرة؛ فهو يرى أنه يجب القضاء على الأحزاب. وهذه نظرته.
وبالعودة إلى السؤال فالقوانين الخاصة بتنظيم الأحزاب أصلا غير مطبقة ومغيّبة وهذا التغييب جعل قيس سعيد يحقق إقصاء شديدا لهذه الأحزاب كي تعيش حالة من الرعب والهلع المستمر خوفا من التضييق والاعتقالات، فقبل مناقشة صلاحية هذه المنظومة يجب أولا الاعتراف بالأحزاب السياسية وإعادتها إلى الحياة، ثم بعد ذلك تناقش المنظومة، وتلك المنظومة القانونية في هذا الإطار لا شك تحتاج إلى النظر في مكوناتها وبنودها لكن هذا ليس إطارها الزمني السليم.
برأيكم.. كيف تؤثر التدخلات الخارجية في الوضع السياسي التونسي فيما يخص الحريات والواقع المعيشي؟
التدخلات الأممية التابعة لمنظمات دولية تتناول مسألة تونس بموجب اتفاقات أممية، مثل مجلس حقوق الإنسان أو مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وتفرعاتها. هذا من جانب، والجانب الثاني يتمثل في الدول مثل التدخل الفرنسي مثلا أو الأميركي إلى غير ذلك.
الدول عندما تتدخل في شأننا فهذا ليس حرصا علينا ولا رفقا بنا، بل لمصالح طبعا؛ هذه الدول من مصلحتها أن تكون تونس مستقرة. وتعلم أن قيس سعيد لا يمكن أن يكون مصدر هذا الاستقرار، وهذا هو ما يقلقهم، وبالتالي تتدخل من حين لآخر لضمان الاستقرار الذي تحتاج إليه. هي غير راضية وغير مطمئنة لتصرفات قيس سعيد وعبثِه بالدولة، ما سيؤدي إلى عدم استقرار، الأمر الذي سيضر بهذه الدول.
هذا بخصوص تدخل الدول؛ أما بالنسبة للتدخل الأممي والبيانات الأممية سواء بخصوص استقلال القضاء والحريات أو بخصوص الهجرة مثلا فهذه عهود دولية واتفاقات دولية وقيس سعيد في الأصل لا يلقي لها بالا.

أحزاب المعارضة
ما الذي تحتاج إليه المعارضة في تونس بالضبط حتى تأخذ مكانتها المتوقعة في الخريطة السياسية. خاصة أن السلطة تعرضت لكثير من الأزمات منذ مجيئها؟ أين تكمن أزمة المعارضة فعليا؟
المعارضة التونسية يجب أن تعلم أن الحريات تُنتزع ولا تعطَى، لذلك أرى أنه يجب علينا جميعا على الأقل أن نحاول تنظيم أنفسنا وأن تحاول المعارضة نفس الأمر. وإن كنت أعلم أن الأمر صعب في ظل وجود قيس سعيد، لكن نحاول على الأقل أن نستعيد شيئا من النظام في عملنا وتحركاتنا.
الحقيقة لدي إشكال آخر وهو أن النخبة لدينا في تونس هي نخبة متخلّفة عن الواقع الشعبي وهي نخبة لا تفقه العمل السياسي كما يجب أن يكون، وهذا شيء طبيعي؛ لأننا عشنا في عهد زين العابدين بن علي حالة تجريف سياسي شديدة.
لا يوجد تواصل فِعليّ بين السلطة والمعارضة ولا توجد تقاليد للمعاملة بين الطرفين، نحن فقط عشنا فترة قصيرة جدا في العشرية السابقة من الديمقراطية وللأسف سرعان ما اختُطفت على يد الاستبداد.
وتوجد طبعا أخطاء وقع فيها الجميع في تلك الفترة، وللأسف كانت الفترة قصيرة جدا فلم نأخذ الوقت لتدارك عيوبنا ومشاكلنا وعلاج نقاط الضعف في الأداء السياسي.
المشكلة أن قيس سعيد عندما جاء لم يحرمنا من الممارسة السياسية السليمة فقط، بل إنه دمَّر الحياة السياسية من جذورها، ودمر الدولة من خلال تفكيك المجتمع بادعاء أن تونس هي أولا وبالتالي يجب أن نقضي على الأحزاب وعلى الحياة السياسية عموما.
أنا أرى أننا اليوم في خطر ويجب علينا الدفاع عن الدولة التونسية من هذا الوباء الذي استشرى بسبب قيس سعيد.
أرى أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة تضحيات من أجل التخلص من هذا الوضع وإرجاع تونس إلى مسارها الصحيح.
لأن الخطر اليوم لا يقع على المعارضة وعلى السياسيين وعلى النخب فقط، بل الخطر الحقيقي الدائم إنما يكون على الدولة التونسية بمؤسساتها كافة، الدولة بسلطتها، الدولة بميزانيتها واقتصادها. يجب إرجاع الدولة إلى وضعها الطبيعي والتخلص من حكم الفرد هذه هي النقطة المركزية قبل أن نتحدث عن معارضة أو غيرها.
هل ترون أن الأحزاب التونسية تمارس الديمقراطية بداخلها على مستوى تصعيد القيادات والانتخابات الداخلية أم أن الحالة القمعية العامة تنعكس دائما على الجميع؟
نتكلم في هذا الأمر على تقدير ما سيكون أو ما يفترض أن يكون، فأقول إن هذا الأمر ليس خيارا، إذا أتيحت للأحزاب الفرصة للعمل من جديد وجب عليها أن تمارس الديمقراطية بداخلها أولا حتى تنعكس على المجتمع، وقد وقعت معظم الأحزاب في هذا الخطأ بشكل أو بآخر، لكن الرهان الحقيقي الآن أن تختفي دولة القمع وأن تزاح هذه الغمة الاستبدادية، ممارسة الديمقراطية لا تكون إلا في أوضاع مستقرة ومناخ مناسب.
تَردد في السنوات الأخيرة أنه من أسباب عودة القمع ومناهضة الحريات في تونس معاداة بعض القوى التي ادعت الديمقراطية لنتائج الصندوق؛ لأنها لم تأتِ بهم.. كيف ترون هذا الأمر؟
هذه كلها ظواهر أو عوارض لمرض أكبر، هناك مسألة أساسية تمثل خطأ مركزيا وقع فيه الجميع، وهي كيفية ممارسة أو كيفية إدارة الانتقال داخل الوضع الديمقراطي نفسه في العشرية السابقة، على رأس ذلك مسألة توزيع السلطة فيما يخص الناحية الدستورية كانت التقسيمة الدستورية في هذا الأمر مؤدية بطبيعتها إلى ضعف الدولة. أيضا لم يكن هناك اهتمام بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤسس لدولة قوية، كان الاهتمام فقط بالمسائل السياسية.
جانب آخر مهم وهو أننا لم نتعلم كيف ندير العدالة الانتقالية وتركنا حقيقةً العناصر أو آليات الثورة المضادة تعمل بحُرّية. وما شاهدناه من توزيع حزبي أو ممارسة حزبية للسياسة لم يكن سوى رأس جبل جليد وهذا من أهم أسباب عودة القمع والدولة البوليسية، أننا أعطينا الفرصة للثورة المضادة أن تجد في قيس سعيد ضالتها فحدث ما حدث.
القضية ليست قضية أحزاب أو معارضة، القضية أننا فتحنا الباب للثورة المضادة أن تعمل. المرحلة التي تمتعنا فيها بالديمقراطية كانت مرحلة طفولية للأسف جعلتنا خاسرين رغم أنوفنا، طبيعي أن ترتكب المعارضة أخطاء في هذه المرحلة وجاءت الثورة المضادة لتُكْمِل مشهد الخسارة والتجربة لم تأخذ الفرصة لتكتمل أصلا.
ولا أنسى هنا أن أقول إن النخبة الثورية لم تنجح أيضا في إدارة المرحلة الانتقالية وأقصد بعد هروب ابن علي، كان يجب علينا أن نبني مؤسسات وقوانين قوية تحمي الثورة ومكتسباتها بأن نخلق نوعا من التكتل التاريخي أو الجبهة الداخلية القادرة القائمة على أرض صلبة جدا جدا تخيف وتردع كلَّ من يفكر في مواجهة الثورة، لكننا للأسف ظهرنا بحالة ضعيفة على مستوى إدراك الحدث نفسه كحدث ثوري.

قضية إنستالينغو
كيف ترون الأحكام التي صدرت فيما يعرف بـ"قضية إنستالينغو"؟
من الأساس ومبدئيا هذه الاعتقالات الواقعة والمحاكمات كلها تتسم بالظلم الفاضح من أساسها، أنا مطلع على هذه الملفات بشكل شخصي، من الثابت أن هذه ملفات لا تحوي مقوّمات الفعل الإجرامي وليس فيها وقائع مادية مثبتة ومؤسَّسة على وقائع صحيحة، بل كلها وشايات واستنتاجات وملفات مختلَقة مفبركة وعلى أساسها جرى احتجاز الناس واعتقالهم وأخذهم رهائن لمدة سنوات طويلة دون احترام الإجراءات القانونية ودون احترام حقوقهم في المحاكمة العادلة، لذلك فنحن لسنا أمام محاكمات سياسية بل أمام مظالم فادحة وفاضحة.
وطبعا هذه المظالم تشمل الجميع؛ السياسيين والإعلاميين والمدونين ونشطاء المجتمع المدني والوزراء والأساتذة، وحتى بعض الوزراء الذين عملوا مع قيس سعيد وشملت أيضا نساء ورجالا وشيوخا إلى غير ذلك، بالتالي نحن أمام مظالم عامة ذات معنى كبير جدا ينطوي على حالة من الفُجْر في الخصومة. هذا بشكل عام.
إجمالي هذه الأحكام في قضية إنستالينغو هو 750 سنة سجنا!! وهي صادرة بحق 40 متهما، هذا توحش ودرجة بالغة من الظلم في الأرض، غاية في التوحش والقسوة، والقسوة هنا ليست فقط في الأحكام، القسوة في التنكيل بالمتهمين وتدميرهم نفسيا واجتماعيا، ولو كانت هناك عدالة لما بقي هؤلاء في الحجز من الأساس.
وطبعا هذه هي الخريطة التي يسير عليها قيس سعيد ظنا منه أنه بذلك يحافظ على السلطة. قيس سعيد عندما انقلب على الديمقراطية في بلادنا كان يضع أمام عينه أن فبركة الاتهامات والقضايا للمعارضين إحدى وسائله لممارسة القمع والقهر في البلاد، وقضية إنستالينغو نموذج للفبركة والظلم.
من يقرأ ملف قضية إنستالينغو فسيضحك من ضعف الفبركة ولن يجد فيها ما يؤدي إلى استنتاج ارتكاب جريمة بالأساس. لنتصور أن وضاح خنفر مثلا وهو شخص لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالقضية سوى أنه يقع ضمن تخصصاته "الإعلام" يُحكم عليه في تونس بـ 32 سنة سجنا، ومن يقرأ الحيثيات فسيضحك كثيرا. حتى الفبركة ضعيفة وتمثّل كوميديا سوداء للأسف.
هذه القضايا الهدف منها ضرب النخبة الحية الباقية في تونس، ففيها 40 شخصا ويجرى توزيع الاتهامات على المعارضين، في كل قضية عدد من الاتهامات وهكذا تُضرب النخب الحية ويخلو الجو لقيس سعيد واستبداده. الكارثة أن رجالا للقانون يدعون أنهم قضاة يشاركون في هذه المهزلة وهو ما يدعو للأسف الشديد.
وفي 5 فبراير/شباط 2025، أصدرت محكمة تونسية أحكاما قضائية مشددة بحق شخصيات سياسية، بما في ذلك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي (السجن 22 سنة) ورئيس الوزراء الأسبق هشام المشيشي (السجن 35 سنة)، بالإضافة إلى شخصيات سياسية أخرى، وصحفيين بتهمة "المساس بأمن الدولة" وهو ما عُرِف بـ"قضية إنستالينغو".
كيف تقرأ واقع الإعلام التونسي حاليا ومواكبته للواقع السياسي؟
الواقع الإعلامي التونسي الآن أردأ من أي واقع إعلامي عرفَتْه تونس في تاريخها؛ نحن أمام واقع مضحك ومبكٍ في الوقت ذاته، ما نسميه الزعانف الإعلامية التي يتولاها بعض المرتزقة من أجل "التطبيل" للنظام الاستبدادي، هؤلاء يسبون ويشتمون في كل معارض ويقبضون مقابل ذلك بحجة الوطنية مثل أي نظام مستبد.
طبعا هناك بعض الاستثناءات لا أنكر، لكن إجمالا لا يوجد مشهد إعلامي يمكننا أن نعده إعلاما بمعنى الكلمة، على جانب آخر يوجد بعض الإعلاميين المحترمين على وسائل التواصل الاجتماعي يحاولون تقديم الحقيقة، لهم التحية والتقدير، توجد مواقع ذات قيمة إعلامية لكنها للأسف قليلة وتعيش حالة من الخوف والرعب بسبب الضغط الأمني.
بؤر فساد
برأيكم ماذا وراء الامتيازات المالية والضريبية التي أقرها قانون المالية لسنة 2025 لفائدة بعض الشركات الأهلية في تونس؟
التسمية الصحيحة لهذا الأمر أنه "عملية نهب ممنهج لأموال الدولة" هذا عبث اقتصادي حتى بشهادة الخبراء في الاقتصاد، وهي محاولة من قيس سعيد لخلق طبقة أو فئة اجتماعية بامتيازات اقتصادية لتسنده وتناصره فيتكرم هو عليهم بالأموال، هو يسميها شركات أهلية، وهو يعلم أنها شركات وهمية في الحقيقة لا علاقة لها بالاقتصاد ولا بإعادة النظر في دعم الاقتصاد في تونس، بل بالعكس هي آلية من الآليات التي من خلالها يحاول قيس سعيد أن يشكل المجتمع التونسي حتى يتماشى مع النظام القاعدي الاستبدادي الذي فرضه على التونسيين.
هذه الشركات الوهمية هي بؤر فساد تعيش على ميزانية الدولة والمال العام لا أكثر ولا أقل، فلا هي تشارك في القضاء على البطالة ولا تخدم الاقتصاد التونسي ولا الإنتاج القومي للبلاد.

تونس شهدت تعيين ثلاثة رؤساء حكومات مختلفة منذ إعلان قيس سعيد التدابير الاستثنائية في يوليو 2021 ومع ذلك يظل تحسن الاقتصاد والحالة المعيشية بعيد المنال.. برأيكم ما السبيل للخروج من هذه الأزمة وما المشكلة في السياسات الاقتصادية للنظام حاليا؟
منذ 2019 السمة الأساسية لإدارة الدولة تحت قيادة قيس سعيد هي العبث والاعتباط لا أكثر ولا أقل، وبالتالي فإن هذه الحكومات وهذا التداول وهذا التغيير الوزاري والذي يصحبه تكوين لجان إلكترونية وغير ذلك.. هو عبث مطلق لم يؤدِّ إلى أي نتيجة.
الحل الوحيد هو التخلص من هذا العبث والاعتباط والجهل، ولا ننتظر أي خير مهما وقع استبدال حكومة بأخرى، ما دام أن تفكيك الدولة متواصلا بالتالي فسيتواصل الاحتقان الاجتماعي وستستمر الكارثة الاقتصادية وبكل وضوح لا حكومات ولا أشخاص ولا وزراء سيحل أزمة تونس. ليس هناك أي سبيل للخروج من هذه الأزمة إلا التخلص من قيس سعيد.