تطور نوعي.. إلى أي مدى تؤثر ضربات "بي-2" الأميركية على بنية الحوثي العسكرية؟

يوسف العلي | a month ago

12

طباعة

مشاركة

فتح استخدام الولايات المتحدة للمرة الأولى قاذفات (B-2) "بي-2 سبيريت"، في استهداف الحوثيين، باب التساؤل عن أسباب لجوء واشنطن إلى هذا النوع من السلاح، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر على البنية العسكرية للجماعة اليمنية.

في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أعلن الجيش الأميركي استهداف 5 مواقع محصنة لتخزين السلاح تحت الأرض تابعة للحوثيين في مناطق مختلفة باليمن، وذلك بغارات جوية بواسطة قاذفات (بي-2)، تستخدم لأول مرة منذ إطلاق عملياتها في منطقة البحر الأحمر.

وضمن تحالف أطلق عليه اسم "حارس الازدهار" في يناير/كانون الثاني 2024، توجه الولايات المتحدة مع بريطانيا وأكثر من 20 دولة متحالفة معهما، مئات الضربات الجوية ضد الحوثيين، لوقف دعمهم للمقاومة الفلسطينية في غزة عبر استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.

وتواصل جماعة الحوثي شن هجمات بالبحر الأحمر وبحر العرب، ضد السفن المرتبطة بإسرائيل وأميركا وبريطانيا، لدعم المقاومة الفلسطينية في غزة التي تتعرض لإبادة جماعية متواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

"رسالة تحذيرية"

وبخصوص الغرض من استخدام الولايات المتحدة قاذفات "بي-2"، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، نبيل البكيري، إن "سبب استهداف الأميركي بهذا المستوى، هو إرسال رسائل إلى الحوثيين أنه من الممكن أن تشتد الضربات ضدهم في المستقبل إذا تجاوزا الحدود".

وأوضح البكيري لـ"الاستقلال" أن "هذه الرسالة الأميركية كانت واضحة وهم فهموها سريعا، رغم حديثهم عن الرد على الاستهداف".

 وبحسب الخبير اليمني، فإن" الأميركيين لا يريدون إنهاء جماعة الحوثي بشكل نهائي، وإنما يوجهون لهم رسائل عبر ضربات نوعية الغرض منها ألا يتجاوزا الخطوط الحمراء، وبالتالي ما يحصل هو رسالة تحذيرية أكثر منها تهديد حقيقي للحوثي".

واستبعد البكيري أن تسعى الولايات المتحدة إلى إنهاء البنية العسكرية للحوثيين أو ضرب القيادة والسيطرة لهذه الجماعة، لأنهم لم يكونوا جادين طيلة هذه المدة التي كانوا يوجهون فيها إليهم الضربات.

وعما إذا كانت الضربات لها علاقة بما يحصل في المنطقة من صراع إيراني إسرائيلي، ورأى البكري أن "المعارك بين هذين الطرفين لا تزال حتى الآن ضمن قواعد الاشتباك، وبالتالي الولايات المتحدة تدرك جيدا مدى القدرات الإيرانية وردها على أي هجوم".

ولفت إلى أن "الحرب الإيرانية الإسرائيلية ليست حقيقية بقدر ما هي تدور في مساحات تحديد النفوذ وتحجيمه أو زيادته حسب قدرة كل طرف، وأعتقد أنه من خلال العمليات الإسرائيلية الأخيرة في لبنان استطاعت إسرائيل أن تحدّ كثيرا من النفوذ الإيراني".

وفي 18 أكتوبر، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في بيان، إن "القوات الأميركية نفذت ضربات دقيقة استهدفت 5 من المنشآت تحت الأرضية التابعة للحوثيين والتي تضم مكونات أسلحة مختلفة من نفس الأنواع التي استخدمها الحوثيون لاستهداف سفن مدنية وعسكرية في سائر أنحاء المنطقة".

وشدد الوزير الأميركي في بيانه على أن "استخدام قاذفات قنابل خفية بعيدة المدى من طراز بي-2 سبيريت (..) يظهر قدرات الضرب العالمية التي تتمتع بها الولايات المتحدة لأخذ إجراءات ضد هذه الأهداف عند الضرورة، في أي وقت وفي أي مكان".

"إيران المقصودة"

من جانبه، أرجع روبرت موريت الأدميرال الأميركي المتقاعد، استخدام هذه القاذفات إلى عدة أسباب أبرزها قدرتها على الوصول الى هذه الأماكن واستهدافها بدقة وبطريقة فعالة، حسبما نقلت قناة "الحرة" الأميركية في 18 أكتوبر.

ورأى موريت أنه "رغم أهمية الضربة الأميركية، لكن الحوثيين لهم مخازن أخرى يتطلب القضاء عليها، وأن البنتاغون وضعها ضمن أولوياته، وأنها حتى الآن (مواقف دفاعية) تستهدف مستودعات الذخيرة ومواقع القيادة للحوثيين، وأن استخدام هذا النوع من الطائرات فعال أكثر مقارنة بالمسيرات".

وأشار إلى أن لجوء الحوثيين إلى خزن الأسلحة تحت الأرض دليل على أن هذه المخازن تحتوي على صواريخ باليستية، وأخرى "مجنحة" وطائرات مسيرة بأنواعها المختلفة، وأن الولايات المتحدة تمكنت من تدمير العديد منها قبل استخدامها من الحوثي في عملياتهم.

وادعى الأدميرال المتقاعد إلى أن “الضربات الأميركية قللت من قدرات الحوثيين ومنعتهم من تنفيذ المزيد من العمليات باستخدام الصواريخ والمسيرات”.

وأوضح موريت أن "السبب الآخر لاستخدام الولايات المتحدة قاذفات بي-2، هو تعزيز ودعم قدرات الجيش الأميركي في المنطقة والذين يقدر عددهم بنحو خمسين ألف جندي".

وخلص إلى أن "استخدام هذه الطائرات هو رسالة إلى إيران بأن الولايات المتحدة لديها القدرات وستستعمل ما تملكه من أسلحة للوقوف إلى جانب حلفائها".

في 17 أكتوبر، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، أن الولايات المتحدة وبريطانيا شنتا 15 غارة جوية على العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة شمال اليمن.

وأفادت قناة "المسيرة" الفضائية الناطقة باسم الجماعة عبر تلغرام بـ"عدوان أميركي بريطاني يستهدف بـ6 غارات مناطق التلفزيون والحفاء وجربان شمال وجنوب العاصمة (صنعاء)".

وأضافت أن "طيران العدوان الأميركي البريطاني 9 غارات على منطقتي كهلان والعبلا شرقي محافظة صعدة (شمال)".

وتوعد نائب رئيس الهيئة الإعلامية للجماعة، نصر الدين عامر، عبر منصة "إكس" في 18 أكتوبر، الولايات المتحدة بأنها "ستدفع ثمن عدوانها"، مؤكدا: "موقفنا مع غزة ولبنان لن يتزحزح".

"قاذفات شبحية"

وتحتل القاذفة "بي-2 سبيرت" مكانة بارزة بين الطائرات العسكرية، فمميزاتها تجعلها تقريبا غير مرئية للرادار، وتعد أيضا الأغلى في العالم، لتبلغ قيمتها أكثر من ملياري دولار.

وبحسب شبكة "سي إن إن" في 17 أكتوبر، فإنه "خلال الحرب الباردة (1962–1979)، صمم الجناح الطائر لحمل الأسلحة النووية واختراق الدفاعات الجوية السوفيتية. ولكن، لم يتم إطلاق أي طائرة حربية، من هذا الطراز داخل المجال الجوي الروسي، بعد سقوط جدار برلين في هذه الحرب".

وجرى تسليم أول طائرة من طراز "بي- 2" في عام 1993 إلى قاعدة "وايتمان" للقوات الجوية في ولاية ميزوري. وفي عام 1999، تم استخدامها لأول مرة أثناء حرب "كوسوفو".

وتعد أحد أكثر الطائرات تطورا؛ إذ تستطيع "بي-2" الوصول إلى أي مكان في العالم، والتزود بالوقود جوا، والعودة إلى قاعدتها. ليس ذلك فحسب، وإنما لم تخسر هذه الطائرة في أي حرب.

تعد فكرة الجناح الطائر (بي-2)، وهو تصميم من دون جسم الطائرة وذيلها، من أوائل الأفكار في قطاع السفر، إذ برزت قبل الحرب العالمية الأولى في ألمانيا والاتحاد السوفيتي، وفقا للشبكة الأميركية.

وكان هذا النوع من التصميم رائدا في الولايات المتحدة من قبل المصمم الصناعي، جاك نورثروب، الذي أصدر أولى نماذج تصميم الجناح الطائر، في عام 1940.

وتعد الطائرة الحربية، من طراز "بي-2"، واحدة من ثلاث قاذفات تعمل حاليا في القوات الجوية المسلحة، إلى جانب "بي-1"، التي طارت لأول مرة في عام 1974، والطائرة العملاقة "بي-52"، وهي طائرة أسطورية من خمسينيات القرن العشرين، يجرى تحديثها باستمرار منذ ذلك الوقت.

وخلافا للطائرات الأخرى، لا يتألف تصميم الجناح الطائر (بي-2) من أي أشكال رأسية كبيرة، مثل الذيل، لكي ترتد موجات الرادار. 

ليس ذلك فحسب، وإنما تم تصميم سطح الطائرة الأملس لتشتيت موجات الرادار، مما يجعل الطائرة تبدو صغيرة مثل الطيور.

واستغرقت مهمات (بي-2) ما يصل إلى 44 ساعة متواصلة، إذ انطلقت في عام 2001، في رحلة جوية من ولاية ميزوري إلى أفغانستان. 

ولهذا السبب، بحسب معلومات "سي إن إن" توجد مساحة خلف قمرة القيادة، كانت قد خصصت لاستراحة الطيارين، إضافة إلى وجود مرافق لتخزين وتسخين الطعام، وكذلك مرحاض.

وتعد "بي 2" بتصميمها الفريد الذي يأخذ شكل جناحي خفاش، قاذفة قنابل متعددة الأدوار قادرة على إيصال الذخائر التقليدية والنووية، فضلا عن توجيه قوة نارية هائلة، في وقت قصير، إلى أي مكان في العالم.

وتتمتع (بي-2) بمدى هائل يصل إلى 6000 ميل بحري (حوالي 9600 كيلومتر) دون الحاجة إلى التزود بالوقود، مما يمكنها من تنفيذ مهام عابرة للقارات.

وتتميز الجناح الطائر أيضا بقدرتها على حمل ما يصل إلى 18.144 كيلوغرام من الذخائر، كما أنها مزودة بأربعة محركات قوية توفر لها القدرة على التحليق بسرعات عالية تحت سرعة الصوت والوصول إلى ارتفاع يصل إلى 15.240 متر.