إندونيسيا تجدد عرض استقبال جرحى من غزة.. هل تشارك بتهجيرهم؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

عاد العرض الإندونيسي لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة إلى الواجهة بعد تجديد جاكرتا الحديث عن هذا المقترح الجدلي، وسط تساؤلات عن مدى ارتباط الخطوة بخطة التهجير الإسرائيلية للفلسطينيين.

 وسلّطت صحيفة "تاز" الألمانية الضوء على النقاش المتجدد بشأن المقترح الإندونيسي وشروط جاكرتا لاستقبال الفلسطينيين ومدى ارتباط الأمر بالموافقة الإسرائيلية من عدمها.

ففي 7 أغسطس/ آب 2025، جدد المتحدث باسم الحكومة الإندونيسية، حسن نصبي، هذا العرض، مشيرا إلى أن الرئيس برابوو سوبيانتو رفع العدد إلى ألفي شخص.

وأوضح نصبي أن سوبيانتو طالب خلال جلسة مجلس الوزراء بتسريع التحضيرات لاستقبال هذا العدد على أن يكون معظمهم من الأطفال الجرحى والمصابين مع ذويهم.

وكان سوبيانتو عرض للمرة الأولى، وقبيل جولة له في الشرق الأوسط في أبريل/ نيسان 2025، استقبال نحو ألف من ضحايا الحرب في قطاع غزة، من بينهم جرحى وأيتام ومصابون بصدمات نفسية، لتلقي العلاج الطبي في الدولة الآسيوية.

ووضع سوبيانتو حينها شرطا أساسيا، وهو موافقة السلطات الفلسطينية برئاسة محمود عباس والدول المجاورة مثل مصر والأردن، إضافة إلى جامعة الدول العربية، دون الإشارة إلى الحاجة لرأي إسرائيل.

استضافة مؤقتة 

وقال نصبي: "الخطة تقضي بإنشاء مركز علاجي في جزيرة غالانغ، التي تضم مستشفى ومرافق دعم أخرى، يمكنها استيعاب وعلاج ألفي شخص من غزة، إلى جانب توفير أماكن إقامة لأفراد أسرهم المرافقين".

وتقع جزيرة غالانغ الصغيرة في مقاطعة جزر رياو، شرق جزيرة سومطرة، على بعد نحو 80 كيلومترا جنوب سنغافورة.

وقد شهدت الجزيرة في عام 1945 احتجاز جنود يابانيين جرى تسريحهم، كما استضافت بين عامي 1979 و1996 أكثر من 250 ألف لاجئ من مناطق جنوب شرق آسيا، فيما عرف بـ "اللاجئين القادمين عبر القوارب"، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة.

كما "طُرحت لاحقا خطط لإنشاء مخيم لاستقبال لاجئي الروهينغا الفارين من ميانمار وبنغلاديش، لكنها لم تُنفذ".

وفي عام 2020، أنشئ مستشفى على الجزيرة لعلاج المصابين بفيروس كورونا، حيث استقبل 7,200 مريض قبل أن يغلق في عام 2021. 

وبحسب الصحيفة الألمانية، أكد نصبي أن الاستضافة ستكون مؤقتة، ونفى أن تكون بمثابة عملية إعادة توطين.

ووفقا لـ "أرماناثا ناصر" نائب وزير الخارجية الإندونيسي، تعمل الحكومة على تحديد مواقع أخرى لاستضافة وعلاج الجرحى الفلسطينيين القادمين من غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه "رغم أن البلاد لا تُعد رسميا دولة إسلامية فإنها تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم".

وأفادت بأنه "في سياق الصراع في غزة، تتفق جميع الأطياف السياسية في إندونيسيا على دعم القضية الفلسطينية، مع تبني الحكومة لحل الدولتين".

تعاون عسكري

وأوضحت الصحيفة الألمانية أن إندونيسيا لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتربط أي اعتراف رسمي بها بإبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين. 

ومع ذلك، شهدت السنوات الماضية بعض أشكال التعاون بين الجيشين الإسرائيلي والإندونيسي، إلى جانب وجود حركة سياحية متبادلة بين الجانبين.

ورأت "تاز" أن "تعاطف الشعب الإندونيسي مع الفلسطينيين يعكس تبني روايات معادية للسامية تتداول دون تمحيص"، وفق زعمها.

كما ذكرت أنه "يُنظر إلى الأعمال المسلحة لحركة (المقاومة الإسلامية) حماس على أنها امتداد للنضال ضد الاستعمار، وهو ما يجعلها تلقى تعاطفا شعبيا واسعا".

في الأثناء، أيدت الحكومة الإندونيسية، في نهاية يوليو/ تموز 2025، "إعلان نيويورك" الذي صاغته فرنسا والسعودية وسانده الاتحاد الأوروبي والذي تضمن انتقادا للعمليات الإسرائيلية.

وفي الوقت نفسه تضمن الإعلان دعوة صريحة لإنهاء سيطرة حركة حماس على غزة، مع إدانة واضحة لهجماتها واحتجازها للأسرى الإسرائيليين.

عقب ذلك، وتحديدا في 3 أغسطس آب 2025، خرج عشرات الآلاف في تظاهرة بوسط جاكرتا احتجاجا على العدوان الإسرائيلي، مطالبين مصر بفتح معبر رفح أمام غزة.

وذكرت الصحيفة أن "وزير الخارجية الإندونيسي سو يونو، المقرب من الرئيس برابوو، كان من بين المتحدثين في التظاهرة".

ومن أبرز مظاهر التزام جاكرتا الإنساني تجاه الفلسطينيين إنشاؤها المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال القطاع.

وقد افتتحه في يناير/ كانون الثاني 2016 نائب الرئيس الإندونيسي آنذاك يوسف كالا، قبل أن تستولي عليه قوات الاحتلال في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 وتستخدمه مؤقتا كقاعدة عسكرية.

أصوات تحذيرية 

على الصعيد الداخلي، لفتت الصحيفة إلى أنه "رغم أهمية القضية الفلسطينية لدى العديد من الإندونيسيين، فهناك تحذيرات متزايدة، خصوصا من ممثلي المؤسسات الإسلامية، من تبعات خطة الإجلاء الإنساني في ظل الحديث عن خطط إسرائيلية لضم غزة".

وقال أنور عباس، القيادي في ثاني أكبر جمعية إسلامية معتدلة في إندونيسيا (المحمدية) ونائب رئيس مجلس العلماء: من المؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب "سيكونان سعداء" إذا نقلت إندونيسيا المصابين الفلسطينيين من غزة لتلقي العلاج.

وتابع متسائلا: "لكن، هل ستقبل إسرائيل والولايات المتحدة بعودتهم إلى غزة بعد شفائهم؟".

وأضاف: “ماذا لو لم يرغب المتعافون بالعودة إلى غزة؟” مشددا على أنه "من الأفضل تقديم العلاج لهم داخل القطاع أو في المناطق المجاورة مباشرة".

من جانبه، قال أوليه سوليه النائب البرلماني من حزب الصحوة الوطنية الإسلامي: إن "إجلاء سكان غزة قد يعطي انطباعا بأن إندونيسيا توافق ضمنيا على رغبة إسرائيل في الاستيلاء على كامل الأراضي الفلسطينية".

وأضاف: "إذا كان الأمر يتعلق بإندونيسيا التي تُخرج سكان غزة من أرضهم، فإن ذلك يعادل موافقة جاكرتا على رغبة إسرائيل في الاستحواذ على كامل الأراضي الفلسطينية".

كما حذر النائب المعارض توباغوس حسن الدين من أن "عملية إجلاء الجرحى من غزة قد تكون فخا إسرائيليا".

وأشار إلى أن "السلطة الفلسطينية لم توافق حتى الآن على العرض الإندونيسي، وهو ما أقر به أرماناثا نائب وزير الخارجية".

في المقابل، أوضحت الصحيفة أن العديد من السياسيين والناشطين طالبوا بضرورة حصول إندونيسيا على ضمانات واضحة من إسرائيل تضمن عودة الفلسطينيين المتعافين إلى غزة بعد تلقي العلاج".