تجارب سابقة.. هل تلجأ إيران وأذرعها لاستهداف الوجود الإسرائيلي بالخارج؟

يوسف العلي | 3 months ago

12

طباعة

مشاركة

في ظل تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، تدور تساؤلات عن مدى إمكانية عودة الأخيرة إلى استهداف التواجد الإسرائيلي في الخارج، خصوصا مع استمرار الاحتلال في توجيه ضربات إلى الداخل الإيراني، واستهداف قياداتها العسكرية في سوريا.

وفي 31 يوليو/ تموز 2024، اغتال الاحتلال الإسرائيلي، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية في مقرّ إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، بعد حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. 

وقبلها بيوم واحد فقط، أقدمت إسرائيل على اغتيال أحد أبرز قيادات حزب الله اللبناني الذراع الأبرز لإيران في المنطقة وهو، فؤاد شكر "سيد محسن" رئيس أركان الحزب، وذلك في غارة شنتها مسيّرة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية بلبنان في 30 يوليو/تموز 2024.

تدابير إسرائيلية

على وقع تهديدات إيران وحزب الله بالثأر من إسرائيل، أخذت سلطات الاحتلال تعمل على زيادة حالة التأهب في جميع السفارات الإسرائيلية والمؤسسات والجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 30 يوليو.

وأفادت القناة 14 الإسرائيلية، في 2 أغسطس/آب 2024، بأن انفجارا وقع بالقرب من سفارة إسرائيل في الهند، وأن الأجهزة الأمنية المحلية فرضت طوقا أمنيا حول المبنى، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وفي 5 أغسطس/آب 2024، كشفت هيئة البث العبرية عن تخوفات إسرائيلية من إقدام إيران على استهداف مسؤولين إسرائيليين في الخارج، إذ طلبت وزارة خارجية الاحتلال من ممثليها في الخارج أخذ الحيطة وتوخي الحذر.

وقالت الهيئة: "وزارة المواصلات وضعت خطة بالتعاون مع وزارة الخارجية لتشغيل منظومة للنقل الجماعي البحري والجوي لإعادة مسافرين إسرائيليين من خارج البلاد في حال استفحال الأوضاع الأمنية وإقدام شركات طيران أجنبية على إلغاء رحلات الطيران الى إسرائيل".

وأشارت هيئة البث إلى أنه "إذا لزم الأمر فستتم الاستعانة بطائرات عسكرية".

وكانت القناة 12 الإسرائيلية قدرت، في 4 أغسطس، أعداد المسافرين العالقين في الخارج بأكثر من 150 ألفا، إذ أعلن العديد من شركات الطيران الأجنبية تعليق رحلاتها من وإلى مطار بن غوريون في تل أبيب.

وجاء الإعلان وسط توقعات بتصعيد الهجمات المتبادلة بين إيران و"حزب الله" من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، بعد اغتيال تل أبيب القيادي البارز بالحزب فؤاد شكر، واتهام حركة حماس وإيران لها باغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران.

ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها رسميا عن اغتيال هنية، لكنها أكدت أنها وراء استهداف القيادي بحزب الله اللبناني، فؤاد شكر، بضربة بالضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.

هجمات سابقة

احتمال استهداف التواجد الإسرائيلي في الخارج يعد أمرا قائما، كما يعتقد الباحث والمعارض الإيراني، يوسف عزيزي، والذي أكد أن النظام في إيران لن يدخل في حرب مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

وأوضح عزيزي في حديثه مع "الاستقلال" أن "إيران ستكتفي بالتهديدات، لكن من الممكن أن تنفذ ضربة لإسرائيل، وشن هجمات في الخليج أو دول أخرى، سواء عن طريق الحرس الثوري أو عبر أذرعها في المنطقة".

وفي 13 يوليو /تموز 2024، جدد مكتب الرئيس الأرجنتيني، خافيير ميلي، اتهاماته لإيران بالوقوف وراء هجومين استهدفا مواقع يهودية في البلاد، وذلك بالتزامن مع الذكرى الثلاثين لتفجير مبنى الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية (آميا) في بوينس آيرس عام 1994.

ووقع تفجير (آميا) في 18 يوليو/تموز 1994، وأسفر عن مقتل 85 شخصا وإصابة 300 آخرين، بعد عامين من هجوم استهدف السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية عام 1992، قتل فيه أكثر من 20 شخصا وجرح 32، واتهم القضاء الأرجنتيني "حزب الله" اللبناني بتنفيذ الهجومين.

وفي 24 أبريل/نيسان 2024، أعلنت الأرجنتين، أنها طلبت من "الإنتربول" توقيف وزير الداخلية الإيراني العميد أحمد وحيدي بتهمة ضلوعه في التفجير الذي استهدف مركزا يهوديا في بوينس آيرس عام 1994.

وقالت وزارة الداخلية الأرجنتينية إن وحيدي ضمن وفد إيراني زار باكستان وسريلانكا أخيرا، وقد أصدر "الإنتربول"، بناء على طلب الأرجنتين، "نشرة حمراء" بحقه، مضيفةً أنها طلبت أيضا من حكومتي البلدين توقيف الوزير الإيراني وتسليمها إياه.

وفي السياق ذاته، قالت وزارة الخارجية الأرجنتينية، في بيان، إن "أحد هؤلاء المطلوبين، هو أحمد وحيدي، المطلوب من قبل العدالة الأرجنتينية بصفته أحد المسؤولين عن الهجوم على مركز آميا". 

وحين وقع اعتداء بوينس آيرس، كان وحيدي قائدا لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، فيما عُين عام 2021 وزيرا للداخلية بعد أن شغل سابقا منصب وزير الدفاع.

وتوجد في الأرجنتين أكبر جالية يهودية بأميركا اللاتينية يبلغ تعداد أفرادها نحو 300 ألف شخص. كما يعد هذا البلد موطنا لمجتمعات مهاجرين من الشرق الأوسط، خصوصا من سوريا ولبنان.

وفي 12 أبريل/نيسان 2024، حملت محكمة أرجنتينية إيران المسؤولية عن هجومين دمويين استهدفا، قبل 3 عقود، الجالية اليهودية في البلاد.

وقال كارلوس ماهيكيس أحد القضاة الثلاثة الذين أصدروا القرار، لراديو "كون فوس"، "حزب الله نفذ عملية استجابة لمخطط سياسي وأيديولوجي وثوري بتفويض من حكومة إحدى الدول"، في إشارة إلى إيران.

وجاء الهجوم عل الوجود الإسرائيلي في الأرجنتين، ردا على اغتيال عباس الموسوي في 16 فبراير/شباط 1992 بقصف مروحيات إسرائيلية لموكبه، بعد ساعات من كلمة ألقاها في ذكرى مقتل راغب حرب، أحد مؤسسي "حزب الله" الذين قتلوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.

تكهنات إسرائيلية

بالتزامن مع ارتفاع حالة التأهب الإسرائيلية، اقترح عدد من كبار المسؤولين في جيش الاحتلال خلال مناقشات جرى جزء منها مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، المبادرة إلى هجوم استباقي ضد حزب الله، لكنه لم يتم تبني المقترح، حسبما ذكرت القناة "13 العبرية" في 6 أغسطس.

أما المحلل العسكري عاموس هارئيل، فقد رأى خلال مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية في 6 أغسطس، أن الرد الإيراني المحتمل قد يكون بقوة الهجوم الذي شنته في أبريل 2024، لكنه رأى أن التهديد الذي يشكّله حزب الله أكبر، ذلك أنه عازم على الانتقام لاغتيال القيادي فؤاد شكر.

كما يرى أن هجوما من الأراضي اللبنانية قد يكون موجها نحو أهداف عسكرية وإستراتيجية في الشمال والمنطقة الوسطى، ويشمل إطلاقا مكثفا للنار من خلال الصواريخ والمسيّرات على نحو لم تواجهه إسرائيل من قبل.

وعن عده تهديد حزب الله أخطر من التهديد الإيراني، أوضح أنه بسبب عدد الصواريخ التي بحوزته، بما في ذلك عدد كبير من الصواريخ الدقيقة، بالإضافة إلى المسافة القصيرة نسبيا مع إسرائيل.

وأشار الكاتب إلى وجود جهوزية عالية جدا، خاصة في منظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية وأسراب الطائرات المقاتلة التي ستساعد في اعتراض المسيّرات. كما تحدث عن تعزيز الأمن والحراسة حول شخصيات إسرائيلية كبيرة، إذ قد تحاول إيران وحزب الله استهداف مثل هذه الشخصيات.

من جهته، كتب محلل الشؤون العسكرية رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، في 6 أغسطس، قائلا: إن "إيران تنوي الشروع بمعركة تستمر لأيام عدة ولكنها ستكون محدودة ومحسوبة، بحيث ستسعى لعدم التسبب بخسائر فادحة أو دمار كبير في الجبهة الإسرائيلية الداخلية والبنية التحتية المدنية، من أجل عدم التسبب برد إسرائيلي مدمّر".

ورأى الكاتب أن "وقوف الولايات المتحدة والائتلاف الدولي إلى جانب إسرائيل سيكون رادعاً لإيران، مشيرا إلى أن "إيران دولة ضعيفة، والنظام فيها يخشى من فقدان الاستقرار في أوساط المجتمع الإيراني".

وأضاف أنه "في حال توجيه ضربة شديدة ومدمّرة للجبهة الإسرائيلية، فإن تل أبيب لن تحتاج لبذل مجهود كبير، ولا حتى لمساعدة من قبل الولايات المتحدة، من أجل ضرب 30 بالمئة من الصناعات النفطية الإيرانية على الأقل، كما لن تجد صعوبة في ضرب سدود المياه في إيران".

ولفت الكاتب إلى أن "الموانئ في إيران معرّضة على نحو أكبر للإصابة من ميناء حيفا أو أسدود"، مشيرا إلى أن "المنشآت النووية الإيرانية لا تتواجد جميعها تحت الأرض، وكذلك منشآت الصناعات العسكرية، بما في ذلك مصانع المُسيّرات، وعليه فإن إسرائيل لن تجد صعوبة في التسبب بأضرار كبيرة لإيران".

وفي 31 يوليو، أكد المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، أن الانتقام لدم رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية "من واجباتنا لأن الاغتيال وقع على أراضينا".

وعلى الصعيد ذاته، قال أمين عام "حزب الله"، اللبناني، حسن نصر الله، في الأول من أغسطس 2024، إن على إسرائيل أن تنتظر "الردّ الآتي حتما" بعد اغتيالها القيادي العسكري البارز فؤاد شكر المسؤول عن إدارة عمليات الحزب في جنوب لبنان.