بعد الانتخابات.. ماذا يتغير في السياسة الخارجية الأميركية تجاه تركيا؟

15 days ago

12

طباعة

مشاركة

يتبع المرشحان الرئاسيان للانتخابات الأميركية الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب، نهجا مختلفا بشأن تركيا، الحليف الأبرز في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وتقول صحيفة إندبندنت البريطانية بنسختها التركية إن سياسات الجمهوريين تركز على الأمن وتحقيق التوازن الإقليمي ضد إيران، ما يجعلهم ينظرون إلى تركيا كحليف إستراتيجي مهم. 

وفي المقابل يفضل الديمقراطيون السياسات التي تدعم التوازن عبر دعم التشكيلات الكردية، مما يقلل من دور تركيا في المنطقة، وفق ما يقول الكاتب التركي "دنيز كاراكولوكجو".

إستراتيجيات الحزبين

واستدرك: يرى الجمهوريون أن تركيا تمثل قوة توازن حيوية أمام النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، في حين يسعى الديمقراطيون إلى تقليل هذا الدور عبر تقوية حلفائهم الأكراد. 

وهذا التوجه يعكس اختلافا جذريا في طريقة تعامل الحزبين مع المنطقة، حيث يركز الجمهوريون على التحالفات الأمنية بينما يميل الديمقراطيون إلى إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والسياسات الليبرالية.

وأضاف الكاتب: يعد الجمهوريون الصين تهديدا عالميا رئيسا، ويعملون على بناء شبكة تحالفات للحد من نفوذها. 

كما يسعون لنقل الشركات الأميركية من الصين إلى دول بديلة مثل تركيا، التي تتمتع بموقع إستراتيجي قريب من أوروبا وبنية تحتية قوية. 

لكنّ هذه السياسة قد تؤثر سلبا على علاقات تركيا الاقتصادية مع الصين، التي تعد شريكا استثماريا رئيسا لها.

أما الديمقراطيون، فيفضلون إدارة الأزمات مع الصين والتركيز على الفوائد الاقتصادية قصيرة المدى التي توفرها من خلال خفض تكاليف الإنتاج. إذ يرون في ارتباط بكين بالاقتصاد العالمي عنصرا يسهم في تقليل التكلفة على المستهلكين.

وتشمل رؤية الولايات المتحدة أيضا تقليل دور بكين في "الممر الأوسط" الذي يربط آسيا الوسطى بأوروبا، وتشارك فيه الصين وروسيا إلى جانب تركيا. 

ويرى الجمهوريون أن وجود الصين في هذا المشروع يقوّض ميزة تركيا التنافسية في العمالة. 

وتابع الكاتب التركي: تتمتع اليونان في بحر إيجه بتفوق جوي على تركيا بعد تحديث طائراتها من نوع إف 16 وشراء مقاتلات "رافال" من فرنسا. 

من جهةٍ أخرى يرى الجمهوريون تركيا حليفا رئيسا ضد إيران، يرون أن قرار الديمقراطيين إخراجها من مشروع إف 35 كان خطأ إستراتيجيا. 

وبناء على ذلك يسعى الجمهوريون إلى تمكين تركيا عسكريا، ويرغبون في أن تكون قادرة على الردع. 

وفي إطار توازن القوى بين تركيا واليونان، قد يحرص الجمهوريون على تقليل الفجوة العسكرية خاصة في القوة الجوية، التي تصب حاليا في صالح اليونان.

بينما في شرق المتوسط تركز كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على حل الأزمة في غزة وضمان تدفق الغاز بانتظام. 

إذ تتجاوز مصالح الاتحاد الأوروبي في شرق المتوسط مصالح الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يجعل تأثير المنطقة على تركيا أكبر، وفق الكاتب. 

وقد أشارت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في نهاية ولايتها إلى ضرورة مراعاة المخاوف التركية في شرق المتوسط. 

وتماشيا مع هذا النهج، حاولت ألمانيا الحفاظ على الصراع في المنطقة بلا حل، وذلك نظرا لقربها الجغرافي من روسيا واعتمادها على الطاقة الروسية، وهو الأمر الذي دفعها لاتخاذ مواقف قد تثير رد فعل تركيا.

التغيرات المحتملة

واستدرك الكاتب التركي: يتبنى الجمهوريون والديمقراطيون مقاربات مختلفة تجاه الحرب الأوكرانية؛ حيث يرى ترامب أن بإمكانه حل الأزمة عبر علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

بينما يتفق كلا الحزبين على أن الخلاف سيتحول إلى "نزاع مجمد" يمنع روسيا من السيطرة على كييف مع استمرار العقوبات. 

ويتوقع الجمهوريون أن يتعرض بوتين للضعف داخليا، مما قد يسمح لأوكرانيا باستعادة بعض أراضيها، فيما يدرك الديمقراطيون التكاليف المتزايدة للضغط العسكري ويميلون نحو إنهاء النزاع. 

وأشار الكاتب إلى أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو قد يؤدي إلى تمركز الأسطول الأميركي في القرم، مما يجعل وجود تركيا في البحر الأسود ضرورة إستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع ضعف قدرات رومانيا وبلغاريا في مواجهة روسيا.

ونوه إلى العلاقات الدولية والسياسات الخارجية لأميركا تجاه إسرائيل وتركيا وإيران وسوريا، مع التركيز على الفروق بين الجمهوريين والديمقراطيين. 

فالجمهوريون يسعون لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، بينما يدعم الديمقراطيون حل الدولتين، وفق تقدير الكاتب. 

بالإضافة إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين يتفقون على تبني سياسة الانفتاح على دول الخليج. 

وهناك احتمال لتطبيع العلاقات بين الخليج (في إشارة إلى السعودية بعد الإمارات والبحرين) وإسرائيل، مما قد يترك تركيا خارج هذا التقارب أو يجعلها جزءا منه.

وبالنسبة لإيران، يسعى الديمقراطيون لإعادة فتحها على الغرب وتخفيف العقوبات، بينما يريد الجمهوريون القضاء على التوسع الإيراني، وفق الكاتب.

وبين أن "هذا الاختلاف قد يجعل تركيا شريكا أكثر أهمية للولايات المتحدة في حال اتباع الجمهوريين إستراتيجية صارمة تجاه إيران".

وأضاف: تسعى الولايات المتحدة لجذب أرمينيا إلى التحالف الغربي، مما قد يفيد تركيا في حال قبولها لاتفاق سلام. 

فتركيا قد تصبح الجار الوحيد الذي يمكن لأرمينيا أن تنفتح عليه نحو الغرب، وفق الكاتب.

من ناحية أخرى، قد يتحدد موقف الإدارة الأميركية الجديدة في سوريا بناءً على إذا ما كان النظام برئاسة بشار الأسد سيقترب أكثر من إيران أو روسيا.

والسؤال الأساسي هنا هو ما إذا كان الأسد سيستمر في الاحتفاظ بالمليشيات الشيعية في سوريا. 

وبين الكاتب أن المليشيات الشيعية التي استقرت غرب الفرات نتيجة سياسة الأسد للتمرد أصبحت الآن خارج سيطرة دمشق.

لذلك، ستعتمد سياسة الجمهوريين تجاه دمشق على مدى قدرة الأسد على عزل نفسه عن إيران.

وبسبب صدمات فترة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، يفضل الديمقراطيون الوضع الراهن في الشرق الأوسط ولا يريدون تغييرات جذرية. 

أما بالنسبة لسوريا، فسيظلون صامتين تجاه الهجمات الإسرائيلية عليها كما هو الحال الآن.

وعلق الكاتب: إذا أراد الجمهوريون أن يكونوا صارمين تجاه الأسد كما هو الحال مع إيران، فإنهم بحاجة إلى زيادة دعمهم لتركيا.

في مثل هذه الحالة، يمكن القول إن الولايات المتحدة ستكون منفتحة على عمليات تركيا بالمناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.