محور إيران يتزعزع.. هل تعصف رياح التغيير بالعراق بعد سوريا ولبنان؟
موقع أميركي أكد إمكانية حدوث تغيير للنظام السياسي في العراق
رياح التغيير العاتية التي عصفت بالمحور الإيراني في المنطقة بدءا من لبنان ثم سوريا، فتحت فتح باب التساؤل واسعا عما إذا كان العراق محطتها التالية لاقتلاع نظام سياسي موالٍ لإيران، رغم أن الولايات المتحدة هي من أنشأته بعد احتلالها البلاد عام 2003.
فخلال شهرين تلقى حزب الله اللبناني ضربات فتاكة في حربه مع الاحتلال الإسرائيلي، أدت إلى مقتل أبرز قياداته وعلى رأسهم أمينه العام السابق حسن نصر الله، ثم سقط النظام السوري خلال عشرة أيام (في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024)، أثناء عمليات عسكرية للمعارضة السورية.
وهو ما زعزع المحور الإيراني أو "محور المقاومة" وهو تحالف عسكري- سياسي مناهض للغرب وإسرائيل، تقوده إيران ويضم النظام السوري السابق، وحزب الله اللبناني، وجماعة الحوثي اليمنية، والمليشيات الشيعية العراقية، والتي تعد جزءا من الحشد الشعبي المرتبط بالحكومة.
ثلاثة سيناريوهات
وعن مدى إمكانية تعرض العراق إلى أي تغيير محتمل، تحدث المحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري عن ثلاثة سيناريوهات محتملة في هذا الصدد، أولها أن تمتثل الفصائل المسلحة وأحزابها إلى الدولة العراقية وتتخلى عن السلاح، وتفك ارتباطها بإيران.
وأضاف الشمري خلال مقابلة تلفزيونية في 10 ديسمبر 2024، أن "السيناريو الثاني هو أن يحصل التغيير عبر تنفيذ إسرائيل ضربات على أهداف للفصائل المسلحة في العراق".
أو "عبر قطع الولايات المتحدة الأميركية العلاقة مع العراق، وهذا الأمر أثمانه باهظة تتعلق بالأموال العراقية في البنك الفيدرالي، وبدعم البلد بالأسلحة، إضافة إلى الضغط بورقة الدولار، وهذا كله يولد حركة داخلية في البلاد".
ولفت الخبير العراقي إلى أن "خطة التغيير في العراق قد تنفذ من أبواب عدة، فهناك سلاح منتشر وفساد مالي، واستياء شعبي، وإخفاقات في مجال الخدمات، وارتباك على مستوى العمل الحكومي، وانخفاض أسعار النفط".
بناء على ذلك، رأى أن "أي هزة بالاقتصاد والسياسة في العراق قد ترسم السيناريو المنتظر للتغيير، وربما يكون بإرادة خارجية بمعزل عن الولايات المتحدة".
وأردف: "من كان يتوقع أن تدعم تركيا الفصائل السورية لإسقاط نظام بشار الأسد؟ لأن الكل كان يتوقع أن إسرائيل هي من ستكون السبب الأساس لإسقاطه"، مرجحا أن "يكون التغيير المحتمل في العراق ممسوكا وليس فوضويا".
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، مكرم القيسي إن “الفصائل المسلحة العراقية تعيش أيامها الأخيرة”، مبينا أن الولايات المتحدة وإسرائيل تؤكدان على ضرورة عدم وجود مليشيات في العراق، في وقت لا تستطيع فيه الحكومة الحالية حصر السلاح بيدها.
وأضاف خلال مقابلة تلفزيونية في 10 ديسمبر، أن “محور طهران بشكل عام بدءا من لبنان وصولا إلى إيران يعيش أيامه الأخيرة، موضحا أن سقوط النظام الإيراني محتمل قبل إسقاط الحكومة العراقية، و”كل شيء وارد في الأيام المقبلة الحبلى بالمفاجآت".
وتوقع الخبير العراقي أن يجرى التغيير المحتمل خلال ديسمبر 2024، خصوصا أن العالم كله ينظر إلى المحور الإيراني على أنه "إرهابي"، وبالتالي وجوده في هذه المنطقة يُعد خطرا على دول مثل السعودية وقطر والأردن وتركيا وغيرهم.
وبحسب القيسي، فإن "الولايات المتحدة بدأت بإنهاء محور إيران في لبنان وسينتهي في طهران، لأن كل شيء كان غير متوقع الحدوث بدأ يحدث على الأرض، لا سيما القضاء على حزب الله خلال شهرين، وانهيار نظام بشار الأسد في سوريا خلال عشرة أيام".
وخلص إلى أن "كل هذه المؤشرات تؤدي إلى تغيير النظام السياسي في العراق وإيران، وأن الولايات المتحدة الأميركية تنظر إلى حكومة بغداد الحالية على أنها داعمة لمحور طهران في المنطقة".
انهيار متوقع
وفي السياق ذاته، تحدث موقع "ميديا لاين" الأميركي عن تقديرات تشير إلى إمكانية حدوث تغيير وانهيار للنظام في العراق، مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة (في يناير/كانون الثاني 2025)، وفي ظل عامل آخر يتمثل في الحرب الإسرائيلية في المنطقة.
وأفاد الموقع في 9 ديسمبر، بأن "هذه التقديرات وصلت الى المليشيات العراقية المدعومة من إيران في مختلف محافظات العراق، إذ اتخذت تدابير احترازية خوفا من هجوم إسرائيلي محتمل، وعمدت إلى تغيير مقراتها، ونقل أسلحتها إلى مناطق أخرى، وتعزيز أمن قادتها".
ولفت إلى أنه “توجد حركة سحب أموال كبيرة من بعض المليشيات، يتم تحويلها إلى سبائك ذهب أو عقارات بأسماء أخرى”.
وأشار إلى "وجود تخوف لدى هذه الجماعات من مصادرة أموالهم من قبل ترامب، أو حتى نهاية النظام الحالي كما يشاع حاليا في العراق".
ونقل الموقع عن السياسي الكردي العراقي أزاد أكبر، ترجيحات بأن "يجرى القضاء على المليشيات العراقية بغارات جوية إسرائيلية، مثلما جرى مع حزب الله اللبناني".
وبحسب أزاد أكبر، فإن "الجميع يتوقع ذلك، حتى إن إيران أبلغت مليشياتها في العراق بأنها لا تستطيع تقديم أي نوع من الدعم لهم، لذا فهم يستعدون لهذه الحرب".
وأشار السياسي الكردي إلى أن "الحكومة العراقية تحاول حاليا تجنب ضربة إسرائيلية محتملة، قد تتسبب في انهيار كامل للنظام، وربما يصبح هناك نظام آخر في السلطة".
من جهته، نشر الصحفي العراقي، مهدي مجيد، على منصة "إكس" في 8 ديسمبر، معلومات قال إنها وردته من مصادره في سفارة واشنطن ببغداد، تتحدث عن اتفاق ممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد حسان، مع المرجعية الشيعية في النجف والحكومة العراقية على جملة قرارات.
وبحسب مجيد، فإنه جرى الاتفاق مع مرجعية علي السيستاني وحكومة محمد شياع السوداني على حَل مليشيات إيران كالحشد الشعبي وغيرها، ورحيل قادتهم من العراق بهدوء، ثم حلّ البرلمان والحكومة وتغيير النظام السياسي العراقي عن طريق انتخابات حرة".
من جملة ما ذكره مجيد في معلوماته، هو "مطالبة (زعيم التيار الصدري) مقتدى الصدر باعتزال العمل السياسي والعسكري بإرادته وتفكيك كل قوة عسكرية تابعة له مقابل بقائه بالعراق وعدم اعتقاله ومحاكمته، وإذا رفض فسيتم التعامل معه بالقوة أيضا وهناك خيار اغتياله".
وكان لافتا أن قرر الصدر في 10 ديسمبر، "الاعتزال عن الناس" لأنه يشعر بأنهم “لا يزالوا إلى هذه اللحظة ينجرون خلف مخططات الغرب والفاسدين بعيدا عن ذوقه وتوجّهاته وتعليماته”، حسبما نقلت وكالة "السومرية نيوز" عن المقرب منه مهند الأسدي.
وخلص الصحفي مهدي مجيد إلى أنه “لن تكون هناك عمليات عسكرية في العراق كما حدث في لبنان و سوريا”.
وتابع: "إن حدثت فستأتي بعد نفاد الحلول السياسية وستكون محدودة وموجهة للمليشيات فقط وستنفذها الحكومة العراقية أو القوات الأميركية بصورة مباشرة".
"مخطط أميركي"
وعلى الصعيد ذاته، زعم عضو "مجلس مصلحة تشخيص النظام" الإيراني، محسن رضائي، وجود 11 ألف عنصر من تنظيم الدولة دربتهم الولايات المتحدة الأميركية في معسكرات بسوريا من أجل مهاجمة العراق، مشيرا إلى وجود مخطط للتحول بعدها إلى إيران.
وقال رضائي إن الأوضاع "بدأت من غزة ودخلت لبنان، وفي الأسبوعين الأخيرين دخلت سوريا. إنهم يخططون لمهاجمة العراق في الأشهر المقبلة، ومن أحلامهم مواصلة مهاجمة طهران"، حسبما نقل موقع "إيران إنترناشيونال" المعارض في 10 ديسمبر.
ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن رضائي قوله أثناء حضوره مؤتمر صناعات الطيران الإيرانية في 9 ديسمبر، إنه يوجد معسكر أميركي في شمال سوريا جرى فيه تدريب 11 ألف من عناصر تنظيم الدولة، وعائلاتهم خلال السنوات الأربع الماضية".
وحذر القائد الأسبق للحرس الثوري الإيراني من أنهم (عناصر تنظيم الدولة) "قد يهاجمون الموصل أو تكريت في العراق خلال الأشهر المقبلة".
وردا على ذلك، تساءل أستاذ العلوم السياسية في العراق، إياد العنبر، قائلا: “بلدنا يمتلك جيشا لديه طائرات إف 16 ودبابات، إضافة إلى وجود قوات شرطة اتحادية، وجهاز مكافحة إرهاب، والحشد الشعبي منتشرين على الحدود، ومع كل هذا يأتي محسن رضائي يخوفنا بـ11 ألف داعشي؟”
واستغرب العنبر خلال مقابلة تلفزيونية في 10 ديسمبر، عن عدم استفسار الساسة العراقيين من الجانب الأميركي أثناء اللقاءات التي تجمعهم بالسفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي، عن “قصة الـ 11 ألف عنصر الذين يدربونهم، أم أن محسن رضائي هو فقط من يعلم بأمرهم؟”
وتساءل المحلل السياسي العراقي، قائلا “أين كانت إيران كل هذه المدة، لماذا الآن علمت بوجود 11 ألف عنصر من تنظيم الدولة تدربهم الولايات المتحدة الأميركية في شمال سوريا؟”
وحتى يوم 10 ديسمبر، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة العراقية- التي شكلها الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران- على تصريحات محسن رضائي بشأن عناصر تنظيم الدولة.
المصادر
- "تغيير نظام" في العراق: شكوك ومخاوف من ترامب واسرائيل
- مسؤول إيراني: الأعداء يخططون لمهاجمة العراق بعد سوريا ثم يتجهون نحو إيران
- السيد الصدر يقرر الاعتزال عن الناس لهذا السبب
- رضائي: معسكر امريكي في شمال سوريا يدرب 11 ألف من عناصر داعش يمكن ان يهاجموا العراق
- هل التغيير سيشمل العراق وما أبرز السيناريوهات؟
- المحلل السياسي مكرم القيسي: الفصائـ*ـ,ـل المسلحة تعيش ايامها الأخيرة في السلطة بالعراق