على وقع جرائم "صيدنايا" السوري.. مطالبات بإنقاذ معتقلي مصر من مسالخ السيسي
“ليلة سقوط نظام السيسي على وشك الحدوث”
طالما نشط وسم #هاتوا_اخواتنا_من الزنازين، عدة مرات للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام المصري برئاسة قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، لكنه برز بقوة هذه الأيام في أعقاب فضح جرائم النظام السوري في سجن صيدنايا "سيء السمعة".
وصيدنايا هو أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصينا، يطلق عليه "المسلخ البشري" بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله، ولُقب بـ"السجن الأحمر" نتيجة الأحداث الدامية التي شهدها خلال عام 2008.
وفي أعقاب إسقاط قوى الثورة السورية لنظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وتمكنهم من دخول العاصمة دمشق، واقتحام سجن صيدنايا وتحرير المعتقلين كافة منه، تكشفت جرائم التعذيب والانتهاكات التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين.
وأعاد ناشطون على إثر ذلك تفعيل وسوم وتدوين تغريدات تذكر بالمعتقلين في سجون النظام المصري منذ انقلاب السيسي على الرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي عام 2013، وتشديد القبضة الأمنية على المعارضين وشن حملة اعتقالات واسعة طالت الآلاف، مطالبين بإطلاق سراحهم.
وقارنوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية بين السيسي والأسد وأكدوا أنهما وجهان لعملة واحدة تتسم بالديكتاتورية والإجرام والاستبداد، مؤكدين أن السلطات المصرية ارتكبت ومازالت ترتكب جرائم مماثلة لجرائم النظام السوري.
وتداول ناشطون استغاثات ذوي المعتقلين وكشفهم عن المضايقات التي يتعرضون لها وحرمانهم من الزيارة ورؤية ذويهم المعتقلين، أبرزهم تأكيد زوجة وزير التموين الأسبق باسم عودة أنها لم تر زوجها منذ 7 سنوات.
كما تداولوا تصريحات لياسمين حازم، ابنة نقيب أطباء الأسنان الأسبق حازم فاروق، قالت فيها: “عارفين إن فيه من أهالينا في زنازين انفرادية من 12 سنة في سجن بدر؟ وقبلها كانوا في سجن العقرب؟، وفيه منهم بقاله 10 سنين معزول عن العالم وممنوع من إنه يشوف أهله وأولاده ومنعرفش هو حي ولا لا؟”
وأضافت: "أنا أبويا من أكثر من 7 سنين منعرفش حاجة عنه غير إننا بنحط له أدوية وأمانات.. من ساعة ما شفنا شكل المعتقلين وهما خارجين من سجون بشار هياكل عظمية وفاقدين الذاكرة ومرضى نفسيين واحنا قلبنا واجعنا ومرعوبين على أهالينا".
وتساءلت ياسمين: "يا ترى شكلهم عامل إزاي وضعهم إيه!، عايزين نشوف أهالينا قبل ما يفوت الأوان".
وعرض ناشطون صورة عائشة الشاطر ابنة خيرت الشاطر، أحد كبار قيادات جماعة الإخوان المسلمين، قبل السجن وبعده وقد بدت عليها آثار الانتهاكات التي مورست بحقها، وأخرى لأنس البلتاجي نجل القيادي البارز محمد البلتاجي الذي تعرض للتعذيب وضروب من المعاملة السيئة.
تقارير حقوقية
وبحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن النظام المصري يحتجز نحو 60 ألف معتقل تصنفهم "سجناء سياسيين"، حيث أشرف السيسي، على حملة قمع نالت معارضين سياسيين وأدت إلى الزج بعشرات الآلاف في السجون.
وسبق أن تحدثت هيومن رايتش ووتش أن لديها أدلة تشمل فيديو مسربا ورسالة مهربة تظهر أن السلطات فاقمت بشكل متعمد الظروف السيئة في الأصل في سجن العقرب الذي يضم بين نزلائه الكثير من السجناء السياسيين، وقادة إسلاميين ومعارضين بارزين آخرين.
وأوضحت المنظمة أن السلطات المصرية تفرض عقابا جماعيا على مئات السجناء في سجن العقرب، مضيفة أنها فرضت إجراءات جديدة منذ محاولة فرار تحرم السجناء من "التهوية المناسبة والكهرباء والمياه الساخنة".
أما منظمة العفو الدولية، فقد أكدت أن مسؤولي السجون في مصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواع سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمدا من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم.
جاء ذلك في تقرير لها عام 2021 بعنوان "ما تموتوا ولا تولعوا؟ الإهمال والحرمان من الرعاية الصحية في السجون المصرية"، وثِّق محن احتجاز 67 شخصا في ثلاثة سجون مخصصة للنساء و13 سجنا مخصَّصة للرجال في سبع محافظات.
وأكدت المنظمة أن السلطات تصر على تعريض السجناء في السجون الستة عشرة التي شملها البحث لظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، مما يشكل تهديدا لحقهم في الصحة، مشيرة إلى أنها مارست أعمالا انتقامية ضد هؤلاء السجناء.
ورصدت منها احتجازهم لفترات طويلة ولأجل غير مُسمى رهن الحبس الانفرادي في ظروف مسيئة، حيث يظلون داخل الزنزانة لأكثر من 22 أو 23 ساعة يوميا؛ وحرمانهم من الزيارات العائلية لفترات وصلت أحيانا إلى أربع سنوات؛ وحرمانهم من تلقي الأطعمة، وغيرها من الأساسيات، من الأهالي.
فيما قالت المنظمات المشاركة في تحالف المادة 55، إن سجون مصر أصبحت الوجهة النهائية لكل من يتحدث بما يُخالف السلطات المصرية أو يعارضها، كما أن الممارسات القمعية داخل السجون ومراكز الاحتجاز مازالت مستمرة ولم تتغير.
وأضافت في تقرير تقدمت به إلى لجنة الاستعراض الدوري الشامل (UPR) للأمم المتحدة بخصوص مقار الاحتجاز وسجون مصر، في 2024، إن نظام مصر لم يدخل أي تغييرات فيما يتعلق بتحسين معاملة السجناء ولم يطبّق الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية.
وأشارت المنظمات إلى أن ذلك يأتي رغم تأييد القاهرة في الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل أكثر 10 توصيات فيما يخص مراكز الاحتجاز والسجون، كالتوصية رقم 31.185 الصادرة عن دولة عام 2019، التي أكدت أهمية ضمان حصول جميع السجناء على الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية، بما في ذلك الحماية من جميع أشكال التعذيب.
وتناولت المنظمات "أبرز الانتهاكات الحقوقية المُمنهجة داخل مقار الاحتجاز، ومن ضمنها؛ القتل خارج إطار القانون، الإهمال الطبي وعدم تقديم الرعاية الصحية، الحبس الانفرادي التعسفي، عدم السماح بحضور السجناء جلسات تجديد حبسهم إلا عبر الإنترنت، حرمانهم حق التواصل مع محاميهم وذويهم".
واستعرض التقرير الارتفاع الملحوظ في أعدادها على مستوى المحافظات منذ يناير/كانون الثاني 2020 وحتى يونيو/حزيران 2024، والذي وصل إلى 296 حالة وفاة جرى رصدها وتوثيقها على أرشيف مراقبة العدالة.
تبييض السجون
بدوره، دعا حزب تكنوقراط مصر للإفراج عن المعتقلين ومنهم المعارض السياسي أحمد الطنطاوي، والناشط الحقوقي علاء عبدالفتاح، ووزير التموين الأسبق باسم عودة، والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي، والمفكر السياسي حازم صلاح أبو إسماعيل.
وأكد أن “آلاف المعتقلين في مسالخ سجون النظام”، متسائلا: "هل ننتظر أن نراهم أجسادا مذابة مثلما فعل بشار الأسد؟"، قائلا: "حرر المعتقلين يا سيسي".
وعرض الصحفي والكاتب عبدالرحمن عز، صورة له من ميدان التحرير بالقاهرة إبان ثورة 25 يناير يرفع فيها علم الثورة السورية، داعيا لتذكر المصريين في معتقلات السيسي وجيشه، بالدعاء، والدعم السياسي والإعلامي.
وأشار إلى أن معتقلات السيسي "مليئة بمن بذلوا من حريتهم وأوقاتهم ودمائهم من أجل حريتكم، وذلك واجب عليهم ولا منة منهم".
ونشر أحد المغردين صورة للمعتقلين، قائلا: "مناشدة من إخوانكم المنسيين في سجون السيسي الذين لا بواكي لهم يطالبونكم بنصرة قضيتهم بالكلمة والدعاء بعد أن انقطع السبيل لنصرتهم بكسر أسوار السجون وتحريرهم من أغلال القيود".
وأكد المغرد سمير، على أن آلاف الأبرياء في السجون المصرية، مستنكرا قول السيسي إن وجود هؤلاء في السجون إنقاذ وطني.
وقال إن هذا الطاغية امتداد لأولئك الذين سجنوا سيّدنا يوسف عليه السلام، وامتداد لفرعون الذي قال (ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد).
وروى الأكاديمي جمال عبدالستار: "كنت أستحضر الصور الواردة من سجون بشار وزبانيته، ثم تتابع أمام عيني الصور القليلة المعروفة عن معتقلات السيسي وكلابه، ومعتقلات ابن سلمان وجلاوذته، فيزداد تعجبي من حلم الله تعالى.. حتى قرأت اليوم آية وكأنني لم أقرأها من قبل. حيث أخبرنا القرآن فيها أن الله أعد سجنا خاصا لكل هؤلاء الظالمين، ولكن ليس كأي سجن".
ودعا لقراءة الآية 29 من سورة الكهف وتصور هؤلاء الطغاة وجنودهم وهم يتلظون بهذه العقوبة في سجنهم الخاص، حيث قال تعالى: "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ ِ ئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا".
سجون السيسي
وقال المغرد الفاروق، إن “الأسد والسيسي وجهان لعملة واحدة، إلا أن الفرق أن السيسي 12 سنة حكم وبشار وأبوه 50 سنة، وكلما زادت فترة حكم السيسي زاد التطابق بينه وبين بشار، حتى نصل إلى سجن صيدنايا المصري، وإلقاء البراميل المتفجرة”.
وأكد الفاروق أن "نفس العقل يؤدي إلى نفس النتيجة".
وأكد عضو مجلس نقابة الصيادلة الأسبق أحمد رامي الحوفي، أن “10 بالمئة من سجناء الرأي في العالم مصريون”.
وأشار القانوني شعبان طلبة، إلى مرور أسبوع على هروب ديكتاتور سوريا، مستنكرا أن النظام في مصر لم يستوعب الدرس، ولم يحاول حتى أن يسبح مع التيار ويفرج عن آلاف المعتقلين الموجودين في عشرات السجون التي تشبه في ظروفها سجن صيدنايا سيئ السمعة.
وذكر بأن داخل معتقلات السيسي يوجد وزراء ومستشارون وقيادات حزبيه وإصلاحيون وأساتذة جامعات وعلماء.
صيدنايا مصر
وتداول ناشطون تصريحا لزوجة وزير التموين الأسبق باسم عودة المعتقل في سجون النظام، بأنها لم تر وجه زوجها منذ سبع سنوات.
وعلق الخبير الاقتصادي مراد علي، على تصريحات زوجة عودة، قائلا: "هذا الإجرام مماثل بشكل أو آخر لما كان يرتكبه بشار الأسد"، متسائلا: "هل هناك قانون يسمح بحرمان أسرة من رؤية عائلها لمدة سبع سنين، حتى لو كان عتيد الإجرام".
وأضاف: “ما بالنا أن باسم عودة مجرد سياسي معارض للنظام القائم وشخصية يشهد لها الجميع بالكفاءة والإخلاص والنزاهة.”
وعقب الطبيب المصري يحيى غنيم، على شكوى زوجة عودة، قائلا: "ليس بشار وحده هو المجرم السادي، وليس حزب البعث وحده هو الذليل إلا على قومه".
وتساءل: "كم بين حكام العرب من بشار! وكم هناك من بعصيين سفلة أذلاء يمارسون السادية على بنى قومهم!، حتما ولا بد أن تنتقم الشعوب ولات حين مندم".
ونقلت الكاتبة والناشطة الحقوقية ماجدة محفوظ، عن زوجة وزير التموين الأسبق قولها، مؤكدة أن صيدنايا ليس المأساة الوحيدة في الدول العربية، وأن مصر مثال.
وذكرت المغردة رحمة، بأن أبسط حقوق أي معتقل سياسي أو متهم جنائي، أن يرى أهله باستمرار، ولو كل شهر مرة، متسائلة: “لماذا التعنت مع بعض المعتقلين كباسم عودة الذي لم ير عائلته من 7 سنوات؟، ألا تتعظون مما حدث في سوريا؟”
تهديد ووعيد
وفي تهديد ووعيد لنظام السيسي وأعوانه وتحذيره من تصاعد وتنامي الغضب الشعبي، حث محمد رفعت، النظام المصري على إعادة ترتيب الأوراق وسرعة المصالحة الوطنية وإخراج السجناء السياسيين والحفاظ على الوطن ومقدراته قبل فوات الأوان.
وحذر النظام قائلا: الشعب بيغلي.. لسه أمامهم فرصه.. إصلاح النفس بالنفس أفضل من الخراب والهدم والمحاسبة".
وعرض المغرد طارق، صورة تجمع عددا من الدعاة ورجال الدين والإصلاحيين المعتقلين في سجون النظام المصري، محذرا بالقول: "خرجوهم آخرتكم هتبقى سودا".
وبشر أحد المغردين، بأن “ليلة سقوط نظام السيسي على وشك الحدوث”، مشيرا إلى أن “كل الصحافة بالخارج تتكلم عن ذلك ويفكرون في طريقة التعامل مع النظام القادم”.
وتوعد المغرد نادر النظام المصري، بأن يخرج المعتقلون بالذوق "بدل ما يطلعوا بالعافية وتكون النهاية"، قائلا: "كفاية كده عليهم، وقد أعذر من أنذر.. بدل ما تندموا.. ويكون عدى وقت الندم.. كفاية كدة عليهم".
وقال الحقوقي هيثم أبو خليل: "يجب أن تكون عقوبات كل من تسبب في اعتقال إنسان بريء: عقوبة السجن لمدة مماثلة في ذات الزنزانة، عقوبة ثانية لانتهاك العدالة وترويع المجتمع، عقوبة ثالثة تعويضا عن سنوات الظلم والحرمان".