ضربة لأميركا وإسرائيل.. ماذا تعني سيطرة ثوار سوريا على دير الزور؟

منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في تطور جديد بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، سيطرت قوى الثورة السورية على كامل مدينة دير الزور شرق البلاد ومطارها العسكري، التي كانت تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

إدارة العمليات العسكرية التابعة لفصائل المعارضة، أكدت في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن مقاتليها سيطروا على مركز مدينة دير الزور والريفين الغربي والشرقي، معلنة هروب قوات قسد والنظام السوري والمليشيات الإيرانية منها.

وكانت قسد المدعومة من التحالف الدولي قد سيطرت على المدينة قبل أيام، عقب انسحاب قوات النظام السوري المخلوع منها فور إسقاطه من قبل قوى المعارضة في 8 ديسمبر.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات قسد انسحبت باتجاه القرى المجاورة، ليسيطر على مدينة دير الزور مقاتلون محليون انضموا إلى صفوف الفصائل المعارضة في أعقاب الهجوم الخاطف الذي بدأت بشنه ضد مواقع النظام المخلوع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وخلال الأيام الماضية تظاهر المئات من أهالي دير الزور، للمطالبة بخروج "قسد" ودخول فصائل عملية "ردع العدوان" إلى مدينتهم، وتطورت المظاهرات لاشتباكات مسلحة، حيث واجهت قوات سوريا الديمقراطية المتظاهرين بالرصاص الحي، ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 22 آخرين.

وكان النظام السوري قد سلم قبل يومين من إسقاطه مركز محافظة دير الزور لـ"قسد"، وسحب قواته المنتشرة في المحافظة من 7 قرى بالتزامن مع اقتراب فصائل المعارضة من مدينة حمص (وسط).

كما انسحبت قواته من مطار دير الزور العسكري، وسلمه لقوات سوريا الديمقراطية.

وأكدت قسد حينها انتشار عناصرها في مدينة دير الزور وغرب الفرات شرق سوريا بعد انسحاب النظام السوري منها، وسيطرت على معبر البوكمال الحدودي مع العراق.

وفي أعقاب تحرير دير الزور، بدأت فصائل الجيش الوطني عملا عسكريا في مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، شمالي سوريا.

ودير الزور تقع على "الممر الإستراتيجي" الذي يصل إيران بلبنان عبر العراق وسوريا، ويقسمها نهر الفرات قسمين، وأغلب أحيائها تقع على الضفة الغربية من النهر.

وهي ثاني كبرى المحافظات السورية من حيث المساحة، والتحقت بالثورة في مارس/آذار 2011، وسيطر عليها الجيش الحر عام 2012، واستعادها النظام في 3 نوفمبر 2017.

أما مدينة عين العرب (كوباني باللغة الكردية) فتقع على بعد نحو 160 كيلومترا عن محافظة حلب شمال غرب سوريا على الحدود السورية التركية، وينتمي عدد كبير من سكانها إلى حزب العمال الكردستاني، وشارك عدد من أبنائها في المعارك التي خاضها الحزب في تركيا.

وتداول ناشطون ومدونون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #دير_الزور، #ديرالزور، #ردع_العدوان، وغيرها، مشاهد قالوا إنها لانسحاب أرتال تنظيم قسد المدعوم أميركيا من دير الزور.

وعدوا انسحاب قسد من دير الزور ودخول قوى الثورة إليها زوالا لخطر تقسيم سوريا، وإنهاء لمشروع الاحتلال الإسرائيلي المتمثل في "ممر داود".

ومشروع داود الذي تطمح إليه إسرائيل يشير إلى مفهوم سياسي وعسكري يهدف إلى إقامة "دولة إسرائيل الكبرى"، والتي تمتد من نهر الفرات إلى النيل، مستوحاة من الممالك التاريخية للنبي داود وسليمان كما يُذكر في النصوص الدينية.

ويُقصد بالمشروع إقامة ممر أمني يربط إسرائيل بالأراضي الكردية في سوريا والعراق، مما يمكّنها من تحقيق هيمنة إقليمية أوسع.

ويستهدف المشروع خلق منطقة عازلة تمر من الجولان عبر جنوب لبنان إلى داخل سوريا وحتى العراق، تحت سيطرة أو إشراف الولايات المتحدة.

كما يستهدف توسيع السيطرة الإسرائيلية في المنطقة، بما يشمل دعم المليشيات الكردية ومحاربة القوى المعادية مثل إيران وحزب الله، وإضعاف الدول العربية المجاورة وتحقيق أمن إسرائيل عبر إنشاء منطقة نفوذ إستراتيجي.

قراءات وتحليلات

وفي قراءة لتقدم قوى الثورة السورية، رأى محمود والي، أن الأخبار عن السيطرة على عدد من حقول النفط في دير الزور مبشرة جدا لأن الحقول أولا على الضفة اليسرى للنهر، وثانيا تمثل مؤشرا على فقدان قسد السيطرة على أهم أصل إستراتيجي في مناطق سيطرتها مما يعني بداية طي صفحتها.

وقال أحد المغردين، إن السيطرة الكاملة على دير الزور تعني بشكل حاسم إنهاء المشروع الانفصالي، مضيفا أنها “تعني فصل الرقة عن الحسكة وكسر الملاحدة من الظهر”.

وأوضحت دارين رضوان، أن انسحاب "قسد" من دير الزور يعني تلقى المشروع الصهيوني في سوريا هزيمة ساحقة وهو بداية النهاية لحلم الصهاينة بـ"ممر داود". 

وأشار الملا إدريس، إلى أن دير الزور محررة رسميا بعد انسحاب قسد إلى شرق الفرات، وأصبحت قوات إدارة العمليات العسكرية منتشرة من منبج على الحدود التركية وصولا إلى البوكمال على الحدود العراقية، مؤكدا أن هذا الانتشار عمليا مسمار دق في نعش ما يسمى بمشروع داود اليهودي من النيل إلى الفرات.

وعلق الكاتب والباحث إسماعيل عرفة، على تحرير دير الزور من أيدي قسد، قائلا "لعل هذا الفتح يكون ضربة للمشروع الأميركي ووأدا لخطة (ممر داوود) الإسرائيلي".

وأوضح محمد آيات مقرن، أن هدف العدو الصهيوني من اعتداءاته على الأراضي السورية كان إلهاء المعارضة عن الأكراد للسماح لهم بأخذ كل الجنوب الشرقي لسوريا، إلى غاية درعا وذلك لإنشاء ما يسميه العدو الصهيوني ممر داود.

وذلك “لأن العدو لا يمكنه أن يحتل هذه المساحة كلها بسبب قلة أعداده وخشيته من الاستنزاف، لذلك دائما ما يصنع من يقوم بمهمته من العملاء”.

وقال: "يبدو أن الخطة لم تسر بشكل جيد، فقد تم تحرير دير الزور والحملة العسكرية إلى البوكمال على الحدود العراقية، وبعدها يبدأ تحرير الشمال الشرقي كله من جيوب المليشيات الكردية، ثم الاتجاه لتحرير كل الأراضي السورية الجنوبية من العدو الصهيوني وعندها فقط تعلن سوريا أنها أصبحت أول دولة عربية إسلامية محررة بالكامل من هيمنة الغرب الصليبي".

مباركات وتهانٍ

وحيا الكاتب أحمد موفق زيدان، أحرار وحرائر دير الزور والبوكمال، قائلا: "لن يكتمل عرسنا وفرحتنا، بدون انتظام حباتكم الثمينة في العقد الفريد لثورة الشام المباركة.. بوركتم أيها الأبطال، فلا تزال الساحات الشامية تشهد لكم ولجهادكم، وتضحياتكم..".

وقال المعلق السياسي غسان ياسين: "دير الكرامة والثورة.. ديرنا.. دير الزور عادت لأهلها".

وأعرب الناشط السياسي محمد أردوغان، عن سعادته بتحرير المدينة، قائلا: "دير الزور حرة حرة حرة والله أكبر".

وقال أحمد الأحمد، إن دير الزور شعلة الثورة وبحياتها ما خانت صديق، وطول عمرها أخ لباقي المحافظات، وهي أم الثورة التي ضحت بأولادها وأهلها في سبيل الحرية، وكانت السبّاقة بدعم الثورة السورية ودعم الشعب السوري.

وأضاف أن دم شبابنا عطّر تراب كل المدن السورية حقهم علينا وعلى كل السوريين نرجع أرضنا وترجع الدير لأهلها، مذكرا بأن أول طيارة ميغ سقطت بالثورة كانت بالدير، وأول مطار حربي وأول ريف تحرّر بالكامل كان بها.

وأشار الأحمد إلى أن أول ضابط انشق بالمنطقة الشرقية كان وليد العبد الله من الدير - البو عمرو " ام الشهداء "، وأول وأعلى سلطة انشقت عن النظام كان رياض حجاب من الدير، وأول سفير انشق عن النظام نواف الفارس من الدير.

وكتب زكريا عطا الله: "دير الزور، وقد نالت الحرية أخيرا، تبدو كعروس نهضت من رماد المعاناة لترتدي ثوب الكرامة والحرية، المدينة التي قاومت طويلا واجتازت سنوات من القهر والاستبداد، أصبحت اليوم رمزا للإرادة والانتصار".

وتابع: "دير الزور، وقد تحررت، ليست فقط مدينة استعادت حريتها، بل أصبحت رمزا لكل من آمن بالعدالة ورفض الانكسار. إنها حكاية شعب انتصر بإرادته، ليبني مستقبلا مليئا بالأمل والكرامة".

وعد الباحث العربي مهنا الحبيل، السيطرة على دير الزوار انهيار لمشروع  راهن عليه التحالف الإقليمي والدولي الصهيوني والخصوم المتعادون.

وقال: "دير الزور حرة تنضم لدولة الثورة الشرعية". وأضاف: "قلنا لقسد سيبر الثوار القسم وشعبنا كردي عربي متحد".

جرائم قسد

وأوضح أنس حسن، أن مليشيات "قسد" مجرمة وذات طبيعة إجرامية لكن يتم تسويقها أميركيا بشكل كبير ولا يغطي أي إعلام عربي جرائمها الموثقة صوتا وصورة، مذكرا بخروج مظاهرات من أهالي دير الزور والرقة ضدها خلال 4 ايام مضت.

وأشار إلى أن قسد قتلت من السوريين 14 شخصا مدنيا خلال المظاهرات، ولم يتكلم أحد، داعيا لمتابعة حسابات وتغطيات وكلاء المنظمات الدولية وأصحاب المازوخية الغربية، "لو كح الجولاني غلط هتلاقي مقال كامل  وعويل وصريخ".

وعرض أحد المغردين، مقطع فيديو يوثق الجرائم التي ارتكبتها مليشيات قسد الكردية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية خلال الأيام الماضية.

وأكد المغرد العكيدي، أن مليشيات قسد الإرهابية تستنسخ جرائم التعذيب لنظام بشار العلوي الخبيث، عارضا مقطع فيديو يوثق جريمة تعذيب اثنين من أبناء دير الزور بتاريخ 9 ديسمبر.

وأوضح علاء القاضي، أن من يسيطر على عين العرب يسيطر على ثلاثة معابر حدودية، وتحريرها وخضوعها للحكومة السورية الجديدة يعني أن إسرائيل ستبكي دما.