انتصار قوى الثورة السورية يقلق الصين.. ما علاقة أقلية الإيغور؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

يثير انتصار قوى الثورة السورية على نظام بشار الأسد، مخاوف الصين من احتمالات تأثير هذه الخطوة على إقليم شينجيانغ شمال غربي البلاد الذي تسكنه أقلية الإيغور المسلمة.

ويعود ذلك إلى مشاركة العديد من أبناء تلك الأقلية في المعارك ضد جيش الأسد والمليشيات الطائفية المتحالفة معه، وفق ما تقول مجلة فورميكي الإيطالية.

العودة إلى الإقليم؟

وترى المجلة أن بكين تخشى من أن يؤجج وجود مقاتلين من الإيغور في صفوف المعارضة السورية “النزعة الانفصالية داخل الإقليم الصيني”.

أو أن تمهد مشاركتهم في الإطاحة بنظام الأسد العودة إلى الإقليم وهم “أكثر تطرفا”، وفق تعبيرها.

وتواجه الصين منذ سنوات انتقادات دولية كبيرة بسبب سياساتها القمعية ضد أقلية الإيغور. 

وفي السنوات القليلة الماضية، استنكرت منظمات حقوقية احتجاز مليون منهم على الأقل مع جاليات مسلمة داخل معسكرات في إقليم شينجيانغ.

واتهمت المنظمات بكين بتعقيم نساء قسرا وفرض العمل القسري. وبدورها نفت الصين هذه الاتهامات وزعمت أن هذه المعسكرات هي "مراكز تدريب مهني" تهدف لإبعاد السكان عن التطرف الديني والنزعات الانفصالية.

وبينت مجلة "فورميكي" أن الصين تسعى في الوقت الحالي إلى بناء علاقات مع الحكومة السورية الجديدة لإدارة المسألة وتجنب المخاطر الداخلية.

وأشارت إلى مقطع فيديو متداول داخل مسجد في محافظة اللاذقية، قال فيه أحد المقاتلين وقد ظهر ملثًما، "نحن من تركستان الشرقية". 

وفي تطرقها إلى دور المقاتلين الأجانب في انتصار الثوار والإطاحة بنظام الأسد الذي اضطهد السوريين لعقود من الزمن، أشارت المجلة إلى أن "بعضهم يأتي من منطقة غير موجودة على الخرائط السياسية" أي من تركستان الشرقية، وهي الأراضي الواقعة في آسيا الوسطى ويقطنها الأتراك.

وتضيف بأنها "المنطقة التاريخية والجغرافية التي تتوافق بشكل أساسي مع إقليم شينجيانغ الذي يسكنه بشكل رئيس الإيغور، وهي مجموعة عرقية تركية ذات أغلبية مسلمة، بالإضافة إلى أقليات أخرى مثل الكازاخ والقرغيز والطاجيك والهوي". 

وتنقل عن مصدر سوري لم تسمه أن المقاتل الذي ظهر في مقطع الفيديو من اللاذقية ينتمي إلى الإيغور.

وأكدت أن وجود مقاتلين من تلك المنطقة في صفوف الثوار السوريين المنتصرين يشكل على وجه التحديد “أولوية الصين فيما يتعلق بالملف السوري”.

تركستان الشرقية

وأشارت إلى أنه غالبا ما يستخدم مصطلح "تركستان الشرقية" من قبل حركات الاستقلال ومجموعات الشتات التي تتمسك بالهوية الثقافية والتاريخية والسياسية للمنطقة وتعارض السيطرة الصينية. 

وتاريخيا كانت المنطقة لعدة قرون ملتقى للثقافات والتجارة والأديان، لكنها تعد اليوم واحدة من أكثر المناطق حساسية سياسيا في الصين. 

وتبرر بكين سياستها في المنطقة بمكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية، لكن ذلك لم يمنع تعرضها لانتقادات دولية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

وذلك على غرار برامج المراقبة الجماعية، والاعتقالات التعسفية في معسكرات "إعادة التثقيف" كما تطلق عليها، فضلا عن القمع الثقافي والديني خاصة للمسلمين الإيغور. 

كما يعد استخدام مصطلح "تركستان الشرقية" أمرا حساسا سياسيا بالنسبة للحكومة الصينية التي ترفضه وتربطه بالانفصالية، وتفضل بدله استخدام المصطلح الرسمي "شينجيانغ" الذي يعني "الحدود الجديدة".

وأعادت المجلة التذكير بما قاله مقاتل الإيغور في اللاذقية بأن السامع ربما لا يعرف حتى عن تركستان الشرقية، لأنها تتعرض للقمع الثقافي الصيني منذ 70 عاما. 

وقالت: “من الواضح أن هذا النوع من الخطاب لا يستهدف السوريين المتحررين من استبداد نظام الأسد وإنما جمهورا أكبر”. 

وتشرح بأن المقاتل "يريد لفت الانتباه مجددا إلى قضية شينجيانغ ويشير بطريقة أو بأخرى إلى أن التجربة السورية يمكن أن تكون أيضا سابقة"، بقوله “إن شاء الله”، و"بفضل إخواننا المسلمين".

 وتوضح بأن ذلك يمثل رسالة قوية للغاية إلى بكين التي أثارت انتقادات ضدها من نصف العالم لما ترتكبه من انتهاكات في المنطقة.

وبحسب تحليلها، يوجه المقاتل كلامه إلى الحكومة الصينية خاصة بقول "لقد هجرونا من بلادنا، واضطهدونا كما فعل النظام معكم". 

وتابع "نحن الشباب المجاهد من تركستان الشرقية جئنا هنا إلى الشام، حيث رحبتم بنا ومعا حققنا النصر" واختتم قائلا "لن نترككم أبدا".

وهذا ما تأمله بكين، على حد قول المجلة الإيطالية، أي أن "يبقى الإيغور الذين ذهبوا للقتال في سوريا هناك وربما يقنعون الآخرين باللحاق بهم الآن بعد أن تحررت البلاد، عكس شينجيانغ".

منظور مزدوج

وترى أن الصين تعاملت مع الحرب في سوريا بمنظور مزدوج لسنوات، فمن ناحية، عدت "مغادرة عناصر متطرفة للقتال أمرا إيجابيا لأنه أدى إلى خروجهم من شينجيانغ". 

ومن ناحية أخرى، كانت هناك خشية من أن “تؤدي مشاركتهم في المعارك إلى زيادة قدراتهم القتالية، فضلا عن تطرفهم أكثر وخطر عودتهم بهذه الأفكار وإعادة تطبيقها في الإقليم الصيني”، وفق زعم المجلة.

وبالتالي، تستنتج أنه من المهم الآن بالنسبة لبكين أن تحاول إدارة الوضع وتجنب التعرض لتداعيات ما يحدث في سوريا على الصعيد الأمني ​​بالدرجة الأولى.

وهدفها الأول ألا "يزعج الثوار بأي شكل من أشكال رعاياها الذين يعيشون في البلاد وتتجنب، على المدى القصير إلى المتوسط، وقوع تداعيات داخلية في شينجيانغ أو في أي مكان آخر". 

وتوقعت المجلة أن تحاول الصين "التصرف بحذر في الوقت الحالي وتتجنب عمليات إجلاء واسعة النطاق لكي لا تشعر أحدا بأنها في ورطة أو أنها لا تملك الثقة في حكام دمشق الجدد".

وزادت بأن ذلك سيساعدها في بناء سرد “غير تصادمي” يتضمن اتخاذ مسافات عن إيران وروسيا، الشريكين الذين قدما الكثير من الدعم لنظام الأسد و"عَدُوي الثوار اللدودين". 

وأردفت أن "فك الارتباط عن موسكو وطهران يخدم صورة بكين في ألا تبدو مهزومة على غرارهما  وهو ما سيمكنها من بناء علاقات مع الحكام الجدد لسوريا". 

وبفضل هذه العلاقات، قد تحصل على "تطمينات فيما يتعلق بالمقاتلين الإيغور، في مقابل حصول الحكومة الثورية السورية الجديدة على الدعم الصيني".

 ونتيجة لذلك، يبقى الإيغور بسوريا في حين تساعد الصين بأشكال مختلفة من المصالح والأنشطة في إعادة إعمار البلاد، تختم المجلة الإيطالية.