رابع ذراع لإيران يهاجم إسرائيل.. ما قصة جماعة “سرايا الأشتر” البحرينية؟

12

طباعة

مشاركة

في خطوة غير معهودة، دخلت جماعة مقاومة شيعية خليجية جديدة الحرب ضد إسرائيل، على خلفية العدوان المستمر على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأعلنت جماعة "سرايا الأشتر" البحرينية مطلع مايو/أيار 2024 قصف الشركة المسؤولة عن النقل البري في مدينة إيلات المحتلة.

وبينت أن "الهجوم يأتي نصرة للفلسطينيين ودفاعا عنهم في وجه الحرب الإسرائيلية الدائرة في قطاع غزة"، منذ أكتوبر 2023.

وهذه رابع جماعة شيعية ضمن المحور الإيراني تدخل الحرب ضد إسرائيل لدعم مقاومة غزة، بعد حزب الله اللبناني، وجماعة الحوثيين في اليمن، والمقاومة الإسلامية في العراق التي تضم قوى شيعية.

وهناك جماعة خامسة تشارك في إسناد غزة من الخارج هي "الجماعة الإسلامية في لبنان"، ولكنها "سنية" محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، ولا تصنف ضمن أذرع إيران الشيعية.

ماذا جرى؟

في 2 مايو 2024 اعترفت إسرائيل بوقوع هجوم من جماعة شيعية جديدة على إيلات.

صحيفة "يديعوت أحرونوت" قالت إن جماعة "المقاومة الإسلامية في البحرين" أو ما يُعرف باسم "سرايا الأشتر" أو "سرايا المختار" أعلنت مسؤوليتها عن استهداف شركة نقل بري إسرائيلية في مدينة إيلات.

وأعلنت "سرايا الأشتر" خلال بيان لها في 2 مايو 2024 "استهداف عمق الكيان الصهيوني بالطائرات المسيرة"، دون توضيح الجهة التي انطلقت منها هذه الطائرات المسيرة.

قالت إنها "استهدفت مقر الشركة المسؤولة عن النقل البري بالكيان الصهيوني "تراك نت" Truck net في مدينة أم الرشراش في فلسطين المحتلة (إيلات)".

وأكدت المقاومة الإسلامية في البحرين أنها "مستمرة في تحركها ودعمها على الأصعدة كافة لشعبنا الصابر في غزة المقاومة، وأنها لن توقف عملياتها إلا بتوقف العدوان الصهيوني".

وأظهر مقطع فيديو قصف إيلات صورة لأربعة رجال هم: رضا الغسرة ومصطفى يوسف ومحمود يحيى، الذين قُتلوا على يد قوات الأمن البحرينية أثناء محاولتهم الهروب من السجن إلى إيران عام 2017، وكذلك أحمد الملالي الذي تم إعدامه. 

وفي عام 2019، اتهمت السلطات البحرينية هؤلاء الأربعة بـ"الإرهاب"، فيما أشادت بهم كتائب الأشتر وعدتهم  "شهداء".

وبعد يومين من هذا الهجوم الأول من نوعه على إيلات، عاودت نفس الجماعة البحرينية الإعلان أنها قصفت إيلات –للمرة الثانية-بالطائرات المسيرة.

إذ أعلنت سرايا الأشتر "استهداف هدف حيوي في مدينة أم الرشراش في فلسطين المحتلة (إيلات) في 2 مايو 2024 بواسطة الطيران المسير".

ويقول موقع "الأبدال"، الذي يبث أخبار أذرع المقاومة التابعة لإيران، في تفسيره لاستهداف سرايا الأشتر شركة "تراك نت" الناقل البري لإسرائيل في إيلات، إن هذا الخط "جزء من خطة التطبيع الصهيوني مع المطبعين العرب".

أوضح في تحليل نشره يوم 4 مايو 2024 أن هذا الخط يعد من الخطوط التي عمل على إنشائها الرؤساء القدامى للكيان الصهيوني.

وقد ذكره الرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز في كتابه المعنون بـ الشرق الأوسط الجديد".

أشار إلى تكامل محاور أذرع إيران في تطويق الاحتلال، من لبنان والعراق واليمن، حيث "كرست صنعاء معادلة غير متوقعة لجميع المحللين والمراقبين، وهي إقفال الخط البحري على السفن الإسرائيلية التي تعبر باب المندب عبر بحري العرب والأحمر".

أشار إلى أنه حين سرع الاحتلال "تفعيل الخطة البديلة عبر الدول المطبعة"، لتقليل الخسائر الإسرائيلية، وإيصال البضائع والسلع بشكل آمن لإسرائيل، بالطريق البري، استهدفته مقاومة البحرين.

ويقول الموقع إن "هذا الخط التجاري البري، إستراتيجي لنقل البضائع بتكلفة أقل، ووقت أسرع من الخط البحري الذي ينطوي على مخاطر جمة".

وأوضح أن دول التطبيع هللت لهذا الخط البري لإنقاذه إسرائيل وأجرى الإعلام العبري لقاءات عدة مع سائقي الشاحنات التي توصل البضائع إلى فلسطين المحتلة، بعضهم من الإمارات والبحرين ودول أخرى.

لهذا جرى "اتخاذ إجراءات لتوقيف هذا الخط البديل، وتقييد الخناق أكثر على الصهاينة".

وسبق أن هددت "سرايا الأشتر"، منذ عام 2017 بشن هجمات على إسرائيل على نطاق أوسع داخل وخارج البحرين، وهو ما لم يحدث.

وفي فبراير/شباط 2019، هدد المتحدث باسم المنظمة علنا بشن هجمات ضد أهداف إسرائيلية في البحرين، بحسب مجلة Long War Journal التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية 2 مايو 2024.

وندد بـ "انفتاح نظام خليفة على الصهاينة"، وعد "الوجود الصهيوني هدفا مشروعا" في الجزيرة العربية، وفق البيان الذي تلاه.

تصعيد مقلق

جاء دخول جماعة "سرايا الأشتر" المعركة في نفس يوم قصف "المقاومة الإسلامية في العراق"، تل أبيب -لأول مرة- بالصواريخ، بعدما كانت تقصف إيلات فقط، وهما تطوران عسكريان مهمان على صعيد جبهات إسناد غزة.

وقد وصف موقع "الأبدال" الداعم لهذه المقاومة الشيعية "هذين التطورين" بأنهما "يؤشران إلى قرار (إيراني) بتطوير جبهات الإسناد لغزة وزيادة زخمها".

إذ ترافق هذا أيضا مع إعلان جماعة الحوثيين 3 مايو 2024 عن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد الاحتلال وتوعدوا باستهداف كل السفن المتجهة إلى إسرائيل لو هاجمت قوات الاحتلال مدينة رفح.

وترتبط هذه المرحلة الرابعة بعملية رفح أقصى جنوب قطاع غزة والمزدحم بمئات الآلاف من النازحين، وفيها سيمنح الحوثيون المقاومة في القطاع ورقة قوة إقليمية وورقة ضغط قوية.

وذلك وسط ارتفاع وتيرة الأهداف البحرية التي تستهدفها القوات اليمنية الموالية للحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهادئ.

ويصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد "جاسم يونس الحريري" سرايا الأشتر بأنها "إضافة نوعية لمحور المقاومة"، ويعني امتداد المحور ضد إسرائيل الى أقصى الخليج.

وأوضح في مقال نشره موقع "قناة الغدير" 3 مايو 2024، أن ضرب المقاومة الإسلامية في البحرين العمق الإسرائيلي "أقلق نظام المنامة بسبب اتفاقية أبراهام 2020 مع العدو الصهيوني، وسبب له إحراجا أمام واشنطن وتل أبيب".

ووصف هذا التطور الجديد بأنه يثبت فشل اتفاقيات التطبيع بين البحرين وإسرائيل "لأن مقاومة الاحتلال ستمتد الى كل منطقة الخليج نظرا للرفض الشعبي الخليجي" لهذه العلاقات.

أيضا رأت مجلة "نيوزويك" الأميركية 2 مايو 2024 أن هجمات المقاومة الإسلامية البحرينية ضد إيلات، بمثابة إعلان من جانب محور المقاومة الإيراني عن "جبهة جديدة ضد إسرائيل".

وأثار التعتيم على المكان الذي أطلقت منه المقاومة البحرينية هذه المسيرات باتجاه إسرائيل، قلقها هي وحكومة البحرين، التي طبعت العلاقات مع تل أبيب. واضطرت المنامة لنفي علاقة هذه المنظمة بها مؤكدة أنها تصنفها "إرهابية".

أيضا أقلق هذا التطور، المعارضة السياسية الشيعية في البحرين، خاصة ما تردد عن أن إطلاق المسيرات جرى من داخل الدولة الخليجية.

وأصدرت بيانا يؤكد أن "المقطع المتداول والمنسوب لسرايا الأشتر لم يتم تصويره في دولة البحرين"، أي لم يتم إطلاق المسيرات منها.

ونصحت أنصارها عدم نشر "كل ما يؤثر على حراك الشارع البحريني وما قد يُستخدم ضد المؤيدين لفلسطين في دولة البحرين".

وقد أكد المتحدث الرسمي باسم مركز الاتصال الوطني البحريني (يوازي وزارة الإعلام) محمد العباسي، أن "تلك المنظمة تمارس أنشطتها خارج البحرين".

وأوضح أن البحرين ودولا عدة مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة سبق أن صنفت ما تسمى "سرايا الأشتر" تنظيما إرهابيا.

وقال مسؤولون أميركيون وبحرينيون إن "سرايا الأشتر تعمل من الأراضي الإيرانية" بحسب موقع "المونيتور" الأميركي 3 مايو 2024.

ومنذ عام 2017، لم تعلن "سرايا الأشتر" التي تأسست في 2012، مسؤوليتها عن أي عمليات.

إلا أن هجماتها الأخيرة مايو 2024 يبدو أنها تهدف إلى إظهار أن المجموعة، على الرغم من العمليات الأمنية البحرينية ضدها، لا تزال على قيد الحياة. 

وكانت وكالة "رويترز" البريطانية أشارت في تقرير مطول 24 نوفمبر/تشرين ثان 2023، لحساسية موقف البحرين عقب طوفان الأقصى، مشيرة إلى أنها "تسعى إلى موازنة الغضب بشأن غزة مع العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة".

أوضحت أن "البحرين تسير على حبل سياسي مشدود منذ اندلاع الحرب في غزة وتسعى لتهدئة الغضب الشعبي من الصراع، مع الحفاظ على اتفاق التطبيع مع إسرائيل الذي قربها من الولايات المتحدة".

"رويترز" أكدت أن العلاقات الأميركية البحرينية الوثيقة حصن حيوي ضد إيران، خاصة أن البحرين هي موطن الأسطول الخامس للبحرية الأميركية".

وكان البرلمان البحريني، وهو هيئة لا تزال تابعة للنظام الملكي، أصدر بيانا شديد اللهجة 2 نوفمبر 2023 يشير إلى أن العلاقات مع إسرائيل في حالة تجميد.

 لكن ستة مصادر مطلعة قالت لـ "رويترز" إن البحرين لن تتخلى عن علاقاتها مع إسرائيل.

ويشير تحليل لـ "مبادرة الإصلاح العربي" 22 فبراير/شباط 2024 إلى أن توقيع البحرين على اتفاقية أبراهام "لم يأت برضا جماهيري أو بموافقة مجلس النواب أو عبر استفتاء شعبي".

"بل جاء بقرار أحادي من الحكومة التي تتحكم في مفاصلها العائلة المالكة في البحرين، وهو ما قُوبل بالرفض الجماهيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتظاهرات غير مرخص لها في أنحاء البلاد"، وفق المبادرة.

"لكن السلطات أبدت بعض المرونة في التعاطي مع ردة الفعل الشعبية على الحرب، من خلال السماح لبعض التظاهرات والتجمعات التضامنية، وهو أمر لم تسمح به منذ أكثر من تسعة أعوام"، بحسب "مبادرة الإصلاح العربي".

قصة "سرايا الأشتر"

تطلق هذه الجماعة على نفسها اسم "سرايا الأشتر" نسبة إلى مالك بن الحارث الأشتر الذي كان واليا على مصر إبان خلافة علي بن أبي طالب، وكانت تطلق على نفسها أيضا في سنوات سابقة أسماء "سرايا وعد الله" و"سرايا المختار".

وترفع الجماعة علما يتشابه مع علم حزب الله اللبناني، باللون الأصفر ويد تمسك بندقية مكتوب تحتها "سرايا الأشتر-المقاومة الإسلامية في البحرين".

هي تنظيم شيعي بحريني معارض بدأ يظهر في أواخر عام 2011 بعد اندلاع الاحتجاجات في البحرين بالتزامن مع الربيع العربي، وقادها بشكل أكبر تنظيمات شيعية. 

ويقود التنظيم كل من أحمد يوسف سرحان المعروف باسم أبو منتظر، وجاسم أحمد عبد الله المعروف باسم ذو الفقار، وكلاهما بحريني هارب، ويعتقد بأنهما يوجدان في إيران، بحسب حكومة البحرين.

وقد تأسست هذه الجماعة رسميا في مارس/آذار 2012 في أعقاب الانتفاضة الشيعية ضد الحكم السُني في البحرين، والتي أحبطتها السلطات بمساعدة سعودية عام 2011.

ووقتها طالب المتظاهرون بإسقاط النظام الملكي في البحرين في الربيع العربي، وألقت السلطات باللوم جزئيا في الاضطرابات على إيران، وحاكمت عددا من أفراد المجموعة بتهمة الإرهاب عام 2018، وأعدمت البعض وسجنت آخرين.

وقد تعاملت البحرين بشدة مع الاحتجاجات في عام 2011 وتدخلت قوات سعودية لدعم حكومة المنامة، بعد أنباء سعودية عن دعم الحرس الثوري الإيراني للشيعة في البلد الخليجي من أجل قلب نظام الحكم، بحسب دراسة لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات.

وتدخلت قوات درع الجزيرة في مارس 2014 بقيادة السعودية في البحرين بعشرة آلاف جندي ما أسهم في إجهاض المظاهرات التي تحول بعضها إلى مصادمات وعنف، وأدى إلى استقرار الحكم في البحرين.

وقد أدرجت السعودية والإمارات ومصر الجماعة ضمن المجموعات الإرهابية المحظورة عام 2017، ثم حظرها البرلمان البحريني عام 2018 ومن ثم جرى إدراجها كجماعة إرهابية بواسطة الولايات المتحدة في نفس العام.

وفي عام 2018، صنفت وزارة الخارجية الأميركية هذه الجماعة المرتبطة بإيران كـ "منظمة إرهابية" أجنبية وعالمية.

وفي مارس 2024 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عليها عقوبات جديدة، وقالت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها ينسق مع البحرين ضد الميسر المالي للمجموعة.

وتصفها وزارة الخارجية الأميركية بأنها جماعة شيعية مدعومة من إيران وتسعى لمقاومة النظام الملكي السُني في البحرين بشكل مسلح وفرضت عليها عقوبات.

وعندما وقعت البحرين على اتفاقيات أبراهام، أعلنت جماعة "سرايا وعد الله" معارضتها للاتفاق متعهدة باستهداف المصالح الإسرائيلية بوحدة متخصصة جديدة، لكنها لم تفعل، بحسب ما نشر موقع "Long War Journal" في 16 سبتمبر/أيلول 2020.