سجل أسود منذ 2012.. ماذا عن مشاركة الحشد الشعبي العراقي في معارك سوريا؟

يوسف العلي | منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

لا يختلف الموقف الرسمي في العراق عن توجهات المليشيات الشيعية حيال دعم النظام السوري ضد فصائل المعارضة السورية التي تقدمت بشكل سريع على الأرض وسيطرت على مناطق مهمة، لا سيما حلب التي تعد ثاني أكبر المدن السورية وعاصمتها الاقتصادية.

وعلى ضوء تصاعد التطورات في سوريا، أثيرت تساؤلات عن مدى دخول المليشيات الشيعية العراقية، التي تعمل تحت عنوان الحشد الشعبي، للقتال إلى جانب النظام السوري كما فعلت إبان اندلاع الثورية السورية عام 2011، بذريعة الدفاع عن "المراقد الشيعية المقدسة".

"حراسة المراقد"

مع بدء فصائل المعارضة السورية بالتقدم والسيطرة على مناطق تقع تحت حكم النظام، أطلقت المليشيات العراقية تهديدات بالوقوف جانب رئيس النظام بشار الأسد، بينما مليشيا بدر بقيادة هادي العامري، لم تنتظر كثيرا، وكانت في طليعة من وصلوا إلى دمشق.

وقال القيادي في مليشيا "بدر" وعضو مجلس محافظة بابل، مهند العنزي، خلال مقطع فيديو تناقله عراقيون على مواقع التواصل في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2024، إنه موجود بالقرب من مرقد "السيدة زينب"، في دمشق، وهناك انتشار لمليشيا بدر وحزب الله اللبناني قربه.

وفي اليوم نفسه، علق القيادي في مليشيا بدر، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، على مقطع فيديو نشره عراقيون على منصة "إكس" عن وصول دفعة إلى مرقد "السيدة زينب" للدفاع عنه، بالقول: "لن تسبى زينب مرتين"، ما أكد دخول المليشيات العراقية إلى دمشق.

وكتب المعاون العسكري لمليشيا "النجباء" العراقية، عبد القادر الكربلائي، على "إكس" في 29 نوفمبر، إن "عودة المليشيات الإرهابية وتهديد الأبرياء والمقدسات في سوريا.. تعني عودة المقاومة الإسلامية (في العراق) لسحقهم والميدان خير شاهد ودليل".

وتضم "المقاومة الإسلامية" في العراق بشكل أساسي، خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، إضافة إلى بعض الفصائل الصغيرة مثل “أنصار الله الأوفياء، ولواء الطفوف”.

 من جهته، قال زعيم مليشيا "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي، إن "ما يحصل من تحريك للجماعات الإرهابية في سوريا.. يجرى بأوامر وإشراف ودعم مباشر من الكيان الصهيوني البغيض، بقصد استنزاف بلدان محور المقاومة من الداخل".

وتابع، الولائي عبر "إكس" في 28 نوفمبر: "يجب توخي الحذر من محاولات مشابهة لتوسعة رقعة تلك الأحداث، والعمل بكل الوسائل لتجفيف منابع نشوئها".

وفي السياق ذاته، وجه زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي، عبر "إكس" في 30 نوفمبر، اتهاما إلى إسرائيل وأميركا وتركيا بالوقوف وراء تحريك فصائل المقاومة السورية، وأن الأخيرة تريد التوسع على حساب البلدان العربية والإسلامية.

وتدخلت المليشيات العراقية للقتال إلى جانب النظام السوري بعد عام من اندلاع الثورية السورية، وتحديدا عام 2012، بحجة الدفاع عن "المراقد المقدسة" الشيعية، كما هو الحال لباقي المليشيات التابعة لإيران.

"رسالة طمأنة"

وفي المقابل وجهت "حكومة الإنقاذ السورية" التابعة للمعارضة رسالة في 1 ديسمبر، إلى السلطات العراقية، أكدت فيها أنها "تريد تعزيز العلاقات مع العراق وتطمئن بشأن استقرار المنطقة.

وأكدت إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط بين الشعبين السوري والعراقي، مشددة على أهمية المصالح المشتركة والعمل المشترك بين البلدين.

وأضافت حكومة المعارضة على الروابط الأخوية التي جمعت بين الشعبين السوري والعراقي على مدى التاريخ، مشيرة إلى أن العلاقة بينهما مبنية على الأخوة والمصير المشترك.

وشدد البيان على أن الثورة السورية انطلقت لتحقيق الحرية والكرامة وتحرير الشعب السوري من ظلم نظام الأسد، مؤكدا أنها لا تشكل تهديدا للأمن أو الاستقرار في العراق أو أي دولة أخرى في المنطقة.

وطمأنت "الإنقاذ" الحكومة والشعب العراقيين بأن سوريا لن تكون مصدر قلق أو توتر في المنطقة، وعلى العكس من ذلك، أكدت أنها تسعى لتعزيز التعاون الأخوي بين سوريا والعراق لتحقيق الاستقرار والمصالح المشتركة للشعبين.

جاء ذلك بعد يوم من اتصال بين رئيس النظام بشار الأسد ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لبحث التطورات الأخيرة والتعاون المشترك بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وعدد من القضايا العربية والدولية.

وأفادت وكالة أنباء النظام السوري "سانا" في 30 نوفمبر، بأن "السوداني قال إن أمن سوريا والعراق هو أمن واحد، وأن بلده مستعد لتقديم كل الدعم اللازم لسوريا لمواجهة الإرهاب وتنظيماته كافة".

وفي 1 ديسمبر، عقد "مجلس الاستخبارات الوطني" العراقي اجتماعا برئاسة الأعرجي، ناقش فيه مستجدات الأحداث والتطورات الأخيرة على الساحة السورية والتهديدات التي قد تنتج عنها.

وأكد بيان صدر عن مجلس الاستخبارات العراقي، أن" ما يجري في سوريا هي أعمال إرهابية وسيقف العراق إلى جانب الشعب السوري الشقيق وجيشه في مواجهة الإرهاب".

وعلى صعيد متصل، أجرى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين اتصالا بوزير خارجية النظام السوري، بسام صباغ، أعرب فيه عن "تضامن العراق مع سوريا في مواجهة المجموعات الإرهابية، وأن زعزعة الأمن والاستقرار في سورية تشكل تهديدا لأمن المنطقة".

وبحسب ما نشرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري، في 1 ديسمبر، فقد أشار حسين إلى أن "أمن العراق مرتبط بأمن المنطقة"، مشددا على "أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية ومكافحة التطرف".

"تدخل محدود"

وبخصوص ما إذا كانت هذه المليشيات العراقية ستعود للتدخل في المشهد السوري كما جرى في عام 2012، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، حامد العبيدي، إن "هؤلاء سيكون وجودهم محدودا في الأراضي السورية، وربما لن يتجاوز العاصمة دمشق".

وأوضح لـ"الاستقلال" أن "هذه المليشيات لم تعد بالقوة ذاتها التي كانت عليها عام 2012، وكذلك حرية التنقل في الأراضي السورية، بعدما كان الطيران الروسي يوفر غطاء لهم".

ولفت العبيدي إلى أن "الأطراف الدولية المناهضة لتدخلاتهم في المنطقة كثرت أيضا، خصوصا مع تراجع الدور الإيراني في سوريا ولبنان، بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت جنرالاتها وعناصرها في البلدين".

وتوقع عدم "تدخل هذه المليشيات في سوريا بقوة، خصوصا أن إسرائيل توعدت بضربهم ردا على هجمات شنتها الأخيرة على الأراضي المحتلة، وربما هذه فرصة لاستهدافهم على الأراضي السورية، وبالتالي تتخلص تل أبيب من ضغوط أميركية رفضت قصف العراق".

وبحسب العبيدي، فإن "هذه المليشيات بحاجة إلى دولة ترعاهم لدخول سوريا، والآن إيران مشتتة، لأن حزب الله اللبناني الذي يُعد عماد قوتها في المنطقة يُدك ليل نهار، وليس من مصلحة طهران فتح أكثر من جبهة حاليا، خصوصا مع فقدان الدعم الإستراتيجي من لبنان".

من جهته، نشر الإعلامي العراقي، عثمان المختار، تدوينة عبر "إكس" في 1 ديسمبر كشف فيها عن انتشار 14 مليشيا شيعية عراقية داخل الجغرافيا السورية، والمتواجدة فيها منذ عام 2012.

وأوضح المختار أن "مواقع الكثير منها تغيرت أو انكمشت خلال العامين الماضيين، فضلا عن تراجع عديد عناصرها، لكنها مازالت تمتلك مكاتب ومقرات حتى الآن في سوريا".

وبين الإعلامي العراقي أن مليشيات "أبو الفضل العباس، أسد الله الغالب، كتائب حزب الله، كتائب سيد الشهداء، فيلق الوعد الصادق، حركة النجباء، قوات الشهيد محمد باقر الصدر، لواء ذو الفقار، البقيع، لواء الامام الحسين، المؤمل، كتائب الثأر، كتائب الإمام علي"، هي أجنحة لجماعات في الحشد الشعبي وتتسلم مرتباتها من موازنة الدولة العراقية".

ولفت إلى أن "هذه المليشيات ارتكبت طوال الـ 12 سنة الماضية جرائم قتل وإعدامات جماعية ومجازر مروعة في سوريا، وتحركت ضمن إدارة ما تُعرف بغرفة التنسيق التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني إلى جانب مليشيات أفغانية وإيرانية وسورية محلية"، مؤكدا أنها "تتفاوت في عددها وتسليحها وحتى مواقع تواجدها في سوريا".

وكشف المختار عن "تورط غالبيتها بجرائم تهريب الكبتاغون والوقود ومُحوّلات الكهرباء والأدوية ومحركات وقطع غيار السيارات على طول حدود العراق بين الأنبار ودير الزور، من منطقة القائم مرورا بنقطة مكر الذيب، وانتهاء بمنطقة البصيرة السورية التي تفصل مناطق سيطرتها عن مناطق مليشيات قسد (قوات سوريا الديمقراطية)".