إسرائيل تهدد والعراق يستنجد بأميركا.. ما إمكانية توجيه ضربات لبغداد؟

يوسف العلي | منذ ٣٠ دقيقة

12

طباعة

مشاركة

جهود دبلوماسية تبذلها السلطات العراقية لمجابهة التهديدات الإسرائيلية في شن ضربات عسكرية على العراق، وذلك ردا على الهجمات التي تنفذها الجماعات الشيعية الموالية لإيران على إسرائيل، الأمر الذي أثار تساؤلا ملحا عن مدى نجاح مساعي بغداد في إبعاد شبح الحرب.

و"تضامنا مع غزة" التي تتعرض لعمليات إبادة إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تنفذ فصائل عراقية إلى جانب الحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني، عمليات مختلفة ضد إسرائيل، مع هجمات تستهدف سفنا مرتبطة بالاحتلال في البحر الأحمر وبحر العرب.

تهديدات إسرائيلية

في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، حمّل وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الحكومة العراقية مسؤولية "كل ما يحدث على أراضيها"، مشددا على أن لتل أبيب الحق في الدفاع عن النفس.

وقال الوزير الإسرائيلي في بيان: "لقد بعثت مساء اليوم برسالة إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طالبت فيها باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط المليشيات الموالية لإيران في العراق، والتي تستخدم أراضيها لمهاجمة إسرائيل".

وأكدت أن "الحكومة العراقية مسؤولة عن كل ما يحدث على أراضيها وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، لحماية نفسها ومواطنيها".

وأضاف ساعر: "دعوت مجلس الأمن إلى التحرك بشكل عاجل للتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي ووقف هذه الهجمات على إسرائيل".

وفي الوقت نفسه، كشفت صحيفة "معاريف" العبرية، أن خطط إسرائيل بشأن أي تصعيد من جهة العراق تبدأ من ضرب البنية التحتية والمنشآت ثم الانتقال إلى عمليات اغتيال مركزة تنال شخصيات في الفصائل المسلحة.

وأضافت الصحيفة، نقلا عن مسؤولي استخبارات إسرائيليين وأميركيين (لم تكشف هويتهم)، أن "إيران قد تزيد من استخدام وكلائها في العراق ردا على عمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان وغزة".

وأشارت "معاريف" إلى أن "هناك مخاوف من أن طهران قد هرّبت بالفعل صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق ردا على الضربات الإسرائيلية في إيران".

وفي مطلع أكتوبر 2023، أعلن الاحتلال الإسرائيلي مقتل اثنين من جنوده وإصابة نحو 20 آخرين، وذلك بانفجار مسيّرة في هجوم نُفّذ من الأراضي العراقية على قاعدة إسرائيلية في الجولان السوري المحتل.

 وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اليوم التالي، أن إسرائيل "تدافع عن نفسها على سبع جبهات" بينها جبهة "المليشيات الشيعية في العراق".

وفي 22 سبتمبر/أيلول، حذرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، السلطات الإسرائيلية من مَغبّة "تجاهل" التهديدات الصادرة من العراق، بحسب وصفها، داعية إياها الى اتخاذ ما يلزم لتأمين إسرائيل. 

وقالت الصحيفة إن "العراق أصبح مصدر تهديد مستمر لإسرائيل منذ هجوم السابع من أكتوبر مع توسعة الفصائل العراقية لعمليات القصف التي تشنها باتجاه ميناء إيلات وبعض القواعد العسكرية".

وتوعدت إسرائيل، في 25 سبتمبر، بغداد بالرد على الهجمات القادمة من الفصائل المسلحة، إذ قال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري: "نراقب عن كثب التهديدات التي تأتينا من العراق ونجمع المعلومات.. سنفعل ما يلزم".

تدابير عراقية

على وقع هذه التهديدات، حذر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من عدوان إسرائيلي مُخطط له على بلاده، ووجَّه الأجهزة المختصة بالتأهب للتصدي لهذا التهديد، فضلا عن دعوة واشنطن إلى الدفاع عن العراق طبقا للاتفاقيات المبرمة بين البلدين.

وترأس السوداني، اجتماعا طارئا للمجلس الوزاري للأمن الوطني في 20 نوفمبر، أكد فيه أن "اتهامات إسرائيل لا تعدو كونها ذرائع تهدف إلى تبرير عدوان مُخطط له ضد العراق".

وقال المجلس في بيانه إن بغداد مستمرة في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشن أي هجوم، وإن تلك الإجراءات أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدة للإطلاق، وتلاحق قانونيا كل مَن يشترك في أنشطة تهدد أمن العراق وسلامة أراضيه.

ووجَّه السوداني الخارجية العراقية بدعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك.

وكذلك دعوة مجلس الأمن الدولي إلى النظر في الشكاوى المقدمة من العراق ضد انتهاك إسرائيل لأجوائه. فيما وجَّه الجيش والأجهزة الأمنية بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة.

وأوصل السوداني رسالة إلى واشنطن مفادها أن الولايات المتحدة مطالبة بالتدخل الفوري لحماية سيادة البلاد، إذا وقع الهجوم، مستندا في ذلك إلى اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي تؤسس لتعاون دفاعي وأمني بين البلدين.

وفي نوفمبر 2008، وقعت بغداد وواشنطن اتفاقية تحت مسمى "الإطار الإستراتيجي للدفاع المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار في العراق".

وفي القسم الثالث نصت الاتفاقية، على أنها "جاءت لردع جميع التهديدات الموجهة ضد سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه، من خلال تنمية الترتيبات الدفاعية والأمنية".

كما ألزمت الاتفاقية الطرفين بالتعاون في مجالي الأمن والدفاع، بشكل يحفظ للعراق سيادته على أرضه ومياهه وأجوائه.

وفي 24 نوفمبر 2024، أصدرت الجامعة العربية بيانا بعد اجتماع طارئ عقد بطلب من بغداد، أكدت فيه تأييدها للعراق في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، داعية إلى اتخاذ خطوات لوقف التصعيد في منطقة الشرق الأوسط.

وذكرت الخارجية العراقية، أن "قرار الجامعة العربية، تضمن طلبا من الأمين العام لها توجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، تعكس موقف الجامعة الداعم للعراق، والرفض القاطع للادعاءات الواردة في رسالة وزير خارجية الكيان الصهيوني".

"عراق عاجز"

وبخصوص مدى نجاح الجهود العراقية الدبلوماسية في تجنب الدخول بمواجهة مع إسرائيل، استبعد الباحث علي المساري، اندلاع أي حرب بين الطرفين في الوقت الحالي، و"إنما قد يقتصر الأمر على هجمات إسرائيلية تستهدف أهدافا محددة في العراق".

وأكد المساري لـ"الاستقلال" أن "الجهود الدبلوماسية للحكومة العراقية لن تفلح في إيقاف أي ضربة إسرائيلية تجاه العراق؛ لأن السلطات ذاتها غير قادرة على التأثير عل فصائل محلية، فكيف بها وهي تتعامل مع الطغيان الصهيوني، الذي لن يأبه بأي قرار دولي".

وأضاف الباحث، أن "نتنياهو، يطمع في وقوف إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى جانبه، وبالتالي لن يتوانى في شن أي حرب بالمنطقة مستقبلا، كون الأخير سيؤيده خصوصا إذا تعلق الأمر بإيران وأذرعها".

وأعرب المساري عن استغرابه من لجوء إسرائيل إلى مجلس الأمن في تهديد العراق، على تقدير أن "الصهيوني لا يلتفت إلى المجتمع الدولي في حال طلب منه عدم توسيع دائرة الحرب في المنطقة". 

وفي السياق ذاته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، إن ردود الفعل العراقية حول التهديدات الإسرائيلية تشير بصراحة إلى "عدم تمكن السلطات من السيطرة على الجماعات المسلحة".

وأضاف الكبيسي خلال تصريحات أدلى بها لقناة "الحرة" الأميركية في 23 نوفمبر، أن هذه الفصائل والمليشيات المسلحة "تعمل تحت غطاء سياسي وتمول من المال العام، لكنها لا تنفذ الأوامر الدولة العراقية".

وأكد الكاتب العراقي أن "قرار منع هذه الفصائل ليس بيد حكومة بغداد، بل هو قرار إيراني، وأن جميع البيانات العراقية الرسمية التي تتحدث عن جهود تبذل للسيطرة عليها غير صحيحة".

وأعرب عن اعتقاده أن "الفصائل المسلحة هي أجنحة عسكرية لأحزاب ضمن الإطار التنسيقي الذي يعد جزءا من تشكيلة الحكومة، وبالتالي الجميع يعرف من يطلق هذه المسيرات ومن هي الجهات المتورطة".

وبحسب الكبيسي، فإنه "لا توجد إرادة حقيقية وإمكانية لتطبيق قرارات الحكومة بحصر سلاح الفصائل بيد الدولة، فهذه الجماعات لا يمكن المساس بها، وهي محصنة ولا يمكن لأي جهة عراقية التعامل معها".

وفي 20 نوفمبر 2024، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، خلال مؤتمر صحفي في بغداد إن السوداني سارع بالتحرك على المستوى الخارجي والداخلي "لإيجاد معادلة سياسية وطنية تجنب العراق أن يكون أرضا لمعركة أو طرفا فيها".

وأشار إلى أنه جرى التحرك تجاه الولايات المتحدة لدعم حراك العراق ودفاعه عن نفسه وفقا للحوارات الأمنية ضمن إطار القسم الثالث من اتفاقية الإطار الإستراتيجي. 

كما جرى التحرك تجاه كل أصدقاء العراق في التحالف الدولي للمساعدة في كبح جماح الكيان (الصهيوني)، وفقا للمتحدث الحكومي.