رغم "النكسة الدبلوماسية".. لماذا قررت الجزائر الانضمام لبنك تنمية "بريكس"؟
"الجزائر لا ترغب في الانضمام إلى مجموعة لا يُرحب بها فيها"
أعلنت وزارة المالية الجزائرية في مطلع سبتمبر/ أيلول 2024 أن مجلس محافظي بنك التنمية التابع لمجموعة "بريكس" وافق على انضمام الجزائر إلى هذه المؤسسة المالية.
وعن هذه الخطوة، تقول مجلة "جون أفريك" الفرنسية إن الجزائر قررت التخلي عن السعي للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، وقررت الانضمام إلى بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة.
وتحلل المجلة هذا القرار بصفته وسيلة لإخفاء الإخفاق في الانضمام إلى بريكس.
موقف جديد
إذ يركز الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، على دور الجزائر في البنك لتعزيز مكانتها على الساحة الاقتصادية الدولية.
وفي هذا الإطار، تتحدث المجلة عن سبب رفض ترشيح الجزائر الانضمام للمجموعة، وهو ما عدته "نكسة دبلوماسية" للرئيس تبون.
في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، خلال لقائه الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام الجزائري في القصر الرئاسي، صرح عبيد المجيد تبون بأن "الجزائر لا ترغب في الانضمام إلى مجموعة لا يُرحب بها فيها".
وقال الرئيس: "لقد قدمنا ترشحنا لأسباب محددة، ولكن مع التطورات التي تشهدها هذه المجموعة تغيرت رغبتنا".
وبعد أن رُفض انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس، التي تضم تسع دول من بينها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، في صيف 2023، أكد تبون في وقت سابق أن "الملف قد أُغلق وأن الصفحة قد طويت".
ورغم ذلك، تلفت المجلة الفرنسية النظر إلى أن تصريحه الجديد بعد شهر من انضمام الجزائر إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة بريكس "NDB" يثير التساؤلات.
فلماذا قررت الجزائر التخلي عن الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية وليس إلى بنكها؟، هذا ما تجيب عن المجلة في هذا التقرير.
1.5 مليار دولار
وفي إطار ما ذُكر سابقا، تنقل "جون أفريك" عن خبير اقتصادي جزائري رأيه بأن "عبد المجيد تبون يحاول إخفاء فشل انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس بالحصول على مقعد في بنك التنمية الجديد".
ولكن في الوقت نفسه، يعتقد الخبير كذلك أن "الاكتفاء بهذا المقعد يعد غير منطقي وأقل أهمية من الناحية السياسية".
وبشكل عام، يذهب الخبير الاقتصادي إلى أن "الجزائر ترغب ببساطة في تجنب تقديم طلب جديد وتجنب احتمالية مواجهة انتكاسة جديدة بعد فشلها في الانضمام إلى المجموعة في 2023".
وبالحديث عن البنك التابع لمجموعة بريكس، تذكر المجلة أن "بنك التنمية المتعدد الأطراف أُنشئ كبديل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي".
لافتة إلى أنه "استقبل أعضاء جدد؛ من بينهم الجزائر وبنغلاديش والإمارات ومصر وأوروغواي".
"والآن، مع قناعتها بأنها حققت "خطوة رئيسة في عملية اندماجها في النظام المالي العالمي، تستعد الجزائر الآن لاستثمار 1.5 مليار دولار في بنك التنمية الجديد"، بحسب ما ورد عن المجلة الفرنسية.
نكسة دبلوماسية
وفي ظل أنها كانت أولوية دبلوماسية إستراتيجية للرئيس تبون في السابق، تسلط "جون أفريك" الأنظار إلى أن انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس -إلى جانب نيجيريا وإندونيسيا وفيتنام- رُفض خلال القمة الـ 15 للدول الخمس الناشئة، التي عُقدت في أغسطس/ آب 2023 بجنوب إفريقيا.
وبحسب المجلة، فإن السبب المتداول وراء الرفض خلف الكواليس هو كون "اقتصاد الجزائر غير متنوع للغاية، ويعتمد بشكل كبير على العائدات المتقلبة من النفط والغاز".
وفي الوقت الذي استقبلت فيه مجموعة الدول الناشئة 6 أعضاء جدد؛ إيران والأرجنتين ومصر وإثيوبيا والسعودية والإمارات، تؤكد المجلة أن "رفض ترشيح الجزائر كان أولا وقبل كل شيء نكسة دبلوماسية".
وفي هذا الإطار، تصف المجلة المشهد بقولها إنه "بعد أن أعلن عبد المجيد تبون أن عام 2023 سيكون "مسك الختام بانضمام الجزائر إلى بريكس"، انتهى ذلك (الحلم الجزائري)".
بعد جيوسياسي
وبإلقاء نظرة على مكاسب للجزائر من انضمامها لبنك البريكس، تنقل المجلة عن الخبير الاقتصادي والمستشار الدولي في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمن هادف، أن "انضمام الجزائر رسميا إلى بنك البريكس يحمل بعدا جيو-سياسيا يتمثل في اكتسابها مكانة في إحدى الآليات المالية الكبرى التي سيكون لها دور في صياغة المنظومة المالية الدولية مستقبلا".
كما أكد هادف على أن "انضمام الجزائر للبنك سيسمح بتسريع مسار الوصول إلى الهدف الأول والإستراتيجي للبلاد خلال المرحلة المتوسطة؛ وهو اللحاق بركب الدول الناشئة".
بالإضافة إلى ذلك، ستتمكن الجزائر من خلال الانضمام لبنك البريكس من تسريع مسار التنمية وفق مقاربة ونموذج جديدين في مجال التنمية الاقتصادية.
وهو ما سيتحقق باستفادة الجزائر من خبرات الدول الأعضاء بالبنك وإبرام شراكات معها، ثم الاندماج في سلاسل التوريد العالمية، وفق ما ذكرته المجلة.
تمويل المشاريع
ومن ناحية أخرى، أبرز عبد الرحمن هادف أن "وجود الجزائر في بنك البريكس سيمكنها من إبرام شراكات مع بلدان تتقاسم معها الرؤى نفسها".
بالإضافة إلى الحصول على تمويلات تتعلق بالمشاريع الكبرى المهيكلة ومشاريع البنى التحتية على وجه الخصوص، على غرار مشاريع الطرقات والموانئ وسكك الحديد وفق تصور يعزز الاندماج الإقليمي للجزائر مع الدول العربية والأفريقية.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي والمالي، أبو بكر سلامي، أن "انضمام الجزائر للبنك يحمل العديد من الإيجابيات، وذلك بصفته مؤسسة مالية توفر عديد الخدمات للمنضمين إليها".
علاوة على ذلك، تذكر المجلة أنه من بين الدلالات التي يحملها انضمام الجزائر لبنك بريكس أن "الاقتصاد الجزائري بصحة جيدة، وهو ما سيقدم الإضافة الاقتصادية والمالية للجزائر".