تدعم الدبيبة ولا يسيطر عليها.. تعرف على قوة الردع الخاصة بليبيا

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

تعد قوة الردع الخاصة في ليبيا ضمن المليشيات والأجهزة القوية التي تلعب دورا محوريا في الأحداث وتبحث عن نصيبها في قطاعي الأمن والاقتصاد بالبلاد.

تلك القوة تسيطر على مطار "معيتيقة" الدولي قرب طرابلس، وتواصل هجماتها وضغوطها على الشركات الأمنية الخاصة العاملة في البلاد للحصول على المال.

وبسبب اشتداد وتوسع نفوذ "قوة الردع" داخل العاصمة طرابلس، واشتباكاتها المتعددة ضد وحدات وتشكيلات عسكرية أخرى، ظهرت تخوفات من احتمالية اشتعال حرب أهلية جديدة تأكل الأخضر واليابس. 

قوة ضاربة

وفي 30 يناير/كانون الثاني 2024، نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المختصة في شؤون الاستخبارات، تقريرا عن نشاط "قوة الردع" والمعروفة أيضا باسم "جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب".

وقالت إنها تسعى لتحقيق مكاسب مالية كبيرة ناتجة عن الاستفادة من العقود المبرمة مع شركات الأمن الخاصة. 

خاصة وأن تلك القوة بقيادة عبد الرؤوف كارة، تسيطر على المطار الوحيد العامل بالقرب من طرابلس في معيتيقة. 

وفي 12 يناير 2024 استولت على ثلاث مركبات مدرعة تابعة لشركة Septimius الأمنية أمام مدخل المطار.

وكانت شركة Septimius (أيرلندية، مقرها دبلن) للأمن برئاسة عبد الله الدويبي، قد أمنت خدمات النقل والحراسة للحاضرين في قمة الطاقة والاقتصاد الليبية التي انعقدت يومي 13 و14 يناير 2024 في فندق "ريكسوس" التي نظمها رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة. 

وحضر القمة وزير النفط الليبي محمد عون والرئيس التنفيذي للمؤسسة الوطنية للنفط فرحات عمر بن قدارة، وممثلون آخرون عن شركات النفط العالمية مثل إيني الإيطالية و"توتال إنيرجي" الفرنسية و"كونوكو فيليبس" الأميركية و"ريبسول" الإسبانية.

وكانت القمة صعبة بالنسبة لشركات الأمن، حيث توجب على Septimius والمنافسين الآخرين العاملين في هذا الحدث، مثل شركة Marcus Security التي يديرها محمد أبو حولية والمسؤول عن أمن "توتال إنيرجي" في ليبيا أن يبذلوا قصارى جهدهم لاستقبال المشاركين عند وصولهم إلى مطار معيتيقة. 

وبالفعل، منعت قوة الردع شركات الأمن من الوقوف عند مدخل المطار، وأخرجتهم من المنطقة كلها. 

والآن، تطالب الردع تلك الشركات بدفع تعويضات وتخطط لبناء موقف سيارات مدفوع الأجر في مكان قريب من المطار.

تدخلات وضرائب
 

وجاء هذا الموقف بعد إعادة تنظيم حكومة الوحدة الوطنية إدارة الشركات الأمنية. 

فمنذ مايو/أيار 2023 تولت هيئة أمن المرافق والمنشآت العامة إدارة هذا القطاع، وقررت مراجعة جميع العقود النشطة وحظر شركات الأمن الأجنبية.

فيما لم تعبأ قوة الردع بهذه المراجعات والتنظيمات وقررت أن تفرض سياستها تجاه تلك الشركات.

الأهم من ذلك أن رئيس هيئة الرقابة المالية الليبية أسامة طليش فرض ضريبة بنسبة 6 بالمئة على جميع عقود الشركات الأمنية. 

لكن قوة الردع وأجهزة المخابرات الليبية طالبته بجزء من هذه الأرباح كضرائب عليه وعلى الشركات.

وتصنف قوة الردع التابعة رسميا لحكومة الوحدة الوطنية،  ضمن تيار المداخلة السلفي. ورغم أن القوة تدعم رئيس الوزراء الدبيبة، إلا أنه لا يملك أي سيطرة عليها. 

فهي تنفذ أعمالا مزعجة بانتظام، كاختطاف العقيد محمود حمزة قائد اللواء 444 التابع لحكومة الوحدة الوطنية، في يوليو/ تموز 2023، ما أدى إلى سلسلة من الاشتباكات بين القوتين في طرابلس العاصمة.

وتوقع موقع "ليبيا أوبزيرفر" المحلي في الأول من فبراير/شباط 2024، أن تشهد الفترة المقبلة صراعا آخر على السلطة مع احتمال إعادة فتح المطار الدولي جنوب طرابلس بعد أشهر من أعمال الصيانة والتحديث فيه. 

وقد حولت جميع الرحلات الجوية إلى مطار معيتيقة عام 2014، ومرة أخرى في 2019، عندما دمر أثناء القتال.

وستنتظر قوة الردع الخاصة نصيبها من مطار جنوب طرابلس، وسترفض تحجيم مطار معيتيقة الذي يعد مكمن قوتها ومركز نفوذها الأمني والاقتصادي.

قوة الردع

تأسست هذه القوة خلال الفترة التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي عام 2012.

وكانت عبارة عن سرية تتبع المجلس العسكري ببلدية سوق الجمعة في العاصمة طرابلس، ثم أصبحت تحمل اسم "قوة الردع الخاصة".

وكانت تبعيتها آنذلك لوزارة الداخلية بقيادة الملازم عبد الرؤوف كارة ذي التوجه السلفي المدخلي. 

وفي 26 يناير 2017، ذكرت وكالة "سي إن إن" الأميركية في تقريرها عن الفصائل المسلحة في ليبيا، أن "قوة الردع" بدأت بعدة مئات من المقاتلين، لكنها وصلت إلى 1500 مقاتل مجهزين بالأسلحة المتوسطة، ويتميزون بسرعة الانتشار.

وفي عام 2018 أعاد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني هيكلة قوة الردع الخاصة تحت جهاز أمني جديد أسماه "جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب".

ومُنح الجهاز الجديد صلاحيات واسعة، إذ أعطى عناصرها صفة مأموري الضبط القضائي، وحق مصادرة الأموال والأملاك المضبوطة.

وكذلك مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، وتعقب العصابات الإجرامية والجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية، والمشارَكة في تنفيذ السياسة الأمنية للدولة.

وجرى تخصيص مصدر مالي لتمويل الجهاز بشكل خاص، وتهيئته ليكون قوة عسكرية وأمنية مهيمنة.

في تلك الفترة قرر رئيس قوة الردع عبد الرؤف كارة، أن يتخذ من "مجمع معيتيقة" الواقع شمالي طرابلس مقرا له.

إذ يسيطر على المطار المدني الوحيد في العاصمة والقاعدة الجوية والمستشفى العسكري.

وكان للسيطرة على المطار بعدا آخر غير البعد الإستراتيجي، حيث يقع في المجمع سجن "مؤسسة معيتيقة للإصلاح والتأهيل"، والذي يحتجز بداخله عددا من قيادات تنظيم الدولة الإسلامية المقبوض عليهم غربي ليبيا.

هذا بالإضافة إلى عدد غير معروف من المعتقلين، بينهم نساء وأطفال، وبعضهم لم يعرض على السلطات القضائية، بحسب تقارير الأمم المتحدة للعام 2020.

خارطة السيطرة

وقد اتسع نطاق نفوذ قوة الردع بعد الاشتباكات التي خاضتها في يوليو/تموز 2022 ضد كتيبة ثوار طرابلس، ليمتد من حاضنته الرئيسة ببلدية سوق الجمعة وطريق الشط (الشاطئ)، إلى مناطق طرابلس المركز والفرناج وعين زارة.

وبهذا صارت القوة تسيطر على مؤسسات حيوية عدة، مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط ومبنى الإذاعة والتلفزيون بزاوية الدهماني، ووزارة الخارجية وجامعة طرابلس، بالإضافة إلى عدة وزارات ومؤسسات حكومية أخرى.

وفي حديثه لـ"الاستقلال"، علق الصحفي الليبي هشام الحاسي على حجم ونفوذ "قوة الردع" بالقول إنها "تعد من أشرس القوى المسلحة في طرابلس وأكثرها نفوذا، وبتحكمها في المطار هي قادرة إلى حد كبير على عزل طرابلس دوليا". 

وأضاف: "هذه القوة تتبع صوريا للحكومة والدبيبة لكنها مستقلة إلى حد كبير، وتأتمر فقط بأمر قائدها عبد الرؤوف كارة".

وخاصة أنهم مؤدلجون إذ ينتمون إلي التيار السلفي المدخلي، وبدأوا كمطاوعة (مشايخ) يسيرون في المدينة تحت غطاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم حملوا السلاح وكونوا تنظيما، سرعان ما أصبح مليشيا لها ثقلها وقادرة على إحراق طرابلس.

وأتبع: "هذا ما حدث في المواجهات الدامية التي وقعت بين قوة الردع والكتيبة (444) بقيادة محمود حمزة خلال عام 2023".

ووقتها كان يمكن أن تتطور الاشتباكات إلى حرب شاملة تشارك فيها جميع الفصائل والقوات المسلحة، وكانت ستتحول طرابلس إلى ساحة دم، وسيكون السيناريو وقتها أشبه بوضع السودان والخرطوم اليوم، وفق تقديره.