بينها حسابات أميركية.. 4 أسباب لتأخر الرد الإسرائيلي على إيران

يوسف العلي | a month ago

12

طباعة

مشاركة

في ظل تأخر الرد الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية الإيرانية، برزت تساؤلات عن مدى انعكاس هجوم “حزب الله” اللبناني على قاعدة "بنيامينا" العسكرية الإسرائيلية، على طبيعة وتوقيت رد تل أبيب على قصف طهران، الذي حصل مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2024.  

وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي في 13 أكتوبر، مقتل أربعة 4 وإصابة 67 آخرين سبعة منهم بجروح خطيرة في هجوم شنّته مسيّرة تابعة لـ"حزب الله"، على معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا جنوب حيفا، فيما توعد الحزب، إسرائيل بمزيد من الهجمات.

وفي 31 سبتمبر، أطلقت إيران نحو مئتي صاروخ باليستي على إسرائيل، ردا على اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، ورئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية، فيما تعهدت تل أبيب على لسان مسؤوليها بـ"رد عسكري كبير، مفاجئ وفتاك ودقيق".

صدمة إسرائيلية

وبخصوص مدى تأثير ضربة "حزب الله" لقاعدة "بنيامينا" العسكرية على الرد الإسرائيلي ضد إيران، قال المحلل السياسي اللبناني، حكيم أمهز إن "الضربة تُعد تحولا في سياق المعركة، أحدث صدمة في الوعي الإسرائيلي من أن الأخير لايزال قويا وقادرا ولديه إمكانيات".

وأضاف المحلل المقيم في إيران خلال مقابلة تلفزيونية في 13 أكتوبر، أن “هذا الأمر سينعكس على أي معركة تحصل مع إسرائيل في المنطقة، فإذا  دخلت إيران فيها وبدأت بقصف الصواريخ وبدأ معها القصف من لبنان واليمن والعراق وحتى سوريا، فكيف سيكون الواقع الإسرائيلي؟”

وتابع: "هنا نلحظ أن حراك أميركا تجاه إسرائيل بخصوص ردها على إيران ليس محبة بالأخيرة، وإنما إدراكا منها بأن فتح المعركة مع الأخيرة سيواجه ردا كبيرا جدا، خصوصا إذا استهدفت منشآتها النووية والحيوية، وهذا أخذه الجانب الأميركي على محمل الجد".

في المقابل، يرى الباحث في الشأن السياسي بمنطقة الشرق الأوسط، لؤي العزاوي، أن "إسرائيل طمعت في لبنان وسال لعابها على إيران ومواليها من الأنظمة والتشكيلات المسلحة، وأن ضربة حزب الله سيعطيها مبررا وحافزا للمضي باستهدافهم جميعا".

وأوضح العزاوي لـ"الاستقلال" أن "تأخر الرد الإسرائيلي المباشر على إيران سببه بعد المسافة الجوية، إضافة إلى أن الكيان منشغل حاليا في تقليم مخالب الإيرانية في الدول العربية".

وأوضح أن "الكيان الإسرائيلي يحتاج طائرات الإرضاع الأميركية، لأن طيرانه سيقطع جوا الأردن والعراق مع بعض، وحاليا الجانب الأميركي يبتز الاحتلال في هذا الموضوع، لأن واشنطن لا تريد لتل أبيب ضرب طهران مباشرة مخافة الاضطرار للانجرار إلى المواجهة".

وأردف: "لا ننسى أيضا أن الكيان لا يملك قاصفات إستراتيجية بسبب عدم وجود مطار مخصص لها، لذلك دخول سلاح الجو الأميركي ضروري وحاسم في القصف الجوي الإسرائيلي المرتقب".

وأشار الباحث إلى أن "فكرة استهداف منشآت نووية وأخرى نفطية لايزال قائما ضمن حسابات إسرائيل، وجرى الاتفاق بين تل أبيب وواشنطن على ضرب المنشآت التي لا تسبب تلوثا وتعطل التخصيب".

وتوقع العزاوي أن "يقدم حزب الله على ضربات نوعية مماثلة لما حصل في قاعدة بنيامينا، قبل رد إسرائيل على إيران، فالأخيرة تعد الحزب أحد خطوط المواجهة المباشرة التي تمتلكها، وبالتالي ترى ضرورة استنزاف الاحتلال هناك قبل أن يفكر في خوض حرب معها".

خدعة إسرائيلية

على صعيد تفسير الإعلام العبري لتأخر الرد الإسرائيلي،  رأت صحيفة "معاريف" أنه "منذ الهجوم الإيراني في الليلة الأولى من أكتوبر، ظلت القنوات الإخبارية تهدد بأن الرد الإسرائيلي قادم، فقط هذا من لحظة إلى أخرى، يبدو وكأنه خدعة إسرائيلية".

وأوضح تقرير الصحيفة في 11 أكتوبر، أنه "يوما بعد يوم، تتلو وسائل الإعلام الرسالة التي مفادها أن إسرائيل ستهاجم إيران في الساعات القليلة المقبلة"، مستدركة: "في منتصف هذا الأسبوع، بدا الأمر كما لو أن إسرائيل لا تملك خطة فعلية حول كيفية الانتقام".

وبيّنت أنه منذ إطلاق الصواريخ الهائل من إيران على إسرائيل، كانت شبكات الأخبار العبرية تبث برنامجا وثائقيا واقعيا بعنوان: "تخطط إسرائيل لإجراء رد كبير في إيران، الذي من المحتمل أن يحدث خلال الـ12 ساعة القادمة".

وأردفت: "كل يوم تتفاقم النغمة.. وإذا ما تم المقارنة باليوم الأول، عندما صدر إعلان حازم بأن الجيش الإسرائيلي سيهاجم في الشرق الأوسط، لكن التهديد في اليوم التالي يشير إلى أنه لم يتم الكشف عن قدراتنا الهجومية وستأتي".

وأشارت إلى أن "الجمهور يعتقد من هذه التهديدات، أنها ستكون أكبر من 83 قنبلة خارقة للتحصينات وتزن الواحدة طنا، ولا بد أن يكون السلاح المستخدم هو الذري وليس أي شيء آخر".

وتابعت: "لكن في اليوم التالي بعدما لم يحدث شيء، بات الحديث عن تعميق الجيش لاستعداداته للهجوم بطريقة غير مسبوقة"، مضيفة أن “رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ظهر في مساء اليوم ذاته وقال، إنه سيتم الرد بقوة على الإيرانيين، ووصل جنرال أميركي إلى إسرائيل للتنسيق النهائي قبل الرد”.

وسخرت الصحيفة العبرية من أسلوب التهديدات هذا، بالقول: "إسرائيل لا تعرف ماذا تريد أن تفعله في إيران بطريقة غير مسبوقة وبكثافة غير عادية؛ لأنها ببساطة لم تستعد لهذه المهمة، ولم تفكر فيها بشكل مسبق، ولم تعد لها الخرائط".

من جهتها، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 16 أكتوبر، أنه " قيل للرؤساء التنفيذيين للوزارات الحكومية إن تل أبيب تستعد لأن يكون الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي شديدا، في أعقاب تقارير تفيد بأن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها ستهاجم فقط أهدافا عسكرية إيرانية".

وذكرت الصحيفة أن "الهجوم الإسرائيلي على إيران سيركز على مواقع حساسة، وتأتي هذه الكلمات بعد أن أبلغ نتنياهو إدارة بايدن أنه يخطط لمهاجمة أهداف عسكرية - وليس المنشآت النفطية أو النووية في إيران مقابل كل هجوم لإسرائيل".

"أربعة أسباب" 

وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "الجريدة" الكويتية نقلا عن مصدر (لم تكشف هويته) أن "هناك أسبابا عدة داخلية تؤخر ذلك الرد، إلى جانب الضغوط الدولية والإقليمية على تل أبيب، لعدم توسيع الحرب، أو التأثير سلباً على أسواق الطاقة". 

وذكرت الصحيفة في 14 أكتوبر أن "هذه الأسباب يمكن تلخيصها في أربعة، أولها، إسرائيل حاليا غير جاهزة لتلقي ضربات إيرانية واسعة النطاق على أراضيها على مستوى الجبهة الداخلية المنهكة".

وتابعت: "السبب الثاني، هو نقص في الدفاعات الجوية المتاحة ولا توجد ذخائر كافية لمنظومة القبة الحديدية المخصصة لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى ومنظومات مخصصة لاعتراض الصواريخ البالستية المتوسطة والبعيدة المدى، إضافة إلى صواريخ كروز".

أما السبب الثالث، فإن "الولايات المتحدة لا تستعجل في منح إسرائيل ما تطلبه من ذخائر ومنظومات دفاع جوي حتى إنها لم تفعّل حتى الآن الدفاعات الجوية العاملة بالأقمار الصناعية بالاشتراك مع إسرائيل، كما أن منظومة ثاد الأميركية لم تصل بعد إلى تل أبيب، رغم إعلان البنتاغون أنه سينشرها قريبا".

وأردفت: "السبب الرابع، هو أن الجيش الإسرائيلي، الذي مازال يقاتل في غزة ويتوغل في جنوب لبنان، ليس جاهزا، وغير قادر على إدارة حرب مفتوحة وواسعة وربما إقليمية".

وأشارت الصحيفة نقلا عن مصدرها، إلى أن "نتنياهو يضغط لتوسيع الحرب في الجنوب اللبناني، وتوجيه ضربات واسعة لحزب الله وسوريا وإيران، في وقت لا يستمع لتقديرات الجيش حول الإمكانات المتاحة والقدرات الموجودة".

ولفتت إلى أن "نتنياهو مصرّ على أن الجيش قادر على الوصول إلى أي مكان، ويتهم أحيانا قيادته بإخفاء الحقيقة عنه، مما أدى إلى انسحاب رؤساء الأركان والموساد والشاباك من جلسة جمعتهم قبل أيام معه رفقة ووزير الدفاع يوآف غالانت".

وفي 11 أكتوبر، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤول إسرائيلي (لم تكشف هويته) قوله إن "الردّ على إيران لا يزال قيد التخطيط، وإن التأخر في الرد يأتي وسط مشاورات مستمرة مع إدارة الرئيس جو بايدن".

وكذلك نقلت الصحيفة في الوقت نفسه، عن مسؤولين أميركيين (لم تكشف هويتهم) إشارتهم إلى أن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل في "الدفاع عن نفسها"، لكنها لا تريد حربا مباشرة مع إيران.