مركز إستراتيجي منشود.. ماذا تفعل سفن روسيا الحربية في طبرق الليبية؟

5 months ago

12

طباعة

مشاركة

تعمل روسيا بلا كلل على زيادة نفوذها في ليبيا، ضمن المناطق التي يسيطر عليها اللواء الانقلابي المتحالف معها خليفة حفتر. 

كانت آخر الخطوات في هذا الاتجاه، إرسال سفينتين حربيتين إلى قاعدة طبرق البحرية التي تسيطر عليها مليشيا "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر.

وعلقت مجلة فورميكي الإيطالية بالقول إن وصول هاتين القطعتين البحريتين الروسيتين "يعد التطور الأهم في سيناريو إمكانية تحول ميناء طبرق إلى قاعدة بحرية روسية جديدة في البحر الأبيض المتوسط". 

سفينتان حربيتان

ووصلت السفينتان الحربيتان الروسيتان إلى القاعدة الواقعة في أقصى شرق ليبيا في 17 يونيو/حزيران 2024، في إطار "زيارة ضمن إطار التعاون بين الطرفين".

وبحسب بيان نشرته رئاسة أركان قوات حفتر على فيسبوك، يأتي وصول الطراد البحري "فارياج" والفرقاطة "الادميرال شباشنيكوف" ضمن زيارة عمل إلى قاعدة طبرق البحرية لمدة 3 أيام، وكان في استقبالهما مجموعة من ضباط قيادة القوات البحرية التابعة للواء الليبي.

تأتي الزيارة، بحسب البيان "انطلاقا من حرص وتوجيهات القائد العام المشير أركان حرب خليفة بلقاسم حفتر بالدفع بعجلة بناء القوات المسلحة بصفة عامة والقوات البحرية".

وأضاف بأنها "تهدف إلى تأكيد علاقات التعاون والتنسيق بين البحريتين الليبية والروسية في مجال التدريب والصيانة وتقديم الدعم الفني واللوجستي، وتبادل الخبرات والمعلومات والتعاون في مجال الأمن البحري، بما يخدم مصالح البلدين".

وقالت مجلة "فورميكي" إن "اختيار موسكو وقع على المدينة التي تستضيف مجلس النواب المنتخب عام 2014 والذي انتهت صلاحيته منذ فترة طويلة، لتكون مركزا إستراتيجيا لوجستيا منشودا ".

ونوهت إلى أن "ميناء طبرق يعد أحد الموانئ الليبية التي تثير الاهتمام والتنافس بين القوى الأجنبية، في إشارة إلى الولايات المتحدة والصين كذلك.

لا سيما أنه ميناء المياه العميقة ويطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط وهو كذلك محمي طبيعيا، بالإضافة إلى أنه يتصل بمنطقة الهلال النفطي من خلال خط أنابيب نفط كما أنه يعد قريبا من مصر التي تدعم أيضا اللواء الانقلابي.

ودعمت مصر وروسيا ودول أخرى حفتر في انقلابه على الشرعية الليبية ومحاولته السيطرة على العاصمة طرابلس، لكن الأخير فشل في جميع محاولاته منذ اندلاع الثورة الليبية عام 2011.

وتشهد ليبيا صراعا على السلطة، بين حكومة عيّنها مجلس النواب مطلع 2022 في الشرق، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

وأكدت المجلة أن ميناء طبرق مهم لروسيا خاصة أن القدرة على استخدامه يعني إنشاء موقع داعم لقاعدة طرطوس الروسية البحرية بشمال غرب سوريا. 

وأشارت إلى أن المليشيا التي تسيطر على طبرق ومناطق من إقليم برقة الليبي تحت قيادة حفتر تتمتع "بالفعل بمستوى جيد من التعاون مع الروس".

في هذا الصدد، ذكرت زيارة حفتر لحاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنيتسوف"، خلال عبورها المياه الإقليمية الليبية في طريق عودتها من سوريا على أثر مهمة لدعم نظام بشار الأسد عام 2017، ووقع على متنها آنذاك، بحسب تقارير إعلامية، اتفاقية عسكرية مع روسيا.

تعزيز الانتشار

بينت فورميكي أن شرق ليبيا بات الآن "أهم مقر لوجيستي" لمجموعة المرتزقة الروس فاغنر الداعمة لحفتر والتي أصبحت الآن تحمل اسم "فيلق إفريقيا". 

وقالت إن "تعزيزات هذه المجموعة تمر عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة حفتر وتستخدم بعد ذلك في الأنشطة المختلفة في منطقة الساحل وجمهورية إفريقيا الوسطى".

وبحسب المجلة، يستخدم الروس منذ سنوات جزءا من مطار بنغازي، وقاعدة الجفرة، وسط البلاد، والميناءين البحريين في بنغازي وطبرق من أجل الخدمات اللوجستية لعمليات الانتشار وكذلك لإيواء قواتهم المتمركزة هناك. 

يذكر في هذا الصدد ما أظهرته صور أقمار صناعية كانت قد التقطت في يونيو 2020 عن وجود طائرات مقاتلة روسية من طراز سوخوي 24، وتحديثا لوحدات الدفاع الجوي في قاعدة الجفرة الجوية.

وأكدت المجلة أن "هذه الأمور لم يطرأ عليها أي تغيير تحت القيادة الجديدة لضابط المخابرات العسكرية أندريه أفريانوف الذي تولى زمام قيادة فاغنر بعد مقتل زعيمها يفغيني بريغوجين".

وشددت على أن "تمرد مجموعة فاغنر ضد الكرملين بأوامر من زعيمها بريغوجين وكذلك مقتله في حادث تحطم طائرة في أغسطس/آب 2023، لم يغيرا الأولويات الروسية في ليبيا". 

وتابعت بأنها " لم تتعدل بشكل كبير مع بداية الغزو واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 بعد أن جرى استدعاء بعض الأفراد المتمركزين في ليبيا للقتال على الأراضي الأوكرانية، فيما تم تأكيد تمركز وبقاء الجزء الأكبر على الأراضي الليبية". 

ووفقا لتقديرات "من المستحيل تأكيدها ولكنها تعد ذات مصداقية"، تشير المجلة إلى وجود قرابة 20 ألف عنصر من المرتزقة، منتشرين في كامل إفريقيا تحت القيادة الحالية لأفريانوف. 

وتتوقع أن موافقة الجنرال الليبي على تحويل جزء من ميناء طبرق إلى قاعدة بحرية روسية من شأنه أن يمنح موسكو ميزة إستراتيجية، فضلاً عن الدعم اللوجستي. 

وأردفت أن روسيا، التي تعمل أيضا على إنشاء قاعدة محتملة في بورتسودان في السودان على ساحل البحر الأحمر، تسعى منذ فترة طويلة إلى تعزيز وجودها في البحر الأبيض المتوسط. 

في هذا الإطار، لاحظت المجلة الإيطالية تزايد حضور روسيا البحري في المنطقة على مدى السنوات القليلة الماضية.

وبينت أن هذه الأنشطة على طول ما يسمى "الجبهة الجنوبية" التابعة لحلف شمال الأطلسي، تفرض التزاما غربيا سواء الآن في وقت السلم، أو إذا تغيرت الظروف في المستقبل. 

ولهذا السبب، تشرح المجلة أن "أنظمة المراقبة التابعة للحلف تتابع خطوة بخطوة وصول السفينتين الروسيتين إلى ميناء زعيم المليشيا الليبية، وكذلك جميع أنشطة موسكو بشكل عام في البحر الأبيض المتوسط".

الكلمات المفتاحية