تأهب مصري بعد سقوط الأسد.. هل يخشى السيسي مصيرا مشابها؟

بعد ١٠ دقائق

12

طباعة

مشاركة

تتحدث تقارير إعلامية عن فرض الأجهزة الأمنية في القاهرة فعليا "حالة التأهب القصوى" تحسبا لخروج مظاهرات واحتجاجات، وذلك بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وفي تطرقها لدوافع المخاوف المصرية مما حدث في سوريا، ترى صحيفة إيطالية أن نظام عبد الفتاح السيسي يشعر بالقلق من أن  تصل "موجة الفوضى السورية" القاهرة، في إشارة إلى إمكانية هبوب رياح التغيير على الأراضي المصرية أيضا.

وذلك في حالة مشابهة لما جرى عام 2011، حيث توالت المظاهرات وعمت الثورات عدة مدة عربية لم تسلم مصر منها ونتج عنها إسقاط نظام حسني مبارك.

حالة تأهب

وقالت صحيفة "نيغريسيا" إن "مصر تعد الدولة الإفريقية الأكثر تعرضا وتأثرا بتداعيات الأزمة السورية". 

وأشارت إلى وصول مئات الآلاف من اللاجئين في 2012 ، وهو العام الذي بدأ فيه الرئيس المصري المنتخب حديثا آنذاك محمد مرسي والمنقلب عليه في عام 2013 بالترحيب بالسوريين الفارين من قمع الديكتاتور بشار الأسد.

وقد قدرت أعدادهم بنحو 500 ألف شخص على الأقل، فيما جرى تسجيل أكثر من 150 ألف سوري رسميا كلاجئين أو طالبي لجوء في الوقت الحالي.

ولهذا السبب، فرضت الأجهزة الأمنية في القاهرة "حالة تأهب قصوى غير معلنة" عقب سقوط الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وانتصار المعارضة السورية.

وذكرت الصحيفة أنه يُمنع الاحتفال أو الاحتجاج المتعلق بسوريا في الوقت الحالي، بينما احتفلت العديد من الجاليات السورية في العديد من دول العالم بسقوط نظام الأسد. 

وقال سوريون يقيمون في مصر إن أجهزة الأمن المصرية ألقت القبض على 17 شخصا شاركوا في احتفالات سقوط الأسد.

وكان مئات السوريين قد خرجوا للاحتفال في مصر بسقوط النظام في بلدهم وعبروا عن فرحتهم بإمكانية العودة إلى ديارهم بعد نجاح الثورة. 

وردد المئات الذين تجمعوا في مدينة 6 أكتوبر في محافظة الجيزة هتافات "الله أكبر، وسوريا حرة".

نقلت الصحيفة الإيطالية عن بعض الصحف العربية تأكيدها فرض حالة تأهب قصوى في صفوف القوات المسلحة.

وتحدثت مصادر عن صدور أوامر مباشرة من الرئاسة بنشر قوات في شوارع مصر حال اندلاع احتجاجات أو وقوع فوضى محتملة.

مخاوف وتحذيرات

وبحسب هذه المصادر، يخشى السيسي توسع موجة الاحتجاجات والحراك الذي أدى إلى انتصار المعارضة السورية على النظام الديكتاتوري هناك وخلق مشاكل لنظامه، وفق ما تنقل الصحيفة الإيطالية.

وأشارت إلى أن "جهاز الأمن الوطني استدعى قيادات مجموعات اللاجئين السوريين في البلاد والمتعاونة مع الأجهزة الأمنية، وأبلغهم بعدم التهاون في حال تنظيم تظاهرات".

من جانبها، نشرت "مؤسسة سوريا الغد للإغاثة" في مصر بيانا مقتضبا على فيسبوك، طالبت فيه جميع المواطنين السوريين الموجودين في مختلف أنحاء مصر، بـ"عدم التظاهر في الطرقات".

كما دعت إلى "عدم المشاركة في أيّ من المسيرات أو الوقفات الاحتفالية"، موضحةً أن القانون المصري يحظر كل تجمّع من دون تصريح قانوني. 

وأضافت المؤسسة أنها علمت بعد "التواصل مع الجهات الأمنية" أن ثمة نية لدى الأخيرة باتخاذ "إجراءات صارمة قد تصل إلى الترحيل"، بحق "كل من يخالف هذه القوانين". 

وطالبت بالتالي الجالية السورية بالالتزام بالقوانين المصرية، حتى لا يتعرض أي من أفرادها للأذى، وذلك بعد أن انتشرت مقاطع فيديو لسوريين وهم يحتفلون في شوارع القاهرة.

موقف السيسي

في الأثناء، أشارت الصحيفة إلى عدم صدور أي بيان رسمي من رئيس النظام فيما يتعلق بالتطورات في سوريا.

ويوجد السيسي حاليا خارج البلاد ضمن زيارة دولة في إطار جولة أوروبية شملت الدنمارك والنرويج وأيرلندا، يرافقه فيها وزيرا الخارجية والاستثمار بالإضافة إلى وفد رجال أعمال مصري.

بينما صدر أول موقف مصري رسمي عن وزارة الخارجية على حسابها في فيسبوك، أكدت فيه أن مصر تتابع باهتمام كبير التغير الذي شهدته سوريا وتؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها لسيادة البلاد ووحدة أراضيها.

ودعت الخارجية المصرية "جميع الأطراف السورية بتوجهاتها كافة إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي".

وكانت الخارجية نفت سابقا بشكل قاطع، ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية من أن مسؤولين مصريين حثوا بشار الأسد (قبل إسقاطه) على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى.

وذكرت الصحيفة أن نظام السيسي كان له موقف معقد تجاه الأزمة السورية، وترى أنه تأثر بالتقديرات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية الإقليمية.

وأشارت إلى أن القاهرة كانت قد دعت رسميا إلى التوصل إلى حل سياسي لا عسكري للصراع السوري، وشاركت في المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى تعزيز المفاوضات بين الأطراف المعنية. 

وأضافت بأنها حافظت في عهد السيسي على “نهج حذر ولكن إيجابي نسبيا تجاه الأسد، وتجنبت اتخاذ موقف عدائي علني، كما أنها لم تدعمه رسميا”.

وزادت بأنها فضلت لعب دور المحايد فيما يتعلق بالخلافات بين اللاعبين الإقليميين مثل السعودية وتركيا وإيران "التي لديها مصالح متباينة بسوريا".

وبحسب الصحيفة الإيطالية، يشعر نظام السيسي بمخاوف "من توسع الجماعات المتطرفة في المنطقة لا سيما أنها تشكل تهديدا مباشرا على الاستقرار المصري بالنظر إلى الوضع في سيناء" حيث تنشط جماعات على صلة بتنظيم الدولة.

ومن ناحية أخرى وفي تفسيرها للمخاوف المصرية من التطورات في سوريا، أشارت إلى أن نظامي السيسي والأسد قمعا بشكل متواصل المعارضين والناشطين المطالبين بالحريات في إطار موجة ثورات الربيع العربي.

وبينما كان نظام الأسد يقمع معارضيه ويزج بهم في سجون أشبه بالمسالخ البشرية، أعربت دول ومنظمات حقوقية عام 2019 عن إدانتها للقمع الأمني للمظاهرات المناهضة السيسي التي خرجت آنذاك وطالبت بعزله.