"عام على الطوفان".. كيف أفشل 7 أكتوبر مخطط إسرائيل والسعودية؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

تتناول مجلة "جون أفريك" الفرنسية في تقريرها تحليلا للكاتب دومينيك فيدال حول عملية “طوفان الأقصى” وما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويعتقد الكاتب فيدال أن حركة حماس -من خلال العملية- سعت إلى “منع عملية التطبيع بين السعودية وإسرائيل”. 

وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن "الهجوم تسبب في تغيير في موازين القوى بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث باتت إسرائيل أقل اعتمادا على واشنطن في قراراتها".

وأعرب الكاتب عن تشاؤمه بشأن المستقبل، متوقعا أن "الصراع قد يستمر لسنوات عديدة قادمة، مع تزايد آثار الهجمات على الأجيال القادمة سواء في غزة أو إسرائيل".

نازية جديدة

وأوضحت المجلة الفرنسية أن "دومينيك فيدال يحلل منذ أكثر من أربعين عاما تطور الوضع بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة". 

وكأي مؤرخ جيد، كما وصفته جون أفريك، يستدعي فيدال الماضي لتوضيح ما يحدث حاليا.

ولكنه رغم ذلك يرفض فكرة التنبؤ بالمستقبل، حيث قال: "لم يتوقع أحد ما حدث في 7 أكتوبر 2023، ولم يتخيل أحد أننا سنرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعطي الأمر باغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، من نيويورك، وبشكل شبه مباشر".

وبصفته"متابعا للأوضاع عن كثب"، تقدم المجلة تحليل فيدال وانطباعاته بعد عام من العدوان على غزة، وفي الوقت الذي تمتد فيه الحرب إلى لبنان المجاورة.

وفي حديثها معه، وجهت المجلة سؤالا إليه قائلة: “هل ترى أن هناك لحظة فاصلة خلال عام 2023 تشير إلى الانتقال من رد فعل عنيف إلى خطة أوسع لنشر الحرب وتوسيعها؟”

وفي إجابته على هذا السؤال، ذكر فيدال أن الشيء الذي لفت انتباهه هو "حجم ما يحدث أكثر من طبيعة ما يحدث".

وأوضح أنه "لا يرى أي مفاجأة كبيرة خلال عام الحرب هذا، باستثناء حجم الرد الإسرائيلي بعد صدمة الهجوم الذي شنته حماس". 

ويعتقد الكاتب أنه "بقدر ما قد يبدو غريبا استخدام هذا المصطلح عند الحديث عن إسرائيل، فنحن نتعامل مع حكومة نازية جديدة مكونة من حزب الليكود المتطرف للغاية -الذي لا علاقة له بالليكود التاريخي- بالإضافة إلى الأحزاب الأرثوذكسية، ولكن بشكل خاص، 14 نائبا من حزب الصهيونية الدينية". 

وأكد فيدال على حقيقة أنه "لا يوجد شيء مفاجئ في هذا الانجراف الإسرائيلي، فهو موجود في جينات التحالف الذي نتج عن الانتخابات التشريعية في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2022".

وفي هذا السياق، لفت إلى أن "ما يجعل الوضع معقدا هو تحديد ما يتعلق بمصالح نتنياهو الشخصية، الذي يسعى للهروب من العدالة في بلاده، وما يتصل بأجندات أعضاء الحكومة الذين لا يهتمون بمصير رئيس الوزراء، ولكنهم يسعون لفرض برنامجهم الخاص".

وبحسب ما ذكرته المجلة، فإن هذا البرنامج يشمل "ضم الضفة الغربية والتطبيع مع الدول العربية دون تقديم أي تنازلات للفلسطينيين".

وفي إطار هذه الأهداف والمصالح، شدد الكاتب ساخرا على أن "نتنياهو حتى الآن حقق أهدافه، فهو لا يزال رئيسا للوزراء ولم يُدَن بعد، كما أنه فرض إرادته على الرئيس الأميركي جو بايدن".

عرقلة التطبيع

أما فيما يخص الوساطة العربية بهدف التوصل إلى الهدنة في غزة، تساءلت المجلة الفرنسية: “هل كانت تهدف تلك الوساطة أيضا إلى الحفاظ على مستوى معين من التقارب مع تل أبيب، وذلك لتجنب تعريض عملية التطبيع، التي كانت جارية قبل 7 أكتوبر 2023، للخطر رغم الظروف الصعبة؟”

وأجاب فيدال قائلا إن “هذه الوساطة العربية ليست أكثر من مسرحية، ولا تحمل أي تماسك سياسي حقيقي”، منوها إلى أن "تبادل الأسرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 لم يكن نتيجة لأي وساطة عربية". 

وأكد على حقيقة أن "الجهة الوحيدة التي كانت لها القدرة على التأثير على إسرائيل في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة". 

ورغم ذلك، سلط الكاتب الضوء على أننا "نشهد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية انهيارا في القوة الأميركية وتغير ميزان القوى، إذ لم تعد إسرائيل تطيع الأوامر كما في السابق".

ومن ناحية أخرى، أشار فيدال إلى أنه يعتقد أن "أحد الأهداف الرئيسة لعملية 7 أكتوبر كان منع انضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام".

وتابع: "وذلك بالإضافة إلى منع عملية التقارب بين الرياض وتل أبيب، والتي كانت ستعني نهاية وجود حماس التي تمثل المقاومة ضد إسرائيل". 

ومن هذا المنظور، ذهب الكاتب إلى أن "حماس حققت، من خلال عملية (طوفان الأقصى)، نجاحا ملحوظا".

واستدرك: “ولكن من وجهة نظر إسرائيل، سيكون من الصعب إتمام عملية تطبيع بشروط حكومة تسعى لتحقيق ذلك دون الأخذ في الحسبان إنشاء دولة فلسطينية”.

وبنقل الحديث إلى التغييرات السياسية التي حدثت في الحركة نتيجة اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية، تساءلت جون أفريك: “هل يعد تعيين يحيى السنوار على رأس الحركة نهاية الجناح السياسي للحركة بعد اغتيال هنية في طهران؟”

وبالإشارة إلى ضرورة وضع هذا التعيين في سياق أوسع، يرى فيدال أن "ميزان القوة العام بين حماس وإسرائيل قد تغير". 

فمنذ انتخابات 2006 في قطاع غزة، التي رفض الغرب نتائجها لأنها كرست وصول حماس إلى السلطة، نشأت علاقة متناقضة بين حماس وإسرائيل، أسماها الكاتب "عدوي هو حليفي".

تأثير ممتد

وأشار فيدال إلى موقف نتنياهو الذي ظل يندد بحماس كخطر على المنطقة والعالم، بينما كان يسمح لقطر بتزويدها بما تحتاجه لإبقاء غزة واقفة على قدميها.

لكنه لفت إلى أنه "منذ بدء الحرب، شهدنا محاولة لتغيير قواعد اللعبة من كلا الجانبين".

وأردف موضحا: "حيث قررت حماس توجيه ضربة عنيفة جدا لإسرائيل عبر عمليتها العسكرية". 

وتابع: "ومن جهتها، قررت إسرائيل فرض نظام إقليمي يناسبها بالقوة الدموية". 

ومع ذلك، لا يعتقد الكاتب أن "أيا من الطرفين يعرف بالضبط ما الذي يسعى لتحقيقه أو قد بدأ فعليا في التفكير فيما سيحدث بعد ذلك على المستوى السياسي".

وذهب إلى أن "الهدف من العمليات في لبنان لا يزال غير واضح".

وتساءلت المجلة الفرنسية عن "النتائج التي ظهرت نتيجة لهذه التغييرات التي تحدث عنها فيدال".

وأوضح الكاتب أن "آثار الصراع يمكن ملاحظتها من خلال الصور الذهنية في مخيلة الجمهور، حيث لم تكن صورة إسرائيل في العالم سيئة إلى هذا الحد منذ نشأتها". 

وأكد على أن "إسرائيل فقدت قدرا كبيرا من التأييد في العالم الإسلامي"، مضيفا أنه"بالنظر إلى أعداد المتظاهرين، يبدو أن اتفاقيات أبراهام لم تمثل نجاحا كبيرا". 

ونوه فيدال إلى أن "القادة العرب، كما هو الحال دائما، مترددون بين دعم الشارع أو المضي في عملية التطبيع مع إسرائيل لأسباب أمنية".

ولكن إلى "أي مدى يمكنهم إقناع شعوبهم بعملية تطبيع تعزز العنف الشديد الذي تمارسه القوات الإسرائيلية؟"، تساءلت "جون أفريك".

وقال فيدال إن "الجرح الذي فُتح في 7 أكتوبر 2023 لن يلتئم قريبا، على عكس العمليات السابقة التي كانت لها حدود معينة، وهذا قد يستمر لعشر سنوات أخرى".