"مسلخ وليس سجنا".. شهادات مروعة من معتقل سدي تيمان الإسرائيلي

منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تحول معتقل سدي تيمان الصحراوي الإسرائيلي، إلى غوانتنامو الشرق الأوسط، في إشارة إلى السجن الشهير الذي أنشأته الولايات المتحدة، جنوب شرقي كوبا، عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

ويقدر بأن إسرائيل تعتقل منذ بداية العدوان على غزة مطلع أكتوبر/تشرين أول 2023، مئات الفلسطينيين من قطاع غزة في "سدي تيمان" وسط انتهاكات واسعة لحقوق الانسان.

شهادة مروعة

وقالت صحيفة إلباييس الإسبانية إن المسعف وليد الخليلي، من بين من نقلوا شهادات من داخل هذه القاعدة الإسرائيلية التي تقع في صحراء النقب.

وكشف أن السجانين الإسرائيليين استجوبوه أثناء جلسات التحقيق والتعذيب عن أسراهم المحتجزين في غزة وعن رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة يحيى السنوار.

لكنه أصرّ مرارا وتكرارا على أنه لا يعرف شيئا عنهم، حيث إنه ليس سوى عامل في مجال الصحة وسائق سيارة إسعاف. 

ووفقا لشهاداته، استمر الصعق بالصدمات الكهربائية والضرب والإغراق في الماء وجلسات البرد القارس.

 وفي الوقت نفسه، كان هو والأسرى الآخرون يُحتجزون عراة ولا تغطيهم إلا حفاضات. 

وقضى المسعف الغزي ما يقارب الشهر في هذا السجن سيئ السمعة الذي طالته العديد من الانتقادات من قبل منظمات إنسانية، وحتى المحكمة العليا الإسرائيلية نفسها.  

وخلال إدلائه بشهادته لصحيفة إلباييس عبر رسائل إلكترونية، كرر الخليلي في العديد من المرات أن سدي تيمان "ليس سجنا، بل هو مسلخ". وأكد أيضا أنه كان شاهدا على وفاة اثنين من زملائه. 

وقال: "نحن لا ننتمي إلى حماس ولا نتعاون معها"، مشددا على أن إسرائيل تراودها شكوك حول جميع العاملين في مجال الصحة.

إذ يشتبهون في تعاونهم مع حماس في احتجاز الأسرى الإسرائيليين. ويعلق: "إنه ضرب من الخيال، ينتهي الكابوس فقط عند التأكد من عدم الانتماء إلى الحركة". 

وكشف المسعف أنه استجوب خمس مرات، وإلى جانب جهاز المخابرات الداخلي (الشاباك)، يقول إنه كان هناك بعض العسكريين الذين يضعون العلم الأميركي على الزي الرسمي. 

ويؤكد: "كانوا يتحدثون الإنجليزية وكان زيهم الرسمي مختلفا عن الإسرائيليين".

وفيات السجن

ونوهت الصحيفة إلى أن وليد الخليلي، الذي فقد 22 كيلو غراما من وزنه خلال فترة أسره، وافق على الظهور في هذا التقرير باسمه ولقبه. 

وقبل بنشر صوره رغم الخوف من الانتقام، لأنه يطمح إلى العلاج من إصاباته، والعودة إلى العمل، وقبل كل شيء الالتقاء مع عائلته. 

في المقابل، اختار أن يتجنب ذكر بعض التفاصيل المروعة، خاصة فيما يتعلق ببعض حالات الوفاة التي شهدها. 

لكن، تتطابق الصورة البشعة التي يرسمها مع ما كشف عنه السجناء الآخرون الذين مروا عبر مركز الاعتقال المثير للجدل. 

من جانبه، ودون تقديم تفاصيل، أكد الجيش الإسرائيلي لصحيفة إلباييس أنه يحقق في وفاة معتقلين دون أن يحدد ما إذا كانوا من سجن "سدي تيمان" أم لا. 

ووفقا لصحيفة هآرتس العبرية، شهد هذا المعتقل ما لا يقل عن وفاة 36 سجينا. وقد كان الخليلي شاهدا على بعض منها. 

وفي شهادته حول حالتي الوفاة اللتين كان شاهدا عليهما، أورد الخليلي أن زملاءه كانوا معلقين من الأرجل، وتعرضوا لصعقات كهربائية، وهي أساليب تعذيب تعرض لها هو أيضا. 

ويقول: "كانوا بجانبي، وكنت أسمع صراخهم، وبعد ذلك استشهدوا، أنزلناهما وبقيا معنا يوما كاملا في الزنزانة إلى أن جاء الجنود وأخذوهما". 

وأضاف: "كنت أعرف أنهما فارقا الحياة. تحدثت إلى عناصر الجيش وأخبرتهم أنهما توفيا لأنني عامل في مجال الصحة وأعرف علامات الوفاة، كما أن دقات القلب قد توقفت". 

أما الحالة الثالثة التي كان قد عاينها، على حد قوله، فقد قُتلت بالرصاص خارج المنشأة بعد تعرضها للتعذيب. وعلى الرغم من أنه سمع الطلقات، إلا أنه لم ير ما حدث تحديدا.. 

كوابيس مستمرة

وفي شهاداته، كشف العامل في المجال الصحي أنه "مازال يعاني من الكوابيس إلى حد الآن، ولن ينسى طوال حياته ما شهده داخل المعتقل". 

وأضاف: “كانوا يعلقونني بالسلاسل لأيام، ويضعون طوقا حديديا حول رأسي، كما كانت يدي ورجلي موصولة بأسالك لتقوم بمهمة الصعق بالكهرباء”.

وتابع: "في بعض الأحيان كانوا يضعون رأسي في إناء ماء ليقطعوا أنفاسي أو يحرقونني بأنبوب مشتعل متصل بالتيار الكهربائي"

وبحسب ما أفاد به، كانت هذه بعض الأساليب التي استخدمت ضده أو ضد أسرى آخرين من غزة، في سجن افتتحته إسرائيل في قاعدة عسكرية تبعد نحو 30 كيلومترا عن حدود القطاع في بداية الحرب. وحتى الآن، مرّ منه نحو 4700 معتقل حسب أرقام الجيش الإسرائيلي. 

وتفيد بعض وسائل الإعلام أنه لم يتبق هذه الأيام سوى بضع عشرات منهم، رغم استمرار وصول مجموعات من القطاع. 

في الوقت نفسه، لا يؤكد المتحدثون العسكريون إغلاقه، كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استمرار تشغيله.

وحول سلسلة الانتهاكات والتعذيب التي تعرض لها، أشار الخليلي إلى أنه خلال فترة سجنه بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023، جرى وضعه في ثلاجة لأكثر من أربع ساعات، ثم نقلوه إلى مكان فارغ وسكبوا عليه الماء المثلج. 

في وقت لاحق وضع بجانب مروحة حتى وقت متأخر من الليل. وأضاف: “ضربنا الجنود على أرجلنا وأيدينا بالعصي، بينما كانوا يشتموننا. نتيجة لذلك، أصبت بجروح وكسور وكنت أنزف بالدماء”.

واستدرك: "لم أتلق أي عناية طبية سوى المسكنات وضمادة على يدي. زيادة عن ذلك، أجبرنا على تناول حبوب الهلوسة. وفي أرجاء السجن، تعالى الصراخ بسبب وحشية التعذيب". 

وفي مناسبة أخرى، "اقتادنا الجنود إلى ساحة وصوبوا أسلحتهم نحونا وأخبرونا أنهم سيقتلوننا جميعا. كانوا يكررون ذلك دائما".

ويقول المسعف إنه أمضى غالبية الوقت معصوب العينين، “حيث لم نكن نعرف ما إذا كان الوقت ليلا أم نهارا”.

كما كان مقيد اليدين في مرافق يصفها على النحو التالي: “كانت الساحة الخارجية مكونة من أقفاص حديدية وأسلاك شائكة وكهربائية، بالإضافة إلى غرف التعذيب”، وكان التواصل بين السجناء ممنوعا. 

ويتذكر الخليلي مشاهد سريالية أثناء التحقيق معه: "رسموا سيارة إسعاف على الحائط وسألوني إن كان بإمكاني إحضار السنوار إليهم فيها، فأخبرتهم أنني لا أستطيع، ثم صعقوني بالكهرباء وضربوني بالعصي".