بمساعدة روسية.. هكذا "تطور" إيران برنامجها الفضائي تحت أعين الغرب

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

تكثف إيران خطواتها العملية لتطوير قطاع الفضاء "بمساعدة من روسيا"، وسط اتهامات غربية لطهران بالتخطيط لاستخدام هذه التكنولوجيا في تحقيق أغراض عسكرية.

وبينما يبدو التعاون بين موسكو وطهران في مجال الفضاء يعزز العلاقات بينهما ويحقق أهدافا مرحلية، إلا أنه يأتي في خضم التوتر المتصاعد بين البلدين من جهة والدول الغربية من جهة أخرى.

إذ يثير التقدم المفاجئ الذي أحرزته إيران في برنامجها الفضائي القلق في الغرب، وبات من الواضح أكثر أن طهران تحصل على مساعدة كبيرة من روسيا، بحسب تقرير صادر عن مجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية المعنية بالشؤون الاستخباراتية مطلع يوليو/ تموز 2024.

إيران والفضاء

وفي هذا السياق، أعلن رئيس منظمة الفضاء الإيرانية حسن سالاريه في 15 يونيو/ حزيران 2024 أن “إيران ستصبح مركزا للإطلاق تجاه الفضاء خلال السنوات العشر المقبلة”.

وسبق أن اعتمد المجلس الأعلى للفضاء في إيران في 7 يناير/ كانون الثاني 2023 برنامج الفضاء الذي يمتد لعشر سنوات ويهدف إلى تحويل البلاد خلال العقد القادم إلى القوة الإقليمية الرائدة عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا الفضاء وإطلاق الأقمار الصناعية.

وأعلن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني، عيسى زاربور، في 6 يونيو 2024 أن بلاده تقوم ببناء أكبر مركز فضائي في منطقة غربي آسيا، وذلك في مدينة تشابهار الساحلية جنوب شرقي البلاد  وستدخل حيز التشغيل مطلع فبراير/ شباط 2025. 

وستعمل المنشأة الفضائية، المخطط لها لتلبية احتياجات إطلاق الأقمار الصناعية الإيرانية، على تعزيز تعاون البلاد مع الشركاء الدوليين وزيادة إيراداتها، بحسب الوزير الإيراني.

ويعد مركز "الإمام الخميني للفضاء" الواقع في مقاطعة سمنان الشمالية، أول موقع إطلاق ثابت في إيران، وقد لعب دورا محوريا في المساعي الفضائية لطهران، منذ افتتاحه في عام 2017.

وهو يشمل جميع مراحل المهام الفضائية، بدءا من إعداد الأقمار الصناعية وحتى الإطلاق والتحكم والتوجيه، ويلبي بشكل فعال متطلبات إيران في المدار الأرضي المنخفض خلال مرحلته النهائية.

وتطارد إيران العديد من الإخفاقات في مجال التجارب الفضائية، مع عدد قليل من عمليات الإطلاق الناجحة، وتهدف إلى إرسال رائد فضاء إيراني إلى الفضاء.

ففي عام 2019، أدى انفجار إلى تدمير صاروخ ومنصة إطلاق في مركز سمنان الفضائي على بعد حوالي 200 كيلومتر شرق طهران.

 وتعتمد معظم المشاريع الفضائية الإيرانية على صواريخ روسية أو كورية شمالية معدلة محليا.

وشهدت أنشطة الفضاء التقليدية لمنظمة الفضاء الإيرانية عدة انتكاسات مع جيل منصات الإطلاق "سفير" المستخدم بين عامي 2008 و2019 وجيل "سيمورغ" الجديد، حيث لم يحقق سوى نجاحين (بما في ذلك الإطلاق الأخير في بداية عام 2024) مقابل خمس إخفاقات.

 وبعد الإطلاق الناجح للقمر الاصطناعي "مهدا" نهاية يناير 2024، بدأت طهران في طرح جهاز الإطلاق "سيمورغ" في السوق الدولية.

ففي مارس/ آذار 2024، تفاجأ زوار معرض DimDex الدفاعي في الدوحة برؤية كتيبات متعددة اللغات لقاذفة "سفير 2"، الاسم التجاري لسيمورغ والتي تقدمها كحل مستقبلي موثوق به لحمولات تتراوح بين 200 و1000 كيلوغرام. 

وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانية في 15 يونيو 2024، كرر سالاريه تأكيد طموح إيران في أن تصبح مركزا للإطلاق نحو الفضاء خلال السنوات العشر المقبلة. 

لكن هذا التفاؤل المفاجئ بعيد كل البعد عن الإنجازات الملموسة، ولم يؤد إلا إلى زيادة الشكوك الغربية في استفادة طهران من مشورة الخبراء الروس.

الدعم الروسي

وضمن هذا الإطار، فإن التعاون الروسي مع إيران في برنامجها الفضائي، لا يغيب عن أبراج المراقبة الغربية لرصد هذا القطاع ونتائجه "الإيجابية والسلبية" على طهران.

ومن أجل ذلك، تنشر واشنطن موارد وكالة الاستخبارات التابعة لمكتب الاستطلاع الوطني (NRO) والأقمار الصناعية التجارية المتعاقد عليها مع البنتاغون (SkySat من شركة Planet، وWorldview من شركة Maxar)، وعلى الجانب الأوروبي، يرصد القمران الصناعيان Pleiades وPleiades Neo التابعان لمجموعة “إيرباص” الجهود الفضائية الإيرانية.

ويهدف الجانبان الأميركي والأوروبي بحسب "إنتلجنس أونلاين" من خلال ذلك إلى فهم كيفية تحقيق طهران مثل هذا التقدم السريع في برنامجها الفضائي، وفيما لو كان ذلك بفضل مساعدة روسية.

إذ ركز التعاون الفضائي الإيراني الروسي على إطلاق الأقمار الصناعية، حيث أطلقت طهران قمرها الصناعي الأول، محطة الاتصالات محلية الصنع "أوميد" - والتي تعني "الأمل" باللغة الفارسية - في عام 2009. 

وتبع ذلك إطلاقان مماثلان في عامي 2011 و2012. وجاء أول نشر ناجح لقمر صناعي عسكري إيراني في أبريل 2020، ثم تبعه آخر بعد عامين.

كما تعزز القلق الغربي، إثر الاتفاق بين إيران وروسيا القائم على تطوير روسيا أقمار المراقبة الإيرانية "كايام"، والتي أطلق أولها في عام 2022 من قاعدة بايكونور الفضائية التي تسيطر عليها روسيا في كازاخستان على متن صاروخ "سويوز". يونتج نظام "كايام" بالكامل في روسيا لدى "معهد روسيا للبحوث الكهروميكانيكية (VNIIEM)"، وهو نظام المراقبة التشغيلي الوحيد في إيران وتبلغ دقة صورته نحو متر واحد. 

كما مكن الاتفاق نفسه الإيرانيين من إطلاق القمر الصناعي "بارس 1" في 29 فبراير، باستخدام صاروخ سويوز مرة أخرى. 

ومع حصول إيران على هذا الصاروخ، تسارع التقدم الإيراني بعدما حالت إخفاقات الإطلاق السابقة دون اختبار الأقمار الصناعية المطورة محليا في الفضاء.

وبينما حاز برنامج الفضاء التابع للحرس الثوري بثلاث عمليات إطلاق ناجحة على التوالي بين عامي 2020 و2023، فإن أقمار الاستطلاع نور (6U Cubesats) لا تعمل بشكل صحيح. 

وعمل قمر "نور 1" لمدة 23 شهرا مع دقة وضوح تصل إلى 12-15 مترا، بينما التحق قمر "نور 2" بمداره في 17 مايو 2023.

أما "نور 3" وهو أحدثها، فقد أطلق في سبتمبر 2023 ويقال إن دقته بلغت 6 أمتار بفضل مداره المنخفض إلى حد ما والذي يبلغ 350 كيلومترا، ولكنه بعيد كل البعد عن دقة الصور الدعائية التي نشرها الحرس الثوري، والتي كانت في الواقع عبارة عن صور مركبة استنادا إلى صور موقع "جوجل إيرث".

ولدى القوة الجوية والفضائية التابعة للحرس الثوري طموحات كبيرة لبرنامج مراقبة الأرض الخاص بها، ويبدو أيضا أنها تتلقى مساعدة روسية.

 فمنصة الإطلاق "قاصد" التي يمكنها فقط حمل أقمار صناعية يصل وزنها إلى 40 كيلوغراما في مدار أرضي منخفض، هي الجزء الأول من هذا البرنامج.

كما يُطلق على صاروخ آخر اسم "سلمان" ويقدم على أنه تطوير إيراني لصاروخ مصنع محليا، لكن مرحلته الثانية تحمل تشابها صارخا مع النموذج المتقدم من منصة الإطلاق الروسية Breeze-M (أو Briz-M).

 وأمام هذه التطورات، من المتوقع أن تتابع وكالات المراقبة الغربية عن كثب مواقع الإطلاق الإيرانية على أمل اكتشاف علامات ملموسة حول هذا التعاون الجديد.

ووقعت وكالة الفضاء الإيرانية ونظيرتها الروسية روسكوزموس أواخر عام 2022 اتفاقية لتعزيز التعاون بين صناعتي الفضاء في البلدين، وقد جاء الإعلان على هامش المعرض الدولي الحادي عشر للطيران والفضاء في إيران، والذي أقيم في جزيرة كيش جنوب إيران في الفترة من 13 إلى 16 ديسمبر من العام المذكور.

إن الاتفاق بشأن تعزيز التعاون بين صناعتي الفضاء في روسيا وإيران مهم لأنه يشكل جزءا أساسيا من برنامج الفضاء الإيراني.

ففي حديثه في حفل التوقيع، أكد رئيس وكالة الفضاء الإيرانية حسن سالاريه أن الاتفاقية مع روسكوزموس ستساعد طهران على تحقيق أهدافها المتعلقة بالفضاء بشكل أسرع، خاصة بالنظر إلى المساعدة الخارجية في تطوير البنية التحتية وأجهزة الإطلاق والاستشعار عن بعد والاتصالات والملاحة.

وعقب ذلك، أطلق القمر الصناعي الإيراني للاستشعار عن بعد والتصوير "بارس 1" بواسطة صاروخ روسي من طراز سويوز من قاعدة فوستوتشني الفضائية في 29 فبراير 2024.

وقد علق وزير الاتصالات الإيراني عيسى زاريبور حينها بقوله إن صاروخ بارس-1 "تم تطويره محليا بالكامل".

وجاء هذا الإطلاق بعدما أعلنت إيران أنها أطلقت ثلاثة أقمار صناعية في وقت واحد إلى المدار في يناير 2024 باستخدام صاروخها الخاص، بعد ما يقرب من أسبوع من إطلاق قمر صناعي بحثي بواسطة الحرس الثوري الإيراني.

وحذرت الحكومات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، إيران مرارا من مثل هذه الإطلاقات، قائلة إن نفس التكنولوجيا يمكن استخدامها في الصواريخ الباليستية، بما في ذلك تلك المصممة لحمل رأس حربي نووي.

وتقول إيران، التي تخضع لعقوبات من الولايات المتحدة منذ انسحاب الأخيرة في عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي الذي أبرم عام 2015، الذي منح طهران تخفيفا للعقوبات مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية، إنها لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية وأن إطلاق الأقمار الصناعية والصواريخ لأغراض مدنية أو دفاعية فقط.

تعاون أعمق

وقد كان التطور الرئيس التالي هو مبادرة مشتركة بين إيران وروسيا جرت في أغسطس 2022، حينما أطلقت روسيا القمر الصناعي الإيراني للاستشعار عن بعد "خيام" إلى مداره من كازاخستان، مما يعكس تعاونا علميا أعمق بين البلدين.

و"خيام" هو قمر صناعي عالي الدقة سمي على اسم الشاعر والفيلسوف الفارسي عمر الخيام في القرن الحادي عشر.

وتم بناء القمر الصناعي من قبل شركات روسية، ولكن - وفقا لسالارييه - تحت إشراف خبراء إيرانيين. كما تم نشره من قبل روسيا، حيث انطلق على متن صاروخ من طراز سويوز من قاعدة بايكونور الفضائية.

وهي قاعدة سوفييتية سابقة في كازاخستان تؤجرها أستانا الآن لموسكو وتعد أكبر منشأة إطلاق فضائية عاملة في العالم. 

ولكن ذلك، أثار أيضا الجدل حول احتمال استخدام موسكو له لتعزيز مراقبتها للأهداف العسكرية في حربها في أوكرانيا التي انطلقت في فبراير 2022.

إذ جاء الإطلاق بعد وقت قصير من اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والمرشد الإيراني علي خامنئي على دعم بعضهما البعض ضد الضغوط الغربية خلال زيارة الأول لإيران في يوليو 2022 وهي الرحلة الدولية الأولى لبوتن خارج دول الاتحاد السوفييتي السابق منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022. 

وركز خبراء الفضاء حينها على دور التعاون الروسي في إنجاح عمليات الإطلاق الإيراني.

وكان إطلاق روسيا للقمر الصناعي خيام ضروريا لأسباب فنية، فقد نجحت سابقا في إطلاق وحدات تزن أقل من 50 كيلوغراما.

 لكن خيام يزن 600 كيلوغرام، وقد كانت تجربتا طهران السابقتان لإطلاق صواريخ أقمار صناعية مصممة لحمل حمولات تبلغ 220 كيلوغراما و350 كيلوغراما غير ناجحتين.

وبالتالي، كان دعم موسكو واستخدام صاروخ سويوز - مركبة الإطلاق الموثوقة والمستخدمة بشكل متكرر - أمرا بالغ الأهمية لإطلاق خيام إلى المدار.

ووفقا لمقال نُشر في صحيفة "واشنطن بوست" في 4 أغسطس 2022، كانت روسيا تخطط لاستخدام الخيام لعدة أشهر أو أكثر لتعزيز مراقبتها للأهداف العسكرية في أوكرانيا قبل تسليمه إلى إيران، حسبما نقلت الصحيفة حينها عن اثنين من مسؤولي الأمن الغربيين الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب الحساسيات المحيطة بجمع المعلومات الاستخباراتية.

ويؤكد خبراء أنه حتى لو كان للإيرانيين الحق الحصري في تلقي بيانات القمر الصناعي "خيام"، فإن هذا لن يمنعهم من مشاركة الصور مع روسيا.

والخطط الفضائية الإيرانية تشمل كذلك تطوير وإطلاق أقمار صناعية جديدة، بما في ذلك مجموعة من 10 أقمار صناعية صغيرة تحت اسم منظومة "سليماني" للأقمار الاصطناعية أعلن عنها مطلع عام 2023، في إشارة إلى قائد "فيلق القدس" الإيراني السابق قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار بغداد عام 2020.

تداعيات جيوسياسية

وضمن هذا السياق، يرى عمود شكري، وهو مستشار السياسة الخارجية والجيوسياسية للطاقة في واشنطن، أن "الفضاء بصفته نقطة المراقبة الإستراتيجية الأهم، والتي تنبع من برنامج الصواريخ الإيراني، فإن تقدمه يحمل تداعيات جيوسياسية كبيرة".

وأضاف في مقال نشره موقع "إيران إنترناشيونال" المعارض في 12 فبراير 2024 أن "إدراج الأقمار الصناعية العسكرية في برنامج الفضاء، الذي يشرف عليه الحرس الثوري ، يؤكد على دمج إيران للمبادرات المدنية والعسكرية في المساعي الفضائية، مما يعكس أهدافها الإستراتيجية الأوسع".

ورأى أن "برنامج الفضاء الإيراني يستعد لتحقيق تقدم كبير مع إنشاء مركز تشابهار الفضائي إذ إنه من المتوقع أن يؤدي استكماله في وقت ما خلال العقد المقبل إلى تعزيز مكانة إيران كلاعب رئيس في العمليات الفضائية الإقليمية، ومن المتوقع أن يعمل على تحسين قدرات إيران الفضائية".

وذهب شكري للقول: "إن إصرار إيران على إطلاق الأقمار الصناعية من أراضيها، والذي تجلى في إنشاء ميناء تشابهار الفضائي، يقابل بمعارضة إقليمية ودولية بسبب التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج المحتملة وعدم ارتياح الغرب لتحالفات إيران مع الصين وروسيا". 

وتأمل طهران في مواصلة استخدام القدرات والخبرات الروسية، حيث ينطبق هذا بشكل خاص على القواعد الفضائية، بما في ذلك تلك الموجودة في كازاخستان، إلى أن تتمكن إيران من تحقيق القدرة على وضع أقمار صناعية أثقل وزنا في مداراتها بنفسها.

وضمن هذا السياق، يرى والي كاليجي خبير في معهد الدراسات القوقازية والوسطى والإقليمية ومقره طهران، أن إيران تأمل من التعاون مع روسيا في مجال الفضاء، في "فصل نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية الخاص بها تماما عن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم المملوك للحكومة الأميركية وتديره قوة الفضاء الأميركية".

وأضاف كاليجي في مقال له نشر في 26 فبراير 2023 أن "طهران تأمل في تعزيز الأمن في الداخل من خلال إطلاق أقمار صناعية مختلفة لأغراض الملاحة نظرا لافتقارها إلى السيطرة على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وإمكانية قيام السلطات الأميركية بتقييد وصول الإيرانيين إليه خلال أوقات التوترات الشديدة بشكل خاص".

ولفت كاليجي إلى أنه "في عام 2016، بنت إيران نفسها نظام تحديد المواقع المحلي (هدى)، لكنه لا يغطي البلاد بالكامل بعد.. ويعد تطوير نظام ملاحة محلي قائم على الأقمار الصناعية مشروعا طويل الأجل لإيران، وسيتطلب استثمارات ضخمة لتغطية المناطق داخل إيران وخارجها". 

وفي هذا الصدد، تولي إيران اهتماما كبيرا لتجربة نظام الملاحة العالمي عبر الأقمار الصناعية الروسي (جلوناس)، وهو نظام يعمل بالتوازي مع نظام تحديد المواقع العالمي.

ومنذ بداية غزو أوكرانيا، حاولت روسيا استبدال نظام تحديد المواقع العالمي بنظام جلوناس، وإن كان نجاحها محدودا.

وأضاف كاليجي: "بالإضافة إلى الجوانب البحثية والعلمية والتقنية، فإن تطوير التعاون الفضائي بين إيران وروسيا أمر بالغ الأهمية من الناحية الجيوسياسية، إذ إن الاتفاق مع طهران يفيد موسكو أيضا، ففي رد فعل على العقوبات الغربية الانتقامية الشاملة التي فرضت على موسكو بسبب غزو أوكرانيا، أنهت روسيا عقب ذلك تعاونها الفضائي مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

وختم كاليجي بالقول: "لذلك، فإن توقيع الاتفاق بين وكالة الفضاء الروسية، التي تخضع لعقوبات أميركية منذ سبتمبر 2019، وروسكوسموس، التي قطعت التعاون مع الغرب، يوفر للطرفين الدعم المتبادل الذي تشتد الحاجة إليه. كما أنه علامة أخرى على العلاقات الوثيقة بشكل متزايد بين موسكو وطهران بعد بداية الحرب في أوكرانيا.

وبما أن إيران لم تطلق بعد مركبة فضائية مأهولة، إلا أن الرغبة في إرسال إنسان إلى الفضاء هو أمر مدفوع جزئيا بالتقدم الفضائي الكبير الذي أحرزته الدول الآسيوية مثل الصين والهند وكذلك المنافسين الإقليميين لها.

لكن الرحلة الفضائية المأهولة تتطلب القدرة على إطلاق قمر صناعي يزن 2000 كيلوغرام على الأقل بنجاح.

ومن هنا يمكن التدليل على ما صرح به رئيس وكالة الفضاء الإيرانية سالاريه في أغسطس 2022  حول الدور الروسي بقوله: "نحن نتشاور مع روسيا بشأن إرسال بشر إلى الفضاء".