طالبان أفغانستان تنشر نظام مراقبة شاملا.. مزيد من القمع أم للسيطرة على الأمن؟ 

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

منذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت حركة طالبان تأسيس نظام مراقبة جماعي في أفغانستان، بحجة مكافحة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة "ولاية خراسان".

وأكدت صحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية أن طالبان تستهدف عدة جهات من خلال هذا النظام بمساعدة شركة هواوي الصينية، ومنها تنظيم الدولة.

من ناحية أخرى، تلفت الصحيفة إلى أن طالبان تعتزم الاستفادة من مشروع أميركي قديم. وفي هذا الإطار، تستعرض مشكلة تمويل هذه المشروعات. 

تورط صيني

وبحسب وكالة "رويترز" البريطانية، فإن الحركة ستعيد استخدام مشروع قديم صنعته الولايات المتحدة، لكن الكاميرات الجديدة ستوفَّر من قبل شركة هواوي في الصين، لافتة إلى أن بكين باتت الآن شريكا مهما لطالبان.

ويُذكر أن وزارة الداخلية كشفت عن خطة تركيب الكاميرات في بداية سبتمبر/أيلول 2023، والآن أكد متحدث باسم الوزارة أن الشركة الصينية استشيرت لتكون شريكا. 

وتلفت الصحيفة البرتغالية إلى أن فكرة المشروع تتلخص في "استخدام المراقبة لمحاولة مواجهة تنظيم خراسان، وهي الجماعة التي كانت تشكل التهديد الرئيس للأمن في أفغانستان في ظل نظام طالبان".

إضافة إلى أن هذه المشكلة تزعج الحكومة الصينية، التي يتعرض مواطنوها للتهديد. 

إذ تعرض فندق يرتاده الصينيون لهجوم في ديسمبر/كانون الأول 2022 في كابول، وأصدرت بكين حينها بيانا يطالب مواطنيها بمغادرة أفغانستان "في أسرع وقت ممكن". 

وتنوه الصحيفة أنه "على الرغم من أن الهجوم لم يخلف أي ضحايا، فقد دفع الحكومة الصينية إلى تكثيف مطالبتها لطالبان بمزيد من الأمن". 

وفي 13 سبتمبر 2023، قالت وزارة الخارجية الصينية إن سفيرها قدم أوراق اعتماده في حفل أقيم في العاصمة الأفغانية كابول، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تستهدف مواصلة دفع الحوار والتعاون بين البلدين.

وأضافت الخارجية الصينية "بصفتنا دولة صديقة جارة تقليديا، حافظت الصين دائما على علاقات دبلوماسية وتبادل وتعاون في عدة مجالات مع أفغانستان".

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية إن المبعوث الجديد تشاو شينغ هو أول سفير دولة يتولى المنصب منذ أغسطس/آب 2021 حين تولت طالبان السلطة مع انسحاب القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة من البلاد بعد 20 عاما.

ولم تعترف أي حكومة أجنبية رسميا بطالبان، ولم تقل بكين إذا كان تعيين السفير يشير إلى أي خطوات أوسع نحو الاعتراف الرسمي بالحركة.

مشروع متنازع عليه

وبحسب ما تداولته "إي ريفرانسيا" البرتغالية، فإن جماعات حقوق الإنسان تعترض على مشروع المراقبة، متسائلين "من أين ستحصل طالبان على الأموال، والبلاد تعاني من أزمة مالية خطيرة ولديها ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية؟". 

بالإضافة إلى ذلك، يقول ناشطو حقوق الإنسان إنه يمكن استخدام التكنولوجيا لتوسيع نطاق القمع ضد المواطنين.

ويضيف الناشطون: "في البداية، ستُركز الكاميرات على النقاط المهمة في كابول، وهو المشروع الذي سيستغرق استكماله حوالي أربع سنوات، ثم ستُستخدم الخرائط الأمنية للعاصمة كمرجع، واحدة من صنع الولايات المتحدة والأخرى من صنع تركيا".

وأضافوا أنه "حتى الوقت الحالي، لم يُوضح بعد كيف جرى التوصل إلى المشروع الذي أنشأته حكومة الولايات المتحدة".

وعندما سُئلت وزارة الخارجية الأميركية، قالت إن هذه ليست "شراكة"، وأنها "أوضحت لطالبان أن من مسؤوليتها ضمان عدم توفير ملاذ آمن للإرهابيين".

كما قدمت وزارة الخارجية الصينية إجابة مراوغة على الأسئلة، قائلة إن "الصين دعمت دائما عملية السلام وإعادة الإعمار في أفغانستان، ودعمت الشركات الصينية في تنفيذ التعاون العملي ذي الصلة".

وفي هذا الصدد، توضح الصحيفة أنه في الوقت الحالي، يوجد في كابول بالفعل 62 ألف كاميرا مراقبة، لافتة إلى أن آخر تحديث كان في عام 2008، أثناء الاحتلال الأميركي. 

وبالتالي فإن شركة هواوي ستكون شريكا في عملية إعادة صياغة كبرى، كما حدث مع شركات التكنولوجيا الصينية في بلدان أخرى.

ففي صربيا، وُقعت اتفاقية مع شركة هواوي عام 2021 لتركيب 8100 كاميرا في شوارع البلاد، خاصة في العاصمة بلغراد، بحسب الصحيفة البرتغالية.

وتذكر أن الشركة تعرضت لاستجوابات حادة بسبب احتمال إساءة استخدام نظام التعرف على الوجه، الذي من شأنه أن يمنح الحكومة سلاحا قويا لمراقبة المعارضين والسكان عموما.

"إجراء ضروري" 

تشير الصحيفة إلى أن منظمة العفو الدولية غير الحكومية اعترضت على مشروع طالبان في أفغانستان. 

وسلط الباحث والمستشار في المنظمة، مات محمودي، الضوء على الطبيعة القمعية المحتملة لهذا الإجراء.

وقال إن "تنفيذ مثل هذا الهيكل الشامل للمراقبة الجماعية تحت ستار الأمن القومي يمثل نموذجا لطالبان لمواصلة سياساتها الصارمة بانتهاك الحقوق الأساسية للناس في أفغانستان، وخاصة النساء في الأماكن العامة".

ووفقا له، إذا أُنشئت هذه البنية التحتية للمراقبة، فإن ذلك من شأنه أن يقوض الحق في الخصوصية وحرية التجمع وحرية التعبير".

وبين أن تلك الحريات هوجمت وانتهكت بشكل غير مسبوق منذ استيلاء طالبان على السلطة، مما أدى إلى تآكل دولة أفغانستان.

وتذكر الصحيفة أنه في المقابل، وصفت وزارة الخارجية الأفغانية مخاوف منظمة حقوق الإنسان بأنها "لا أساس لها من الصحة".

كما نفت الوزارة مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاك الخصوصية وفرض القيود.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية عبد المتين قانع إن "تركيب الكاميرات الأمنية إجراء ضروري للأمن ليس فقط في أفغانستان ولكن بجميع المدن والعواصم حول العالم". 

وأضاف في حديث لوكالة رويترز نهاية سبتمبر، أن طالبان "ملتزمة بالأمن وحماية حقوق الناس ومراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية".

وبين أن نشر الكاميرات على نطاق واسع هو جزء من خطة إستراتيجية أمنية تدوم أربعة أعوام، سيجرى التركيز فيها على "نقاط مهمة" في كابول وأماكن أخرى.