وثيقة مسربة تكشف دور واشنطن في الإطاحة بعمران خان.. ما الأسباب؟

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع أميركي وثيقة باكستانية نُشرت أخيرا، تُثبت تورط الولايات المتحدة في الإطاحة برئيس الوزراء الباكستاني السابق، عمران خان؛ بسبب موقفه من الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وفي مقال نشره موقع "يوراسيا ريفيو"، قال آدم ديك، الباحث في معهد "رون بول" الأميركي، إن هناك "دلائل جديدة تشير إلى أن الولايات المتحدة سعت لإزاحة عمران خان؛ لإنهاء حياد باكستان حيال الحرب في أوكرانيا".

وأضاف بول: "عندما يرغب قائد أمة ما في الحفاظ على موقف محايد تجاه حرب تشنها حكومة الولايات المتحدة ضد دولة أخرى، فإن ذلك يمكن أن يدفع واشنطن لعزل هذا الشخص من منصبه".

حرب أوكرانيا

وفي 10 أبريل/نيسان 2022، عُزل "خان" من منصبه، بعد أن صوّت البرلمان الباكستاني على حجب الثقة عن حكومته، بأغلبية 174 نائبا.

وربط البعض حينها عزل "خان"، بموقفه من حرب روسيا في أوكرانيا، حيث زار موسكو بعد ساعات من شنها، كما امتنعت باكستان عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة موسكو.

وأردف "بول" أن وثيقة باكستانية حكومية مسربة، كشف عنها موقع "ذا انترسبت" الأميركي، سلطت الضوء على الجهود التي بُذلت لإبعاد خان، وهذا بالضبط ما أنجزته الحكومة الأميركية في الأيام الأولى من حرب أوكرانيا.

وأوضح الباحث أن "خان كان ثابتا في تجنيب بلاده (التدخل في قضية) حرب أوكرانيا، التي استخدمت فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها الحكومة الأوكرانية وجيشها، في حرب بالوكالة ضد روسيا"، وفق تقديره.

وأشار تقرير "ذا إنترسبت" إلى أن هذا هو النهج الذي اتبعه رئيس الوزراء الباكستاني السابق. وقبل يوم واحد فقط من اجتماع بين مسؤولين أميركيين وآخرين باكستانيين، أوعزت فيه الولايات المتحدة بالإطاحة بـ"خان".

ففي 6 مارس/ آذار 2022، قال "خان" كلمة أمام حشد، رد فيها بشكل مباشر على الدعوات الأوروبية بأن تقف باكستان خلف أوكرانيا، قائلا: "هل نحن عبيدك؟".

ووفق المقال، ألهب "خان" حماس الجمهور، قائلا: "ماذا تظننا؟ هل تعتقد أننا عبيدك وأننا سنفعل ما تأمرنا به؟".

وتابع: "نحن أصدقاء لروسيا وللولايات المتحدة. نحن أصدقاء للصين وأوروبا، ولسنا جزءا من أي تحالف".

دعم الإمبراطورية الأميركية

وبين أن "اتباع هذا النهج من قِبل زعيم حكومة أجنبية، لتبرير امتناعه عن دعم الإمبراطورية الأميركية، هو موقف من شأنه أن يثير غضب أولئك الذين يدعمون التدخل في شؤون الدول الأخرى، من الساسة الأميركان المعاصرين"، وفق بول.

وبالفعل، نفذ هؤلاء الساسة ما يريدونه، فوفق موقع "ذا إنترسبت"، عُقد لقاء بين السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة واثنين من مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، حث خلاله المسؤولون الأميركيون على عزل عمران خان.

وذكرت الوثيقة أن السفير الباكستاني أعرب في ختام اللقاء عن أمله في ألا تؤثر قضية الحرب الروسية الأوكرانية على علاقات بلاده بالولايات المتحدة.

وفي المقابل، أكد المسؤول الأميركي أن "العلاقات تضررت بالفعل، لكنها لم تنتهِ تماما"، مشيرا إلى أنه "إذا رحل خان عن السلطة، فإن العلاقة يمكن أن تعود لطبيعتها".

وأضاف: "دعونا ننتظر عدة أيام لنرى ما إذا كان الوضع السياسي سيتغير، لأن الفجوة بيننا سرعان ما ستتلاشى إذا حدث ذلك، وإلا، فإننا سنواجه مشكلة حقيقية، ستحتم علينا عندها أن ننظر في كيفية التعامل معها".

"وبعد شهر واحد من الاجتماع، المشار إليه في وثيقة الحكومة الباكستانية المسربة، أُجري تصويت لسحب الثقة في البرلمان، مما أدى إلى تنحية خان عن السلطة"، حسب "ذا إنترسبت".

ووفق قوله، فإن كثيرين يعتقدون أن التصويت نُظم بدعم من الجيش الباكستاني، الذي يحظى بنفوذ واسع في البلاد.

ومنذ ذلك الوقت، انخرط خان وأنصاره في صراع مع الجيش وحلفائه المدنيين، الذين يدعي رئيس الوزراء السابق أنهم دبروا خطة لإزاحته من السلطة بناء على إيعاز من الولايات المتحدة.

التخلي عن الحياد

وقال بول: "أما سياسة خان المعلنة، والتي تتمثل في تجنيب بلاده الانخراط في الحرب الأوكرانية أو الانحياز لأحد التحالفات الدولية، فقد أُزيحت جانبا في السياسة الخارجية الباكستانية".

وأكد ذلك تقرير "ذا إنترسبت"، الذي أوضح أن "السياسة الخارجية الباكستانية تغيرت بشكل كبير منذ عزل خان، حيث تميل باكستان حاليا، وبشكل أكثر وضوحا، إلى المعسكر الأميركي-الأوروبي في نزاع أوكرانيا".

وتابع أنه "بعد تخليها عن موقفها الحيادي، تبرز باكستان الآن كمورد للأسلحة للجيش الأوكراني، حيث تظهر بشكل منتظم صور لقذائف وذخائر منتجة في البلاد، في لقطات ميدانية من ساحات القتال".

وفي مقابلة في وقت سابق من العام 2023، أكد مسؤول في الاتحاد الأوروبي أن باكستان تقدم دعما عسكريا لأوكرانيا.

علاوة على ذلك، سافر وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إلى باكستان، في يوليو/تموز 2023، في زيارة يُفترض على نطاق واسع أنها تتعلق بالتعاون العسكري، لكن المعلن أنها تركز على قضايا التجارة والتعليم والبيئة.

وأشار موقع  "يوراسيا ريفيو" إلى أن "إعادة الاصطفاف مع الولايات المتحدة توفر مكاسب للجيش الباكستاني".

ففي 3 أغسطس/آب 2023، ذكرت صحيفة باكستانية أن البرلمان وافق على توقيع اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة تغطي "التدريبات والعمليات والقواعد والمعدات المشتركة".

وذكرت الصحيفة التي لم يذكر الموقع اسمها أن "الهدف من الاتفاقية هو أن تحل محل صفقة سابقة بين البلدين، مدتها 15 عاما، وانتهت عام 2020".

وأردف بول أن "هذا ليس كل شيء، فخلال الشهر نفسه، سُجن خان، ومُنع من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات"، مؤكدا أن هذا يُعد "فوزا آخر للولايات المتحدة".

ففي 8 أغسطس 2023، قررت لجنة الانتخابات الباكستانية منع "خان" من ممارسة العمل السياسي لخمس سنوات بعد إدانته بتهم فساد.

كما حُكم عليه بالسجن لثلاث سنوات، بتهمة عدم الإفصاح عن هدايا تلقّاها عندما كان رئيسا للوزراء، وبيعها بشكل غير قانوني، خلال فترة ولايته من 2018 إلى 2022.

في المقابل، صرح  شاه محمود قريشي، نائب رئيس حركة "الإنصاف"، الذي يتزعمها "خان"، أن "القرار ذو دوافع سياسية، ومحدد سلفا، وكان متوقعا مسبقا".