تمهيدا لبناء "الهيكل".. 5 بقرات حمراء تهدد بإشعال الأوضاع في المسجد الأقصى
في 30 يوليو/تموز 2023 نشرت القناة الـ 12 العبرية تقريرا حول جهود بناء الهيكل الثالث التي ينفذها متطرفون صهاينة، وآخرها سعيهم لإحضار بقرة حمراء لإكمال طقوس البناء بعدما أصبح كل شيء جاهزا.
قالت إن "جهودا تُبذل بالتعاون مع وزارات حكومة بنيامين نتنياهو لتنفيذ رؤية غيبية من زمن تدمير الهيكل الثاني مفادها أن حرق بقرة حمراء سيمكن ملايين اليهود من الوصول للمسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث على أنقاضه".
نقلت عن مؤيدي تنفيذ الحلم أنهم يعلقون آمالهم على خمس بقرات حمراء جرى إحضارها إلى إسرائيل على متن طائرة من ولاية تكساس الأميركية عام 2022 وتربيتها حتى كبرت.
أكدت أنه جرى اختيارها بعناية من قبل منظمتي "بونيه يسرائيل"، و"معهد الهيكل" برئاسة الحاخام يسرائيل أرييل الزعيم الروحي لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
— سعيد بشارات Saaed Bsharat (@saaed_bsharat) July 30, 2023
وضمن خطط إقامة الهيكل المزعوم، جرى بناء نماذج مجسماته، كما يُخرج اليهود سنويا دفعة من "سدنة الهيكل" المرشحين لخدمته بعد بنائه على أنقاض الأقصى كما يزعمون.
أيضا يحاول الحاخامات الحصول على مقتنيات الهيكل التي غنمها القائد الروماني تيتوس لوضعها فيه بعد تدشينه، ويطالبون بإنشاء مؤسسة يهودية تحتكر الإشراف على الأقصى.
قصة البقرة الحمراء
ويعد ذبح القرابين في المسجد الأقصى ذروة الطقوس التلمودية، وهدفاً للمستوطنين يسعون لتحقيقه في كل عام خلال عيد الفصح، وهي مخططات يفشلها اعتصام الفلسطينيين فيه.
لكن كل هذه المخططات متوقفة على حلم العثور على "بقرة حمراء"، لم تحمل أو تحلب أو تستأنس، كي تُقدم إلى الكهنة ذبيحة.
ثم يستخدم رمادها في طقوس تنقية توم هاميت (نجاسة الميت)، بصفتهم أنجاسا لا يجوز لهم دخول الحرم القدسي ولا بناء الهيكل إلا بعد تطهرهم برماد البقرة الحمراء، وفق معتقداتهم.
ووفق المعتقد اليهودي لا يجوز على الحاخامات دخول الحرم المقدس إلا بعد أن يغسلوا أيديهم برماد البقرة الحمراء لأن وجودها شرط لوجود الهيكل وبناء المعبد في ساحة الأقصى (بين مسجد قبة الصخرة والمسجد الاقصى).
ويمثل ظهور البقرة الحمراء حسب الفكر الديني اليهودي، مقدمة لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الاقصى، وهي قضية يتناولها المتطرفون الصهاينة كل عام عند الاشتباه بالعثور على هذا الحيوان ثم القول إنه ليس هو المقصود.
لكن الأمر اتخذ أبعادا أخطر، بعد سيطرة وزراء دينيين متطرفين على حكومة رئيس الاحتلال بنيامين نتنياهو الحالية، ودعمهم لجهود العثور على البقرة.
وبدأ هؤلاء تنفيذ مخططات على الأرض بالقوة تهيئ لتقسيم الصلاة في الحرم القدسي والسماح بصلاة اليهود في الساحة بعدما كانت ممنوعة منذ عام 1967.
وهذه البقرة المذكورة في سورة القرآن "صفراء فاقع لونها" حرفها اليهود فصارت "حمراء"، وحسب خرافاتهم، فستظهر في نهاية الزمان مرة أخرى ويحرقونها ويطهرون برمادها ساحة جبل موريا (حيث الأقصى الشريف وقبة الصخرة).
وجاء ذكر هذه الذبيحة في القرآن في سورة البقرة، نسبة للبقرة التي قُدمت كذبيحة بغرض تطهير اليهود من النجاسة "قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ".
وطقوس ذبح اليهود لهذه البقرة الحمراء يفترض أن تجري في احتفال خاص يقام على جبل الزيتون بالقدس المحتلة.
ويجري ذبح البقرة ورش دمائها في اتجاه المسجد الأقصى سبع مرات وحرقها مع خشب شجر أرز وطحالب ودودة المن القرمزية (الحمراء)، وفق موقع "الهدهد" المختص بالشأن الإسرائيلي 27 سبتمبر/أيلول 2022.
وبعد الانتهاء منها، يجري خلط الرماد بالماء المأخوذ من نبع، وخلطها باستخدام أكواز مصنوعة من الطحالب.
ويجب تطهير المصابين بنجاسة الميت خلال فترة لا تتجاوز سبعة أيام وفي نهاية اليوم السابع سيصبحون طاهرين مرة أخرى، بحسب معتقداتهم.
وصول 5 أبقار
وقد وصلت هذه الأبقار الحمراء الخمس (وعمرها عام واحد) من الولايات المتحدة في 20 سبتمبر/أيلول 2022، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست"، وسط ضجة كبيرة، لأن اليهود يعتقدون أنها عنصر أساسي يؤدي إلى بناء الهيكل اليهودي الثالث.
هذه البقرات الخمس جرى استقدامها من مزرعة في ولاية تكساس وقدمها أميركي مسيحي من أتباع الإنجيليين مقابل نصف مليار دولار، شملت رعاية وسفر الحاخامات لها.
وجرى استقبال العجول وقتئذ بمراسم دينية في مطار بن غوريون بتل أبيب من قبل الحاخامات تشانان كوبيتسكي وتساحي مامو ويسرائيل أرييل وعزاريا أرييل والمدير العام لوزارة التراث الإسرائيلية نتانيل إسحاق، وتغذيتها والعناية بها حتى يأتي موعد ذبحها.
Temple Institute has exciting news to share about a major advance in efforts to raise a red heifer whose ashes can be used for purification-a huge step toward the building of the Holy Temple! Live FB feed at 5 PM Israel (USA, 10 AM Eastern - 7 AM Pacific) https://t.co/fpcF9xG7yU pic.twitter.com/jC1HbVquea
— Temple Institute (@TempleInstitute) September 15, 2022
وقد ذكر موقع "ستار تليجراف" المسيحي 27 يوليو/تموز 2023 أنه يجري الاعتناء بالبقرات الخمس وتسمينهن للتضحية بهن في حفل عيد الفصح اليهودي أبريل/نيسان 2024، تزامنا مع عيد الفصح.
وتقول صحيفة "جيروزاليم بوست" 20 سبتمبر 2022 ‘ إن التوراة تشرح كيف تتم معالجة البقرة وحرقها وخلط رمادها في ماء مقدس، كي يتطهر بها كل اليهود الذين أصبحوا نجسين بسبب قتل نفس بغير نفس.
قالت: يجري تطهيرهم مرتين بمخلوط رماد البقرة مع الماء المقدس مرتين مرة بعد ثلاثة أيام ومرة ثانية بعد سبعة أيام.
وفي التحقيق المصور للقناة "12" العبرية، حول اكتمال تربية هذه البقرات الحمراء، ذكرت أن وكيل عام وزارة في حكومة نتنياهو هو الذي يشرف على القضية.
أكدت أن وزارات مختلفة تشاركت، في سبتمبر 2022، في الجهود الرامية لتحقيق هذا الحلم الذي يراود أوساطاً يهودية، "منذ خراب الهيكل الثاني، ويتمثل بالعثور على بقرة حمراء".
وقالت القناة 12 العبرية: "يعلق أنصار هذا الحلم آمالهم بخمس بقرات حمر استجلبت في طائرة خاصة من ولاية تكساس بعدما تمت معاينتها واختيارها بعناية لتكون ملائمة لطقوس يهودية خاصة بالتطهر عند دخول الهيكل".
ومعروف أن حركتي "القوة اليهودية" بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير و"الصهيونية الدينية" بقيادة وزير المالية بتسليل سموتريتش هما الأكثر تمثيلا للتيار الديني اليهودي الخلاصي الذي يؤمن بفكرة نزول المخلص المنتظر.
وهذا المخلص وفق معتقداتهم، سيحقق الخلاص اليهودي بعد اندلاع حرب "يأجوج ومأجوج" عبر تدمير الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه.
وهو ما يعده الصهاينة شرطا لنزول "المخلص المنتظر" وانتصارهم، وهي فكرة يدعمها الإنجيليون المتطرفون في الولايات المتحدة.
وتيار الصهيونية الدينية "الحردلي الخلاصي" الذي ينتمي إليه بن غفير وسموتيريتش، يتبنى التأويل الأكثر تطرفا لفكرة الخلاص اليهودي ونزول المخلص المنتظر، الذي سيجعل اليهود قادة للعالم، وبناء الهيكل على أنقاض الأقصى.
إذ ترى هذه الحركات من الصهاينة المتدينين "الثوريين أو التصحيحيين أو العلمانيين" كما يطلق عليهم، أن بناء الهيكل الثالث، هو المفتاح لحل كل مشاكل اليهود ومصائبهم الدينية والروحية، ويرون أنفسهم "أداة الرب لتقريب مجيء المخلص".
كما يؤمنون بـ "تسريع النهاية" لا انتظار "مشيئة الرب" كما يدعوهم حاخاماتهم، عبر تسريع اقتحام الأقصى وبناء الهيكل، بحسب دراسة أجراها "أشرف عثمان بدر" الباحث بمركز القدس للدراسات بجامعة بيرزيت 18 مايو/أيار 2022.
وخلال لقاء تلفزيوني أجرته معه القناة الثانية العبرية بعد وصوله إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) للمرة الأولى عام 2016، هدد سموتيريتش بالقول "سنهدم الأقصى ونبني الهيكل فورا"، و"الهيكل الثالث سيبنى خلال سنوات (على أنقاض المسجد).
ويؤكد التحقيق التلفزيوني الإسرائيلي أن المشروع لا يجري فقط برعاية إنجيليين ومستوطنين وحاخامات متشددين، بل تشارك فيه بعض الوزارات مثل وزارة القدس "التي قدمت مخططا هندسيا لبناء متنزه في جبل الزيتون هدفه غير المعلن خدمة طقوس ذبح وحرق البقرة الحمراء مستقبلاً".
أكدت أن "ملايين الدولارات تحولها جهات حكومية إسرائيلية لهيئات ترعى هذا المشروع الخطير للبقرات الحمراء، منها وزارات الزراعة والتربية والتعليم، والخدمات الدينية، والاستيطان.
وعلى عكس اليهود، يؤمن الإنجيليون في الولايات المتحدة، الذين يغدقون الأموال على مشروع الهيكل الثالث المزعوم أنه سيتعرض للتدنيس أيضا، وعندئذ تشتعل حرب يأجوج ومأجوج (يسمونها هرمجدون).
ويقولون إن هذه الحرب سيموت فيها ثلثا اليهود، فيما سيعتنق الثلث الثالث المسيحية، وفي مثل هذه الحالة ستسود حالة فوضى في كل العالم تمهيداً للقيامة والخلاص، بحسب معتقداتهم.
مشروع جاهز
وفي 7 يونيو/حزيران 2023 نشر موقع "زمان إسرائيل" العبري مشروع قانون لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً قال إنه "قدم في الكنيست" ويشرف عليه عضو حزب الليكود الحاكم "عميت هاليفي" للتمهيد لزيارة الهيكل من آلاف اليهود والسياح الأجانب.
ملخص المشروع أن يحصل المسلمون على الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، في حين يحصل اليهود على المنطقة الوسطى والشمالية منه بما في ذلك مسجد قبة الصخرة ليقيموا به معبدا يهوديا.
وهذا بزعم أن الهيكل اليهودي موجود أسفل قبة الصخرة، أو بينه وبين المسجد الأقصى.
أي يطالب المشروع بتخصيص المساحة التي تبدأ من صحن مسجد قبة الصخرة وحتى أقصى شمال المسجد لليهود، وهي تشكل 70 بالمائة تقريباً من مساحة الأقصى.
وتتضمن الخطة التخلص من دور الأوقاف الإسلامية التي يشرف عليها الأردنفي المسجد الأقصى تماماً، عبر خطة تدريجية.
وكذلك إتاحة المجال لليهود لدخول ما يسمى "جبل الهيكل" من كل الأبواب كما يدخل المسلمون، وعدم قصر حركة اليهود على باب المغاربة.
وتحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية لإقامة الطقوس التوراتية فيه.
وهو ما بدأ اليهود يفعلونه منذ عام 2022 مع ما يمثله ذلك من خرق لما سمي "الوضع القائم" الذي اتفق عليه الاحتلال مع الأوقاف الإسلامية عقب عدوان 1967 واحتلال القدس.
وقبل إعلان "هاليفي" خطته كشفت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير موسع 5 يونيو 2023 أن الإسرائيليين القوميين الدينيين يعتزمون إقامة معبد يهودي جديد في موقع "الأقصى".
قالت في تقرير إنهم يتحركون بنشاط من أجل تهيئة كل ما له علاقة بإقامة المعبد في الحرم القدسي، بداية من استيراد أبقار الأضاحي (القرابين لذبحها في الأقصى) وتهيئة "خمسة أبقار حمراء" لحرقها وخلط الرماد بالماء، لتطهير اليهود.
أوضحت أن هذه الأبقار الحمراء "تعد حاسمة لأن عدم القدرة على توفيرها وأداء طقوس التطهير بها، هو جزء من معارضة السلطات الحاخامية الإسرائيلية للزيارات اليهودية إلى الحرم القدسي الشريف".
وقد نقلت الوكالة الفرنسية تفاصيل الاستعدادات التي ينفذها المتطرفون الصهاينة في إحدى ضواحي تل أبيب، استعدادا لإعادة إعمار المعبد اليهودي بعد حوالي 2000 عام من تدميره، وفق تصورهم.
أكدت أنهم يريدون بذلك "تسريع قدوم المسيح" كي يتطهروا من ذنبوهم وتعود لهم دولته اليهودية القوية.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الحاخام "كوريستر شموئيل كام" قوله إن اليهود ينتظرون إحياء الهيكل منذ ألفي عام، وأنه جرى إعداد فرقة موسيقية دينية لهذا الغرض أنشأها "معهد الهيكل" للعزف حين يبنون المعبد اليهودي فوق الأقصى.
وقالت الوكالة: "أعد معهد الهيكل كل الأشياء التي تعد ضرورية للطقوس اليهودية وفقًا للتعليمات الحاخامية مثل الملابس الكهنوتية، وأشكال الخبز والمباخر والآلات الموسيقية".
وفقًا للتقاليد اليهودية، بني أول معبد لهم عام 586 قبل الميلاد وهدمه الحاكم نبكادنيزار الثاني في نفس المكان.
ويوضح الباحث في الأديان "تومر فارسيكو"، في تحقيق للتلفزيون الإسرائيلي (قناة 12) أن "الحديث يدور عن مسيرة هدفها إحداث تغيير حقيقي في جوهر وطابع إسرائيل، على الأقل على الورق".
قال: "الهيكل ليس مجرد تقديم قرابين وكهنة، بل هو مجمع ديني يصدر الفتاوى وإعداد الملك الحاكم الذي يصعد للحكم في الدولة اليهودية".
لذلك يقول الباحث في شؤون القدس، عبد الله معروف عبر تويتر إن: "جلب البقرات الخمس سيشعل المنطقة بالكامل".
مع هذا، ورغم أن هناك قلق إسلامي من هذه المشاريع الصهيونية لبناء الهيكل والاستعدادات له بتقسيم الحرم القدسي بين المسلمين واليهود واستقدام بقرات حمراء وغيرها، يرى فلسطينيون أن هذا يعجل بنهاية الكيان المحتل.
الشيخ كمال الخطيب كتب معلقا على الاستعدادات الإسرائيلية في شأن البقرات الحمراء، يدعو للبشرى والفرج لا للإحباط.قال: "هذا يعني أن الطوابير (الإسرائيليين) على سفارات الدول الأخرى ستزداد، لتكون طائرة البوينج التي حملت البقرات الحمراء هي من ستحمل فلول الهاربين"، وفق تقديره.
عندما يصبح الحديث عن البقرة بهذا الوضوح، فهذا يعني أن الطوابير على سفارة البرتغال وسفارات الدول الأخرى ستزداد وتزداد، لتكون طائرة البوينج التي حملت البقرات الحمراء هي من ستحمل فلـ..ـول الهـ..ـاربين.
— الشيخ كمال الخطيب (@KamalKhatib1948) July 31, 2023
لا عزاء للمحبطين والمتشائمين واليائسين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا..
المصادر
- Israeli MK proposes dividing Temple Mount between Jews and Muslims
- Jewish leaders in Israel needed a red heifer for a temple ceremony. So a Texan sent five
- The Israelis set for new Jewish temple on Al-Aqsa site
- Israelis Come to See Red Heifer and Discuss the Temple
- البقرة الحمراء في اليهودية: خلاصة الصهيونية وبناء الهيكل المزعوم
- آمال الإسرائيليين معلقة بخمس بقرات حمراء.. “كل شيء جاهز لبناء الهيكل مكان الأقصى