بعد عملية جنين.. إعلام عبري: أخطأنا عندما حولنا محمود عباس إلى "بطة عرجاء"
استعرض موقع "والا" العبري مآلات العملية العسكرية الأخيرة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مخيم جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا أنها "ليست حلا ناجحا".
وفي 3 يوليو/ تموز 2023، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية، لنحو 48 ساعة، ضد المخيم، مستخدمة فيها مروحيات وطائرات مسيرة وقوات برية.
وتعد هذه أكبر عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في جنين منذ أكثر من 20 عاما، حيث أسفرت عن مقتل 12 فلسطينيا وإصابة نحو 120 آخرين، بينهم 20 في حالة حرجة.
تأييد للعملية
وقال موقع "والا" إنه "رغم أن نصف الجمهور الإسرائيلي ينظر إلى العملية، التي أُطلق عليها اسم (المنزل والحديقة)، على أنها ناجحة، إلا أنها لا تُعد انتصارا".
وأوضح الموقع أن "سبب ذلك هو عدم تكافؤ الطرفين، فمن جهة هناك الجيش الإسرائيلي، أقوى جيش في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى، هناك جنين، التي هي مخيم لللاجئين".
"بالإضافة إلى ذلك، فمن المستحيل تجاهل السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكرر إسرائيل نموذج غزة في الضفة الغربية؟"، يتساءل الموقع.
ووصف الموقع العملية العسكرية بأنها كانت "قصيرة الأمد"، وأن هدفها كان "اقتحام مخيم جنين".
وقال التقرير: "يبدو أن هذه العملية حظيت بتأييد من الجمهور الإسرائيلي، حيث أجاب 47 بالمئة من المشاركين في استطلاع أجري حديثا ونُشر في (القناة 13) العبرية أنهم يرونها عملية ناجحة، بينما اعتقد 21 بالمئة خلاف ذلك".
وأشار إلى أن "هناك تقاربا نسبيا ما بين تأييد الجمهور الإسرائيلي للعملية العسكرية، وما بين نسب تأييده لحزب الليكود الحاكم، وفق استطلاع رأي أُجري أخيرا، أوضح تقارب نسب الليكود، وحزب أزرق أبيض المعارض".
وشدد الموقع العبري على عدم إغفال حقيقة أن العملية يمكن وصفها بـ"الحل المؤقت"، وهي شبيهة بالعمليات التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وإن كانت العمليات في غزة أطول قليلا.
وأردف أنه "يجب على كل إسرائيلي أن يسأل نفسه: هل إسرائيل في طريقها لتكرار نموذج غزة في الضفة الغربية، والبدء في تكرار العمليات بشكل مستمر كما يحدث في الجنوب؟ هل هذا هو الحل الذي تسعى إليه إسرائيل؟".
وأوضح التقرير أن "هناك عدة نقاط يجب أخذها في الحسبان، أولها هو أنه لا يوجد ميزان قوى بين الجانبين".
وتابع: "فمن جهة، هناك دولة تمتلك جيشا قويا، ومن ناحية أخرى، هناك شباب فلسطينيون كل ما يعرفونه هو أن هناك احتلالا إسرائيليا، وسلطة فلسطينية ضعيفة ومحدودة الفعالية على الأرض".
وأشار إلى أنه يجب الاعتراف بأنه "حتى عام 2023، لا يوجد لدى إسرائيل أي حل قائم للوضع في الضفة الغربية، مثلما هو الحال في غزة".
مرض عضال
وأكد الموقع أن "القضية الفلسطينية، التي كانت في الماضي تُعد قابلة للحل، تعقدت بمرور الوقت وكادت أن تكون غير قابلة للحل".
وأضاف: "لهذا يدعم جزء كبير من الشباب الفلسطيني -وفقا للعديد من الاستطلاعات- فكرة حل الدولة الواحدة ويتخلى تماما عن فكرة حل الدولتين، ناهيك عن حقيقة أن بعض الدول العربية توجهت للتطبيع مع إسرائيل دون انتظار قيام الدولة الفلسطينية".
واستطرد: "في الوقت نفسه، ينبغي على أي شخص يتسرع في الاحتفال بعملية (المنزل والحديقة) ويصفها بأنها الحل النهائي للوضع المعقد في الأراضي المحتلة أن يدرك أنها ليست سوى أكثر من حبة مُسكّن لمرض عضال".
وقال موقع "والا" العبري، إن "كل التصريحات التي نسمعها ليل نهار من السياسيين في الجانب الإسرائيلي، على اختلاف مشاربهم، حول إدارة الصراع أو سحق السلطة الفلسطينية خالية من المضمون".
ويرى أن "هذه التصريحات تقود إلى إدامة الصراع وتوسيع دائرة الخسائر في كلا الجانبين، كما أن الفشل في تحمل مسؤولية النتائج هو سلوك نموذجي تماما لعدد كبير من السياسيين الإسرائيليين".
وأضاف: "لذا، يجب أن نتعامل بحذر متزايد مع الاحتفالات التي نشهدها في الأيام الأخيرة، من السياسيين في أقصى اليمين من الخريطة السياسية الإسرائيلية وناخبيهم".
وانتقد الموقع اليمين الإسرائيلي "لظنه أن الحل النهائي الذي كان الناس ينتظرونه منذ سنوات قد عُثر عليه أخيرا في العملية العسكرية".
وأردف: "يجب أن نتذكر أن الأمر في نهاية المطاف عبارة عن أن أقوى جيش في الشرق الأوسط دخل إلى مخيم للاجئين في الضفة الغربية، ولم يكن الأمر عملية مذهلة لقصف مفاعل نووي لدولة معادية"، في إشارة إلى إيران.
إضعاف أبو مازن
وشدد الموقع على أنه "ليس من العار أن نتوقف ونفكر للحظة، هل هذه هي السياسة التي نريدها في الضفة الغربية؟ هل ما نريده هو أن ندخل في جولات قتال متكررة -كما نرى في غزة- ونبدأ في بيع الوهم للجمهور بأن هذا هو قدرنا المحتوم".
وأضاف: "يجب علينا أن نعترف بحقيقة أن إسرائيل فعلت كل ما في وسعها في السنوات الأخيرة لإضعاف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وتحويله إلى بطة عرجاء من دون أي سيطرة على أرض الواقع".
وتابع: "وما النتيجة المتوقعة من ذلك، إلا تعزيز قوة حركة حماس، أولا في غزة، والآن في الضفة الغربية؟".
وأكد التقرير على أن "الحقيقة هي أن الأعمى فقط هو من يمكنه أن يسمي ما رأيناه نصرا؛ لأن الواقع هو أن كل شيء سيعود إلى وضعه الطبيعي خلال فترة قصيرة".
وتساءل الموقع العبري: "ألم يحن الوقت للبدء لترويج أفق سياسي قد يمنح الشباب الفلسطيني نوعا من الأمل في مستقبل أفضل؟".
وتابع: "دون أن نلاحظ، بتنا دولة أصبحت فيها كلمات مثل (المفاوضات السياسية) أو (السلام مع الفلسطينيين) مرادفة لشيء فظيع، وكأنها جذام ينبغي ألا نقترب منه، ناهيك عما قد يحدث لمن يجرؤ على القول إن هناك احتلالا".
وأردف التقرير: "صحيح أنه ليس هناك الآن مَن يمكن الحديث معه من جانب الفلسطينيين، وهم أيضا يتحملون مسؤولية الوضع الذي وصلوا إليه، بسلوك غير مسؤول وتصرفات لا تليق بهم على مدى السنوات الماضية".
واستدرك: "ومع ذلك، لا يمكن أن نستمر في خداع الجمهور وبيع الوهم وكأنه لا يوجد أي شيء يمكن القيام به".
وختم الموقع تقريره بالقول: "حان الوقت للبدء في التفكير بشكل إستراتيجي وطويل المدى، والبحث عن طرق لإنشاء قنوات سياسية قد تهدئ الأوضاع وترفع من الروح المعنوية، لأن الانتقال من جولة قتال إلى أخرى لم يكن أبدا الحل الناجع"، وفق موقع "والا".