موقع صيني: "الإكراه الاقتصادي" سلاح ابتكرته واشنطن وتحاول إلصاقه ببكين

12

طباعة

مشاركة

رد موقع صيني على اتهامات الولايات المتحدة الأخيرة بممارسة الصين "الإكراه الاقتصادي"، ذاكرا أدوات عديدة تستخدمها واشنطن في هذا الصدد.

وقال موقع "الصين نت" إنه "في السنوات الأخيرة، صاغت الولايات المتحدة بإسهاب نظرية مفادها أن الصين تمارس إكراها اقتصاديا".

وأضاف التقرير: "ليس ذلك فحسب، فقد سعت الولايات المتحدة أيضا إلى جذب حلفائها وشركائها لاحتواء الصين وقمعها على هذا الأساس".

ودعت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إلى "عمل منسق" ضد ما يسمى بـ"الإكراه الاقتصادي" من جانب الصين، أثناء حضورها اجتماع وزراء مالية "مجموعة الدول الصناعية السبع" ومحافظي البنوك المركزية.

ففي مايو/أيار 2023، عقدت مجموعة السبع قمة في هيروشيما باليابان، وأصدرت بيانا مشتركا لإثارة القضايا المتعلقة بالصين، تناول الأوضاع في مضيق تايوان بشكل مبالغ فيه، فضلا عن انتقاد ما يسمى "الإكراه الاقتصادي" من بكين، وفق وصف الموقع.

وقالت يلين إن بلادها "تفكر في اتخاذ تدابير مضادة ضد السياسات الاقتصادية القسرية للصين لفترة، ربما بمساعدة منسقة مع دول أخرى".

وأضافت أن "مثل هذه الإجراءات يمكن أن تشمل تمديد العقوبات الحالية على الاستثمارات في الصين مع دول مجموعة السبع الأخرى"، لكنها أشارت إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء رسمي بعد.

حروب العراق وأفغانستان

وأكد الموقع الصيني أنه "مع ذلك، فإن الولايات المتحدة هي التي أصبحت مهيمنة على الاقتصاد والعسكرة على المستوى العالمي منذ الحرب العالمية الثانية".

"وقد تبنى سلوكها -الساعي للهيمنة بشكل متزايد- أشكالا متنوعة من الإكراه الاقتصادي، بالإضافة إلى العمليات العسكرية"، حسب التقرير.

وأضاف الموقع الصيني أنه "خلال القرن الحادي والعشرين، أُرهقت الولايات المتحدة نتيجة حروبها في أفغانستان والعراق، مما دفعها إلى تغيير سياساتها الخارجية".

وهنا أصبحت الضغوط الاقتصادية هي الأداة الرئيسية في سياسة واشنطن الخارجية، بحسب تقديره.

وتابع: "تتمتع الولايات المتحدة بقوة هيكلية غير متوازنة في المجال الاقتصادي والمالي العالمي، حيث تعزز عملية العولمة قوة مراكز السلطة في شبكة الاقتصاد".

وأفاد الموقع الصيني بأن "واشنطن على وجه التحديد تحتل مكانة مركزية في معظم هذه المراكز الاقتصادية".

فعلى سبيل المثال، تتطلب المشاركة في الاقتصاد العالمي الوصول إلى نظام "سويفت" للاتصالات المالية العالمية.

"وبفضل هيمنتها الشديدة على هذا النظام، تمتلك الولايات المتحدة القدرة على استبعاد أي شركة أو حتى دولة بأكملها من هذا النظام، الأمر الذي يتسبب في آثار اقتصادية عميقة ومدمرة على المدى البعيد"، وفق التقرير.

"وإذا ما تحدثنا بشكل أكثر تحديدا، سنجد أن المؤسسات المالية الأميركية، تهمين -أولا وقبل كل شيء- على النظام المالي العالمي، وأن الدولار الأميركي يتمتع بهيمنة واضحة في المعاملات المالية عبر الحدود".

وأردف: "كذلك، فإن الحجم الكبير للسوق الأميركية يجعلها أداة ترغيب وترهيب، هذا فضلا عن قدرة الولايات المتحدة على التحكم في التكنولوجيا الحيوية، الحاسمة في سلاسل التوريد العالمية".

ووفق الموقع الصيني، فإن "معظم الشركات غير الأميركية تضطر للحصول على تراخيص من الولايات المتحدة لتطوير وتصنيع منتجاتها الخاصة".

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات العابرة للحدود الأميركية تستثمر في جميع أنحاء العالم، وهذا يعطي حكومة الولايات المتحدة ميزة في توجيه نشاطات شركاتها خارج البلاد.

وأشار الموقع إلى أنه "من أجل تحقيق مصلحتها الذاتية، تعتمد الولايات المتحدة على قوتها حول العالم، وتنتهك استقلال الدول، وتمارس الإكراه الاقتصادي، وتتلاعب بمصائر العالم، وتقمع تنمية البلدان الأخرى، وقد أصبحت تدريجيا أكبر تهديد للتنمية المستقرة عالميا".

أزمة الغذاء 

فعلى سبيل المثال، وفي ظل سيطرة الدولار والشركات الأميركية على القطاع الزراعي، برزت مشكلة تمويل الغذاء، والتي جلبت مخاطر هائلة على الأمن الغذائي العالمي.

ففي عام 2008، وكنتيجة لتأثير "سياسة التيسير الكمي" للولايات المتحدة على سوق الحبوب، ارتفعت أسعارها عالميا بنحو 70 بالمئة، مما أثر بشكل خطير على الأمن الغذائي العالمي، وفق الموقع الصيني.

وأخيرا، أدت الزيادات المكثفة في أسعار الفائدة على الدولار إلى انخفاض حاد في أسعار الصرف في مختلف البلدان، مما تسبب في زيادة تكلفة الغذاء المستورد، ونشوب أزمات غذائية في العديد من البلدان النامية، وخاصة الإفريقية.

وأضاف التقرير أنه "وبشكل أوضح، تتمثل مظاهر الإكراه الاقتصادي الأميركي في العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب، التي يقرها الكونغرس".

فمنذ عام 2000 إلى 2021، ارتفعت العقوبات الخارجية التي فرضتها واشنطن بنسبة 933 بالمئة، على ما يقرب من 40 دولة حول العالم، مما أثر بشكل مباشر على ما يقرب من نصف سكان العالم.

وشدد الموقع على أن "تلك العقوبات لم تؤثر على مسار التنمية الاقتصادية على مستوى العالم فحسب، بل تسببت أيضا في كوارث إنسانية ضخمة".

فوفقا لتقديرات معهد "بروكينغز" الأميركي، يُعتقد أن العقوبات الأميركية في فترة ذروة تفشي فيروس كورونا، أسفرت عن وفاة ما يصل إلى 13 ألف شخص في إيران.

وأوضح "الصين نت" أنه منذ تطبيق بكين لسياسة "الإصلاح والانفتاح"، في 1978، ثم مع انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، تجاوزت إنجازات التنمية الاقتصادية في البلاد توقعات الغرب.

وأردف الموقع أن "واشنطن تعد بكين منافسا لها، لديها سوق ضخم وقدرات تكنولوجية متنامية، ولذلك فهي حريصة على احتواء التطور التكنولوجي والاقتصادي للصين".

وفي الوقت نفسه، أصبحت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المحلية في الولايات المتحدة أكثر انتشارا، ويحاول السياسيون الأميركيون تخفيف الضغط المحلي من خلال "تهديد الصين"، حسب قوله. 

"ولذلك، فهي بالاعتماد على بعض مزاياها الهيكلية التي تتفوق بها على الصين، تواصل واشنطن تبني وسائل الإكراه الاقتصادي ضد بكين، لا سيما في التجارة والتمويل والتكنولوجيا".

الجميع يتأثر سلبا

وأكد الموقع الصيني أنه منذ عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، دأبت الولايات المتحدة على استخدام سياسات الإكراه الاقتصادي في المجال التجاري ضد الصين.

وشدد في هذا الصدد على أن ثلثي الصادرات الصينية إلى واشنطن تخضع للتعريفات الجمركية.

كما تبنت الولايات المتحدة مجموعة متنوعة من العقوبات المالية ضد الصين، وبذلك تسببت في أضرار ومخاطر مالية أكبر لكلا الطرفين، واشنطن وبكين، وفق الصين نت.

وحذر الموقع من أن ممارسة سياسة الإكراه الاقتصادي ضد بكين سيكلف الولايات المتحدة نفسها تكاليف اقتصادية ضخمة.

وذلك لأن "الصين مقر رئيس لبعض أكبر البنوك في العالم والشركات متعددة الجنسيات، هذا فضلا عن كونها مُوردا مهما وسوق مبيعات للشركات الأميركية".

وتابع التقرير: بالنسبة لبلادنا، فإننا بحاجة إلى استخدام الأدوات القانونية بشكل أكبر في مواجهة الولايات المتحدة، وتعزيز القدرة المالية الخاصة بنا وقدرتنا على البحث والتطوير التكنولوجي.

وأردف: "كما أننا بحاجة إلى تقليل اعتمادنا على الولايات المتحدة في المجال المالي والتكنولوجي، وذلك لإنهاء تأثير الابتزاز الاقتصادي الذي تمارسه واشنطن ضدنا بشكل جذري".