رسائل ودلالات.. ما سر تفاعل الشارع المغاربي مع نتائج الانتخابات التركية؟

12

طباعة

مشاركة

عبّر الشارع المغاربي، من خلال عدد من الفاعلين الإعلاميين والسياسيين والمثقفين، عن فرحه وابتهاجه بالعرس الديمقراطي التركي الذي أسفر عن فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة.

وعبر تصريحات صحفية وتغريدات على تويتر وتدوينات على فيسبوك أكد هؤلاء ابتهاجهم بهذا النصر الذي يعزز المسار الديمقراطي بتركيا، معربين عن أملهم في أن تنتقل هذه الحرارة الديمقراطية لباقي الشعوب المغاربية والعربية عامة.

وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات التركية، مطلع يونيو/ حزيران 2023، النتائج النهائية للجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، حيث حصل الرئيس أردوغان على 52.18 بالمئة من الأصوات، فيما نال منافسه كمال قليتشدار أوغلو 47.82 بالمئة.

نصر تاريخي

ومع إعلان النتائج الأولية بفوز أردوغان، أكد الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، أن تركيا تعطي للعالم أروع الدروس في تسيير هذا النظام السياسي المتميز.

وأضاف عبر تويتر: "مبروك فوز أردوغان للإخوة الأتراك الذين صوتوا له ...ومبروك لكل الأتراك الذين صوتوا مع أو ضد أردوغان فوز الديمقراطية".

وتابع: "العقبى لكل شعوبنا العربية والإسلامية أن ينهجوا على منوال الشعب التركي، شعب المواطنين بامتياز".

من جهتها، كتبت سمية نجلة المفكر التونسي المحبوس راشد الغنوشي، إن "هذا نصر تاريخي لا لتركيا فقط بل لكل من يؤمن بمشروع الحرية والديمقراطية، بديلا عن الطغيان والتسلط..".

وأضافت، في فيديو عبر "تويتر" أن هذا هو "المشروع الذي وهب له والدي حياته.. هذا انتصار لك يا والدي في سجنك على قوى الاستبداد وأرباب الغدر والانقلابات!".

فيما قال السفير السابق للمغرب بماليزيا محمد رضى بنخلدون، إن الانتخابات التركية لم تكن عادية أو كلاسيكية، بل توصف بأنها انتخابات حضارية.

وأضاف بنخلدون، في تصريح لموقع محلي، أن الغرب متخوف من صعود تركيا، وأن تلعب دورا في تجميع القوى الوطنية والإسلامية، وتجميع الأمة على فكرة وأهمية الاستقلال الحضاري.

أما المفكر الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، فقال إن "الأمل تجدَّد بفوز الرئيس أردوغان، وامتدَّت أعناق الملايين في المنطقة وفي العالم، متابِعة للانتخابات التركية، متفاعِلة ومنفعِلة".

وأضاف الشنقيطي، في تغريدة عبر تويتر، أن "هذا يدل على أن الشأن السياسي التركي لم يعد تركيا محضا بأي حال من الأحوال، وأن المعادلات السياسية الداخلية في تركيا أصبحت مؤثرة على الإقليم وفي أرجاء العالم".

فيما عد الصحفي والمعارض الجزائري وليد كبير، فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعهدة رئاسية جديدة انتصارا للديمقراطية ولإرادة الشعب التركي.

وتقدم كبير، في تغريدة عبر تويتر، بأحر التهاني للرئيس المنتخب ولكل الشعب التركي، معربا عن أمله بمزيد من الاستقرار والتقدم والرقي لتركيا.

سقوط الأوهام

الإعلامي المغربي يونس مسكين، أكد أن الانتخابات التركية أسقطت "وهم انهيار المكون الفكري والأخلاقي في الخطاب السياسي المربح انتخابيا".

وأضاف مسكين، في تدوينة عبر فيسبوك، أن أردوغان وحزبه خاضا حملتهما الانتخابية في جزء كبير منها، على أساس أفكار "مثالية" يصعب على أي سياسي في العالم "بيعها" لشعب في ظرفية اقتصادية صعبة، تتعلق باللاجئين السوريين وضرورة الاستمرار في استضافتهم إلى أن تتأكد عودتهم الآمنة.

ورأى مسكين أن هناك "وهما قديما جديدا ظلت تركيا تُسقطه طيلة العقدين الماضيين، يتعلق بمقولة استحالة قيام الديمقراطية في المجتمعات الشرقية لاهتمامات ثقافية تميل إلى الطلب على الاستبداد، وأخرى مرتبطة بالتناقضات الداخلية التي يصعب تدبيرها".

وخلص مسكين، إلى أن تركيا تقيم ديمقراطية حقيقية يحسدها عليها الغرب قبل الشرق، مردفا "بل وتفعل ذلك عبر حزب يحمل مرجعية إسلامية واضحة، تُكذب كل التناقضات المزعومة بين الإسلام والدولة الديمقراطية الحديثة".

من جهته، قال وزير خارجية تونس الأسبق رفيق عبد السلام، "هنيئا للرئيس التركي الزعيم الطيب أردوغان بهذا الفوز التاريخي المستحق، وهنيئا للشعب التركي العظيم الذي دافع عن الصندوق مثلما دافع قبل ذلك عن إرادته الجمعية ديمقراطيته  الناشئة في وجه الدبابات".

وأضاف رفيق عبد السلام، في تدوينة عبر فايسبوك، أن "هذا نصر مؤزر لإسلام الحرية والتحرر والديمقراطية والعدالة في مواجهة المستبدين والدكتاتوريين والانقلابيين والمخادعين".  

وتابع "هنيئا لأشقائنا الأتراك، ولكل شعوب المنطقة التواقة للحرية، وإن شاء الله العاقبة لتونس بدحر هذا الانقلاب والانقلابيين قريبا بحول الله".

من جهتها، رأت الإعلامية الجزائرية خديجة بن قنة، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ظل طيلة 20 عاما في عين العاصفة من 2003 إلى 2023، مبرزة أنه "مشوار سياسي مليء بالتحديات والانتصارات...".

وأضافت بن قنة، عبر تويتر، أن "أردوغان يفتك انتصارا تاريخيا في معركة انتخابية حامية شدت اهتمام العالم".

الباحث المغربي في العلوم السياسية علي فاضلي، قال إن "طائرة أردوغان المسيرة انتصرت على بصلة كليتشدار أوغلو".

وأضاف فاضلي، في تدوينة عبر فيسبوك، أنه "بينما قام برنامج أردوغان على تعزيز السيادة الوطنية واستقلالية تركيا في غذائها وسلاحها عن الغرب، كان برنامج أوغلو هو الارتماء في حضن الغرب وتوفير البصل".

توق للانتصار

هذا الفرح والتفاعل الحي مع الانتصار الذي حققه أردوغان، عده الخبير المغربي في الشأن التركي إدريس بووانو، يعكس رغبة أبناء عدد من شعوب المنطقة في تذوق طعم الانتصار والانتشاء به ولو لفترة زمنية قصيرة بعد سنين عديدة من الآلام والانكسارات.

وأضاف لـ"الاستقلال"، أن "التعاطف الذي أعقب فوز أردوغان وتعبيرات الفرح على محيا عدد من الناس قريب منه ما شعر وعبر عنه عدد من أفراد بعض المجتمعات العربية والاسلامية عقب الانتصارات التي حققها المنتخب المغربي في بطولة كأس العالم لكرة القدم التي نظمت في دولة قطر، وإن كان ثمة فرقا بين الحدثين الرياضي والسياسي".

وعن أسباب هذه المتابعة الكبيرة للشعوب المغاربية والعربية بصفة عامة للعرس الانتخابي التركي، يرى بووانو، أن ذلك يرجع إلى "محورية الدولة التركية في مجموعة من الملفات الإقليمية والدولية، إضافة إلى النجاحات السياسية والاقتصادية التي حققتها تركيا في العشرين سنة الأخيرة".

وتابع أن تصدر "تركيا أردوغان" للمشهد السياسي الأوروبي والإسلامي بالنجاحات التي حققها يعد أيضا من الأسباب الدافعة لهذه المتابعة والاهتمام، مبينا أن التجربة التركية تحولت إلى نموذج ملهم لبعض الدول في العالمين العربي والإسلامي والآسيوي والإفريقي بعدما ظل الغرب يفرض نموذجه. 

وأشار بووانو إلى أن نجاح الديمقراطية التركية في تجاوز عدد من الصعوبات السياسية وأهمها ابتعاد النخبة العسكرية عن التدخل في الحياة السياسية المدنية من الأسباب التي تجعل تركيا نموذجا ملهما للعديد من الدول. 

وأبرز أنه يبقى أهم سبب في الاهتمام بالانتخابات التركية هو شخصية أردوغان الكاريزمية وقدرته على المناورة السياسية وعلى تجاوز عدد من العراقيل والصعوبات والضغط من كل جانب لصالح مصلحة بلده ومصلحة عدد من الشعوب المستضعفة.

         

وعن الرسائل المستفادة من فوز أردوغان في هذا الاستحقاق، شدد بووانو، أنه "حينما تجتمع الإرادة السياسية مع القدرة على الإنجاز على أرض الواقع فإن الدول تستطيع أن تحقق مكاسب جمة لشعوبها".

وأضاف أن من الرسائل الدالة في الانتخابات التركية، هو أن النموذج الغربي لم يعد مغريا للاحتذاء به ولا الاقتداء به حيث أبان عن انحياز ملفت لمصالحه الأساسية دون نظر للديمقراطية التي كان يبشر بها. 

ورأى الخبير في الشأن التركي، أن الوعي السياسي للمجتمع مقدمة أساسية في حدوث التغيير المنشود، مبينا أن احترام إرادة الشعوب مدخل أساسي لإحداث التغيير والإصلاح. 

وعد بووانو، أن الأداة الديمقراطية ما تزال آلية فعالة في الممارسة السياسية، مشيرا إلى أن هناك حاجة ماسة لإجراء المراجعات الضرورية من لدن عدد من الفاعلين السياسيين سواء بالغرب أو بالشرق. 

وأشار إلى أنه انتهى إلى حد ما وجود نموذج واحد للممارسة الديمقراطية يتم فرضه على الشعوب والمجتمعات من لدن جهات معينة. 

وخلص إلى أن النموذج الديمقراطي ليس كبسولة دوائية يمكن التعافي فورا بعد التداوي بها بقدر ما يحتاج الأمر لمسار من الجهد والمعاناة في بناء الصرح الديمقراطي الناجح.