ترامب يتوعد حماس بحلفائه العرب.. ما المغزى من تهديداته المتكررة؟

شدوى الصلاح | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في محاولة لتهديد حركة المقاومة الإسلامية حماس والضغط عليها للانصياع لإسرائيل مهما تصاعدت خروقاتها، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحات تظهر الاستعداد الإقليمي للتدخل عسكريا بغزة.

وقال ترامب في منشور على منصته "تروث سوشيال" في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2025: إن حلفاء للولايات المتحدة في الشرق الأوسط أبلغوه بأنهم يؤيدون دخول قطاع غزة للقضاء على حماس، لكنه أكّد أنه لا حاجة لذلك حتى الآن. 

وكتب: "حلفاء بالمنطقة أبلغوني أنهم سيرحبون بدخول غزة بقوة عسكرية كبيرة وتأديب حماس إذا انتهكت اتفاقها معنا، وقلت لهذه الدول وإسرائيل إن الوقت لم يحن بعد. لا يزال هناك أمل في أن تفعل الحركة الصواب.. وإن لم تفعل فستكون نهايتها سريعة وقاسية".

وجاء منشور الرئيس الأميركي في وقت يجري فيه نائبه جيه دي فانس ومبعوثاه ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر مباحثات في إسرائيل بشأن تثبيت وقف إطلاق النار بغزة الذي بدأ سريانه في 10 أكتوبر، والخطوات التالية في خطة ترامب التي تشمل نشر "قوة استقرار دولية" بالقطاع ونزع السلاح.

وانسجمت تصريحات ترامب الأخيرة مع أخرى سابقة قال فيها: إنه سيمنح حماس "فرصة صغيرة" لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، متوعّدا في الوقت نفسه بـ"القضاء" على الحركة إذا لم تلتزم بالاتفاق المبرم بينها وبين إسرائيل برعايته.

وأضاف للصحفيين في البيت الأبيض خلال استقباله رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي في 20 أكتوبر: "لقد توصّلنا إلى اتفاق مع حماس يضمن أن يكون سلوكهم جيّدا جدا، وإن لم يفعلوا فسنقضي عليهم. إذا اضطررنا لذلك، فسيتم القضاء عليهم".

وشدّد ترامب على أن القوات الأميركية لن تشارك في قتال حماس، قائلا: إن عشرات الدول التي وافقت على الانضمام إلى قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة "سيسرها التدخل"، قائلا: "بالإضافة إلى ذلك، ستكون إسرائيل مستعدة للتدخل خلال دقيقتين إذا طلبت منها ذلك".

وأضاف "لكننا لم نطلب منها ذلك حتى الآن. سنمنحهم فرصة صغيرة، ونأمل أن يكون هناك عنف أقل. لكن في الوقت الحالي، كما تعلمون، هم أشخاص عنيفون".

كما حذر الرئيس الأميركي حماس من الاستمرار في تنفيذ إعدامات ميدانية (لعملاء الاحتلال)، وقال: "هم بالفعل لم يعد لديهم أحد يدعمهم. عليهم أن يحسنوا التصرّف، وإن لم يفعلوا فسيتمّ القضاء عليهم".

وندد ناشطون على منصات التواصل بإصرار الرئيس الأميركي على استخدام سياسة التلويح بالمطرقة لتهديد حركة حماس، والظهور بمظهر مانح الفرص، وكيله الاتهامات لها وغض الطرف عن خروقات الاحتلال الإسرائيلي وإخلال الكيان بالاتفاقية المبرمة.

وأشاروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ترامب، #حماس، #غزة وغيرها، إلى أن الرئيس الأميركي يحاول إظهار دعم الحلفاء لسياساته وإظهار نفسه كقائد قادر على إدارة الأزمات الخارجية في الوقت الذي تشتعل بلاده داخليا.

وقابل ناشطون تصريحات ترامب بسخرية واستهجان واستخفاف خاصة زعمه القضاء على حماس في دقيقتين، مذكرين بأن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي استمرَّت لعاملين فشلت في القضاء على المقاومة وزادتها صلابة.

ترامب يفضح

وتعقيبا على تصريح ترامب عن أهداف ورغبات حلفائه في الشرق الأوسط، قال الأكاديمي حمود النوفلي: "كم أنتِ عظيمة يا حماس إذا كانت دول عظمى تستنجد بأميركا العظمى للقضاء على الحركة المحاصرة من عامين والتي تقاتل أقذر جيوش العالم".

وأضاف: "طبعا الدول التي تستنجد به معروفة لدينا وسوف يسلط الله عليها جنوده عاجلا أو آجلا".

وقال توفيق توما: إن تصريحات ترامب الأخيرة تكشف جانبا خطيرا من المشهد الإقليمي، فما حذرنا منه طويلا بدأ يتجسّد فعلا: أن بعض الأطراف العربية والإقليمية تتحرك لاستكمال ما عجزت عنه إسرائيل".

وأشار إلى أن هذه الأطراف تفعل ذلك تحت شعارات خادعة مثل "حفظ الأمن" و"إعادة الإعمار"، مؤكدا أن الحديث المتزايد عن نشر قوات عربية في غزة لا يمكن فصله عن هذه الرؤية، التي تهدف إلى نزع سلاح- المقاومة، وتحويل القطاع إلى كيان منزوع الإرادة والسيادة.

وأضاف توما أنها محاولة لإعادة إنتاج الاحتلال بوجوه عربية هذه المرة، بعد أن فشل العدو في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية خلال عام من الحرب.

ورأى أن الموقف الوطني الصادق يقتضي رفض أي وجود أجنبي أو عربي مسلح في غزة، خارج إطار التوافق الفلسطيني الكامل؛ لأن أمن القطاع لا يُستورد، والسيادة لا تُفوّض، والمقاومة ليست ملفا للتفاوض.

واستنكر السياسي فايز أبو شمالة، أن ترامب لا يهدد حركة حماس بالجيش الأميركي، ولا الإسرائيلي، وإنما يهددها بجيوش الحلفاء في المنطقة، الذين سيدخلون غزة بجيوش جرارة، لتأديب أهلها، وكسر شوكتهم.

وتساءل: “من هم هؤلاء الحلفاء؟ وهل استنكرت الدول العربية مثل هكذا تصريحات، تزجّ بهم في حرب أميركية مسعورة؟”

وأشار الكاتب صالح أبو عزة إلى أن تصريح ترامب، ينسجم، مع ما نشرته بعض وسائل الإعلام العبري، أن السعودية والإمارات والبحرين، طلبوا من واشنطن التشديد على نزع سلاح حماس قبل إعمار غزة.

من الحلفاء؟

وبرزت بقوة تساؤلات حول هوية الدول الحليفة التي يعنيها الرئيس الأميركي في تصريحاته، ومدى استعدادها الفعلي للتدخل العسكري في غزة.

وبرزت إشارات إلى أن هذه الدول تعادي المقاومة وتناصر الاحتلال وبعضها مطبع معه، واستنكار لاستعداد هذه الدول لمحاربة المقاومة وتجاهل العدو الإسرائيلي.

 سخرية واستهزاء

وعن قول الرئيس الأميركي: إن "حماس أناس عنيفون جدا، ونستطيع أن نحل هذه المسألة خلال دقيقتين"، استنكر الناشط تامر قديح، تهديد ترامب للحركة ليل ونهار، دون أن يتحدث بشيء عن عدم التزام إسرائيل بالاتفاق الموقع. 

وقال: إن القادة الأميركيين يتحدثون وكأن كل شيء يسير وفق الخطة والاتفاق، مع تجاهل كبير لخروقات إسرائيل.

وأشار إلى أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يتجه للتصويت على ضم الضفة الغربية رغم إعلان ترامب العلني بعدم السماح بذلك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول جاهدًا سحب الاقتراح وتأجيله، مع العلم أن المعارضة هي من ستقدمه للتصويت.

ورأى أحد المغردين، أن الغرور يعمي ترامب، وسخر من زعمه القدرة على محو حماس في دقيقتين، قائلا: "بماذا؟ بالنووي ممكن، غير النووي لا ومليون لا".

وأضاف: "نعم قد يستعمل بي 2 وأم القنابل إنما لا يعرفون كل الأنفاق والدليل أنه أعطى حبيبة قلبه إسرائيل لعيون بنته اليهودية أعطاها كل شي ولم يبقَ أي شيء".

وتهكم آخر على تصريح ترامب، قائلا: "طالما أنك تستطيع القضاء على حماس خلال دقيقتين.. فلماذا انتظرت طوال سنتين".

واستهزأ عبدالسلام جميل، بكلام ترامب، قائلا: "عامين من الإبادة المتواصلة لم يقدروا على قهر الغزيين قالك نستطيع الإنهاء على المقاومة في دقيقتين".

وكتب عبدالكريم حدبة: "شوفولي هالكذاب بدقيقتين بدو ينهي حماس، وسنتين وإسرائيل ووراها أميركا ودول الغدر ما قدروا يقتلوا عشرة منها".

وتهكم خبير إدارة الأزمات مراد علي، قائلا: "بعد فشل جيش إسرائيل، ومن ورائه أميركا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، في القضاء على المقاومة في سنتين استخدموا فيها كل الأسلحة الممكنة، يأتي ترامب ليقول: نستطيع القضاء عليهم في دقيقتين". 

وأكد أنهم يعلمون أن أهل فلسطين وأهل غزة بالذات لا يمكن كسرهم بفضل الله، ولذلك جاءوا إلى شرم الشيخ.

تفنيد وتحليل

وفي تحليل لتصريحات الرئيس الأميركي، رأت الصحفية منى العمري، أن ترامب يستَغل فكرة وسمه بالجنون وعدم الاكتراث بشيء، وبقدرته على خرق البروتوكولات متى يشاء وكيفما يشاء، لكنه ليس كذلك.

وأكَّدت أن تصريحاته المتناقضة لها وظيفتها؛ شئنا أم أبينا، وعددناه مجنونا أو معتوها، فهو رئيس الولايات المتحدة، وتصريحاته وإن بدأت تُؤخذ بشيء من الاستخفاف عند الصحفيين، إلا أنها لا تزال تتصدر العناوين الرئيسية، ويُراد منها أن تفعل ذلك.

وأشارت العمري، إلى أن هذه التصريحات تؤثر في مسار التفاوض أو النقاش لدى الوسطاء، وتكبح نتنياهو ويمينه المتطرف قليلاً، ثم تعود لتمنحهم الضوء الأخضر مرة أخرى، مؤكدة أن هذا التلاعب مدروس، وينطلق من منطلق استعلائي واستخفاف بحياة الفلسطيني، حياً كان أم جثة!  

ولفتت إلى أن حماس تؤكد وتصرّح بالتزامها استمرار وقف إطلاق النار، وتفعل ما يترتب عليها فعله وفق الاتفاق، بينما يهدد وزراء إسرائيل، بمن فيهم نتنياهو، كل 3 دقائق بالعودة إلى الحرب ووقف المساعدات، وتستمر حملة التهديد والوعيد للحركة وغزة.

وأضافت العمري: “تصريحات من العبث أن يُنظر إليها عربيا وفلسطينيا على أنها حملات انتخابية فحسب؛ فالصراع موجود، والتنافس الداخلي الإسرائيلي موجود، والنقاش حول أن إسرائيل تُدار من البيت الأبيض موجود وبصوت عالٍ”.

واستدركت: “لكن علينا ألا نغفل أن هذا كله يتوازى ولا يُلغي الحلم الأميركي الإسرائيلي في احتلال غزة وطرد أهلها وبناء ريفييرا ترامب فيها”.  

وأكدت أن التصريحات المتناقضة التي يصدرها ترامب ليست سوى تلاعب ومحاولة للسيطرة على موضوع النقاش اليومي في الإعلام والساحات السياسية في المنطقة.

وقال مودي محمدين: "إذا كانت تصريحات ترامب تسعى للتلميح إلى اقتراب عدوان جديد على غزة، فإن الواجب الإنساني والأخلاقي يحتم على الشعوب الحرة أن تتحرك بقوة وسرعة".

وأكد وجوب أن تكون هناك هبّة شعبية عالمية نصرة للقطاع المحاصر، تتجلى في قوافل الإغاثة، والأساطيل التضامنية، والوقفات الاحتجاجية، والمظاهرات الداعمة، لإيصال رسالة واضحة: غزة ليست وحدها، ولن تكون وحدها.

وتهكم زنقي عبدالله بن أحمد، على صب ترامب جام اهتمامه وتركيزه على غزة، وتركه المظاهرات المليونية في الولايات المتحدة التي خرجت ضد سياساته المدمرة ، وترك الحرب الاقتصادية مع الصين، وترك الحرب بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا، وترك ملف الانهيار الاقتصادي في أميركا.

وأشار إلى أن ترامب يصدر قبل ذهابه إلى النوم تصريحات وتغريدات متعلقة بغزة، وبعد استيقاظه من النوم يصدر تصريحات وتهديدات لها، كأنه يحلم فيها ليلا ونهارا، كأنه أصبح الرئيس الحقيقي للعدو الإسرائيلي.

وتوقع أحمد، أن هذا السلوك الصادر من ترامب وتهميشه للأوضاع الداخلية الأميركية وللغضب الأميركي الداخلي مقدمة لاندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة ونهايته كرئيس. وفق تعبيره.

وانتقد الصحفي عبدالله الطوالبة تصريحات ترامب، ورأى أنه يعترف بأنه سطحي ساذج.. فحركة حماس ليست مبنى أو منشأة ينهيها بضربة "عنيفة وبسرعة ووحشية". 

وقال: إن حماس حركة مقاومة ضد احتلال بشع، زرعته بريطانيا في فلسطين في الأمس واليوم تتولى أميركا دعمه وحمايته.

وذكر أن المقاومة فكرة وأنبل ظاهرة يعرفها التاريخ؛ لأنها دائما في الجانب الصحيح من التاريخ. لا تنتهي إلا بكنس الاحتلال.

وتساءل الصحفي فايد ابو شمالة: "هل يرى ترامب حماس في أحلامه؟"، مشيرا إلى أن يوما لا يكاد يمر إلا ويتحدث عنها مرة أو مرتين وأحيانا عدة مرات. 

ورأى أن الغريب أن ترامب يغير كلامه عن حماس بشكل متواصل، فمرة يؤكد أنها ملتزمة بالاتفاق ومرة يهددها إذا لم تلتزم ومرة يبرر لها ما قامت به من إجراءات لضبط الأمن ويبرر لها الاحتفاظ بالقوة اللازمة للقضاء على العصابات وتارة يهددها بأن عليها أن تضع السلاح. 

واستنكر أبو شمالة خروج ترامب بتصريح جديد أن هناك دولا كثيرة في الشرق الأوسط جاهزة للتحرك والقضاء على الحركة إذا لم تتعامل بإيجابية وتلتزم بالاتفاق.

وقال: “أنا أصبحت أشك أن ترامب أصيب بعقدة حماس وأنها تخرج له في أحلامه”.

الكلمات المفتاحية