دحلان وفياض والشيخ وفرج.. هل يصنع ترامب "قيادة فلسطينية بديلة"؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

سواء طُبّقت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في غزة جزئيا أو كليا، فإن النهاية تبدو قريبة، بحسب مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية.

ومهما كانت الطريقة التي سيجرى بها الوصول إلى النتيجة النهائية، فإن الفقرة التاسعة من خطته المؤلفة من عشرين بندا ستدخل قريبا حيز التنفيذ.

سلطة انتقالية مؤقتة

وجاء فيها: "ستُحكم غزة بموجب سلطة انتقالية مؤقتة للجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير مسيّسة تكون مسؤولة عن تسيير الخدمات العامة والبلدية اليومية لسكّان غزة".

"ستتألّف هذه اللجنة من فلسطينيين مؤهّلين وخبراء دوليين، تحت إشراف ورقابة هيئة انتقالية دولية جديدة تسمّى "مجلس السلام" الذي سيترأسه الرئيس دونالد ترامب، مع أعضاء آخرين ورؤساء دول سيتمّ الإعلان عنهم، بمن فيهم رئيس الوزراء [البريطاني] الأسبق توني بلير".

"ستضع هذه الهيئة الإطار وتدير تمويل إعادة إعمار غزة إلى أن تنجز السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي، كما هو وارد في مقترحات مختلفة، بما في ذلك خطة ترامب للسلام لعام 2020 والاقتراح السعودي-الفرنسي، وتتمكّن من استعادة السيطرة على غزة بطريقة آمنة وفعّالة".

وباختصار، ومهما كانت الطريقة التي ستنتهي بها الأعمال القتالية، فإن ما يسمى "مجلس السلام" سيبحث عن مرشحين فلسطينيين مناسبين لتشكيل تلك "اللجنة الفلسطينية التكنوقراطية غير المسيّسة" التي ستتولى إدارة غزة ضمن مرحلة انتقالية مؤقتة.

وفي الوقت ذاته، سيُطلب اختيار شخصيات فلسطينية مناسبة لتولي قيادة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها، تمهيدا لتسلّمها زمام الأمور في المرحلة التالية.

وبحسب الكاتب الإسرائيلي، نيفيل تيلر، قد يُعيَّن خلفٌ لرئيسها البالغ من العمر 89 عاما محمود عباس، أو يُعلَن عن اسمه على الأقل.

وتساءل: من هؤلاء القادة الفلسطينيون المحتملون، الذين لم ترتبط أسماؤهم بالانتماء إلى حماس أو غيرها من التيارات المسحة أو بتاريخ من رفض ومواجهة إسرائيل؟

القادة الفلسطينيون المحتملون

وقال تيلر: "هناك اسم يفرض نفسه على رأس القائمة: محمد دحلان الذي يقيم الآن في الإمارات، ويُنظر إليه على نطاق واسع من قِبل المعلقين الغربيين والإسرائيليين كزعيم محتمل لما بعد الحرب".

وتابع: "ويتعزز اسم دحلان كونه ابن قطاع غزة؛ حيث وُلد عام 1961 في مخيم خان يونس للاجئين. وفي شبابه، أسس حركة الشبيبة الفتحاوية المعروفة باسم "صقور فتح".

وأردف: "في العشرينيات من عمره، اعتقلته السلطات الإسرائيلية أكثر من مرة بسبب نشاطه السياسي، ولكن لم يُعتقل قط لأنشطة إرهابية. واستفاد من سنوات سجنه في تعلم اللغة العبرية التي يتحدثها بطلاقة".

"وفي أوائل التسعينيات، أفادت تقارير موثوقة بأن دحلان أسهم في المفاوضات التي أدت إلى اتفاقيات أوسلو. وقد عارضت حماس بشدة الاتفاق الأول، الذي وُقع عام 1993، مما أدى إلى قطع علاقاتها مع ياسر عرفات".

وأضاف: "اختار عرفات حينها دحلان لقيادة جهاز الأمن الوقائي في غزة، وهو المنصب الذي حظي بدعم وتعاون وثيق من الولايات المتحدة وإسرائيل، لا سيما في مواجهة حماس".

وبعد أن كوّن قوة أمنية قوامها نحو 20 ألف عنصر، أصبح نفوذه واسعا إلى درجة أن وُصفت غزة آنذاك بـ "دحلانستان".

وفي عام 2001، بدأ دحلان في انتقاد الفساد داخل السلطة الفلسطينية مطالبا بالإصلاح. وعقب فوز حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في انتخابات 2006، وصف دحلان فوزها بأنه "كارثة"، وهاجمها قائلا: إنها "فرق من القتلة واللصوص".

وبتعبير الكاتب الإسرائيلي: "بعد ستة أشهر، نفذت حماس انقلابا دمويا في غزة [الحسم العسكري]، استولت خلاله على السلطة وطردت مسؤولي فتح الذين لم تقتلهم. وكُشف لاحقا عن دور دحلان في مخطط أميركي فاشل للإطاحة بحماس".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007، أفادت التقارير بأن إدارة بوش ضغطت على عباس لتعيين دحلان نائبا له. ومنذ ذلك الحين، عده عباس منافسا خطيرا.

وفي يونيو/حزيران 2011، وجّه عباس إليه تهم فساد مالي وقتل، بل واتهمه بقتل الزعيم ياسر عرفات. وفي العام نفسه، فُصل دحلان من حركة فتح، قبل أن يخلص تحقيق فرنسي عام 2015 إلى أن وفاة عرفات كانت طبيعية، بحسب ما نقله الكاتب الإسرائيلي.

وبعد استقراره في الإمارات، أصبح دحلان مستشارا مقربا لمحمد بن زايد، ولي العهد آنذاك، ورئيس الإمارات حاليا. ورغم عدم الاعتراف بذلك رسميا، يُعتقد أن دحلان لعب دورا سريا في تسهيل تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، مما أدى إلى توقيع اتفاقيات أبراهام في سبتمبر/أيلول 2020.

وقال تيلر: "يُعد سلام فياض، البالغ من العمر 73 عاما ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، أبرز الأسماء المحتملة بعد محمد دحلان".

"يُنظر إلى فياض على نطاق واسع كمسؤول تكنوقراطي يتمتع بعلاقات قوية مع الغرب، وقد اكتسب سمعة كإصلاحي في مجالي الإدارة والمالية، بدءا من توليه منصب وزير المالية ثم رئيسا لوزراء السلطة الفلسطينية".

"وخلال فترة عمل توني بلير ممثلا خاصا للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، عمل فياض معه بشكل وثيق على مشروعات التنمية الاقتصادية وبناء المؤسسات في الأراضي الفلسطينية".

"وتعاونا تحديدا في صياغة ما عُرف بـ "خطة فياض"، وهي خارطة طريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية".

وقال تيلر: "بالنظر إلى أن بلير عضو في "مجلس السلام" الذي أعلنه ترامب، فمن المرجح أن يدعم ترشيح فياض لعضوية لجنة التكنوقراط التي سيشرف عليها المجلس".

مرشحون آخرون

مرشح آخر محتمل -وفق المقال- هو محمد مصطفى، السياسي والاقتصادي الفلسطيني البارز الذي تولى منصب رئيس وزراء السلطة الفلسطينية في مارس/آذار 2024.

ويُعد من أبرز الشخصيات الإصلاحية ذات التوجه التكنوقراطي، إذ تميزت مسيرته بخبرة دولية واسعة ومناصب قيادية اقتصادية رفيعة، من بينها خمسة عشر عاما في مجموعة البنك الدولي بواشنطن، إضافةً إلى أدوار استشارية عليا لحكومتي الكويت والسعودية.

وبحسب تيلر، فإن حنان عشراوي، البالغة من العمر 79 عاما، الدبلوماسية المخضرمة في السلطة الفلسطينية، تُعد أيضا مرشحة محتملة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، استقالت من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مشيرة إلى تهميش النساء والشباب في القيادة الفلسطينية.

وعلى الرغم من ابتعادها نسبيا عن المناصب السياسية الرسمية مقارنة بما كانت عليه سابقا، إلا أنها تظل ناشطة عامة وحقوقية بارزة، تدفع نحو الإصلاح والمساءلة، وفق المقال.

وأضاف: "من بين المرشحين الآخرين، حسين الشيخ، الأمين العام الحالي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية".

وأفاد بأن "الأوساط الغربية تنظر عادةً إلى الشيخ بصفته متحدثا براغماتيا، منخرطا بعمق في العمل الدبلوماسي والتنسيق الأمني".

وتابع: "أما فرج فيُنظر إليه كقائد في الجهود الفلسطينية لمكافحة الإرهاب والحفاظ على استقرار الضفة الغربية، حيث يتعاون بانتظام مع الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية، وقد أحبطت وكالته العديد من الهجمات المخططة ضد إسرائيل".

ورغم أن كلا الرجلين لهم صلات تاريخية بنشاطات مسلحة لحركة فتح، فإنهما يُعدان في الغالب لدى الدوائر الرسمية الغربية شركاء أمنيا وسياسيا ذوي قيمة، بحسب تيلر.

وقال: "باستثناء محمد دحلان، لا يظهر أي من هؤلاء الأسماء في قائمة القادة الأكثر قبولا لدى الجمهور الفلسطيني".

ووفقا لأحدث استطلاع، يدعم الفلسطينيون بشكل كبير مروان البرغوثي، البالغ من العمر 66 عاما، كخيارهم القيادي المفضل.

واعتقلت إسرائيل البرغوثي في أبريل/نيسان 2002 خلال الانتفاضة الثانية، وأدين في 2004 بخمس تهم قتل ومحاولة قتل، وصدر بحقه خمسة أحكام مؤبدة بالإضافة إلى 40 سنة إضافية، ولم يخرج في صفقة التبادل الأخيرة.

ويرى الكاتب أن "من بين الشخصيات البارزة الأخرى خالد مشعل، الحمساوي حتى النخاع. وأيضا، كخيار أكثر واقعية للمستقبل، مصطفى البرغوثي، الطبيب والناشط والسياسي الفلسطيني البارز المعروف بتوجهه العلماني والإصلاحى".

وختم بأن "ذلك لا يعني أن خطة ترامب ستفشل بسبب غياب القادة الفلسطينيين، إذ يمكن أيضا الاستعانة بالشتات الفلسطيني للبحث عن شخصيات قادرة - ونأمل أن تكون راغبة- في القيام بدورها في إعادة بناء غزة وبناء مستقبل مشرق للمنطقة بأسرها. كل ما يلزم هو توفر الإرادة السياسية للشروع في ذلك".