جاريد كوشنر.. صهر ترامب الذي قامر على غزة ويلعب بأموال السعودية

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في نهاية سبتمبر/ أيلول 2025، استحوذ صندوق الاستثمارات السعودي وتحالف يضم صندوق الاستثمار الأميركي “سيلفر ليك”، وشركة “أفينيتي بارتنرز” بقيادة جاريد كوشنر على شركة “إلكترونيك آرتس” الأميركية مقابل 55 مليار دولار، في أكبر صفقة بتاريخ صناعة الألعاب الإلكترونية.

وتعليقا على ذلك تقول صحيفة “الإسبانيول” الإسبانية: إن “الأيام الأخيرة ستبقى محفورة في ذاكرة كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كنقطة تحول في مسيرته المالية”.

خطى حثيثة

وقالت الصحيفة: إن جاريد كوشنر كان جزءا من فريق ترامب خلال ولايته الأولى، واستغل هزيمة انتخابات 2020 لينأى بنفسه ويتفرغ لعالم الاستثمار، وذلك بفضل قائمة العلاقات التي بناها خلال فترة وجوده في البيت الأبيض. ويبدو أنه سار بخطى حثيثة ليشق طريقه في هذا المجال. 

ودون مزيد من التفاصيل، أفادت مجلة فوربس بأن كوشنر، البالغ من العمر 44 عاما، قد انضم بالفعل إلى نادي مليارديرات أكبر اقتصاد في العالم. 

وعلى غير المتوقع، كانت هذه الخطوة في إطار صفقة بمليارات الدولارات متعلقة بشركة إلكترونيك آرتس، أقحمت كوشنر ودفعت به إلى واجهة السياسة الخارجية الأميركية. 

وتحديدا، في 29 سبتمبر/ أيلول، رافق كوشنر ترامب وبنيامين نتنياهو أثناء إعلانهما عن الخطة الشهيرة لإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.

وتبين أيضا أنه التقى في اليوم السابق رئيس الوزراء الإسرائيلي في الفندق الذي كان يقيم فيه بنيويورك، برفقة ستيف ويتكوف، المستشار الرسمي لترامب في المنطقة. وكانت مهمتهما مناقشة خطة السلام المذكورة.

وهنا، يطرح السؤال نفسه حول ما إذا كانت هذه الزيارات التي يؤديها صهر ترامب متكررة أم أنها جاءت في إطار هذه المناسبة لا غير. 

على أرض الواقع، يبدو الأمر مختلفا. فبالنظر إلى مكان وجود كوشنر في القاهرة مع ويتكوف ووفد إسرائيلي لإجراء "محادثات غير مباشرة" مع حماس؛ يبدو أن كل شيء يشير إلى أن الصهر، الذي كان محل حديث واسع بين عامي 2017 و2021، قد عاد إلى حيله القديمة. 

على الرغم من أنه لا يشغل منصبا رسميا في البيت الأبيض هذه المرة، إلا أنه "من الواضح أنه لا يزال حاضرا في المشهد حيث تعقد الصفقات"، كما توضح كاتي بولز، مراسلة صحيفة التايمز البريطانية في واشنطن. وعرّجت: "لكنه لم يكن هذه المرة ملزما بالالتزامات التي يفرضها هذا المنصب". 

في واقع الأمر، يثير الدور الذي يلعبه كوشنر حفيظة النقاد؛ حيث إنه يكتسب كل هذه السلطة دون تحمل أي ما يسمى "مسؤوليات قانونية". والأسوأ من ذلك، هذا ما يجعله تحديدا بالغ الأهمية بالنسبة لترامب. 

وتختتم بولز قائلة: "بالنسبة لفريق الرئيس، هذا ما يجعل كوشنر فعّالا: فهو رجل يمتلك المال والعلاقات والولاء اللازمين لتحقيق نتائج يعجز عنها الدبلوماسيون التقليديون". 

عشيرة كوشنر

تعود جذور جاريد كوشنر إلى إحدى الجاليات اليهودية العديدة التي كانت متواجدة في بداية القرن العشرين فيما يعرف الآن ببيلاروسيا، وتحديدا إلى الجالية التي تأسست في مدينة نوفوغرودوك. 

نشأت عائلة أبيه، جوزيف كوشنر وراي كوشنر، هناك. وهاجرا إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ونجاتهما من محرقة الهولوكوست. 

بعد فترة وجيزة من وصوله إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، نجح الجد في بناء سمعة طيبة كمطور عقاري في نيوجيرسي، وأسس ما أصبح لاحقا تكتلا تجاريا يُسمى "شركات كوشنر". 

كان هذا، بالطبع، عاملا أساسيا في تراكم ثروة عائلية انتقلت لاحقا إلى والد جاريد، تشارلز كوشنر.

في تسعينيات القرن الماضي، وبعد أن ورث ما كان يُعتبر إمبراطورية عائلية، بدأ تشارلز كوشنر بمغازلة المؤسسة السياسية في نيوجيرسي، وسرعان ما برز كأحد أبرز المتبرعين للفرع المحلي للحزب الديمقراطي.

باختصار، كان كل شيء يسير على ما يرام نسبيا بالنسبة لعائلة كوشنر من حيث النفوذ والمكانة الاجتماعية، حتى أُدين تشارلز كوشنر عام 2005 بالتهرب الضريبي والتلاعب بالشهود، من بين جرائم أخرى. وانتهى به الأمر لاحقا في السجن.

عندها دخل جاريد كوشنر إلى الساحة. كان قد تخرج لتوه بشهادة في العلوم السياسية والإدارة العامة من جامعة هارفارد، وهي جامعة تلقت تبرعات كبيرة من والده في التسعينيات. وفي غياب أب من العائلة، تولى إدارة أعمال العائلة العديدة.

تزامنت بداية علاقة جاريد كوشنر وعائلة ترامب مع سجن والد جاريد. كان أول تواصل بينهما، باختصار، في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. 

وكان السبب في ذلك هو تعلق جاريد بإيفانكا ترامب، التي يعتبرها الكثيرون الابنة المفضلة للرئيس الأميركي الحالي.

في البداية، لم تكن أي من العائلتين متحمسة للعلاقة بسبب اختلافاتهما الدينية، لكن جاريد وإيفانكا تجاهلا الانتقادات وتزوجا عام 2009 بعد أن اعتنقت اليهودية الأرثوذكسية. 

وقد أثبت هذا الزواج، كما أثبتت الأيام، أنه ينطوي على آفاق أكثر طموحا بكثير من تلك الموجودة في الزواج التقليدي.

بدلا من البقاء على الهامش، استغل جاريد كوشنر الصعود السياسي لوالد زوجته ليحتل مكانة بارزة خلال الحملة الرئاسية لعام 2016، ليصبح أحد أقرب مستشاري ترامب بعد فوزه في الانتخابات في خريف ذلك العام.

بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، كرّس نفسه، من بين أمور أخرى، لصياغة السياسة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط.

وكما كان متوقعا، تعرّض كوشنر لانتقادات لاذعة من الصحافة السائدة والحزب الديمقراطي على حد سواء. أولا، لطريقته في الوصول إلى ما هو عليه: بالاعتماد كليا وحصريا على الروابط العائلية.

وثانيا، لصغر سنه وقلة خبرته. ومع ذلك، كان أحد مهندسي اتفاقيات إبراهيم الشهيرة، التي أدّت في صيف سنة 2020 إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وتحديدا الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

تحت المجهر

على الرغم من ثقل ألقابهما، أو ربما بسببها، سرعان ما اكتشف جاريد وإيفانكا أن قواعد واشنطن مختلفة تماما عن قواعد نيويورك.

بعد أن اعتادا الفوضى السائدة في نيويورك، اضطرا فجأة للعمل تحت المجهر من خلال الإفصاحات المالية، ومراجعات الأخلاقيات، والتدقيق الصحفي المستمر.

على سبيل المثال، كان جاريد كوشنر محور ذلك التحقيق الشهير في التدخل الروسي المحتمل في حملة 2016، وكان يتلقى باستمرار أسئلة حول القروض السخية الموجهة إلى أعمال عائلته العقارية.

لذا، لم يكن مفاجئا للكثيرين أن يحزم هو وإيفانكا حقائبهما ويرفعا علمهما في ميامي بعد هزيمة ترامب في انتخابات 2020. ولم يُفاجئ أحد أيضا عندما أوضح جاريد وإيفانكا، فور إعلان ترامب نيته الترشح لولاية ثانية، أنهما لا يخططان للانضمام إلى مشروع مماثل آخر.

ونوهت الصحيفة إلى أن مشاركات كوشنر الأخيرة في مفاوضات السلام المتعلقة بحرب غزة أثارت بعض الانتقادات اللاذعة من المحللين السياسيين. 

ويرى كثيرون في ذلك تأكيدا على ازدواجية في الحياة، أو حتى أوجه متعددة؛ مما أتاح له فرصة اكتساب خبرة أكبر بكثير ودروس مستفادة من الماضي، يُديرها بحكمة أكبر من ذي قبل.

على أية حال، هناك سؤال يطرح نفسه: بالنظر إلى توقيت بسط كوشنر نفوذه على إلكترونيك آرتس، هل نواجه "صراع مصالح هائل"، كما يدعي بعض المحللين، نظرا لأن الرياض تسعى للاستثمار في الولايات المتحدة بينما تحتاج واشنطن إلى موافقة السعودية لتحريك قضية غزة وملياراتها من الدولارات لإعادة بناء القطاع؟