هل يزيد التقارب الألماني البريطاني الضغط على روسيا ويقوي جبهة أوكرانيا؟ 

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على تعميق العلاقات بين برلين ولندن، والذي سيؤثر بدوره على علاقة بريطانيا بالولايات المتحدة، وسيزيد الضغط على روسيا. 

وقال مركز "أنكاسام" في مقال للكاتب التركي، إيمره كايا: "رغم أن ألمانيا وإنجلترا دولتان في القارة الأوروبية، إلا أنه كان هناك تنافس طويل الأمد بينهما".

وأشار إلى أنه "بسبب التنافس بين الطرفين اندلعت الحربان العالميتان وسبَّبتا جروحا كبيرة في العالم". 

ورأى أن "الأطراف رغم تحركها معا من خلال تصور وجود تهديد مشترك خلال عملية الحرب الباردة، إلا أنها استمرت في الواقع في الحفاظ على هذه المنافسة حتى وقت قريب".

رواسب تاريخية

وقال كايا: "في حقبة ما بعد الحرب الباردة، سعت بريطانيا إلى إقامة علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية، بينما هدفت ألمانيا إلى التصرف بشكل أكثر استقلالية".

وأضاف "لفترة من الوقت، أرادت بريطانيا أن تكون النقطة الأخيرة لمبادرة الحزام والطريق في أوروبا من خلال الاقتراب من الصين، ولكن بعد فترة تخلت عن هذا وتحولت إلى الولايات المتحدة مرة أخرى". 

من ناحية أخرى، عززت ألمانيا علاقاتها مع روسيا بسبب المعادلات الإقليمية واحتياجات الطاقة.

وتابع الكاتب: "في نطاق هذه التطورات، حدث التغيير الأكثر أهمية في العالم الغربي مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أثَّر تعمق الخلافات بين المملكة المتحدة وأوروبا على العلاقات بين لندن وبرلين".

وفي حين عززت بريطانيا علاقاتها مع الولايات المتحدة، عززت ألمانيا نفوذها في أوروبا.

وأشار كايا إلى أن "ألمانيا تتبع سياسة خارجية أكثر استقلالية، وتهدف إلى تطبيق ذلك أيضا على الاتحاد الأوروبي لتصبح مستقلة عن الولايات المتحدة، عن طريق إزالة تأثير واشنطن من السياسة الدولية".

وأدى هذا الوضع إلى إضعاف علاقات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

وفي نفس الفترة، أدى التأثير السلبي للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، على العلاقات إلى زيادة التصدع في العالم الغربي.

ونتيجة للحرب التي بدأتها روسيا (ضد أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022) والتي أعادت تشكيل التصورات الأمنية في أوروبا، "أعادت الولايات المتحدة تأسيس نفوذها على أوروبا من خلال منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، يشرح الكاتب التركي.

ضمن هذه العملية، تبنّت الولايات المتحدة وبريطانيا موقفا صارما ضد روسيا وقدمتا الدعم للجيش الأوكراني بشكل كبير بما يتناسب مع مصالحهما باستمرار الحرب. 

من ناحية أخرى، هدفت ألمانيا إلى إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن بالوسائل السلمية، لهذا السبب، دعمت الجيش الأوكراني إلى حد ما.

وأدت سياسة ألمانيا إلى زيادة الضغط عليها، ومع ذلك، أجرت إدارة برلين تغييرا كبيرا في سياستها الخارجية بإعلانها أنها ستقدم دعم الدبابات للجيش الأوكراني في يناير/ كانون الثاني 2023 ويمكن عد هذا "مؤشرا على الإرادة المشتركة في العالم الغربي".

خطوة مهمة

وأردف كايا أن "أحد أهم التطورات في الغرب في الفترة الأخيرة هو الزيارة من إنجلترا إلى ألمانيا، حيث ذهب ملك إنجلترا تشارلز الثالث إلى الخارج لأول مرة بعد توليه العرش وزار برلين". 

وكان الهدف الرئيس من الزيارة، التي تمت في 29 مارس/ آذار 2023، هو استئناف العلاقات التي ضعفت بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي. 

تشارلز، الذي أراد تجديد "الرابطة الخاصة" مع ألمانيا، ألقى خطابا في البوندستاغ (مجلس النواب) كجزء من زيارته برلين. 

وصرّح ملك إنجلترا، الذي أشاد بالوحدة التاريخية بين إنجلترا وألمانيا في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، أن الدول يجب أن تدعم بعضها البعض من أجل الدفاع عن كييف والسلام والحرية. 

وذكر تشارلز أن ألمانيا إلى جانب بريطانيا، أظهرت "قيادة حيوية" في أوكرانيا وأن الدعم المقدم للجيش الأوكراني من برلين كان شجاعا ومثيرا للإعجاب. 

وأضاف كايا أن "الغرض من هذه الزيارة وخطاب تشارلز في البوندستاغ يدل على التقارب في العالم الغربي، أو على الأقل الخطوة التي تمَّ اتخاذها بحسن نية في هذه المرحلة". 

وأدت هذه الزيارة إلى توقعات بأنها "ستعمق التكامل داخل أوروبا وتعزز العالم الغربي". 

ومن المعروف أن تشارلز زار ألمانيا عدة مرات من قبل ومن الممكن أن تحمل هذه الزيارة تأثيرا كبيرا على هذه المسألة.

وبالنسبة للكاتب التركي يبدو أن زيارة تشارلز "ستكون أيضا مسرحا للعديد من التطورات الجيوسياسية". 

في البداية، ستتأثر العلاقات بين ألمانيا وروسيا سلبا مع التقارب على محور برلين - لندن. 

ويمكن القول أن الولايات المتحدة ستواصل الحفاظ على نفوذها في أوروبا من خلال المملكة المتحدة، وفق قوله.

وأضاف كايا أن "عملية التقارب والتكامل في العالم الغربي ستقوي يد أوكرانيا والولايات المتحدة مع زيادة الضغط على روسيا، لأن كييف ستستمر في تلقي دعم عسكري وسياسي واقتصادي أقوى من العالم الغربي". 

من ناحية أخرى، ستركز واشنطن أكثر على دول مثل روسيا، التي تعدها منافسا لها في النظام العالمي. 

بالإضافة إلى ذلك، ستتمكن الولايات المتحدة من الحصول على الدعم الذي تريده من الاتحاد الأوروبي في هذه العملية دون أية مشاكل.

وعلق الكاتب "يبدو أن المعادلات و الديناميكيات يُعاد تشكيلها في أوروبا، ومع تعميق العلاقات بين برلين ولندن، سيهدأ النقاش داخل أوروبا بشكل كبير وسيزداد الضغط على موسكو".

واستطرد: "ومن المُتَصَوَّر أيضا أن الدعم الذي يتلقاه الجيش الأوكراني سيزداد، وفي هذه العملية، ستتبع الولايات المتحدة سياسة أكثر فعالية ونشاطا". 

وفي هذه الحالة، ستضعف فرص روسيا في خلق صوت متصدع داخل العالم الغربي. 

ومع ذلك، فمن المثير للجدل إلى متى ستستمر ألمانيا، التي لديها خلفية إمبراطورية، في اتباع سياسة متأثِّرة بالولايات المتحدة. 

وختم الكاتب مقاله قائلا: "رغم وجود تقارب اليوم، لا ينبغي التغاضي عن أن هناك إمكانية لتوتر العلاقات مرة أخرى في المستقبل، فالعامل الرئيس الذي سيحدد هذا هو مسار الحرب الروسية الأوكرانية".