صراع جيوسياسي.. لماذا تتخوف الصين من توسيع التعاون بين "الناتو" واليابان؟
سلطت صحيفة روسية الضوء على توسع مجالات التعاون بين اليابان وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، خلال الفترة الأخيرة.
وأوضحت صحيفة "روسيا اليوم" موقف موسكو من هذا التعاون، "والتي أشارت مرارا إلى محاولات الولايات المتحدة وحلفائها السيطرة على فضاء آسيا والمحيط الهادئ".
وفي تعليق لها على خطط "الناتو" لفتح مكتب في اليابان، حذرت وزارة الخارجية الصينية من أن توسع الناتو المستمر في آسيا "سيقوض السلام والاستقرار في المنطقة".
تحد جديد
وأشارت الصحيفة الروسية إلى ظهور معلومات، في وقت سابق، في وسائل الإعلام حول "إمكانية دول الحلف وطوكيو إجراء مشاورات حول مختلف القضايا بفضل هذا الهيكل".
ومن وجهة نظر المحللين، ستصبح اليابان، بصفتها الحليف الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة، "دليل الناتو" بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
في الوقت نفسه، وفقا للخبراء، فإن نية حلف شمال الأطلسي إطلاق مكتبه في اليابان تشير إلى توسع كبير في التعاون الثنائي.
بالإضافة إلى ذلك، يشير هذا إلى محاولة الولايات المتحدة "إنشاء تحالف عالمي مصمم لمواجهة روسيا والصين"، كما يعتقد الخبراء.
وفي تصريح لها عقب انتشار هذه المعلومات، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن "تقدم حلف شمال الأطلسي إلى الشرق سيؤدي إلى انتهاك الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
وشددت الدبلوماسية على أن "آسيا يجب ألا تصبح ساحة للصراع الجيوسياسي".
وأكدت ماو أن "توسع الناتو المستمر شرقا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتدخله في الشؤون الإقليمية سيقوض حتما السلام والاستقرار، وسيسهم أيضا في مواجهة التكتلات".
وأخيرا، أعلنت صحيفة "نيكاي" اليابانية عزم الحلف على فتح مكتب اتصال لها في اليابان عام 2024.
وعلى هذه الخلفية، لفتت الصحيفة الروسية إلى أن هذا التمثيل للتحالف العسكري "سيسمح بإجراء مشاورات دورية مع اليابان والشركاء الرئيسين في المنطقة، مثل كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، على خلفية تحد جديد من الصين".
بالإضافة إلى ذلك، وفقا للصحيفة اليابانية، فإن "الناتو" واليابان سيوقعان اتفاقية بشأن برنامج شراكة جديد.
ويذكر أنه من المقرر أن يتم ذلك قبل قمة الحلف في فيلنيوس، التي ستُعقد في 11-12 يوليو/ تموز 2023.
وفي وقت سابق، ناقش رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، والأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، إمكانية فتح مكتب للناتو في اليابان خلال زيارة الأخير لطوكيو نهاية يناير/ كانون الثاني 2023.
ومنتصف أبريل/ نيسان 2023، وزع الحلف مسودة اقتراح على الدول الأعضاء، وفق صحيفة "نيكاي".
وأفادت صحيفة "نيكاي" بأن اليابان على اتصالات رسمية مع "الناتو" من خلال السفارة الدنماركية.
وتعليقا على خطط فتح مكتب يمثل الحلف في اليابان، قالت المتحدثة باسم الحلف: "ليس لدى الناتو شريك أقرب أو أكثر قدرة من اليابان، نتشارك نفس القيم والمصالح والمخاوف، بما في ذلك دعم أوكرانيا والاستجابة للتحديات الأمنية التي تفرضها الأنظمة الاستبدادية، وشراكتنا تزداد قوة".
كما أعلن ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي، أن "الحلف سيكثف تعاونه مع الشركاء في المنطقة، اليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا".
وأوضح أن "ما يحدث في أوروبا مهم لآسيا والمحيط الهندي والمحيط الهادئ، وما يحدث في آسيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ مهم لأوروبا".
موقف روسيا
من جانبها، أشارت "موسكو مرارا وتكرارا إلى الأهداف التي يسعى الناتو من أجلها لتعزيز وجوده في منطقة آسيا والمحيط الهادئ"، وفق الصحيفة الروسية.
وعقب نتائج قمة شرق آسيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "لقد كان فضاء آسيا والمحيط الهادئ يتطور منذ عدة عقود على أساس مبادرات الآسيان (دول جنوب شرق آسيا)، والتي تم حولها تطوير هيكل شامل ومنفتح ومتساوٍ للأمن والتعاون".
وتابع: "تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، وكذلك حلف شمال الأطلسي، السيطرة على هذا الفضاء. فهم يتنافسون مع الهياكل الشاملة التي تم إنشاؤها حول الآسيان ويقترحون عسكرة هذه المنطقة، مع التركيز الواضح على احتواء الصين والمصالح الروسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
بدوره، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في إطار اجتماع لرؤساء الإدارات العسكرية للدول المشاركة في منظمة شنغهاي للتعاون في نيودلهي، إن "المعارضة الغربية لتعزيز التعددية القطبية تُنفذ بشكل أكثر فاعلية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث بدأت الولايات المتحدة في هدم نظام التعاون الإقليمي الحالي القائم على الآسيان".
وذكرت الصحيفة الروسية أن خبراء السياسة وصفوا رد فعل بكين على التوسع المستمر لحلف شمال الأطلسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأنه "رد فعل طبيعي".
وفي مقابلة له مع "روسيا اليوم"، قال رئيس مركز الدراسات اليابانية في معهد الصين وآسيا الحديثة في الأكاديمية الروسية للعلوم، فاليري كستانوف: "من الواضح أن تقارب الناتو مع طوكيو يهدف إلى احتواء الصين، وتجذب اليابان الحلفاء بنشاط للوقوف أمام التهديد من الصين، وبالتالي تصبح قائد التحالف في المنطقة".
كما أعرب كستانوف عن ثقته في أن اليابان وحلف شمال الأطلسي، باتباع سياسة نشطة مناهضة للصين، سيحاولان إشراك بعض الدول الأخرى، مثل الهند، في عمليات التعاون هذه.
وفي الوقت نفسه، حذر الخبير السياسي من "تحول هذا المسار إلى مجموعة متنوعة من النتائج، بما في ذلك المواجهة العسكرية المباشرة مع الصين".
ولكونها الحليف الرئيس للولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يعتقد مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة العليا للاقتصاد، فاسيلي كاشين، أن "الولايات المتحدة توكل اليابان بمهمة تعزيز نفوذ الناتو في المنطقة".
وأوضح الخبير السياسي أن "الصين تنوي محاربة هذا، في محاولة منها للتصدي لأي نشاط للحلف في آسيا".