لقاءات دولية واسعة.. هل يستطيع "الأمير" محمد السنوسي إعادة النظام الملكي؟
استعرض موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي، الدور الذي يلعبه محمد السنوسي، في الدعوة إلى جعل ليبيا ملكية دستورية، منذ الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي، نظرا لأن الرجوع للنظام الملكي هو المخرج من أزمات البلاد.
ونقل الموقع عن مصادره أن السنوسي الذي يعرف بـ "ولي عهد ليبيا"، أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين وعرب، لمناقشة عودة دستور 1951، والنظام الملكي في ليبيا.
وقال في مقابلة أجريت معه أخيرا، إنه "في الوقت الذي شهدت فيه البلاد تغيرات كبيرة منذ انقلاب القذافي على الملك إدريس الأول، حاكم ليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا، بات دستور 1951 ذا أهمية كبيرة اليوم".
ومنذ سقوط نظام القذافي في عام 2011، كان ولي العهد - حفيد الملك إدريس الذي حكم البلاد من 1951 إلى 1969- نشطا في الترويج لفكرة الملكية الدستورية.
كما يُنظر إليه على أنه زعيم محتمل للبلاد، إذ يجري ولي العهد الآن سلسلة من الاتصالات الدبلوماسية مع قادة عالميين من الدول الغربية والعربية.
ونظرا لأن ليبيا تمتلك احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، فقد أصبحت أخيرا نقطة محورية للاهتمام العالمي، ولا سيما منذ أن تقلصت إمدادات الطاقة بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية.
ومع هذا، لا يزال الوضع السياسي في ليبيا غير مستقر والصراع بين الأطراف المختلفة مستمرا، كما باءت الجهود المبذولة لتشكيل حكومة فاعلة وإجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية بالفشل.
وقد أدت الصراعات المستمرة على السلطة في ليبيا إلى ظهور حكومتين متنافستين (واحدة برئاسة فتحي باشاغا والثانية بقيادة عبد الحميد الدبيبة)، تدّعي كل منهما الشرعية، ما جعل وضع البلاد مضطربا، وأعاق التقدم، وعرقل قدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها.
الدستور والنظام الملكي
وفي ضوء الظروف الحالية والاهتمام الغربي بالموارد الليبية، يرى البعض أن هذا الوضع يمثل لحظة مناسبة لإعادة النظر في تبني الدستور الليبي لعام 1951.
هذا الدستور كان بمثابة الأساس لتأسيس الدولة الليبية بعد الحرب العالمية الثانية ونهاية الاحتلال الإيطالي، كما عد حين إقراره أكثر تقدمية، ولا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة.
فقد منح دستور 1951 المرأة الحق في التصويت وتولي المناصب العامة عبر الانتخاب، ومُنحت هذه الحقوق لجميع المواطنات البالغات، حتى قبل إقرارها في دول أوروبية، مثل اليونان وسويسرا.
وهذ ا ما جعل الدستور الليبي لعام 1951 من أكثر الدساتير تقدما في المنطقة، في جانب حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وفق التقرير.
وأشار السنوسي إلى أن الوضع الحالي في ليبيا يشبه الضياع في الصحراء، وأنه من أجل إيجاد مخرج من هذا المأزق، يجب أن تعود البلاد إلى النقطة التي انحرفت عنها.
وهذا يعني إعادة تأسيس البيت الملكي والعودة إلى المبادئ التي قامت عليها الدولة، وفق ما صرح به السنوسي، الذي يرى أن هذا هو السبيل الوحيد لاستعادة النظام والاستقرار في البلاد، والمضي قدما نحو البناء والتقدم.
وقال ولي العهد إن اقتراحه باستعادة النظام الملكي لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه محاولة للعودة إلى الماضي، بل هو نقطة انطلاق لعصر جديد في ليبيا.
وأكد أن النظام الملكي الذي يتصوره سيكون مثل الملكيات الدستورية في دول كالمملكة المتحدة وهولندا.
وفي ظل هذا النظام، سيكون الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي ستكون جيشا يعمل لصالح شعبه، كما سيُختار رئيس الحكومة وفق انتخابات برلمانية ديمقراطية.
وأوضح السنوسي أن التمثيل في البرلمان سيكون شاملا لجميع الأيديولوجيات السياسية والطوائف الليبية، ما سيضمن أن الحكومة تمثل الأمة بأكملها.
وتجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي شهدت فيه العديد من الدول العربية اضطرابات سياسية كبيرة خلال الربيع العربي، ظلت الأنظمة الملكية في المنطقة غير متأثرة إلى حد كبير، وفق "ذا ميديا لاين".
وأردف: "بل إن هذه الملكيات شهدت إحساسا متزايدا بالهوية الوطنية والفخر، كما بدت الأنظمة الملكية بعد الربيع العربي أكثر قوة وصلابة، وظهر ذلك في دول مثل الأردن والسعودية والمغرب"، حسب الموقع.
كما أكد ولي العهد الليبي أنه منفتح على العمل مع جميع الفصائل في ليبيا، بغض النظر عن انتماءاتها السياسية أو العرقية.
وشدد السنوسي على أن لعائلته تاريخا طويلا ومُقَدَّرا في البلاد، وأنها لا تنتمي إلى أي قبيلة أو جماعة بعينها.
بل على العكس من ذلك، ينظر إليها كثيرون بصفتها نقطة توحيد وإجماع للشعب الليبي، وأن لها شعبية عارمة بين كل فئات المجتمع.
ويعتقد السنوسي أن هذا الموقف من الحياد والشمولية سيمكّنه من قيادة البلاد بشكل فعال نحو الاستقرار والازدهار.
خيار ممكن؟
وردا على سؤال حول المصير المحتمل لأفراد عائلة القذافي في حال توليه العرش، قال السنوسي إنهم كمواطنين ليبيين، لهم حق المعيشة في بلدهم دون مساس بهم.
وشدد على أن أي إجراءات تتخذ تجاه أفراد عائلة القذافي ستكون وفقا للقانون والدستور.
وأوضح أنه لا رغبة لديه أو لعائلته في الانتقام، على الرغم من الفظائع التي ارتكبها معمر القذافي بحقهم، بما في ذلك مصادرة ممتلكاتهم، ونفيهم خارج البلاد، وانتهاك مقابر عائلتهم.
وأضاف ولي العهد الليبي أنه يعيش في لندن منذ التسعينيات وأن عائلته حُرمت من حق العودة إلى البلاد.
وتواجه ليبيا حاليا وضعا صعبا تشتبك فيه العديد من الأطراف الخارجية، كروسيا وفرنسا والولايات المتحدة وتركيا وقطر والإمارات، في وقت تفشل فيه الأطراف الليبية في عقد مصالحة بينها.
ولم يؤد هذا التدخل الخارجي إلا إلى زيادة تعقيد الموقف، مما قاد إلى الفوضى ونشوء ولاءات مزدوجة، وصراعات مستمرة بين مختلف الفصائل، حسب التقرير.
وأورد الموقع أن اقتراح استعادة النظام الملكي تحت قيادة السنوسي اكتسب زخما متزايدا في السنوات الأخيرة.
وكشف أن هناك عدة دول عربية دعت السنوسي لزيارتها، كان آخرها "زيارة ناجحة" إلى الإمارات.
وقال ولي العهد إن لديه علاقات إيجابية مع جزء كبير من الشعب الليبي، مشيرا إلى أن هناك دعوات عديدة من المواطنين له للعودة إلى البلاد وتولي السلطة.
وأشار السنوسي أيضا إلى مسح أجراه معهد أبحاث أميركي وجد أن 35 بالمئة من المواطنين الليبيين لا يعارضون عودة النظام الملكي بموجب دستور 1951، وهو ما يراه رقما مشجعا.
بالإضافة إلى ذلك، ذكر ولي العهد أن المزيد من الاستطلاعات يجري التخطيط لها حاليا من قبل مراكز بحث دولية، لتقييم الدعم المتزايد لاستعادة دستور عام 1951.
في غضون ذلك، قال مصدر في مؤسسة الدفاع الأميركية - تحدث إلى "ذا ميديا لاين" شريطة عدم الكشف عن هويته- إن ممثلين عن ولي العهد عقدوا أخيرا سلسلة اجتماعات في وزارة الخارجية الأميركية لمناقشة اقتراحه بإعادة دستور 1951 والنظام الملكي.
وأضاف الموقع أنه جرى عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الأوروبيين كانت ناجحة، مع وجود مستوى كبير من الاهتمام بدستور 1951.
وخلال هذه اللقاءات، جرى مناقشة الخطط والحلول المحتملة المختلفة لتحقيق قبول واسع لهذا الاقتراح بين المواطنين الليبيين، حسبما نقل المصدر.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه بعد سقوط نظام القذافي، التزمت مختلف الفصائل في ليبيا بصياغة دستور جديد.
ولهذا الغرض، أنشئت لجنة خاصة يستمر أعضاؤها في تلقي رواتبهم حتى يومنا هذا، على الرغم من أنهم لم يتوصلوا بعد إلى اتفاق بشأن دستور جديد لليبيا ما بعد القذافي.
وختم الموقع بالقول إن مصادر غربية أشارت إلى إعادة النظر في دستور عام 1951 كحل محتمل للأزمة السياسية الحالية في البلاد.