40 كلمة قالها مصدر مجهول.. هكذا رد أمن السيسي على تسريبات التعذيب بسجونه

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي منذ وصوله إلى السلطة عقب انقلاب عسكري في 2013 وهو يقود حملة انتهاكات حقوقية دون عقاب، مشيرة إلى أن تنكيل قوات الشرطة بالمصريين بات خارج نطاق السيطرة.

وكشفت الصحيفة عن أدلة جديدة توثق التنكيل والتعذيب الممنهج الذي يتعرض له المحتجزون في مراكز الشرطة في مصر، ما يذكر بالوضع الذي أدى إلى اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

ورفضت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر (مسؤولة عن التعامل مع الإعلام الأجنبي)، ووزارة الداخلية، ومسؤولون حاليون وسابقون في الوزارة، التعليق عندما اتصلت بهم الغارديان لمناقشة أدلة الفيديو على الانتهاكات ومسألة التعذيب في مراكز الشرطة.

غير أنه بعد انتشار الفيديو، نفت وزارة الداخلية صحته وقالت في بيان على لسان مصدر مجهول نشرته وسائل إعلام حكومية ومقربة من النظام بينها صحيفة اليوم السابع (خاصة)، إنه "تم فبركته بهدف نشر الشائعات والأكاذيب".

وأضاف المصدر الذي لم تكشف عنه الصحف، في تصريحه المقتضب (لم يتعد 40 كلمة)، أن المقطع نشر في "صفحة أحد العناصر الإخوانية الهاربة خارج البلاد بمواقع التواصل الاجتماعي".

فضيحة جديدة

ويظهر مقطع فيديو حصلت عليه الغارديان، الشرطة المصرية وهي تعذب محتجزين مدنيين في أحد أقسام الشرطة بالقاهرة، دون أية مخاوف من العقاب.

وسجل الفيديو أحد المحتجزين خلسة من خلال باب زنزانة، ويظهر نزيلان عاريان من الخصر إلى أعلى ومعلقان من شبكة معدنية من أذرعهم، تم تثبيتها خلف ظهرهما.

ويقول أحد المحتجزين في الفيديو مخاطبا السيسي: "شاهد كيف يعذبوننا نحن وزملاءنا.. جاءوا وقالوا لي أنت التالي.. سيدي الرئيس، نريد أن نسأل لماذا تفعل شرطة مركز السلام أول هذا بنا؟"

ويعد الفيديو واحدا من مقطعين يعتقد أنه تم تسجيلهما في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 داخل قسم للشرطة في حي السلام شمالي القاهرة.

وفي المقطع الثاني، الذي لم تنشره الغارديان لحماية هوية المعتقلين، يصطف السجناء في زنزانة مكتظة لعرض إصاباتهم، وبينها جروح مفتوحة في الرأس وكدمات في الصدر والظهر، وقال أحد الضحايا إنهم "يضربوننا بالعصي".

وقالت جمعيات حقوق الإنسان إن مقاطع الفيديو أحدث دليل مرئي على انتهاكات واسعة النطاق موثقة في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز في جميع أنحاء مصر على مدار العقد الماضي.

واتخذت الغارديان خطوات للتحقق من مقطعي الفيديو قدر الإمكان، بما في ذلك طلب تقييم من قبل خبير موثوق.

كما ذكر المحتجزون الذين ظهروا في الفيديو أسماء عدة ضباط شرطة ورد ذكرهم في تقارير إخبارية سابقة على أنهم يعملون في مركز شرطة السلام أول.

الإفلات من العقاب

ولفتت الصحيفة البريطانية أن هذه المقاطع ظهرت بعد 11 عاما من وفاة الأيقونة خالد سعيد، وهو شاب مدني يبلغ من العمر 28 عاما، قتل على يد عناصر شرطة في محافظة الإسكندرية في يونيو/ حزيران 2010.

وكانت وفاة سعيد نقطة تحول، وأثارت الغضب العام من إفلات قوات الأمن من العقاب ومعاملتها القاسية للمصريين، وهو ما أدى إلى اندلاع ثورة 25 يناير 2011، في اليوم الوطني لتكريم قوات الشرطة.

وأنهت الاحتجاجات التي استمرت 18 يوما في جميع أنحاء البلاد حكم المستبد حسني مبارك الذي استمر عقودا، حيث انتشرت انتهاكات الأجهزة الأمنية على نطاق واسع.

ومع ذلك، بعد 11 عاما من الانتفاضة، تقول شهادات وأدلة جمعيات حقوقية إن الانتهاكات التي ترتكبها أجهزة الأمن المصرية أصبحت مرة أخرى خارج نطاق السيطرة. ومنذ وصوله إلى السلطة، ترأس السيسي حقبة متجددة من الإفلات من العقاب لقوات الأمن.

وعلى الرغم من الحظر الواضح على جميع أشكال التعذيب في الدستور المصري لعام 2014، إلا أن محاكمات وإدانات مسؤولي الأمن بالتعذيب أو الوفاة في الحجز لا تزال نادرة للغاية، بينما يتم توثيق الانتهاكات بانتظام.

وتكافح المنظمات المحلية التي تراقب التعذيب والانتهاكات أثناء الاحتجاز الآن لمواصلة عملها، وسط حملة مطولة على نشاط المجتمع المدني.

وقال علي حسين مهدي، المعتقل السابق والناشط المنفي الآن، واصفا تجربته في الاعتقال: "مراكز الشرطة أسوأ من السجون.. لقد حدثت الثورة بسبب هذا كله، وبعد 11 عاما نرى الأمر يتكرر مرة أخرى".

فيما قال عمرو مجدي، الخبير المصري في منظمة هيومن رايتس ووتش الدولي، بعد مراجعته مقاطع الفيديو إن إصابات المعتقلين واستخدام الأوضاع المجهدة تتفق مع أمثلة موثقة للتعذيب في مراكز الاحتجاز.

وأضاف: "ظهرت عليهم جميعا علامات الضرب المبرح، وذكروا الهراوات والعصي الخشبية التي تعتبر أدوات تعذيب روتينية".

كما تظهر مقاطع الفيديو حقيقة محزنة ومروعة لنظام الاحتجاز في مصر، وهي تمتع الشرطة بحصانة شبه مطلقة.

وأكد مجدي أن الانتهاكات شائعة في مراكز الشرطة، حيث يمكن أن تحدث إساءة المعاملة بعيدا عن الأنظار، ونعلم أن معظم التعذيب الجسدي يحدث في مقرات الشرطة ومراكز الاحتجاز السرية التابعة لجهاز الأمن الوطني خلال الأيام أو الأسابيع الأولى بعد الاعتقال، وقبل نقل المعتقلين إلى سجون أكبر".

جريمة ضد الإنسانية

ووصفت هيومن رايتس ووتش استخدام الأوضاع المجهدة والاستخدام المنهجي للتعذيب في أقسام الشرطة في تقرير في عام 2017 بأنها جريمة محتملة ضد الإنسانية.

ويستشهد التقرير بـ 19 حالة فردية "تعرض فيها معتقلون للتعذيب في أقسام الشرطة ومكاتب الأمن الوطني في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الإسكندرية وأسوان ومدن في دلتا النيل".

وتابعت المنظمة: "بالنسبة للبعض منهم، حدث التعذيب في أماكن متعددة من الاحتجاز، والأدوات الأساسية المستخدمة هي الصعق بالكهرباء والوضعيات المجهدة المصحوبة بالضرب بقبضات اليد أو بالعصي الخشبية أو بالقضبان المعدنية".

وأوضحت أن "الشرطة وضباط الأمن الوطني يقيدون أيدي المشتبه بهم خلف ظهورهم، ويرفعون أذرعهم، ويضعون الأصفاد فوق رأسهم، ويعلقونهم فوق الأرض".

 وهو وضع غير طبيعي يسبب آلام مبرحة في الظهر والكتفين، وفي بعض الأحيان خلع هذه الاطراف.. وبعض الضباط يشدون ساقي المشتبه بهم إلى أسفل لزيادة الألم.. وغالبا يتركون المعتقلين في أوضاع مجهدة لفترات طويلة".

كما وثقت الجمعيات الحقوقية حالات وفاة متكررة بين المحتجزين. وفي عام 2015، قدمت منظمة العفو الدولية أدلة على وفاة تسعة أشخاص على الأقل في مركز شرطة بالقاهرة.

وبعد ذلك بثلاث سنوات، طالبت بفتح تحقيق في وفاة المواطن جمال عويضة البالغ من العمر 43 عاما، رهن الاعتقال في منطقة منشية ناصر بالقاهرة.

حساب نادر

ولفتت الصحيفة إلى أنه في حالات نادرة للمحاسبة، حُكم على عدد صغير من ضباط الشرطة بتهمة إطلاق النار على المدنيين في الأماكن العامة خلال العقد الماضي.

 وفي عام 2016، أصدر السيسي تعليمات علنية لوزارة الداخلية بمنع الانتهاكات من قبل الشرطة بعد احتجاج إثر قتل ضابط سائق سيارة أجرة بالرصاص.

وفي 2021، حكم على ضابط شرطة من "مركز السلام ثان" بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة لإطلاق النار على مدني في صدره وإصابة آخر.

ومع ذلك، فإن الإدانات في حالات الوفاة أثناء الاحتجاز نادرة، حتى بالنسبة لضباط الشرطة ذوي الرتب المتدنية.

وسجنت النيابة المصرية أربعة ضباط صف عام 2020 لتعذيبهم رجلا حتى الموت بأحد أقسام الشرطة بالجيزة.

وفي ديسمبر 2020، حكم على تسعة من ضباط الشرطة بالسجن ثلاث سنوات بتهمة ضرب بائع متجول حتى الموت في الحجز في القاهرة في عام 2016.